جبل أبو الثواب
جبل ابو الثواب
Jabal Abu al thawab - Jabal Abu al- thawab
جبل أبو الثواب
جبل أبو الثواب
يقع موقع جبل «أبو الثواب» على الطريق الرئيسي الواصل بين مدينتي صويلح وجرش في الأردن، وكان يقسمه - قبل تجريفه عام 1990م- إلى قسمين: شرقي وغربي، ويبعد نحو 2كم إلى الشرق والجنوب الشرقي من قرية الرمان المطلة على نهر الزرقاء. ويشرف الموقع على وادي الرمان الذي يصب في نهر الزرقاء من جهته الجنوبية الشرقية. وإضافة إلى وادي الرمان هناك في منطقة الموقع مجموعة من عيون المياه والينابيع الدائمة، مثل: عين رأس الماء، وعين الصفصافة. كما يطل على ضفتي وادي الرمان مجموعة من الملاجئ والكهوف الصخرية التي ربما استخدمها سكان الموقع إمّا للسكنى وإما للتخزين.
اكتشف الموقع عن طريق المصادفة في عام 1980م، وقام زيدان كفافي من جامعة اليرموك في عام 1984م بإجراء أول موسم للحفريات فيه، واستؤنفت على فترات متقطعة خلال أعوام 1985 و1989 و1990م كما تم في موسم عام 1985م إجراء مسوحات أثرية في المناطق القريبة من الموقع بهدف التعرف إلى الصلات التي كانت قائمة بينهما، وهل كان موقع جبل «أبو الثواب» مركزياً أو هامشياً.
استطاع المنقبون التعرف إلى مرحلتين سكنيتين رئيسيتين، القديمة منهما تؤرخ للعصر الحجري الحديث الفخاري (نحو 5500 – 4500 ق.م)، والثانية للعصر البرونزي المبكر الأول (نحو 3500 – 3000 ق.م)؛ مما يدل على فجوة سكنية خلال العصر الحجري النحاسي (نحو 4500 – 3500 ق.م). وربما السبب في هذا ناجماَ عن تغير مناخي، أو كارثة طبيعية، إذ تشكلت الطبقات الفاصلة بين المرحلتين من طبقة حصوية بلغ ارتفاعها في بعض الأماكن نحو 60سم، وتخلو من أي إشارات للاستقرار في الموقع.
منظر جوي لجبل أبو الثواب |
كانت عمارة بيوت العصر الحجري الحديث الفخاري مستديرة الشكل، مبنية من الحجارة، ولها عمود في الوسط لحمل السقف. ومن الأمثلة عليها؛ بيت عثر عليه في الجزء الشرقي من الموقع، حيث كشف النقاب فقط عن جزئه الشمالي، وأرضيته من الطين المرصوص (المدكوك) عثر فوقها على فخار نيوليتي مكسّر، وأدوات صوانية، وقطع أثرية صلصالية شكلها قمعي token.
وتشير بعض أجزاء الجدران الباقية من هذه الفترة إلى وجود مبانٍ بزوايا قائمة لكنها اندثرت. وعموماً جاءت هذه المباني فاقدة لكثير من أجزائها، وتكونت الوحدة المنزلية من غرفة واحدة.
عثر المنقبون على كسر فخارية تنسب إلى العصر الحجري الحديث الفخاري داخل المساكن وفي الحفر. وتشير الدلائل الأثرية من الموقع إلى أن سكان الموقع هم الذين صنعوا أوانيهم بواسطة الأيدي لأن الدولاب لم يكن معروفاً آنذاك. وكانت العجينة الصلصالية التي صنّعت منها الأواني خشنة ورديئة في معظم الحالات خاصة في الكبيرة الحجم، أما الأواني الصغيرة، مثل الكؤوس فكانت العجينة متوسطة أو جيدة.
زخرفت الأواني الفخارية بطرق متعددة؛ إذ أضاف الصانع إلى سطوح الأواني زخارف مدهونة بألوان حمراء، أوبنية اللون على هيئة خطوط، كانت تغطي السطح كاملاً، أو أجزاء منه. لكن الزخرفة الشائعة والمميزة لهذا النوع من الفخار (الذي يطلق عليه اسم يرموكي، نسبة إلى نهر اليرموك) كانت التحزيز الغائر على سطح الإناء الخارجي على شكل عظام ظهر السمكة. كما لوحظ أن بعض الآنية زخرفت بالرسم والتحزيز في الوقت نفسه.
وقد استطاع الدارسون تمييز عدد من أشكال الآنية التي استخدمها سكان الموقع في هذه الفترة، وهي: الكؤوس والصحون والزبادي وأواني الطبخ والجرار.
أما الأدوات الصوانية فكانت غالبيتها: مثاقب، وشفرات مناجل، وسكاكين، ومكاشط (مقاحف)، وفؤوساً، ورؤوس سهام، وحراباً. وعثر على أدوات صوانية مشابهة لها في عدد من مواقع العصر الحجري الحديث الفخاري في بلاد الشام، مثل: عين غزال [ر]، ووادي شعيب (الأردن)، وفي جبيل [ر] (لبنان)، والمنحطة والقحوانة (فلسطين).
البيوت الأثرية فوق جبل أبو الثواب |
كما عثر في موقع جبل «أبو الثواب» على عدد قليل جداً من الدمى الإنسانية والحيوانية غير الكاملة، والمصنوعة من الصلصال. وجاءت بعض الدمى الإنسانية على هيئة رأس إنسان، له عينان على شكل حبة القهوة، كما يظهر أن قناعاً كان يغطي الرأس بما في ذلك الوجه. أما الدمى الحيوانية فلم يعثر إلا على دمية تمثل حيواناً بقرياً، وأخرى لرأس طير. كما وجد المنقبون بعض الدمى الصلصالية التي تمثل العضو الذكري.
أما عمارة العصر البرونزي المبكر فقد تمثلت بعدد من الأبنية القائمة الزوايا والمستديرة الشكل. فقد كشف عن مجمعين بنائيين من العصر البرونزي المبكر الأول، أحدهما يتكون من غرفتين وساحة أبعادها 4×4م.
أما المباني المستديرة فهي مشابهة لنموذج ثولوي tholoi، مكونة من غرفتين قطر كل واحدة 2,8م، وهذا نمط فريد في هذه الفترة.
فخار هذا العصر كان مصنوعاً باليد، وكانت العجينة إما خشنة وإما متوسطة الخشونة. وزخرفت الأواني بزخارف رسمت على شكل خطوط متقاطعة، مشكلة شكل الشبكة في معظم الأحيان، وفي أحيان أخرى رسمت خطوط عمودية تصل بين الفوهة والقاعدة، كما استخدمت زخرفة التحزيز في أحيان نادرة. ويمكن تصنيفها في خمسة أشكال، هي: الصحون والزبادي الصغيرة، والزبادي العميقة، والزبادي/الجرار بصنبور، والجرار من دون رقبة، والجرار برقبة.
شهد موقع جبل أبو الثواب مرحلتين استيطانيتين رئيسيتين، الأولى والأقدم في العصر الحجري الحديث الفخاري، حيث لم يخرج الموقع عن كونه قرية صغيرة، عاصرت غيرها في بلاد الشام، وكان سكانها فلاحين استخدموا الزراعة وتربية الحيوانات إضافة إلى الصيد في توفير لقمة عيشهم، لكن هذه القرية هُجرت خلال النصف الأول من القرن الخامس قبل الميلاد نتيجة ظروف مناخية. ولما كانت المنطقة التي أسست عليها هذه القرية خصبة التربة، وغنية بمصادرها المائية الدائمة عاد الناس واستقروا فيها مع منتصف الألف الرابع قبل الميلاد، لكنها لم تتطور أو تصل إلى مرحلة المدينة إلا في النصف الأول من الألف الثالث قبل الميلاد. وربما هجرها ساكنوها إلى مناطق أخرى قريبة في حوض نهر الزرقاء.
زيدان كفافي
مراجع للاستزادة: - Z. KAFAFI, Jebel Abu Thawwab (Er-Rumman), Central Jordan. The Late Neolithic and Early Bronze Age Occupations. (Berlin: ex oriente, 2001). - D. OBEIDAT, Die neolithische Keramik aus Abu Thawwab, Jordanien. Studies in Early Near Eastern Production, Subsistence and Environment 2. (Berlin: ex orient, 1995). - N. QADI, The Ground Stone Industry. Z. Kafafi, Jebel Abu Thawwab (Er-Rumman), Central Jordan. The Late Neolithic and Early Bronze Age Occupations. (Berlin: ex oriente, 2001) pp. 155 – 184. - H. WADA, The Chipped Stone Tools 2001; Z. Kafafi, Jebel Abu Thawwab (Er-Rumman), Central Jordan. The Late Neolithic and Early Bronze Age Occupations. (Berlin: ex oriente, 2001). pp. 117 -154. |
- التصنيف : عصور ما قبل التاريخ - المجلد : المجلد الرابع مشاركة :