ايلون (تل)

Aillun (Tell-) -

أيلون (تل -)

عبد المسيح بغدو

تل أيلون Tell Ailun موقع أثري يبعد 78 كم إلى الشمال من مدينة الحسكة، بالقرب من الحدود السورية - التركية، على يمين الطريق الواصل بين ناحيتي الدرباسية وعامودا. تبلغ أبعاد التل 350*350م، ويقع على ارتفاع 508 أمتار فوق مستوى سطح البحر. والموقع يتألف من قسمين رئيسين؛ الأول هو المدينة العليا التي ترتفع عن السهول المحيطة به نحو 35 متراً، والثاني يشمل المدينة المنخفضة.

تتميز المنطقة التي يقوم فيها تل أيلون في كونها سهلاً خصيباً فسيحاً يتضمن أراضي زراعية تعتمد في ريها على مياه الأمطار والآبار. وتطل على هذا السهل من الجهة الشمالية مدينة ماردين القائمة على جبال طوروس والتي تتميز بأهمية كبيرة في العصور القديمة؛ إذ كانت عقدة للمواصلات بين الشمال والجنوب.

ابتدأ التنقيب في الموقع من قبل بعثة أثرية ألمانية برئاسة أنطون مورتغات [ر] Anton Moortgat، وذلك بعد أن أنهى أعماله التنقيبية في تل الفخيرية [ر] في التاسع من شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 1956م، فقد انتقل إلى تل أيلون، وحفر فيه عدة مجسات سبر خلال ثلاثة أسابيع. وكان هدف مورتغات من مجسات السبر التي أجراها في الموقع التوصل إلى فكرة دقيقة واضحة عن تعاقب الطبقات التي تراكمت فيه، وأن يجمع من كل طبقة من اللقى الأثرية ما يكفي لمساعدته على تحديد التسلسل التاريخي للطبقات. وفي اليوم الأول من شهر تشرين الثاني/نوڤمبر عام 1956م؛ توقف مورتغات عن العمل في تل أيلون، وغادر الموقع بعد ثلاثة أيام بسبب العدوان الثلاثي على مصر.

تجدد البحث الأثري عام 2010م من قبل بعثة من معهد أكاديمية العلوم في روسيا الاتحادية برئاسة رؤوف مونشايف R. Munchaef. وتبين من خلال دراسة اللقى الأثرية المنتشرة على سطح الموقع أنه تم الاستقرار فيه أول الأمر خلال دور حلف، وذلك في الجهتين الغربية والشمالية - الغربية من التل. وقدرت مساحة الاستيطان خلال دور حلف الوسيط والمتأخر بزهاء 3 هكتارات. وافترض أن الموقع مر بمرحلة ازدهار في دور أوروك حين بلغت مساحته 16 هكتاراً، ثم تراجع السكن، وانحصر في وسط التل وفي الجهة الشرقية منه ضمن مساحة لا تتعدى 4 هكتارات خلال عصر فخار نينوى (5) في النصف الأول من الألف الثالث قبل الميلاد. وتوسعت السكنى بكثافة في مطلع الألف الثاني قبل الميلاد خلال عصر فخار الخابور لتشمل جميع أنحاء الموقع الذي صار مركزه في الجهة الشرقية من قمة التل.

منظر عام لتل أيلون

تمكن الباحثون الألمان عام 1956م من الكشف في مجس السبر I- IA في منتصف التل من الجهة الشمالية عن أجزاء من جدران مبنية من اللبن قياس اللبنة الواحدة 54.5*35.5 *6سم. وأضخم هذه الجدران وجد في الجهة الشرقية من مجس السبر I، إذ بلغ عرضه عدة أمتار. وتحت هذا الجدار وجد جدار آخر مبني من اللبن أيضاً لكنه أقل عرضاً منه. قياسات اللبنة الواحدة في هذا الجدار 54*35*7سم ويعود تاريخه إلى النصف الثاني من الألف الثالث ق.م. عثر في هذا المجس على كِسَر وأوانٍ فخارية بينت صناعتها أنها ذات تقنية عالية تم جبلها بعناية، ثم شويت حتى أصبحت قاسية، رنانة، وتحمل على سطحها خطوطاً سوداء وحمراء. ومن أبرز هذه القطع الفخارية أقداح أسطوانية الشكل وصحون صغيرة وكبيرة. وتعود هذه اللقى إلى عهد الدولة الأكادية. فضلاً عن ذلك وجدت كسر وأوانٍ فخارية (أقداح وصحون) مصنوعة من طينة صفراء فاتحة أو حمراء مزينة بنقوش بارزة، أو محززة بأشكال هندسية؛ وهي من طراز نينوى (5).

أما مجس السبر II الذي حفر في منتصف التل من الجهة الجنوبية فقد أعطى نتائج مشابهة لنتائج مجس السبر I. وعثر في هذا المجس على كسر فخارية من الطراز الأكادي بلون رمادي- أسود. وهناك أيضاً كسر فخارية أخرى ذات نقوش جميلة من طراز فخار نينوى (5).

تم التعرف في مجس السبر III-IIIA في السفح الجنوبي- الشرقي من التل إلى طبقة أثرية تضمنت كسراً وأواني فخارية ملونة ذات حجوم وأشكال مختلفة من طراز فخار الخابور. وعثر فيها على تمثال لرأس امرأة بنصف الحجم الطبيعي غير كامل مشابه لتماثيل الألف الثاني ق.م. وقد وجدت تحت هذه الطبقة طبقة أثرية أقدم احتوت على كسر فخارية سميكة لونها أصفر مائل إلى الخضرة، وأخرى سوداء تعود إلى عهد الدولة الأكادية.

رأس دمية من الفخار من تل أيلون

تأتي أهمية تل أيلون من خلال موقعه الجغرافي، ومن خلال الاكتشافات التي تحققت فيه؛ خصوصاً اللقى الأثرية التي أكدت أهميته التاريخية والحضارية في النصف الثاني من الألف الثالث ق.م؛ والنصف الأول من الألف الثاني ق.م، أي خلال العصر البرونزي المبكر الثالث والرابع والعصر البرونزي الوسيط.