جراح (جامع-)
جراح (جامع)
-
جرّاح
جرّاح (جامع -)
يقع جامع جرّاح في مدينة دمشق القديمة خارج الباب الصغير من سورها الجنوبي، في منطقة الشاغور البراني وعلى جادة جرّاح التي تخترق مقبرة الباب الصغير من الغرب إلى الشرق.
كان موضعه مسجداً للجنائز حيث إنه لصيق مقبرة الباب الصغير من الشرق، فجدّده جرّاح المنيحي فعُرف باسمه، ثم أمر السلطان صلاح الدين بإعادة بنائه سنة ٥٧٨هـ/١١٨٢م، ثم جعله الملك الأشرف موسى جامعاً كبيراً سنة ٦٣١هـ/١٢٣٣م فأصبح مشيدة أيوبية، وأوقف عليه قرية من أعمال مرج دمشق. احترق الجامع سنة ٦٤٢هـ/١٢٤٤م أيام الملك الصالح عماد الدين إسماعيل، فجدّده مجاهد الدين بن شمس الدين محمود بن غرس الدين قليج سنة ٦٤٨هـ/١٢٥٠م، واكتمل التجديد سنة ٦٥٢هـ/١٢٥٤م، ثم احترق ثانية سنة ٩٧٤هـ/١٥٦٦م فجدّده نائب الشام مصطفى باشا وقيل سنان آغا الينكجرية، ثم تممّه الكمال الحمزاوي بمعاونة أهل الخير. وقد قامت مديرية أوقاف دمشق بالإشراف على ترميمه سنة ١٤٣٢هـ/٢٠١١م، فعاد إلى حلّته القشيبة.
منظر عام للجامع | المئذنة | المدخل الخارجي |
واجهات الجامع الشرقية والغربية والجنوبية بسيطة ومغطّاة باللياسة والكلسة البيضاء. أما الواجهة الرئيسية الشمالية فهي مبنية من مداميك الحجر الكلسي الكبير تنتهي بإفريز حجري بسيط، وينصفها مدخل حجري غائر يعلوه عقد مدبب متجاوز من الحجر الكلسي؛ ومن ثمَّ يعلوه عقد مدبب ومشهّر. وعن يمينه ويساره شباكان مستطيلان متناظران يعلو كل واحد منهما ساكف مستقيم ثم صف من ثلاثة أحجار مزرَّرة. وفي الطرف الشرقي للواجهة هناك كتلة المطهرة المنكسرة عنها قليلاً، وهي تحوي شباكين متماثلين في أعلاها. وترتفع المئذنة فوق محور المدخل؛ مستندة إلى دعامتين كبيرتين يشكل الفراغ بينهما دهليز المدخل، وهي ذات جذع مربع بُنِي من الآجرّ وغُطّي باللياسة الكلسية، يحوي في أسفل ضلعه الشرقية باب المئذنة المعقود بعقد مدبب والمرتفع بمستوى سبع درجات عن سطح الرواق الشمالي، ويحوي أيضاً أربع فتحات مستطيلة ومتناظرة في نهاية أعلى أضلاع جذعه. وهو يحمل شرفة مثمنة خشبية بارزة عنه. ويحيط بالشرفة درابزين خشبي وأعمدة خشبية في زواياه تحمل مظلة خشبية مثمنة بارزة عنها، وهي تكتنف جذعاً مربعاً أصغر من الجذع الأساسي. ويعلو الشرفة جوسق مثمن ذو طبقتان متدرجتان؛ الأولى تحوي فتحة في ضلعها الشمالية وزخارف بسيطة متكررة في أضلاعها الباقية، والثانية تحوي نوافذ مصمتة متكررة ذات عقد نصف دائري، تعلوها قلنسوة نصف كروية مدببة تأخذ شكل الخوذة ومتوّجة بالهلال.
الصحن ورواقاه الشمالي والغربي | الواجهة الجنوبية للصحن | صورة الحرم سنة 2011م بعد الانتهاء من أعمال الترميم |
المحراب الأساسي خلف الجدار القبلي للحرم | المحراب في الحرم | المنبر |
صورة الحرم سنة 1903م تظهر الدكة الخشبية المزالة |
ويحوي المدخل باباً مستطيلاً خشبياً ذا مصراعين، يعلوه ساكف مستقيم حجري ضخم نُقش عليه ما نصّه: «بسمله إنّما يعمر مساجد الله... هذا ما أمر بتجديد عمارة هذا المكان في أيام مولانا السلطان الملك الناصر صلاح الدنيا والدين، خلد الله ملكه الأمير الكبير الغازي المجاهد المرابط مجاهد الدين محمد بن الأمير شمس الدين محمود بن الأمير غرس الدين قليج الملكي الناصري وذلك بتاريخ خامس عشر من شهر رمضان من سنة ثمان وأربعين وستمائة وصلى الله على سيدنا محمد». وفوق الساكف عقد عاتق تعلوه حشوة مستديرة بلقاء مزرّرة. يفتح الباب على دهليز صغير يُفضي إلى صحن ذي ثلاثة أروقة ذات سقف مستوٍ من جهاته الشمالية والشرقية والغربية. وجميع هذه الأروقة تتألف من ثلاثة عقود مدببة ترتكز على عمودين مضلّعين ذوي تاجين مقرنصين بسيطين في وسطها؛ وعلى دعامتين في أطرافها، بيد أن الرواق الشرقي يحوي خلفه رواقاً آخر ذا عقدين مدببين يرتكزان على دعامة وسطية وعلى الجدارين الطرفيين الذي يحوي الشمالي منهما باباً صغيراً مرتفعاً يفتح على درج حجري يُصعد به إلى مستوى سقف الأروقة. ويقع خلف الدعامة الركنية للرواقين الشرقي والشمالي تجويف ذو عقد مدبب يحوي باباً خشبياً يؤدي إلى المطهرة والميضأة المستحدثة ضمنها والتي تقابل الطالع الأثري في الجهة الجنوبية. ويوجد على واجهة الرواق الشرقي المطلّة على الصحن مزولتان رخاميتان من صنع محمد المخللاتي سنة ١١٨٥هـ/١٧٧١م، وعلى واجهة الرواق الشمالي مزولة ثالثة من صنعه أيضاً. وتنصّف الصحن بركة الميضأة المربّعة والتي توجد قرب زاويتها الجنوبية الشرقية خرزة بئر الجامع الحجرية، وقد رصُفت أرضية الصحن بالحجر الكلسي المزّي. وأما واجهة الصحن الجنوبية فهي متناظرة ينصّفها مدخل الحرم الذي يتألف من واجهة خشبية يتوسطها باب الحرم ذو المصراعين والذي يعلوه مندلون ذو عقد نصف دائري وتحفّه دعامتان حجريتان بارزتان عن يمين ويسار، ثم بابان خشبيان متماثلان كذلك. وتتوزع أربع فتحات مربعة متماثلة في الجزء العلوي لهذه الواجهة والمغطى باللياسة والكلسة البيضاء.
والحرم ذو مسقط مستطيل، ضلعه الطويلة موازية لاتجاه القبلة، وهو مغطى بسقف خشبي جملوني بسيط يرتكز في وسطه على دعامتين مستحدثتين حجريتين من البازلت الأسود، وقد أُنشئ هذا السقف عوضاً عن السقف الخشبي الأصلي الذي كانت جسوره الخشبية العرضية ترتكز على كوابيل خشبية مثبتة على جدران الحرم الشمالية والجنوبية. وقد كان يعلو فراغ الدخول للحرم دكّة خشبية فأزيلت، وكانت ترتكز على أعمدة وجسور خشبية، ولها درابزين خشبي ذو زخارف بسيطة؛ ودرج خشبي بسيط يُصعد به إليها من جهتها الشرقية. وينصّف الواجهة الشرقية للحرم شباك مستطيل، والواجهة الغربية باب خشبي يؤدي إلى غرفة الإمام. وأمّا الواجهة الجنوبية فينصّفها المحراب المبنية واجهته من الحجر المشهّر والمؤطّرة بشريط زخرفي زكزاكي. والمحراب ذو حنية نصف دائرية يكتنفها عمودان رخاميان أسطوانيان يحملان عقداً مدبباً تعلوه زخارف متنوعة وشريط مزرر أبلق. أما المنبر الخشبي الفخم فهو عن يمين المحراب، وله مدخل يعلوه تاج مقرنص من ثلاث طبقات تنتهي بشرّافات نباتية، بابه خشبي يفتح على درجات خشبية تؤدي إلى جلسة الخطيب المحاطة بأربعة أعمدة خشبية تحمل عقوداً زخرفية، تعلوها مقرنصات تنتهي بشرّافات نباتية تحوي ضمنها قلنسوة خشبية متوّجة بالهلال، وأما ريشتا المنبر فهما مشغولتان بالزخارف الهندسية كاملاً. ثم يوجد باب خشبي عن يمين المنبر يؤدي إلى غرفة جنوبية تحوي محراباً حجرياً قديماً يظهر أنه كان للجامع الأساسي قبل التجديد والتوسيع. وتتوزع فتحات مستطيلة علوية متماثلة ومتناظرة على طول الواجهة الجنوبية للحرم.
زكريا كبريت
مراجع للاستزادة: - عبد القادر النعيمي، الدارس في تاريخ المدارس، تحقيق جعفر الحسني (مطبوعات المجمع العلمي العربي، دمشق ١٩٥١م). - يوسف بن عبد الهادي، ثمار المقاصد في ذكر المساجد، الذيل لأسعد طلس (مكتبة لبنان، بيروت 1975م). - أكرم العلبي، خطط دمشق (دار الطباع، دمشق 1989م). |
- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد الرابع مشاركة :