جامع كبير (يافا)
-

 الجامع الكبير /يافا

الجامع الكبير /يافا

 

 

هو ثالث مساجد فلسطين من حيث المساحة وأكبر مساجد يافا وأهمها، حيث يحتل الزاوية الشمالية الشرقية من المدينة، في البلدة القديمة على رصيف الميناء بجوار منطقة الجمرك أمام الساحة التي أقيم عليها برج الساعة. ولعله جامع البحر الذي أشارت العديد من المصادر إلى وجوده في هذا الموقع منذ وقت طويل، ومنها كتاب «أحسن التقاسيم» للجغرافي المقدسي. أُحيط الجامع الكبير بالشوارع العامة من جميع جوانبه، وأشهرها شارع ميدان الساعة وبجانبه الأسواق الكبرى، وهو بهذا يقع في أهم موقع في المدينة. وهو نموذج للعمارة العثمانية المحلية والمتأثرة في بعض الأحيان بالعمارة العثمانية في إسطنبول.

 

منظر عام للجامع
سبيل أبو نبوت المدمج بالجدار الجنوبي للجامع
الواجهة الداخلية لصحن الجامع

 

مرت مدينة يافا بتطورات كثيرة منذ العصور القديمة وصولاً إلى العصور الإسلامية، حيث بقيت هذه المدينة تحت حكم المماليك منذ عهد السلطان الظاهر بيبرس الذي انتصر على الصليبيين بعد أن حاصرهم بالقلعة، وهو الذي أمر بإنشاء جامع عند باب القلعة سمي باسمه، إلى أن دخلت المدينة في حكم العثمانيّين سنة 922هـ/1516م، والذين تركوا البلاد لحكم الشيوخ والزعماء المحليِّين، فأخذوا ينشئون المباني فيها من مساجد ومدارس وأضرحة وأسبلة وقلاع، ومن هؤلاء الشيخ محمد البيبي الإمام الذي بدأ بإنشاء الجامع الكبير في البلدة القديمة فوق البقعة التي كان يقوم عليها جامع الظاهر بيبرس، ووقف عليه الأوقاف سنة 1158هـ/1745م، ووقف عليه أوقافاً أخرى حفيده الشيخ حسن بيبي سنة 1285هـ/1868م، أما الذي عمره وأضاف إليه التجديدات والتوسعة فهو محمد أمين باشا أبو نبوت - في سنة 1225هـ/1810م- الذي كان والياً على يافا وغزة والرملة، وكان من أهم من حكموا يافا وتركوا فيها أبنية أثرية، وتميز بحبه لأعمال البناء. ويسمى أيضاً جامع المحمودية نسبة إلى السلطان الغازي محمود خان الثاني الذي قام الوالي أبو نبوت بترميم وتحديث الجامع في ولايته، وبنى بجواره سبيل المحمودي المسمى السبيل الجواني كما بنى الأسواق المجاورة له وجعلها أوقافاً على الجامع الكبير وعلى مكتبته ومدرسته وعلى السبيلين الجواني (المحمودي) والبراني (سبيل الشفا) الواقع على طريق يافا القدس والمسمى سبيل أبو نبوت، وكانت تعقد في صحن الجامع حلقات التدريس يؤمها الكثيرون.

قباب الحرم والمئذنة
مدخل الجامع الرئيسي
الصحن الرئيسي للجامع

وكان هذا الجامع محاطاً من الجهة الشرقية والشمالية الشرقية بثلاثة مواقع على التوالي وهي خان النقيب والمدفن وقلعة يافا، وقد أقام الوالي أبو نبوت مجموعة من الأسواق في هذه المواقع وأوقف إيراداتها على الجامع ومدرسته ومكتبته والسبيلين، كما كان هذا الجامع محاطاً من جنوبه بأسواق تجارية كالعامود والحسن والستر والنحاسين ووكالة أبناء وفا، ومن الغرب بسوق الحاج علي النقيب.

ويمتاز الجامع الكبير بضخامته، حيث ضم حرماً وصحناً ومدرسة ومكتبة وسبيلين وبئر ماء. ويتكون الجامع من طابقين، وقد بُني من الحجر الرملي، وقام أبو نبوت بجلب الحجارة والأعمدة الرخامية من قيسارية وعسقلان.

وللجامع أربعة أبواب هي: الباب الكبير ويقع مقابل ميدان الساعة وهو الباب الرئيسي، وباب البلابسة مقابل سوق البلابسة وهو الباب الجنوبي القبلي من جهة الشرق، وباب الميدنة مقابل سوق النحاسين والفحامين وهو الباب الغربي، وباب المحمودية وهو الباب الشمالي، وتميزت البوابة الجنوبية بعقدها المدبب الوسائدي الذي يعد ابتكاراً معمارياً إسلامياً، أما البوابة الغربية فيعلوها عقد مدبب مخموس، وواجهات الجامع بسيطة مصمتة تفتح بها نوافذ صغيرة مستطيلة الشكل.

منظر داخلي لزخارف القبة
منظر داخلي لقاعة الصلاة والعقود الحاملة للقباب

تميز تخطيط الجامع من الداخل بوجود الصحن الرئيسي في الجزء الغربي من المسجد، وقد حُملت أروقة الجامع على عقود مدببة ترتكز على أعمدة ودعائم، وتميزت قاعة الصلاة باتساعها ومسقطها المستطيل، وغطيت بقبتين من الحجر زينت من الداخل بنقوش وزخارف إسلامية عثمانية تم ترميمها، واستندت كل قبة إلى رقبة ذات مسقط مثمن وفتحت فيها ثماني نوافذ على شكل قندلية لإدخال الضوء إلى داخل الحرم ولتخفيف الثقل على الأكتاف والجدران، وحُملت القبة على أربعة عقود مدببة، وجاءت منطقة انتقال القبة بشكل مثلثات كروية كبيرة تُظهر التأثر الكبير بعمارة الجوامع العثمانية في تركيا، مما يعطي هذا المبنى مزيجاً من الهندسة الإسلامية العربية والعثمانية، حيث استندت هذه العقود الضخمة إلى الجدران، وللجامع الكبير محرابان من الرخام لكل منهما عقد مخروطي وعمودان رشيقان، وفي الجامع قباب ضحلة صغيرة ثانوية من جهة البوابة الغربية.

وللجامع الكبير مئذنة واحدة تقع عند البوابة الجنوبية ذات بدن مثمن لها شرفتان، حُمِلت كل منهما على صفوف من المقرنصات وغطيت بمظلة خشبيية، وتنتهي المئذنة من الأعلى بقمة لها شكل مبخرة. وبالقرب من باب الميدنة الرئيسي للجامع توجد قاعة واسعة مازالت تستخدم مكاناً لاجتماع كبار رجالات الإفتاء. ومازال الجامع يحتل موقعاً مهماً بين الجوامع الإسلامية في فلسطين مميزاً بأهميته المعمارية والدينية المتفردة.

مايا الدادا

مراجع للاستزادة:

- محمود العابدي، الآثار الإسلامية في فلسطين والأردن (جمعية عمال المطابع التعاونية، عمان 1973م).

- علي حسن البواب، موسوعة يافا الجميلة، الجزء الأول تاريخ- مدن (عمان 2003م).

- محمد محمد حسن الشراب، معجم بلدان فلسطين (عمان 2000م).


- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد الرابع مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق