بر هدد
Bar Hadad - Bar Hadad

بر- هدد

إبراهيم توكلنا

 

بر-هدد Bar-hadad اسم لثلاثة ملوك آراميين حكموا دمشق في القرن التاسع قبل الميلاد، ومعنى الاسم « ابن الإله هدد»، ويرد في النصوص العبرانية بصيغة «بن-هدد». وهؤلاء الملوك الثلاثة هم كل من:

بر- هدد الأول ابن طبرمون Tabrimmon، بدأ حكمه لدمشق في مطلع القرن التاسع قبل الميلاد، وهو أول ملوك دمشق الذين جمعوا الآراميين حولهم، وأقام علاقات طيبة مع ممالك المدن الساحلية، وكانت دمشق في عهده وعهد أبيه وجده مهابة الجانب. توسع نفوذ بر-هدد جنوباً في فلسطين، وسيطر على حوض الأردن حتى مصب نهر الزرقاء، وعلى جبال الجليل والسهول الشمالية حتى نهر المقطع وجبال الكرمل. وعثر على نقش لهذا الملك عند سفح جبل حرمون في عام ١٩٩٣م، يعود تاريخه إلى القرن التاسع قبل الميلاد. وقد فُسر هذا النقش بأنه يصف نصراً أحرزه ملك دمشق بر-هدد الأول في تلك المنطقة مما استدعى إقامته للنصب تخليداً لانتصاره. كما اكتشف نصب آخر من البازلت في قرية البريج شمالي حلب ينسب إلى الملك نفسه مكرس للإله الفينيقي ملقارت[ر] Melqart الذي يظهر رسمه واقفاً على الجزء العلوي من النصب، وتحت الرسم كتبت جملة بالآرامية القديمة: «بر-هدد ملك آرام»، وهذه العبارة ربما تدل على وصول نفوذ بر-هدد إلى تلك المنطقة.

منحوتة دمشق الآرامية

خلف بر-هدد الأول ابنه بر-هدد الثاني الذي يرد اسمه بصيغة هدد عزر Hadadezer، وتسميه المصادر الآشورية أحيانًا أدد-إدري Adad-Idri. حكم هذا الملك في أواسط القرن التاسع قبل الميلاد وظلت دمشق في عهده قوية، وتميز عهده بمقاومة الآشوريين وبتضامن جيرانه الملوك معه. أبرز ما قام به بر-هدد الثاني تشكيل تحالف من الدويلات السورية الآرامية والكنعانية (الفينيقية) لمجابهة قوات الملك الآشوري شلمنصر [ر] الثالث. ضم التحالف إضافة إلى بر-هدد ملك دمشق؛ أرخوليني Irhuleni ملك حماة، وآخاب ملك خُمري، وأمير قونية في إقليم كيليكية، وأمير مصر على إقليم بلاد الشام، وأمير أرقانات (عرقا في لبنان)، وماتينو بعل أمير جزيرة أرواد، وأمير أوستانو، وأدولو بعل أمير سيانو قرب جبلة، وجندب العربي أمير بلاد العرب البدو، وبعاشا من بيت رحوب، وأمير بلاد عمون (عمَّان حالياً) . وجرت مجابهة بين هذا التحالف وبين القوات الآشورية بقيادة شلمنصر الثالث في معركة قرقر الأولى على نهر العاصي (جنوبي جسر الشغور حالياً) عام ٨٥٣ قبل الميلاد. وعلى الرغم من أن المتحالفين تكبدوا خسائر كبيرة إلا أن الملك الآشوري لم يستطع أن يحسم المعركة لصالحه.

عاد الملك الآشوري مرة أخرى لمهاجمة الآراميين عام ٨٤٩ قبل الميلاد، فتصدى له التحالف السابق ولم يستطع النيل منهم. ثم عاود الهجوم مرتين بجيش كبير؛ الأولى عام ٨٤٨ قبل الميلاد، والثانية عام ٨٤٥ قبل الميلاد، وأخفق في تحقيق مبتغاه كما في المرات السابقة؛ لأنه لم يطارد الجيوش المهزومة بحسب زعمه، ولم يخلع ملكاً منهم وينصب ملكاً بديلاً منه موالياً له جرياً على عادة الآشوريين في مثل تلك الأحوال. وانتظر إلى عام ٨٤١ قبل الميلاد، عندما اغتيل بر-هدد الثاني على يد حزائيل Hazaël الذي استولى على حكم دمشق، فهاجمها الملك الآشوري، لكنه لقي مقاومة عنيفة من جيشها.

وكان لبر-هدد الثاني مواجهات حربية عديدة مع ملوك المناطق المجاورة الذين كانوا يهابونه كما كانوا يهابون أباه من قبله، وتذكر المصادر أنه جابه آخاب Ahab(٨٧١-٨٥٢ قبل الميلاد) خليفة بعاشا ملك السامرة عدة مرات وحاصر عاصمته، لكنه ارتد مهزوماً وفقد كثيراً من قواته، ثم قام بعض الملوك بمهاجمة بلدة رامون في جبال عجلون، ودارت الحرب بينهما وبين بر-هدد الثاني وأصيب أحاب بجراح وعاد إلى السامرة حيث مات ودفن على أثرها.

خلف حزائيل في الحكم ابنه بر-هدد الثالث في نحو عام ٨٠٢ قبل الميلاد، وسار على سياسة والده في تزعم آراميي بلاد الشام، وكبح جماح الملوك المنافسين له في محاولاتهم المتكررة السيطرة على جيرانهم أو الخروج على زعامة مملكة دمشق، واستمر في فرض الجزية عليهم، كما تابع تقوية مملكته استعداداً للدفاع عنها ضد الهجمات الآشورية. ولهذا فإنه عندما وجد أن ملك حماة زكور ZakKur أعلن ولاءه للآشوريين، وحاول التقوي بهم للتوسع في المناطق الشمالية، وأخذ ينافس ملك آرام في زعامة الممالك الآرامية، هاجمه مع ستة عشر ملكاً متحالفاً من ملوك دويلات شمالي بلاد الشام ومنها بيت آجوشي وسمأل، وحاصره في منطقة حزرك التي تحصن فيها، لكن هذا التحالف اضطر إلى فك الحصار عن زكور نتيجة تدخل الملك الآشوري أدد-نِراري [ر] الثالث (٨١١-٧٨٣ قبل الميلاد) لحماية حليفه ملك حماة.

ازداد الضغط الآشوري على بلاد الشام في عهد أدد- نِراري ، وبدأت مملكة دمشق بالضعف بعد انشقاق الحلف المناهض للآشوريين بسبب انحياز مملكة حماة لهم، ونتيجة التنافس والصراع الداخلي بين الممالك الآرامية، فهاجم الملك الآشوري دمشق عام ٨٠٢ قبل الميلاد التي استسلمت كما تذكر المصادر الآشورية، وأُجبر بر-هدد الثالث الذي سمي في المدونات الآشورية مرئي، وتعني بالآرامية سيدي؛ على دفع الضرائب للملك الآشوري أدد- نِراري الثالث، وكانت تتضمن الذهب والفضة والحديد والملابس الكتانية المزركشة والأثاث الخشبي المرصع بالعاج وغيرها. كما امتنع العبريون عن دفع الضريبة له، وخسر بعض المدن التابعة له.

مراجع للاستزادة:

- علي أبو عساف، الآراميون تاريخاً ولغة وفناً (طرطوس ١٩٨٨).

-H. SADER, Les États araméens de Syrie depuis leur fondation jusq’ua  leur transformation en provinces assyriennes, (Beyrouth, 1987).


- التصنيف : العصور التاريخية - المجلد : المجلد الثالث مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق