البازار (جامع-)
بازار (جامع)
-
البازار (جامع -)
إبراهيم خير بك
يقع جامع البازار وسط مدينة اللاذقية القديمة، منطقة الصباغين - شارع سيف الدولة. ويؤكد العرف الشفوي أن الجامع إنما أُنشئ مكان مسجد قديم يعود إلى زمن الفتح العربي، فهو مكان أول مسجد في البلد، وقد وضع أساسه الصحابي عبادة بن الصامت الأنصاري (ر)، وعُرف أيضاً بجامع العُشْر؛ وهذه إشارة إلى أن العشور كانت تجبى فيه، وهو تخصيص يشير إلى عرف قديم يوم كان المسجد يمثل المركز الإداري؛ ولذلك سُميت الحارة بحارة العشر.
المسقط الأفقي للجامع |
وعُرف أيضاً باسم الجامع الصغير؛ وذلك مقارنة بالجامع الكبير الذي بناه الظاهر غازي بن صلاح الدين الأيوبي 589-613هـ/1193-1216م بعد استرجاع اللاذقية من يد الفرنجة، ولكن مساحة هذا المسجد اليوم بعد التوسعات التي جرت عليه صارت أكبر من مساحة المسجد الكبير، ولكن هذه التسمية تعكس وضعه يوم أنشأ الظاهر غازي مسجده الجديد آنذاك.
كما عُرف لاحقاً باسم جامع البازار لوقوعه في سوق البازار المجاور لأهم أسواق المدينة مثل سوق الصباغين والداية والعطارين والسوق «المقبي»، ويقابله من الجهة الغربية حمام البازار، ويسمى حمام العُشْر أو حمام العوافي.
يعود تاريخ بناء الجامع بحسب النقش المدون بحساب الجُمَّل على لوحة حجرية تعلو الباب الأول للحرم إلى 1240 هـ /1824م:
«عليكم بالجماعة فإنَّها لكلِّ خير جمَّاعة والعمر في قصره ساعة فاجعلوها طاعة» 1240 هجري.
وبحسب نقش آخر مدون على لوحة حجرية أخرى تعلو الباب الثاني للحرم:
«اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي، من سمع النداء ولم يجب فلا صلاة له إلا من عذر، من صلى الصبح حاضراً فهو في ذمة الله» 1240 هجري.
ولا يوجد في اللوحات الجدارية ما يشير إلى اسم الباني، وإنما عبارات دينية تحض على الصلاة، وتدعو إليها، وربما أنشئ بجهد شعبي من دون أن يتبناه حاكم أو ينفق عليه.
أجريت إصلاحات في سنة 1291هـ/1874م وعمليات ترميم سطحية عديدة، كان آخرها في ثمانينيات القرن العشرين على يد أحد الوجهاء، وشملت العملية الترميمية واجهة المسجد وبعض جدرانه الداخلية.
وهو يشبه بهندسته الجامع الجديد السليماني إلا أنه خالٍ من القباب، ولا زخرفة فيه. وباستثناء اللمسات الفنية البسيطة على مدخله الخارجي والمئذنة التي تعلوه؛ فالمسجد يتألف من حرم كبير يجاوره صحن صغير مرصوف بالحجارة.
للجامع مدخلان معقودان: غربي وجنوبي يفضيان إلى صحن المسجد الذي هو فسحة سماوية غير منتظمة مكشوفة غطيت حديثاً بألواح التوتياء لوقاية المصلين شمس الصيف ومطر الشتاء، ويتبع صحن الجامع من الجهة الشرقية فسحتان سماويتان مكشوفتان. ويوجد في الجهة الشمالية للصحن غرفة مسقوفة بعقود حجرية، ولها بابان قبلي وشرقي، تستعمل حماماتٍ للجامع، يتوصل إليها عبر ممر طويل، ويجاوره إلى جهة الغرب سلم حجري يصعد منه إلى سطح الجامع والمئذنة.
جامع البازار من الجهة الغربية الجنوبية | جامع البازار من الجهة الغربية |
ويأخذ حرم الجامع شكلاً شبه مربع مسقف بست قبوات حجرية متصالبة ترتكز أرجلها على عمودين في الوسط وعلى الجدران للخارج، ويتوسط المحرابُ الجدارَ الجنوبي داخل كتلة جدارية بارزة عن حنية رأسية خالية من الزخارف تنتهي من الأعلى بشكل قبة نصف دائرية. يتم الدخول إلى حرم الجامع من أربعة أبواب؛ ثلاثة منها في الواجهة الشمالية والرابع في الواجهة الشرقية. وتتوزع على جدرانه أربع عشرة نافذة كبيرة سفلية وثلاث نوافذ صغيرة علوية موزعة على الشكل التالي: في الجدار الغربي ست نوافذ كبيرة مستطيلة الشكل مغشاة بحديد للحماية تطل على الطريق وواحدة صغيرة علوية. وفي الجدار القبلي أربع نوافذ سفلية مستطيلة كبيرة مماثلة لنوافذ الجدار الغربي، اثنتان منها على يمين المحراب، واثنتان على يساره. تعلوها على الجدار نفسه ثلاث نوافذ صغيرة معقودة. وفي الجدار الشرقي أربع نوافذ مستطيلة تطل على الممر الواصل بين المدخل الشمالي والصحن.
جامع البازار - اللوحة الكتابية | جامع البازار - زخارف فوق المدخل |
مئذنة الجامع متوسطة الارتفاع، ذات جسم دائري تستند إلى قاعدة مربعة فوق المدخل الغربي. زواياها العليا مشطوفة بهدف تسهيل التحول إلى البدن الدائري المصمت الذي ينتهي للأعلى بشرفة دائرية بارزة ذات درابزين ورفرف (مظلة) من الخشب تلتف حول بدن دائري أصغر ينتهي من الأعلى عند رأس المئذنة بشكل قبة حجرية صغيرة. ويوجد بجانب القاعدة المربعة لهذه المئذنة فوق كتلة المدخل الغربي ساعة شمسية (مزولة) مميزة بجمالها ودقة صنعها، فهي من الحجر ذات ظل منكوس منصوبة ومرسومة على بلاطة مستطيلة من الرخام مثبت عليها شاخص مائل يمكن بوساطته التعرف ساعات النهار، وهو قضيب حديدي يقع ظله كل ساعة على خط معيّن من مجموعة خطوط منقوشة على سطح المزولة توافق ساعات النهار، وهي خالية من اسم صانعها وتاريخ الصنع.
جامع البازار - المئذنة |
ويتسع المسجد إلى 400 مصلّ تقريباً، وتقام فيه حلقات تحفيظ القرآن الكريم والذكر.
ومن مشايخ هذا الجامع الشيخ العالم الأزهري الفقيه الحنفي «صدِّيق الريس»؛ وكان خطيب المسجد، ومنهم أيضاً العارف بالله «الشيخ يحيى بستنجي».
مراجع للاستزادة: - ياسر صاري، صفحات من تاريخ اللاذقية، سلسلة بلادنا (2) (منشورات وزارة الثقافة، دمشق 1992). - هاشم عثمان، الأبنية والأماكن الأثرية في اللاذقية (منشورات وزارة الثقافة، دمشق 1996). |
- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد الثالث مشاركة :