باب ذراع (موقع)
Bab al-Dhra' - Bab al-Dhra'

 باب الذراع

باب الذراع (موقع -)

 

  

 يقع باب الذراع Bab al- Dhra جنوب شرقي البحر الميت في الأردن، ويقوم على سطح مروحة طميّة (فيضية) تكونت من ترسبات وادي الكرك. ينخفض هذا الموقع عن سطح البحر بما يقارب 240م. يشتمل الموقع على قرية محاطة بسور حجري ومستوطنة صغيرة تمتد باتجاه الجنوب والشرق ومقبرة واسعة في جنوبي الموقع.

تعود أعمال التنقيب والتحري الأثري في الموقع إلى العشرينيات من القرن الماضي حينما قام وليم أولبرايت[ر] W. Albright من المعهد الأمريكي للأبحاث الشرقية عام 1924م بأعمال الحفر واعتقد أن الموقع يمثل معبداً. أجريت لاحقاً في 1965-1967م حفريات من قبل دائرة الآثار الأردنية تحت إشراف بول لاب P.Lapp، وشملت هذه الحفريات منطقة المقبرة وكذلك فتح بعض مجسات السبر الاختبارية داخل القرية المسورة. وفيما بعد أدت حفريات توماس شوب T. Schaub- التي قام بها باشراف من «بعثة سهل البحر الميت» في الأعوام 1975-1981م- إلى كشف المزيد من الأبنية، فقد استظهرت بقايا معبدين وبناءً إدارياً في جنوب شرقي الموقع، فضلاً عن السور الضخم الذي تم تحديد تأريخه من العصر البرونزي القديم الثاني. ويعد السور- الذي تجاوز عرضه سبعة أمتار عند مستوى القاعدة - من أقدم التحصينات الدفاعية الموجودة في منطقة الأغوار الجنوبية خلال مرحلة العصر البرونزي القديم (3300-2000ق.م)، وقد أُنشئ هذا السور لحماية القرية السكنية التي بلغت مساحتها نحو 4.5 هكتار.

مخطط أحد الأضرحة
من مرحلة البرونز القديم الأول 1
الخريطة الجغرافية لموقع باب الذراع

تمثل هذه المرحلة أهم مراحل الاستيطان في الموقع وأوسعها، إذ أحاط السور الضخم خلالها بعدة وحدات سكنية وصناعية، وتم العثور على كسر فخارية في تلك الوحدات البنائية ترجع إلى العصر البرونزي القديم بحسب رأي المنقبين. بيد أن أهمية الموقع تكمن في المقبرة التي تعد من أغنى المقابر في المنطقة وأطولها استعمالاً، ذلك أن الأضرحة المكتشفة تقدم صورة وافية عن تنوع أنماط المدافن في المنطقة وتطورها، ومن بين هذه الأضرحة ما يعرف باسم «الأضرحة البئرية» shaft tombs، وتكون بشكل تجويف عمودي مقطوع في الصخر يتسع في قسمه السفلي ويتفرع منه تجويف أو أكثر يتم فيه دفن الموتى. وكان الضريح من هذا النوع يحتوي على عظام كثيرة لعدد من الموتى مرتبة بمعزل عن الجماجم مع مجموعة من الأواني والجرار الفخارية. وقد ساد هذا النمط في العصر البرونزي القديم الأول 1، ويعتقد أنه يمثل مدافن لجماعات من الرعاة الموسميين. أما النوع الثاني من الأضرحة فيظهر بشكل حجرات (chamber tombs)، وقد انتشر لاحقاً في العصر البرونزي القديم الأول 2. تتألف أضرحة هذا النوع من حجرة مستطيلة أو دائرية الشكل، مبنية من اللبن، وأرضيتها مرصوفة بالحصى، وفي هذه الحجرة تتكدس الجماجم والأواني الفخارية والأسلحة وبعض القطع النحاسية والبرونزية وقطع من الحلي الذهبية. في المرحلة اللاحقة- وهي العصر البرونزي القديم الثاني- توسع الموقع وغدت الأضرحة بشكل غرف مستطيلة واسعة استخدمت استخداماً مكثفاً.

يبدو أن الموقع تعرض للدمار في نهاية العصر البرونزي الثالث، وهُجر تدريجياً مع وجود دلائل على استيطان محدود في مرحلة العصر البرونزي القديم الرابع في نحو 2200ق.م. وتكتسب مكتشفات باب الذراع- مثل الفخار وبعض الأنسجة وبضعة أختام أسطوانية- أهمية خاصة؛ إذ تكشف عن تطور الثقافات المحلية في منطقة الأغوار، كما أنها توضح الصلات التجارية المتنوعة لتلك المنطقة مع مراكز حضارية أخرى في بلاد الرافدين وسورية ومصر.

نبال محيسن

 

مراجع للاستزادة:

- زيدان كفافي، تاريخ الأردن وآثاره في العصور القديمة «العصور البرونزية والحديدية» (عمّان 2006م).

-R. T. Schaub, «Bab edh-Dhura’», in Oxford Encyclopedia of Archaeology in the Near East, (ed. M. Meyers), 1997, pp. 248-251.

 

 

- التصنيف : العصور التاريخية مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق