آشور - أوبالط
اشور اوبالط
Ashur-uballit -
آشور - أوبالِّط
مها الأحمر
هناك ملكان آشوريان حملا اسم آشور- أوبالِّط Ashur-uballit، الذي يعني باللغة الأكادية "آشور حفظ الحياة". وهذان الملكان هما:
آشور- أوبالِّط الأول (1365-1330ق.م): جا هذا الملك بعد أن مرت الدولة الآشورية بفترة ضعف أعقبت مرحلة الدولة الآشورية القديمة. ويعدّ عهده بمنزلة بداية انتقال الدولة الآشورية إلى المرحلة الوسطى، وفي أثنا تلك الفترة واجه الآشوريون محاولات السيطرة عليهم من قبل الدولة البابلية في الجنوب؛ ودولة ميتاني[ر] في الغرب. وكانت سيطرة ميتاني على الدولة الآشورية تراوح بين القوة والضعف تبعاً للأحوال الداخلية لمملكة ميتاني نفسها. ولم يترك الآشوريون[ر] فرصة للتخلص من نفوذ ميتاني إلا استغلوها. وقد تحقق لهم ذلك في عهد الملك آشور- أوبالِّط الأول الذي يعد من الملوك الأقويا في النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد.
لكن قوة آشور واستقلالها كانا يتأثران بقوة مملكة ميتاني وضعفها. إذ كانت هذه المملكة قوة مركزية ذات تأثير واسع، واستغلت أحسن استغلال الانقسامات الداخلية التي كانت تمر بها الدولة الحثية، لكنها واجهت الضغوط المصرية في عهد تحوتمس الثالث. وشهدت العلاقات الميتانية - المصرية مرحلة من التعاون حين اعتلى عرش ميتاني الملك شوتارنا؛ وعرش الدولة المصرية الملك تحوتمس الرابع (1413-1405ق.م). فقد توافقت مصالح الطرفين، وعقدت بينهما معاهدة الصداقة التي توطدت بزواج الملك المصري بأخت الملك شوتارنا موت مويا.
استمرت هذه العلاقات الطيبة بين الدولتين الميتانية - في عهد ملكها شوتارنا- والمصرية في عهد ملكها أمنحوتب الثالث (1405 - 1367ق.م). وبقيت الأحوال كما هي في بداية حكم توشراتا الذي تولى حكم ميتاني بعد وفاة والده شوتارنا في نحو عام 1380ق.م. لكن الخطر الحثي بلغ درجة كبيرة من القوة بحيث أصبح يهدد وجود مملكة ميتاني؛ وذلك حين اعتلى الملك شوبيلوليوما (1380- 1346ق.م) العرش الحثي، وبدأ بتنفيذ مخططه الهادف إلى القضا على تلك المملكة والسيطرة على سورية. وقد نجح في ذلك مستغلاً فرصة انشغال مصر وملكها أمنحوتب الرابع بدعوته الدينية الجديدة؛ وبالتالي عدم تمكين المساعدة للملك توشراتا.
وكان المستفيد الأكبر من زوال مملكة ميتاني هو دولة آشور التي تحررت على نحو كامل من السيطرة الميتانية في عهد ملكها آشور-أوبالِّط الأول الذي جعل منها قوة كبرى بين القوى الموجودة في المشرق القديم، واستطاع تحريرها من التأثيرات الخارجية. وقد بلغت الدولة الآشورية حينذاك من القوة ما جعل ملكها آشور- أوبالِّط الأول يراسل الفرعون المصري أمنحوتب الرابع، ويطلب الذهب منه لإكمال بنا قصره في آشور واستجاب ملك مصر لمطالب الملك الآشوري، وتبادل الطرفان الهدايا الثمينة، وتخاطب الملكان فيما بينهما باستعمال كلمة أخ.
وبدأ ملك بابل بورنابورياش الثاني بالتعامل مع دولة آشور بوصفها دولة وقوة عظمى من الواجب عليه أن يغير سياسته معها. وعندما تقدم الملك آشور- أوبالِّط الأول لعقد معاهدة صداقة ورسم حدود مع الملك البابلي تقبل الملك بورنابورياش الثاني ذلك، حتى إنه طلب يد ابنة الملك الآشوري للزواج؛ فاستجاب له.
وحكم بعد آشور- أوبالِّط الأول ملوك أقويا استطاعوا توسيع نفوذ دولتهم حتى بلغت مصاف الإمبراطورية. وهذا ما مهد للانتقال إلى عصر الإمبراطورية الآشورية الحديثة في الألف الأول قبل الميلاد.
آشور أوبالِّط الثاني (612- 609ق.م): كان الهجوم الأخير على الدولة الآشورية في عام 612ق.م قد أدى إلى سقوط العاصمة نينوى بعد حصار دام طوال ثلاثة أشهر. لكن ذلك لم يكن يعني نهاية الدولة الآشورية تماماً، فقد انسحب الجيش الآشوري إلى مدينة حرّان[ر] في شماليّ سورية بقيادة أحد قواد الملك الآشوري سين-شار-اشكن، فنصب ملكاً باسم آشور-أوبالِّط (الثاني). وكان هذا القائد من أفراد العائلة المالكة الآشورية. ومع بقية الجيش الآشوري انتقلت أجهزة الدولة والإدارة إلى حرّان التي اتخذت عاصمة جديدة وأخيرة للدولة الآشورية. ولكن في عام 610ق.م جا جيش من مصر لمساعدة الآشوريين، فأسرعت الجيوش البابلية إلى حرّان. وبعد حرب قصيرة تمكن الجيش من الاستيلا على حرّان في نحو 609ق.م وانقطع ذكر آشور-أوبالِّط الثاني وقواته. وهكذا كانت النهاية الأخيرة للدولة الآشورية.
مراجع للاستزادة: - طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات، ج1 (بغداد 1973). - Amir HARRK, Assyria and Hanigalbat: A Historical Reconstruction of Bilateral Relations from the Middle of the Fourteenth to the End of the Twelfth Centuries B.C., ( New York, 1987). |
- التصنيف : العصور التاريخية - المجلد : المجلد الثاني مشاركة :