الجامع الكبير (الرملة)
جامع كبير (رمله)
-
الجامع الكبير/ الرملة
سلامة قاسم
يقع المسجد الكبير الأبيض وسط البلدة القديمة في مدينة الرملة، وهي من كبرى مدن فلسطين، وتعد إحدى المدن التي أقيمت في العصر الأموي، أنشأها الخليفة سليمان بن عبد الملك سنة ٩٧هـ/٧١٥م وجعلها مقراً لخلافته، وأخذت بالتوسع لتصبح واحدة من أهم المدن في العالم الإسلامي.
والرملة ذات ميزة تجارية وحربية؛ إذ تعد الممر الذي يصل يافا الساحل بالقدس الجبل، وتصل شمال السهل الساحلي بجنوبه. وقد بقيت الرملة عاصمة لفلسطين نحو ٤٠٠ سنة إلى أن احتلها الصليبيون سنة ٤٩٣هـ/١٠٩٩م، ثم حررها السلطان صلاح الدين الأيوبي.
منظر عام لمدينة الرملة القديمة | منظر عام لآثار الجامع يظهر العقود المدببة |
قام الخليفة سليمان بن عبد الملك ببناء جامع الرملة عندما كان والياً على الرملة، وأتمّه في أثناء خلافته. وقد وصف هذا الجامع العظيم عند بنائه عددٌ من المؤرخين إذ قالوا: «إنه كان من عجائب الدنيا في الهيئة والعلوّ». وذكر المقدسي في كتابه «أحسن التقاسيم» أن الجامع تعرض لهزة أرضية سنة ٤٢٥هـ/١٠٣٣م، ثم دمره الصليبيون، ثم تم تجديد بناء الجامع في عهد صلاح الدين الأيوبي عندما استرد الرملة. وفي عصر المماليك لمّا فتح السلطان الظاهر بيبرس يافا قام بعمل إضافات وترميمات للجامع، حيث عمّر قبّة المحراب والباب المقابل للمحراب والمنارة القديمة التي زالت. ثم بنى السلطان الناصر محمد بن قلاوون منارة عظيمة سنة ٧١٨هـ/١٣١٨م. وآخر ترميمات الجامع جرت في زمن السلطان العثماني محمد رشاد.
مئذنة الجامع الكبير الأبيض |
بُني الجامع من الحجارة الكلسية الكبيرة، وتميز بمساحته الكبيرة. مسقطه مستطيل ذو ثلاثة أروقة، يفصل بينها بوائك من العقود المدببة المستندة إلى أعمدة ذات تيجان كورنثية رخامية وبدن حجري، حيث تم دمج عدة أعمدة مشكِّلة دعامة ضخمة حاملة للعقود، وجُعِلت قندلية فوق كل عقد من أجل الإنارة والتهوية، وقد شكَّل السقفُ المؤلف من الأقبية المتقاطعة صلة وصل بين هذه العقود؛ حيث يرتفع الجزء الأوسط منها على باقي القبوات. وللجامع صحن كبير مستطيل مفتوح على الجامع عبر عقود مدببة.
العقود الحجرية المدببة |
تميز الجامع الأبيض الكبير في الرملة بمئذنته الضخمة الجميلة ذات المسقط المربع، وهي مقسّمة إلى خمسة أجزاء: الجزء السفلي تميز بوجود باب ذي عقد مدبب مرتفع تعلوه دخلة مزدوجة العقود تتوسطها نافذة قمرية؛ وفوقها نافذة ذات عقد ثلاثي الفصوص، أما الجزءان العلويان فهما متماثلان ويحتوي كل جزء منهما على ثلاثة عقود مدببة متماثلة مستندة إلى أعمدة مدمجة.
لم يبقَ اليوم من المسجد سوى المئذنة الكبيرة وأجزاء من البوائك، ويطلق عليها البرج الأبيض. تجدر الإشارة إلى أن المسلمين كانوا يحتفلون بمناسبة دينية منذ مئات السنين في هذا المسجد كانوا يطلقون عليها «موسم النبي صالح»؛ إذ كانوا يعتقدون وجود مقامه في الجزء الشمالي من المسجد.
مراجع للاستزادة: - موسوعة المدن الفلسطينية، منظمة التحرير الفلسطينية (دمشق ١٩٩٠م). - الموسوعة الفلسطينية، مؤسسة الموسوعة الفلسطينية (دمشق ١٩٨٤م). - K.A.C. Creswell, Early Muslim Architecture, Vol. I, Part II (Oxford 1969). |
- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد الرابع مشاركة :