جقمقيه (خانقاه)
-

 ¢ الجقمقية

 الجقمقية(خانقاه -)

 

تقع هذه الخانقاه أو المدرسة كما هو شائع تسميتها قريباً من الباب الشمالي للجامع الأموي بمدينة دمشق القديمة، ويمكن عدّ هذه الخانقاه من أكمل الأمثلة الباقية لهذا النوع من العمائر الدينية في سورية وأهمها.

الموقع العام للخانقاه

تُعدّ هذه المنشأة من أجمل مباني العصر المملوكي، أقامها الأمير سيف الدين جقمق نائب السلطنة في دمشق، وكان نائباً للديار الشامية، لتكون خانقاه وتربة له ولوالدته كما هو وارد بنص تأسيسها المنقوش على طول واجهتها الرئيسية، ومن المؤكد أن الأمير جقمق لم يكن يهدف إلى بناء مدرسة فأكد على ذلك بنصه التأسيسي، مع أن هذا الاسم أي المدرسة غلب عليها فعرفت وشهرت كمدرسة في أغلب المصادر والمراجع التي كتبت عنها، خاصة بعد أن أسس فيها الشيخ عيد السفرجلاني سنة ١٣١٧هـ/١٨٩٩م أول مدرسة على الطريقة الحديثة سُميت بالمدرسة الجقمقية العلمية، وكان فيها قسم ابتدائي وقسم (رشدي) أي ثانوي، وكان لهذه المدرسة الفضل في تعليم عدد من رجال السياسة مثل الرئيس شكري القوتلي.

وقد أكمل الأمير جقمق بناءها سنة ٨٢٤هـ/١٤٢١م كما هو مكتوب على بابها، وأوقف عليها أوقافاً كبيرة، وظلت الخانقاه أو المدرسة مقامة الشعائر مكاناً للصلاة والتدريس حتى هُدِم قسم كبير منها نتيجة قصف جوي سنة ١٩٤١، فرمّمت وجُعلت متحفاً للخط العربي افتتح سنة ١٩٧٤.

هي خانقاه لطيفة صغيرة الحجم، مخططها شبه مربع ١٨×١٦م، مبنية بطراز الصحن والأواوين المتعامدة، وفيها مميزات معمارية وزخرفية غاية في التميز، ولها اليوم أربع واجهات خارجية مكشوفة أهمها الواجهتان الشرقية والشمالية الرئيسية المبنيتان بمداميك من الحجر الأبلق (أسود وأبيض)، وتقع كتلة المدخل الوحيد للخانقاه بالطرف الغربي للواجهة الشمالية؛ وهو دخلة رأسية تنتهي من الأعلى بعقد مدائني ملئت ريشتاه بصفوف من المقرنصات تنتهي من الأعلى بشكل صدفة إشعاعية، ويفتح باب الدخول أسفل الدخلة، ويوجد على جانبيه مصطبتان صغيرتان (مكسلتان).

المسقط الأفقي

ويلف كلا الواجهتين الشمالية والشرقية إفريز كتابي بعرض مدماكين يبدأ من كتلة المدخل بمستوى أسفل العقد الثلاثي، ويسير قاسماً كلاً من الواجهتين المستويتين، والكتابة بارزة منقوشة بخط الثلث المملوكي يبدأ بآية قرآنية يليها نص التأسيس مبين به الوظيفةالأصلية للمنشأة وألقاب[ر] واسم المنشئ واسم المهندس الذي أشرف على البناء كالتالي : «أنشأ هذه الخانقاه والتربة المباركة المقر الأشرف العالي المولوي الكبيري العالمي المهدي العابدي الهاشمي الناسكي الزعيمي المقدمي الذخري الظهيري السيفي عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين سيف أمير المؤمنين جقمق الدودار المؤيدي كافل الممالك الشامية المحروسة ضاعف الله له الثواب وغفر له ولوالديه ولأحبابه يوم الحساب بمباشرة الجناب السيفي تغري بردي ورمش في شهور أربع وعشرين وثمانماية».

الواجهة الرئيسية الشمالية

ويشغل المستوى السفلي للواجهتين شبابيك كبيرة مستطيلة مشغولة بمصبعات حديدية، في حين شغل المستوى العلوي فتحات شبابيك دائرية وأخرى مستطيلة معقودة، وفي كلا الواجهتين دخلة جدارية تنتهي من الأعلى بصدر مقرنص، ويوجد بالواجهة الشمالية جامة كبيرة يتوسطها رنك الأمير جقمق المؤلف من ثلاثة أجزاء العلوي وبه شكل دواة الحبر، وهي تشير إلى شغل جقمق لمنصب الدودار (كاتب السلطان)، والجزء الأوسط شكل كأس كبيرة بداخلها كأسان صغيرتان، ويتضمن الجزء الأسفل كأساً أخرى صغيرة، حيث يشير رمز الكأس عادة إلى منصب الساقي.

واجهة المدخل

وتنتهي كلا الواجهتين من الأعلى بطنف بارز مزخرف بأشكال محاريب يعلوه صف من الشرافات، وعولجت زاوية التقاء الواجهتين بعمل شطفة تنتهي من الأعلى بصفوف من المقرنصات للمساعدة على حمل ثقل باقي الزاوية للأعلى.

الزخارف أعلى المدخل

ويدخل من الباب الرئيسي إلى فسحة (دركاه) مربعة مسقوفة بقبوة متقاطعة تستند في زواياه إلى كوابيل حجرية، ويفتح بالدركاه شباكان؛ واحد يفتح للخارج بالواجهة الغربية وآخر على الإيوان الغربي في الداخل، ويتوصل من الدركاه إلى دهليز منكسر يفضي إلى صحن مربع مسقوف تحيط به أربعة أروقة.

الزاوية الشمالية الشرقية

والصحن صغير شبه مربع 13×14م تتوسطه بركة مثمنة، وهو مبلط بالأحجار والرخام المزخرف بأشكال هندسية، وقد غطي بسقف مستوٍ من الخشب المحمول على عروق خشبية يرتفع فوق أسقف الإيوانات الأربعة مما سمح بفتح نوافذ لإنارة المبنى وتهويته.

صحن الخانقاه

أما الأواوين فثلاثة منها متصلة ببعضها تحتل النصف الجنوبي للمدرسة، والإيوان الجنوبي كبير، والآخران الشرقي والغربي صغيران ومتماثلان. وجميعها تفتح على الصحن بعقود مدببة من الحجر الأبلق، محمولة من جهة الجنوب على عمودين لكل منهما تاج مقرنص، ويعلو كلاً من عقدي الإيوانين الجانبيّن عقدان صغيران محمولان على عمود صغير ذي تاج مقرنص، وترتفع أرضية الأواوين عن الصحن مقدار ٠,٧٥م.

واجهة داخلية

أما الإيوان الشمالي فيفتح على الصحن بعقد نصف دائري قليل الارتفاع يعلوه مستويان من النوافذ، وتحتل التربة الزاوية الشمالية الشرقية من البناء، وللتربة باب يفتح على الصحن وثلاثة شبابيك، غطيت التربة بقبة عالية، وغطيت مناطق انتقالها بصفوف من المقرنصات، وتحتوي القبة على تركيبتين لقبرين تم تجديدهما حديثاً يذكر أنهما للأمير جقمق ووالدته .

رنك الأمير جقمق

وغُطيت الجدران الداخلية للخانقاه والتربة بوزرة من الرخام المتنوع والمتعدد الألوان، ويتوسط هذه الوزرات المحراب المميز الواقع في الإيوان الجنوبي والكتبيات والشبابيك، ويُشبَّه محراب هذه الخانقاه بمحراب المدرسة الفردوسية بحلب من حيث أشكال زخارفه الهندسية وألوانه، وقد غُطيت الأواوين الأربعة بسقف خشبي مستوٍ محمول على عروق خشبية ممتدة مغطاة بالزخارف النباتية الملونة والمذهبة .

عقود الخانقاه

غزوان ياغي

مراجع للاستزادة:

- غزوان ياغي، المعالم الأثرية للحضارة الإسلامية في سوريا(المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (الإسيسكو)، ط1، المغرب2011م).

- أكرم العلبي، خطط دمشق (دار الطباع، دمشق 1989م).

 


- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد الخامس مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق