جقمق (خان)
-

 ¢ جقمق

 جقمق (خان -)

 

يقع خان جقمق داخل أسوار مدينة دمشق القديمة ضمن الجزء الغربي من الشارع المستقيم، الذي استمد اسمه منه بعد أن تحول إلى سوق فأصبح يدعى سوق جقمق قبل أن يحمل اسمه الحالي «سوق مدحت باشا» نسبة إلى الوالي العثماني الذي قام ببناء السوق الحالي ومنها الدكاكين بجانب الخان.

الموقع العام للخان

يحد الخان من الغرب وقسم من جهة الشمال خان الزيت[ر]، ومن الجنوب سوق مدحت باشا، ومن الشرق بعض البيوت العربية المطلة على سوق الخياطين. ويعد هذا الخان مع خان الدكة[ر] أقدم خانات الفترة المملوكية الباقية حتى الآن في دمشق.

يعود بناء الخان للأمير سيف الدين جقمق الآرغون شاوي الدوادار نائب السلطنة المملوكية في الشام، وقد بدأ بإنشائه سنة ٨٢٢هـ/١٤١٧م، وانتهى من بنائه سنة ٨٢٥هـ/١٤٢١م خلال فترة ولايته وأوقف ريعه على الخانقاه الجقمقية التي بناها بالقرب من الجامع الأموي.

يعد خان جقمق من الخانات الصغيرة إذ تبلغ مساحته ٩٧٢م٢، وقد تهدم الخان المملوكي كله بعد بنائه، وأعيد بناء البوابة مع بداية القرن ١١هـ/ ٧١م في سنة ١٠١٠هـ/١٦٠١م أيام الوالي العثماني مصطفى باشا، وأعيد بناء بقية أجزاء الخان في نهاية القرن التاسع عشر وفق رأي الباحث جان بول باسكوال، ويرى آخرون أن الخان أُعيد بناؤه في القرن ١٢هـ/١٨م بين سنتي ١١٧١هـ/١٧٥٧م -٢٧١١هـ/١٧٥٨م.

وفي سنة ١٩٢٥م تعرض الخان لحريق كبير أتى على معظم أجزائه ولاسيما الطبقة العليا نتيجة قصفه بالطائرات الحربية الفرنسية مع منطقة سيدي عامود (الحريقة حالياً)، وأعيد بناء الخان بعدها بشكله الحالي؛ ولذلك تبدو معظم أجزاء الخان ذات طابع حديث.

يتوصل للخان بوساطة درج صغير هابط مؤلف من أربع درجات من الحجر البازلتي لأن مستوى الشارع الحالي أعلى من مستوى الخان بنحو متر واحد، ويلي الدرج ردهة صغيرة مبلطة بالحجر الأسود.

وللخان بوابة ضخمة هي أقدم بوابة خان قائمة في دمشق، وهي ذات جبهة حجرية عريضة مزخرفة زخرفة جميلة هندسية ونباتية، عالية البناء يبلغ ارتفاعها ستة أمتار، تتألف من عقدين؛ العقد الأول فوق المدخل مباشرة، أما العقد الثاني فهو العقد الرئيسي لباب الخان وفي وسطه نافذة مستطيلة الشكل محاطة بشريط زخرفي، يستند العقدان إلى عضائد حجرية من الحجر المتناوب الأسود والأبيض والأحمر.

أما فتحة الباب الذي يتم الولوج عبره إلى داخل الخان فتتألف من مصراعين كبيرين من الخشب مصفحين بألواح حديدية ومثبت عليها مسامير معدنية ضخمة تشبه إلى حد كبير أبواب المدينة المصفحة، في مصراع الباب الأيمن باب صغير يدعى (باب خوخة) مخصص لدخول الأفراد من دون الحاجة إلى فتح المصراعين، اللذين يفتحان عند دخول القوافل. يلي الباب دهليز مسقوف بقبوة متصالبة مطلية بالكلسة وأرضيته مبلطة بالحجر الأسود، ويوجد على يسار الداخل إلى الخان درج يصعد إلى الطابق الثاني بجانبه متجر حديث، وعلى يمين الداخل متجران حديثان.

عقد البوابة وزخارفها

ينفتح الدهليز على باحة سماوية مستطيلة الشكل تتوسط الخان، وأرضيتها مبلطة بالحجر المتناوب الأسود والوردي، وتتوسطها بركة دائرية الشكل حديثة منفذة من الرخام الرمادي اللون محل البركة الأصلية التي يعتقد أنها كانت مثمنة أو مسدسة.

صحن الخان

يشرف على الباحة إيوانان من الجهة الشرقية والجهة الغربية، وكلا الإيوانين مغطى بقبوة متصالبة. يحيط بالباحة /١٨/ متجراً أغلبها حديث، وقد تحولت إلى مخازن لبيع المنسوجات الحديثة، وغطيت الأسقف بالكلسة.

وقد أقيم سبيل ماء حديث من الرخام على الجدار الجنوبي للباحة السماوية على يسار الداخل.

جدران المخازن مبنية بحجارة منحوتة ومسقوفة بقبوات سريرية ماعدا القاعة الشمالية الغربية فهي مغطاة بقبوة متصالبة، وهي القاعة الكبرى في الطابق الأول.

التشكيلات الهندسية في أرضية صحن الخان

وأمام الجدار الشمالي فوق أرضية الباحة السماوية مقصورة صغيرة من الخشب، وتستخدم حالياً مصلى، زُينت جوانبها بزخارف هندسية، وغُطّيت بسقف من الخشب المسطّح (سبائط)، وزُين المحراب الخشبي (ارتفاع ١م) بزخارف نباتية محوّرة، وكُتب في وسطه لفظ الجلالة.

بركة الصحن

وقد تغيرت معظم أبواب المخازن في الطابق الأرضي وطليت الجدران والأسقف بالكلسة فوق لياسة إسمنتية في بعض الأماكن نتيجة ترميمات حديثة. وقد لوحظ وجود مظلات قماشية على سكك حديدية أمام بعض المحلات في هذا الطابق.

أما الطابق العلوي الذي يتم الوصول إليه عبر درج طويل - يتألف من ٢٥ درجة- فجدرانه من الحجر المقصب وسقفه على شكل سرير مقلوب (قبوة سريرية). يلي الدرج فسحة صغيرة مسقوفة بسقف مستوٍ، وعلى يمين الداخل غرفة تستخدم حالياً معملاً لصناعة بعض مستلزمات اللباس التقليدي.

أروقة الطابق العلوي

تتوزع غرف الطابق الثاني حول رواق مسقوف بالخشب ويطل على الباحة السماوية من جميع جهاته، وجميع غرف هذا الطابق التي عددها٢٢ غرفة حديثة بنيت بعد حريق /١٩٢٥م/، والأسقف مستوية مطلية بالكلسة البيضاء، الجدران مبنية من الآجر مطلية بطينة حديثة وفوقها طلاء أبيض اللون، يغلب عليها الطابع الحديث، لا يحمل هذا الطابق صفات أثرية كثيرة بخلاف الطابق الأرضي.

سقف الرواق الخشبي في الطابق الثاني
سقف الدهليز في الطابق الثاني

ويظهر أنه كان يوجد قاعات كبيرة في الجهة الشرقية والجهة الغربية فوق الإيوانين المذكورين بالطابق الأرضي، وقد أُعيد بناؤها بمساحة أصغر وتركت فسحتان أمام الغرف.

ويؤطر الرواقَ الذي يتقدم غرف هذا الطابق سياج (درابزين ) من الحديد الحديث الصنع لحماية الناس من خطر السقوط وإعطاء الواجهات الداخلية للخان شكلاً جميلاً مميزاً.

صلاح شاكر

مراجع للاستزادة:

- ولتسينجر وواتسينجر، الآثار الإسلامية في مدينة دمشق، تعريب قاسم طوير( مطبعة سورية، دمشق ١٩٨٤م).

- أكرم العلبي، خطط دمشق (دار الطباع، دمشق 1989م).

 


- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد الخامس مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق