التلول الأثرية
تلول اثريه
Tell (s) - Tell (s)
التلول الأثرية
ناجح الونوس
تتشكل التلول الأثرية Archaeological tells في سورية بطريقتين: الأولى حين توجد أبراج المراقبة والحماية في مواقع محددة تحيط بالمركز العمراني، ومع مر العقود وبسبب الغزوات والحروب وغيرها تتهدم وتطمر هذه الأبراج وتشكل تلالاً صغيرة نسبياً، والثانية بسبب تراكمات لمراكز عمرانية أو قصور أو مدن قديمة في حيز جغرافي واحد، وأيضاً تطمر تحت سطح الأرض بتعاقب العصور والقرون، وهي الأهم لأنها تحمل في طياتها آثاراً من عصور الحضارة التي قامت في سورية، وربما قدّمت في يوم ما مكتشفات وكتابات أثرية تساعد أكثر على فهم تاريخ المنطقة. وهي تكون إما على شكل تل كبير الحجم يكون شكل قمته مشابهاً لشكل قاعدته مع فارق صغر مساحة القمة وانخفاض بسيط في وسط القمة (غالباً يضم قلعة أو مركزاً عمرانياً ذا سور)، أو تكون قمة التل شبه مدببة وصغيرة جداً مقارنة بقاعدته (برج مراقبة)، وتنتشر مثل هذه التلال في المنطقة الساحلية بكثرة. ويتكون التل الأثري عموماً من أكثر من طبقة أثرية نتيجة تعاقب العصور في بعض المواقع، وبالتالي فإن السبر الأثري يجب أن يكون محكماً وعميقاً في التلال كبيرة الحجم ولا يقتصر وصوله إلى مستوى سطح الأرض المحيطة بالتل.
تل حيلا | تل النبي أيوب | تل آفس |
يتركز انتشار التلال الأثرية في سورية بوجه عام في شمالي بادية الشام وغربيها؛ ولذلك تكون موجودة بكثرة في الجزيرة السورية وحوض الفرات ومناطق حلب وكذلك أنطاكية، وتمتد في حوض نهر العاصي حتى بلدة القريتين. والسبب الرئيسي في تركزها هو توفر الموارد المائية ونسبة الهطل المطري المناسب للزراعة. وتنتشر التلال الأثرية بنسبة أقل بكثير في المنطقة الساحلية حيث تقوم القلاع والحصون، وهي السمة الغالبة على المواقع الأثرية في الساحل السوري، وفي المنطقة الجنوبية من سورية غطت الصخور البازلتية الكثير من الآثار القديمة جداً، كما فرضت طبيعة المنطقة نمطاً أثرياً مختلفاً عن نمط التلال الأثرية المعتاد.
تل الشيخ منصور من سراقب | تل مرديخ |
يمكن تعرف التلال الأثرية من خلال قراءة متفحصة للخريطة الطبوغرافية التي تمثل منطقة جغرافية ما، تختلف مساحتها باختلاف مقياس رسم الخريطة. وتتمثل في الخريطة تضاريس المنطقة وفروق ارتفاعاتها بوساطة خطوط التسوية. ويبرز التل الأثري بروزاً مفاجئاً في سهل كبير من دون أي مقدمات تضاريسية مثل وجود اختلاف في الارتفاع واضح وغير متدرج، وهذا ما يساعد الباحث الأثري على الجزم بأنه تل أثري يمكن أن يوثق ويعد مستقبلاً للمسح والتنقيب الأثريين، ويمكن أيضاً في أثناء الدراسة الميدانية على الأرض تمييز التل الأثري من التل الطبيعي، إذ إن التل الأثري يكون غير متوافق في وجوده مع السهل المحيط به؛ مما يدل على تدخل البشر في تكون هذا التل وليس الطبيعة فقط. كذلك يمكن الاستعانة بتقنيات علم الاستشعار عن بعد الحديثة بدءاً بالصور الجوية الملتقطة بوساطة الطائرات ويمكن تحليلها بعد تركيبها ومطابقتها للمنطقة بإحداثياتها، وانتهاءً بالصور الفضائية الملتقطة بوساطة الأقمار الصناعية بمجالاتها الطيفية المتعددة، وهي بمجملها تساعد على إجراء مسح شامل ولمساحات واسعة من الأراضي بكل ما تحتويه من خبايا ومواقع أثرية مطمورة. وتعدّ هذه الصور عاملاً مساعداً أيضاً في عمليات السبر الأثري الأولية وذلك باستخدام صور فضائية ذات المجالات الطيفية فوق الحمراء ومعها بعض الصور الرادارية لمنطقة التل المستهدف. وهناك مؤشرات واضحة تدل على محتوى التل المستهدف، منها حرارة التربة وطبيعتها اللتان تكونان مختلفتين عن حرارة باقي ترب المنطقة وطبيعتها؛ مما يدل على وجود آثار مطمورة تحت التل، وكذلك فإن معدل نمو النباتات فوق التل الأثري يختلف بوضوح عن مثيله في الأراضي المحيطة بالتل والخالية من الآثار. وقد تم إعداد الأطلس الأثري الفضائي للمنطقة الساحلية في سورية بالاستعانة بتقنيات علم الاستشعار عن بعد المختلفة عام ٢٠٠٨م في مرحلة أولى حتى يصار إلى تغطية كامل أراضي الجمهورية العربية السورية في المستقبل.
مراجع للاستزادة: - Seton LLOYD, Mounds of the Near East, (Edinburgh, 1963). - Elizabeth C. ROBERTSON et al., Space and Spatial Analysis in Archaeology, (Deepika, 2006). - Harvey WEISS, “Archaeology in Syria”, American Journal of Archaeology, 101, No. 1 (1997), pp. 97-148. |
- التصنيف : العصور التاريخية - المجلد : المجلد الرابع مشاركة :