تقويم هجري

-

التقويم

نجدة خماش

التقويم الهجري

التقويم الهجري تقويم قائم على التقويم القمري الذي يرتكز على تقسيم الوقت بالاستفادة من دوران القمر حول الأرض. والشهر القمري هو المدّة الزمنية بين اجتماعين متتالين للشمس والقمر (بين محاق والذي يليه)، وهو يقدّر وسطياً بـ ٢٩ يوماً و١٢ ساعة و٢٤ دقيقة. أما السنة القمرية فهي ١٢ شهراً قمرياً، وتقدّر بـ ٣٥٤ يوماً و٨ ساعات و٤٨ دقيقة، وهي إمّا سنة بسيطة (٣٥٤ يوماً) وإما كبيسة (٣٥٥ يوماً)، وفي كل ٣٠ سنة قمرية ١١ سنة كبيسة، واتفق الفلكيون على عدِّ السنوات ٢، ٥، ٧، ١٠، ١٣، ١٦، ١٨، ٢١، ٢٤، ٢٦، ٢٩ هي السنوات الكبيسة في الثلاثين سنة، وهذا يعني أنه لمعرفة ما إذا كانت سنة ما كبيسة أو بسيطة؛ يكفي أن يؤخذ باقي قسمة تاريخ هذه السنة على (٣)؛ فإن كانت النتيجة أحد الأعداد ٢، ٥، .. تكون السنة كبيسة؛ وإلا فهي بسيطة، أما اليوم الزائد في السنة الكبيسة فيضاف إلى آخر شهر في السنة القمرية فيصير ٣٠ يوماً بدلاً من ٢٩ يوماً.

كان العرب قبل الإسلام يعتمدون السنة القمرية، وتشمل هذه السنة ١٢ شهراً قمرياً تضبط من رؤية الهلال إلى رؤيته ثانية كل شهر، ولم يكن للعرب مبدأ ثابت يؤرخون به حوادثهم، فمثلاً اتخذ العرب انهيار سد مأرب مبدأً لتاريخهم وكان ذلك نحو ١٢٠ ق.م. كما استخدموا تواريخ أخرى منها موت كعب بن لؤي الجد السابع للرسول محمد ﷺ وكان ذلك سنة ٦٠م، ومنها أيضاً عام الفيل سنة ٥٧١م، وتجديد الكعبة سنة ٦٠٥م. وهذا يعني أنّه إذا أراد شخص أن يحدّد تاريخ حادث ما، يقول: إن هذا الحادث وقع مثلاً في السنة الخامسة أو السادسة بعد انهيار سد مأرب أو إنه وقع في السنة الثالثة بعد عام الفيل وهكذا..

كان الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب أول من بدأ التأريخ للأشهر القمرية، بهجرة الرسول ﷺ من مكة إلى المدينة. وتُعَدُّ السنة التي حدثت فيها الهجرة من مكة إلى المدينة السنة الأولى للهجرة، وتبدأ السنة الهجرية بشهر المحرّم أول الشهور العربية منذ القديم؛ علماً أن وصول الرسول إلى المدينة كان في اليوم الثامن من شهر ربيع الأول للسنة الأولى للهجرة. ويقابل اليوم الأول من المحرّم من العام الهجري، السادس عشر من تموز/يوليو سنة ٦٢٢م وفقاً للتقويم اليولياني (نسبة إلى يوليوس قيصر) و١٨ تموز بالتقويم الغريغوري [ر] (نسبة إلى البابا غريغور الثالث عشر).

ومع أن التقويم الهجري أنشئ في عهد المسلمين، لكن أسماء الأشهر والتقويم القمري كانت تستخدم منذ أيام الجاهلية، ويتكون العام الهجري من اثني عشر شهراً قمرياً هي بالترتيب: محرم صفر، ربيع الأول، ربيع الآخر، جمادى الأولى، جمادى الآخرة، رجب، شعبان، رمضان، شوال ذو القعدة، ذو الحجة.

وقد اعتمد المسلمون هذا التأريخ في كتبهم ورسائلهم وعقودهم ومعاهداتهم وتأريخهم للوقائع والحوادث منذ السنة الأولى للهجرة؛ أي سنة ٦٢٢م، وكان اختيار التأريخ الهجري اختياراً موفقاً؛ لأن الهجرة لم يُختلف في تأريخها بخلاف المبعث والمولد، كما أنّ الهجرة كانت بداية خير ونصر للمسلمين حيث انتقلوا من الذل إلى العز، ومن القِلَّة إلى الكثرة، وكانت الهجرة محور تغيّر في حال الدعوة، وتبليغ الدين من حيث ظهوره وانتشاره وكثرة معتنقيه ومؤيديه، والخطوة الأهم في طريق تأسيس الدولة والحضارة الإسلامية.

وبما أن التقويم الهجري يعتمد أساساً على دورة القمر التي تقابل دورة الأرض حول الشمس؛ فإن العام الهجري أقل من العام الميلادي بأحد عشر يوماً، مما يعني أن الأعياد الإسلامية التي تقع دائماً في الشهر نفسه من كل عام هجري قد تأتي في مواسم مختلفة، فالحج وشهر رمضان على سبيل المثال يمكن أن يأتيا في فصل الصيف أو الشتاء على حدٍ سواء، ولا تأتي المناسبات في الموسم نفسه إلا كل ثلاث وثلاثين سنة حين تكتمل الدورة القمرية، وقد جاء في القرآن الكريم: ]ولَبِثُوا في كَهْفِهم ثَلاثَ مِئةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعَاً[ (الكهف ٢٥) أي إن كل ٣٠٠ سنة ميلادية تقابلها ٣٠٩ سنوات هجرية.