بلينيوس الأكبر
بلينيوس اكبر
Pliny the Elder - Pline I`ancien
بلينيوس الأكبر
(23/24م – 79م)
محمد الزين
هوغايوسبلينيوسسكوندسG. Plinius Secundus،واسمه بالإنكليزية Pliny the Elder وبالفرنسية Pline l‘Ancien كاتبومؤرخوعالمطبيعياتورجلدولةروماني،يعرفباسمبلينيوسالأكبر(Major) تفريقاًلهعنقريبهوابنهبالتبنيالأديبالرومانيبلينيوسالأصغر(Minor) الذيأسهمترسائلهبمعظم المعلوماتعنحياتهومؤلفاته.
ولدفيشماليّإيطاليالأسرةثريةمنطبقةالفرسانثانيةالطبقاتالعليافيالمجتمعالروماني. ونشأفيروما،وتلقىعلومهفيها،ودرسالبلاغةوالتاريخوالحقوق. أمضىخدمتهالعسكريةفيجرمانيا،ثمانصرفلممارسةالمحاماة. وتقلبفيعددمنالمناصبالعسكريةوالإداريةوالماليةقادتهإلىبلادالغالوإسبانياوشماليّإفريقياوكذلكإلىسوريةوفلسطين،وكانقدتعرفتيتوسابنالامبراطوراللاحقفسباسيانالذيتقلدفيعهدهمناصبرفيعة،فأصبحعام 68/69منائبالمشرفالماليفيسورية،وحظيبتكريمأهاليجزيرةأروادالذينأقاموالهتمثالاًفيمدينتهم، لميبقَمنهحالياًإلاقاعدتهالتيتحملنقشاًباللغةالإغريقية (OGIS II 586)،وقدأكسبتههذهالوظائفخبرةكبيرةومعرفةواسعةبالعالمالروماني.
وعندماكانيتولىقيادةالأسطولالمرابطفيخليجنابوليالإيطاليثاربركانفيزوف Vesuvius ثورته الشهيرة عام 79م، وغطى بحممه البركانية مدن المنطقة، وقضى على معالم الحياة فيها، وأشهرها مدينة بومبيي Pompeii، ولقي بلينيوس حتفه في أثناء هذه الكارثة، وقد ترك بلينيوس الأصغر في إحدى رسائله وصفاً مؤثراً لموته المأساوي وهو يحاول مندفعاً بفضوله العلمي أن يرصد هذه الظاهرة الطبيعية ويساعد على إنقاذ الناس وتقديم العون لهم، فذهب شهيد العلم والواجب الإنساني وإخلاصه للفلسفة الرواقية التي كان يعتنقها.
كان بلينيوس الأكبر غزير الإنتاج ألّف مجموعة كبيرة من الكتب والأبحاث اللغوية والأدبية والتاريخية، وكان مؤرخاً لأحداث عصره التي دونها في 31 كتاباً كما أرخ لحروب الرومان ضد الجرمان في 20 كتاباً كانت مصدراً رئيساً للمؤرخ الكبير تاكيتوس Tacitusر(55-117م) وكذلك سير الأباطرة للمؤرخ سويتونيوس Suetoniusر(69-140م)؛ ولكن جميع كتاباته فقدت، ولم يصل سوى كتابه الشهير الذي خلد اسمه وهو: «التاريخ الطبيعي» Naturalis Historia الذي نشره عام 77م، وأهداه لتيتوس، ويقع هذا السفر الموسوعي الذي كان ثمرة أعوام طويلة من البحث والدراسة في 37 كتاباً (أو جزءاً)، استخدم بلينيوس في تأليفه 20 ألف بطاقة جمعها كما يقول من ألفي لفافة بردي ومئات الكتب الإغريقية واللاتينية.
يضم الكتاب الأول مقدمة عامة بأسماء مصادره وفهرساً تفصيلياً بمحتويات تاريخه الطبيعي الذي عالج فيه مواضيع مختلفة تتعلق بنشأة الكون وبنيته (ك2) والجغرافيا والأتنوغرافيا (ك3-6) والأنثروبولوجيا وعلم النفس (ك7) وعلم الحيوان (ك8-11) وعلم النبات (ك12-19) والأدوية النباتية (ك20-27) والحيوانية (ك28-32) والمعادن والمياه المعدنية والحرف والصناعات والأعمال الفنية وأشهر الفنانين (ك33-37).
كما يجد المرء في ثنايا هذه الكتب شتى أنواع المعلومات التاريخية والفلسفية والفنية والأخلاقية وسواها. وهكذا فإن «التاريخ الطبيعي» يمثل موسوعة تضم مجموع المعارف السائدة في عصره مع تطبيقاتها في الحياة والفن، وهي ذات طابع مختلط، بعضها علمي، وكثير منها معارف شعبية. وقد اعتمد في كثير من معلوماته على العالم الروماني الشهير فاروVaro والفيلسوف الرواقي الكبير بوسيدونيوس[ر] Poseidonios الأفاميوكذلكأرسطووثيوفراستوسكمااستقىالكثيرمنمشاهداتهوأسفارهوتجاربهوملاحظاتهالشخصية.
كانبلينيوسيتميزبتفكيرعلميواسعواهتمامشديدبموضوعهومقدرةفائقةعلىالدأبوالمثابرةعلىالقراءةوالكتابة،فحفظمادةغنيةجداًعنمعارفعصرهوعلومه.
وقد أورد بلينيوس في تاريخه الطبيعي مجموعة من الأخبار والروايات والمعلومات الطبيعية والاقتصادية والسياسية عن سورية، فذكر أسماء مدن الديكابوليس Decapolis (ذلك الاتحاد الذي أقامه القائد الروماني بومبيوس بعد احتلاله سورية وإعلانها ولاية رومانية عام 64ق.م)، ويشير في هذا السياق إلى اختلاف أعدادها وأسمائها. كما يورد قائمة بأسماء الشعوب والقبائل التي كانت تقطن سورية في أواخر أيام السلوقيين، ويذكر أنها كانت تشكل إمارات مختلفة زاد عددها على سبع عشرة إمارة.
وفي حديثه عن تدمر يشير إلى جمال موقعها وخصب أراضيها وطيب مائها وكيف أن الرمال تحيط بها من كل جانب كأنها تود أن تخبئها عن بقية العالم وتبعدها عن طريق الفاتحين وأنها كانت تشكل دولة مستقلة تفصل بين امبراطوريتي الفرس والرومان اللتين كانت كل منهما تخطب ودها عندما تختلف مع الأخرى.
كما يشيد بلينيوس بازدهار سورية في عصره، ويعدد - في الكتاب الثالث عشر من تاريخه الطبيعي خاصة- أشجار الفاكهة المختلفة التي نقل الرومان زراعة بعضها إلى إيطاليا. ويشير إلى جودة البلح النقلاوي (نسبة إلى نيقولاوس الدمشقي الذي قدمه للامبراطور أغسطس) وأنه كان حلواً كالعسل وكان حجمه كبيراً بحيث إذا وضعت أربع ثمار منه إلى جانب بعضها وصل طولها إلى ذراع (!).
ويذكر أيضاً النباتات الطبية وأنواع الأزهار والخضر والمزروعات التي اشتهرت بها، هذا عدا شهرتها بتصدير الخمور والبضائع الكتانية والجلدية إلى بلدان حوض البحر المتوسط.
ومن مواردها الطبيعية الإسفلت أو الزفت الذي يتوافر بكميات كبيرة في منطقة البحر الميت. كما يؤكد أن تقنية نفخ الزجاج التي اشتهرت بها مدن الساحل السوري تم ابتكارها في سورية قبل أن تنتقل إلى باقي أنحاء الامبراطورية.
ويتحدث كذلك عن ورق البردي في مصر وطريقة صنعه وكيف أن ارتفاع ثمنه في عهد الامبراطور تيبربوس (14-37م) وصل حداً جعل الرومان يخشون من حدوث اضطراب في الأمور الإدارية والأعمال التجارية.
وهكذا فإن موسوعة التاريخ الطبيعي تُعدّ منجماً فريداً لشتى أنواع المعلومات، وهو الكتاب الوحيد في بابه الذي وصل من العصور الكلاسيكية، وكذلك حظي بشهرة واسعة في القديم والحديث، فصدرت في القرن الرابع موسوعة طبية حملت اسم «أدوية بلينيوس» (Medicina) Plini وأخرىفيالقرنينالسادسوالسابعكماجاءذكرهفيكتابابنأبيأصيبعةالدمشقي «عيونالأنباءفيطبقاتالأطباء»تحتاسمبليناسالحكيم.
صدركتاب«التاريخالطبيعي»فيعدةطبعاتنقديةمحققة،وترجمإلىكثيرمناللغاتالحديثة،ومنأشهرهاطبعةجامعةهارفردفيمكتبةلويبالكلاسيكية The Loeb Classical Library في عشرة أجزاء باللغتين اللاتينية والإنكليزية Natural History (1938-1962) .
مراجعللاستزادة: - فيليبحتي،تاريخسوريةولبنانوفلسطين،الجزءالأول،ترجمةجورجحداد(بيروت 1958). - The Oxford Classical Dictionary, 2nd Edition (Oxford 1970). |
- التصنيف : آثار كلاسيكية - المجلد : المجلد الثالث مشاركة :