بان (الإله-)
بان (اله)
pan -
بان (الإله -)
هيا الملكي
بان Panهو من الآلهة التي عبدها الإغريق، وهو إله الريف والطبيعة والرعاة والغابات، وكان له قدرات على التنبؤ؛ إضافة إلى حمايته للمسافرين من الأخطار وتفسيره الأحلام. عُرف بإبداعه في العزف على الناي، وهو يقابل الإله الروماني فاونوس Faunus. بدأت عبادة بان في منطقة أركاديا وانتشرت خارجها في القرن الخامس ق.م؛ وعند انتشارها في بلاد اليونان أقيمت معابده في الغابات والكهوف، ويقال إن سكان مدينة أثينا بنوا له معبداً في أكرُبول المدينة لدوره في معركة ماراثون (٤٩٠ق.م) من خلال إشاعته الذعر في قلوب الأعداء وحملهم على الهرب، وكانت تقدم له القرابين من الخراف والحليب والعسل. وعُدَّ الجدي من حيواناته المقدسة، إذ كان الإله بان يُصوَّر على هيئة نصف إنسان بأقدام جدي وجسده مغطى بالوبر وله قرون على رأسه، وبسبب هذه الهيئة التي ولد بها اشتُق من اسمه صفة Panic بمعنى الخوف، وكان بان المشرف على خصوبة القطعان، وعندما لا تتكاثر كانت تجري طقوس دينية خاصة يتم خلالها ضرب تمثال الإله.
تمثال الإله بان - دمشق |
وتعددت الروايات التي تتحدث عن أصله ومولده، منها أنه كان ابناً للإله زيوس[ر] Zeus وكاليستو Callisto التي حولها زيوس إلى كوكبة الدب الأكبر ليحميها من زوجته هيرا، لكنه على الأغلب كان ابناً لـ هرمس[ر] Hermes مع تعدد الروايات التي تتحدث عن والدته التي قد تكون هيبريس أو الحورية دريوبه؛ إذ تقول الأسطورة إنها عندما رأت منظر بان بالقرون والوبر واللحية لاذت بالفرار، كما تقول الأساطير إن والدة بان كانت من البشر وهي بنلوبي، وسبب ولادة بان على هذه الهيئة هو أن هرمس كان يزور بنلوبي على هيئة جدي. في حين تقول أسطورة أخرى إن والده كان الراعي كراتيس الذي أنجبه من عنزة، لكن الأساطير الأقوى تنسبه إلى هرمس الذي سُّر كثيراً بمولده وحمله إلى الأولمب بعد أن لفه بجلد الأرنب، وكانت الآلهة تضحك عندما تنظر إليه، وربما كان هذا السبب الذي دفع بان إلى مغادرة الأولمب إلى الجبال والغابات ليرعى القطعان، وكان معروفاً عن بان أنه من الآلهة المرحة، وكان يجوب الغابات وهو يعزف على الناي مما يجمع الحوريات حوله وهن يرقصن مع الساتيرات Satyrs؛ ما يفسر كون بان من حاشية الإله ديونيسوس[ر] Dionysus إله الخمر الإغريقي الذي كان يرافقه أيضاً الساتير سيلينوس Silenus والذي ربما كان شقيق بان أو ابنه.
تمثال الإله بان - دمشق |
وعلى الرغم من طبيعة بان المرحة لكنه يصاب بحالة من الغضب الشديد في حال تم إزعاجه، ويكون بهذه الحالة قادراً على إصابة أعداد كبيرة من الناس بالهلع والذعر، ولاسيما إذا ما أيقظه أحد المسافرين في الغابات فإنه يصيبه بالرعب فلا يعرف طريقه في الغابات.
ومن أشهر الأساطير التي تتحدث عن بان تلك التي تخص ملاحقته الحورية سيرينكس Syrinx التي أطلق اسمها على الناي الخاص به الذي يعدّ من أهم رموز الإله، فقد كانت هذه الحورية بغاية الجمال وتحب التشبه بالإلهة أرتميس[ر] Artemis في هيئتها بلباسها القصير والجعبة والقوس، وعندما رأى الإله بان سيرينكس أراد التقرب منها لكنها خافت منه وهربت؛ لكنه أصر على ملاحقتها، وعندما وصلت الحورية إلى النهر لادون Ladon توسلت إلى النهر حتى ينقذها فاستجاب لها وحولها إلى قصبة؛ فقطع بان سبع قصبات مختلفة الأطوال وألصقها بالشمع وحولها إلى ناي.
وبسبب مهارة بان في العزف على الناي تحدى الإله أبولو[ر] Apollo في عزفه على القيثارة الذهبية الخاصة بأبولو، وانتهت المباراة بأن حكم إله الجبل تمول لمصلحة أبولو، في حين حكم الملك ميداس Midas بالجائزة لمصلحة بان، فعاقبه أبولو بأن جعل أذني الملك كأذني الحمار، أما بان فقد انزوى في الغابات بعد هزيمته من قبل أبولو.
كذلك يذكر أن بان أحب إلهة القمر سيليني Selene بعد أن ظهر لها على شكل كبش أبيض، وكما تحولت سيرينكس إلى قصب بسبب بان تحولت أيضاً الحورية بيتس Pitys إلى شجرة صنوبر وفق روايتين؛ الأولى هرباً من بان، والثانية بعد أن تهشمت يداها وساقاها بسبب إله الريح بعد أن رآها مع بان.
وهناك تضارب في أسطورة حبه للحورية إيكو Echo ورفضها له؛ مما دعاه إلى بث الجنون في عقول الرعاة، فعملوا على تمزيق جسدها ولم يبقَ منها سوى صدى صوتها، مع أنه في أساطير أخرى يعزى ما حلَّ بها إلى الإلهة هيرا Hera ونرسيس Narcissus الذي وقعت إيكو في حبه.
وآخر الأساطير التي تتحدث عن بان ما نقل عن المؤرخ الإغريقي بلوتارخوس[ر] Plutarch أن مركباً تجمد في مياه بحر إيجة وأن هاتفاً أوعز للملاح بأن يعلن عند وصوله إلى الشاطئ عن موت الإله بان، وعندما قام البحار بما أُمر به انبعث النواح والبكاء من جميع الأرجاء في إشارة إلى بكاء الطبيعة على الإله بان.
أما عن تصوير بان في الفنون فقد مُثل على هيئة إنسان له وبر على جسده، وله قدما جدي وقرون على الرأس ولحية طويلة، ولكنه مُثل أيضاً في بعض الفنون على هيئة إنسان كامل كالصورة المكتشفة في بومبيي pompeii المحفوظة في متحف نابولي التي تصوره شاباً وسيماً على رأسه تاج من أغصان الزيتون ويحمل الناي وعصا الراعي التي كانت من أهم رموزه، ويجلس على صخرة إلى جوار ثلاث حوريات.
بيد أنه في سورية اعتمد على الشكل الأول المشهور في تمثيله حيث عُثر على ثلاثة تماثيل صغيرة الحجم مصنوعة من البرونز صُبَّت بطريقة وأسلوب فني متوسط الجودة، وهي محفوظة في متحف دمشق الوطني، ويظهره التمثال الأول وهو يعزف لإحدى الحوريات، في حين يظهر بان حاملاً عصا الراعي وينظر إلى الأمام في التمثال الثاني، ومستلقياً على جانبه في التمثال الثالث الأقل جودة ووضوحاً. ويعتقد أن تمثال بان كان يترافق مع تماثيل الإلهة أفروديت[ر] Aphrodite التي ترفع فيها الصندل على بان ويظهر على كتفها إله الحب إيروس[ر] Eros وهو يبعد بان عن أفروديت، وربما كان هذا التمثال قد صنع في سورية ونقل إلى ديلوس، مما يدل على عبادة بان في سورية منذ الفترة الهلنستية، ولاقت عبادته الترحاب والتوسع خلال العصر الروماني حيث عُبد في دمشق، وعُثر في حوران على نقش باسمه في قنوات[ر]، وربما عُبد في بانياس في الجولان استناداً إلى أن هناك نقشاً يتحدث عن كاهن للإله بان نذر معبداً لنمسيس[ر] Nemesis.
مراجع للاستزادة: - سهيل عثمان، عبد الرزاق الأصفر، معجم الأساطير اليونانية والرومانية (دمشق ١٩٨٢). - ثروت عكاشة، الإغريق بين الأسطورة والإبداع، الجزء الخامس عشر (القاهرة ١٩٩٤). - T.M WEBER., Sculptures from roman Syria in the Syrian nationalmuseum at Damascus ,(Damas, 2006). |
- التصنيف : آثار كلاسيكية - المجلد : المجلد الثالث مشاركة :