جسر بنات يعقوب (جولان)

-

 جسر بنات يعقوب

جسر بنات يعقوب (الجولان)

 

يقع موقع جسر بنات يعقوب على الحافة الشرقية لمنطقة مغطاة بالبازلت في جنوبيّ سورية في أول مرتفعات الجولان على بعد نحو أربعة كيلو مترات من بحيرة الحولة، ويقع على مدخل أو ممر ضيق لوادي الأردن بالقرب من جسر بنات يعقوب المقام شمال نهر الأردن الذي تنسب إليه تسمية الموقع، وتشكل البروزات الصخرية بطول المدخل جزءاً من تكوينات موقع جسر بنات يعقوب.

 

تم تعرّف هذا الموقع مصادفة عام ١٩٣١ نتيجة تدفق مياه نهر الأردن وتوسع مجراه في تلك المنطقة، حيث عثر على بعض الأدوات الحجرية. بدأ التنقيب فيه عام ١٩٣٥ من قبل ستيكيليز Stekelis، ونشرت نتائج أعمال التنقيب هذه عام ١٩٦٠. كشفت هذه التنقيبات عن ست طبقات أثرية كانت أغناها بالاكتشافات هي الطبقة الخامسة، التي عثر فيها على أدوات حجرية مع بقايا عظمية، ثم أعيد التنقيب في هذا الموقع عام ١٩٩١.

أظهرت نتائج التنقيبات والدراسات التي تمت على موقع جسر بنات يعقوب فترتين من الثقافة الآشولية؛ تمثل الأولى فترة الآشولي الأوسط حيث وجدت أدوات ذات طراز إفريقي ممثلة بالقواطع chopper والفؤوس اليدوية hand axe المصنوعة من حجر البازلت، وكانت القواطع مصنوعة وفق نموذج Kombewa، وصنعت الفؤوس اليدوية من شظايا بازلتية، وهذا هو الموقع الوحيد في المشرق العربي الذي تظهر فيه التأثيرات الإفريقية في التصنيع، وارتباط حضاري مع إفريقيا.

موقع جسر بنات يعقوب	منظر عام لجسر بنات يعقوب

وقد انتشرت مواقع فترة الآشولي الأوسط على مساحة واسعة من المشرق العربي، برزت الفؤوس اليدوية بوصفها أداة رئيسة في هذه الفترة، تم الاعتماد عليها في تمييز نمطين حضاريين في التصنيع؛ نمط ساحلي ونمط داخلي، حيث ينسب إلى النمط الداخلي مواقع جب جنين في وادي الليطاني في لبنان، وموقع سمرا وموقع السطحة في الأردن، ومواقع الندوية، والميرا[ر] في الكوم، وموقع اللطامنة[ر] على العاصي، ومواقع جنوبي درعا، وتُعدّ هذه المواقع أقدم زمنياً من موقع جسر بنات يعقوب.

كما أظهرت التنقيبات وجود فترة ثالثة من الثقافة الآشولية، وهي الفترة الآشولية المتأخرة التي تتشابه مع بقية مواقع المشرق العربي بأدواتها المتمثلة بالفؤوس اليدوية اللوزية الشكل والمصنوعة من حجر الصوان والحجر الجيري lmestone.

تنتشر مواقع هذه الفترة على مساحة واسعة من بلاد الشام من الساحل حتى نهر الفرات، استوطن سكان هذا الطور البادية السورية، وشرق نهر الأردن والبحر الميت في فلسطين، وتوجد آثاره في رواسب الرباعي النهري الثاني الذي يرمز له بـــ QfII. وكذلك عثر عليه في موقع بركة رام [ر] ومواقع جنوبيّ درعا غير البعيدة جغرافياً عن موقع جسر بنات يعقوب.

جسر بنات يعقوب

كما جاءت اكتشافات أخرى من هذا الموقع تبين أهمية هذا الموقع كعظمتي فخذ مكسورتين لإنسان منتصب القامة Homoerectus. كما عثر أيضاً على عظام بعض الحيوانات التي سادت في أثناء العصر الحجري القديم الأدنى كالفيل.

إن موقع جسر بنات يعقوب-ولاسيما في الفترة الآشولية الوسطى منه- تم تفسيره على أنه بقايا مجموعة بشرية هاجرت من إفريقيا بسبب تغيرات بيئية واقتصادية، استوطنت في هذا الموقع، واحتفظت بكثير من الإنجازات الحضارية ذات النمط الإفريقي.

أحمد دياب

 

---

- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد الرابع مشاركة :