logo

logo

logo

logo

logo

البكتريا الزرقاء (الزراقم)

بكتريا زرقاء (زراقم)

Cyanobacteria -

البكتريا الزرقاء (الزراقم)

كمال الأشقر

انتشار البكتريا الزرقاء

خصائص البكتريا الزرقاء

فوائد البكتريا الزرقاء ومضارها

 

البكتريا الزرقاء cyanobacteria هي أحياء ذاتية التغذي autotrophes، تملك اليخضور (أ) chlorophyll (a)، وتقوم بعملية التركيب الضوئي الأكسجيني oxygenic photosynthesis مطلقة الأكسجين؛ ولهذا رُبطت بالطحالب، ومع ذلك يربطها بعض الباحثين بالبكتريا؛ لكونها بدائية النواة prokaryote، تفتقد العضيات الغشائية، مثل النواة ذات الغشاء النووي المثقب والجسيمات الكوندرية وبعض العضيات الأخرى التي تميز الخلية لدى حقيقيات النواة؛ وبذلك فهي ليست بكتريا تماماً ولا طحالب، إنها هلامية المظهر. لا يتغذى بها الكثير من حيوانات البحر؛ لأن بعضها يطلق السموم، وبعضها يترك رائحة غير مقبولة على الأصابع كرائحة الأسيتون. تتكاثر في معظم الحالات بسرعة عندما لا يتوفر التوازن في وسط نموها بين كميات الفسفات والنترات، أو عندما يفتقر الوسط بشدة للآزوت، تُلاحظ أحياناً في المياه النظيفة.

يطلق بعض الباحثين على هذه المجموعة من البكتريا اسم البكتريا الزرقاء المخضرة blue - green bacteria، وقد جاءت هذه التسمية من الصباغ الأزرق المخضر blue-green (cyan) الذي يُلاحظ في خلاياها. كما أُطلقت عليها تسميات أخرى مختلفة، مثل: النباتات الزرقاء cyanophytes، أو الطحالب الزرقاء المخضرة blue - green algae، أو النباتات الزرقاء بدائية النواة cyanoprocaryophyta، أو البكتريا اليخضورية الأكسجينية choloxybacteria؛ تمييزاً لها من بقية الطحالب والنباتات التي تحوي اليخضور، وتقوم بالتركيب الضوئي الأكسجيني.

إن قدرة البكتريا الزرقاء على القيام بعملية التركيب الضوئي الأكسجيني حَوَّل الغلاف الجوي المُرْجَع إلى شكل مُؤَكْسَد؛ الأمر الذي بدل أَشكال الحياة على الأرض بدرجة كبيرة، محفِّزَاً التنوع الحيوي ومؤدياً إلى شبه انقراض للمتعضيات غير المتحملة للأكسجين. ووفق نظرية التعايش الداخلي endosymbiosis theory نشأت وتطورت الصانعة اليخضورية chloroplast في النباتات والطحالب حقيقيات النواة eucaryote من سلف بكتري أزرق من خلال تعايش داخلي جرى ببلعمة خلية حقيقية النواة لا تحوي صانعة يخضورية خليةً بكترية زرقاء، لكن الخلية حقيقية النواة فشلت في هضم الخلية البكترية الزرقاء؛ فتعايشت معها وتطورت إلى صانعة يخضورية (الشكل 1)، وانتقلت في الوقت ذاته معظم جينات الخلية البكترية الزرقاء ليُعاد توضعهـا في نـواة الخلية المضيفة host cell.

الشكل (1) أصل الصانعة اليخضورية من البكتريا الزرقاء وفق نظرية التعايش الداخلي.

تطورت الجسيمات الكوندرية بالطريقة ذاتها، وقد أشارت بعض الدراسات المستحاثية إلى نشوء هذه المجموعة منذ نحو 3.2 – 45.2 مليار عام؛ وبذلك ساهمت البكتريا الزرقاء في نشوء الأحياء حقيقية النواة ذاتية التغذي، وأنتجت كتلة كبيرة من الكربون العضوي، وخفضت نسبة غاز ثنائي أكسيد الكربون في الجو؛ فأثَّرت بذلك في المناخ العام global climate. وما زالت للبكتريا الزرقاء مكانة وأهمية كبيرة؛ فهي تنتج مواد عضوية مهمة للأحياء الأخرى، كما تحقق استقراراً في التربة، وتزيد من خصوبة المياه والتربة بفضل قدرتها على تثبيت الآزوت الجوي، كما تُسرِّع من نمو بعض النباتات والفطريات من خلال التعايش معها، كما أن لبعضها دوراً مهماً في التقانات الحيوية وتطبيقاتها من خلال إنتاج مركبات ذات أهمية طبية، لكن دورها السلبي يتمثل بإنتاجها بعض السموم، خصوصاً لدى ازدهارها (الشكل 2).

الشكل (2) ازدهار البكتريا الزرقاء Cyanobacterial bloom.

انتشار البكتريا الزرقاء

تلاحظ البكتريا الزرقاء في جميع الأوساط تقريباً، كالتربة، بما فيها الترب شديدة الملوحة، والمياه العذبة والمالحة، وكذلك شديدة الملوحة، مثل النوع Aphanothece halophytica، وفي الينابيع الحارة التي قد تصل درجة حرارتها إلى
74 ºس، كما هي حال Phormidium وAstigocladus، كما تنمو على الصخور ولاسيما الرطبة بشكل رقائق حيوية biofilms، وينتشر بعضها حتى في الصحارى الباردة وفي المناطق القطبية. وتشكل جزءاً مهماً من العوالق النباتية phytoplankton، ويعيش بعضها فوقياً epiphytic على النباتات، أو على الحيوانات epizoic، أو يتعايش مع الفطريات مشكلاً الأُشن lichens، أو يتعايش مع البريويات، أو مع التريديات مثل الأزولا Azolla من السراخس المائية، ومع السيكاس Cycas من عاريات البذور، ومع غنيرا Gunnera من مغلفات البذور، ويتعايش بعضها الآخر مع الحيوانات كالإسفنجيات والمرجان.

ازدهرت البكتريا الزرقاء في ظروف الإثراء الغذائيeutrophication، وبوجود عوامل أخرى، مثل درجة الحرارة والإضاءة ودرجة نمو العوالق الحيوانية zooplanbton المفترسة، سواء كان ذلك في المياه العذبة أم المالحة؛ وتُعد الأجناس Microcystis وAnabaena  وAphanizomenon هي المسؤولة الأولى عن مثل هذا الازدهار.

ويمكن أن يتمثل ازدهار البكتريا الزرقاء بانتشار جنس واحد أو مزيج من عدة أجناس، وليس بمقدورها البقاء مزدهرة أكثر من أسبوع أو أسبوعين؛ إذ سرعان ما تزول، ويحصل ازدهار جديد ببقاء ظروف ملائمة لنموها وتكاثرها، ليحل محل الازدهار السابق. إن قدرة البكتريا الزرقاء على القيام بالتركيب الضوئي أوجد الظروف الملائمة لمجيء الأحياء الهوائية حقيقية النواة التي تقوم بالتركيب الضوئي، وحقق الظروف المناسبة لاستيطانها على اليابسة.

خصائص البكتريا الزرقاء

1- أشكالها: للبكتريا الزرقاء أشكال متنوعة، فقد تظهر بعض الأنواع بشكل خلايا مفردة (أحادي الخلية) unicellular، أو بشكل أشفاع من الخلايا نتجت من انقسام الخلايا المفردة السابقة، ومع ذلك تظهر أنواع أخرى بشكل مستعمرات مكوَّنة من خلايا عديدة محاطة بمادة مخاطية؛ وهناك أنواع أخرى عديدة الخلايا، ترتبط فيها الخلايا وجهاً لوجه لتشكل خيطاً filament له شكل الشعرة trichome، مع بقاء التواصل بين الخلايا المتجاورة في الخيط ممكناً عبر واصلات دقيقة microplasmodesmata. وقد ترتبط الخيوط بطبقة من المخاط تعرف باسم المعطف sheath أو بالسكاكر المتعددة خارج خلوية Extracellular Polysaccharide (EPS)، وقد ترتبط عدة خيوط بغلاف مخاطي عام.

يمكن أن تتمايز الخلايا ذات الأشكال الخيطية إلى نماذج متعددة:

- خلايا إعاشية vegetative cells تشكل بنية معظم خلايا الخيط، تقوم بالتركيب الضوئي وتتشكل في ظروف النمو الطبيعية.

- خلايا غير متحركة akinetes، وهي أبواغ مقاومة للظروف السيئة في الوسط، تكون ذات جدر ثخينة وغنية بالمدخرات.

- حويصلات متباينة heterocystes ذات جدر ثخينة غنية بإنزيم النتروجيناز nitrogenase الضروري لتثبيت الآزوت الجوي وتحويله إلى نشادر ، بحيث يستطيع النبات امتصاصه وتحويله إلى بروتينات وحموض نووية؛ لذلك تُستخدم مثل هذه البكتريا الزرقاء -كالنوستوك Nostoc والأنابينا Anabaena - في التسميد الحيوي لحقول الأرز مثلاً.

كما أن بعض الأشكال الخيطية تكون غير متفرعة، ويبدي بعضها فروعاً كاذبة أو حقيقية.

ويظهر الشكل (3) بعض أشكال البكتريا الزرقاء:

الشكل (3) بعض أشكال البكتريا الزرقاء.

أ- الشكل أحادي الخلية (الشكل 3-أ): تبدو الخلايا بيضوية أو كروية مثل Gloeocapsa، أو مستعمرات غير خيطية تظهر بأشكال كروية مثل Gomphosphaera، أو مكعبة مثل Eucapsis alpine، أو شبه مربعة squarish مثل Merismopedia، أو مستعمرة غير منتظمة مثل Microcystis.

ب - المستعمرات الخيطية (الشكل 3 - ب): تبدو الأفراد بشكل شعرة مثل Oscillatoria، وقد يكون الخيط مكوناً من شعرة واحدة أو عدة أشعار محاطة بغلاف مخاطي مثل Hydrocoleus، أو تكون الأشعار غير متفرعة مثل Oscillatoria، أو متفرعة Mastigocladus laminosus، وقد تبدي الأشعار فروعاً كاذبة مثل Tolypothrix.

لا تملك خلايا البكتريا الزرقاء أي أشكال سابحة، ومع ذلك قد تبدي الأشكال الخيطية حركة انزلاقية gliding تصل إلى 10 مكرومترات/ثا، كما في خيوط جنس أوسيلاتوريا Oscillatoria من خلال إفراز مواد مخاطية بشكل موجات عبر ثقوب في جدارها الخلوي، أما الأشكال العائدة للعوالق فيمكنها الطفو والغوص بمساعدة فجواتها الغازية gas vesicles.

2- بنية الخلية في البكتريا الزرقاء: تكون الخلايا الإعاشية لدى البكتريا الزرقاء كروية أو بيضوية الشكل، محاطة بجدر خلوية قاسية مغلفة في كثير من الأحيان بمادة مخاطية مختلفة الثخانة، وتتوضع إلى الداخل الأغشية البلاسمية plasmalemma والسيتوبلاسما (الهيولى) cytoplasm (الشكل 4).

الشكل (4) بنية خلية البكتريا الزرقاء

تتكون السيتوبلاسما من منطقتين: محيطية تدعى البلاسما الملونةchromoplasm، تتوضع فيها الأغشية التيلاكوئيدية thylakoids والبنى المرافقة المتمثلة بجسيمات فيكوبيلينية phycobilisomes الحاملة لأصبغة التركيب الضوئي (فيكوسيانين phycocyanin، ألوفيكوسيانين allophycocyanin، فيكوإيرثرين phycoerythrin)، إضافة إلى حبيبات الغليكوجين glycogen، ومنطقة مركزية تدعى البلاسما المركزية centroplasm، التي تتوضع فيها المادة الوراثية المتمثلة بشريط حلقي من الدنا، الذي لا تدخل في بنيته الهستونات histones. وتتوزع الجسيمات الريبية (الريباسات ribosomes) من النمط 70S في أنحاء الخلية، لكنها تكون أكثر كثافة في المنطقة المركزية حول البلاسما النووية nucleoplasm. كما تحوي خلية البكتريا الزرقاء جسيمات ضخمة، تتكون من بروتينات مختَزَنة بشكل ببتيدات متعددة polypeptides تحوي عادة حمض الأسبارتيك asparatic acid والأرجينين arginine بنسبة 1:1. وتختزن الخلية الفسفات في أجسام عديدة الفسفات polyphosphate bodies تسمى أيضاً حبيبات الفوليوتين volutin granules، كما تتوضع حبيبات عديدة الغلوكان polyglucan granules (a-granules) بين الأغشية التيلاكوئيدية في الخلايا الإعاشية التي تقوم بالتركيب الضوئي، والتي تحتوي على سكاكر تضم 14- 16 جزيئة غلوكوز تشبه الأميلوبكتين amylopectin.

تبلغ نسبة جدار الخلية قرابة 50 % من وزنها الجاف، ويتكون من ببتيدات مخاطية mucopeptides تضم حموضاً، مثل حمض الموراميك muramic acid، وحمض غلوتاميك glutamic acid، وحمض دي أمينوبيميليكdiaminopimelic، وغلوكوز أمين glucose amine، والآلانين وغيرها، الأمر الذي يقربها من بنية جدار الخلية في البكتريا السالبة الغرام، وغالباً ما يحاط الجدار من الخارج بغمد مخاطي يحمي الخلية من الجفاف، يختلف في ثخانته بحسب الأنواع، ويسهم في ارتباط الخلايا بعضها ببعض عندما تكون البنية عديدة الخلايا، كما يسهم في الحركة الانزلاقية للخلية. يكون الغمد المخاطي ملوناً، ويختلف لونه بحسب الموئل، فيكون أحمر لدى البكتريا الزرقاء النامية في الترب الحامضية، وأزرق لدى البكتريا النامية في الترب القاعدية، وأصفر أو بنياً عندما تكون التربة شديدة الملوحة ولاسيما في فترات الجفاف.

3- تثبيت الآزوت الجوي: تستطيع الكثير من أنواع البكتريا الزرقاء تثبيت الآزوت الجوي؛ لذلك تُستخدم الأنواع ذات الكفاءة العالية -وخاصة تلك التي تحوي حويصلات متباينة- في التسميد الحيوي. تنشأ الحويصلات المتباينة من تحور يصيب الخلايا الإعاشية في ظروف معينة، كانخفاض مستوى تركيز الآزوت في الخلايا. وهي خلايا ثخينة الجدار يحميها من وصول الأكسجين، تفتقد لوجود النظام الضوئي الثاني photosystem ΙΙ الذي يحرر الأكسجين، تخصصت بتثبيت الآزوت الجوي لاحتوائها على إنزيم النتروجيناز غير النوعي، كما تستطيع إرجاع مركبات غير مشبعة مثل الأستلين لتحوله إلى إتيلين وفق المعادلتين (1 و2)، والشكل (5).

الشكل (5) تثبيت البكتريا الزرقاء للآزوت الجوي في الحويصل المتباين.

فوائد البكتريا الزرقاء ومضارها

1- تقوم البكتريا الزرقاء بالتركيب الضوئي، وبالتالي تُعَدّ مصدراً مهماً للمواد العضوية وللأكسجين على الكرة الأرضية.

2- تعمل الكثير من البكتريا الزرقاء على تثبيت الآزوت الجوي، وهذا مهم جداً لدى استعمالها في التسميد الحيوي biofertilization؛ الأمر الذي يُخفض من تكاليف استخدام الأسمدة الكيميائية وآثارها الجانبية الخطرة.

3- يُستخدم بعض أنواع البكتريا الزرقاء في تغذية الإنسان بشكلها الطازج، أو بشكل حبوب دوائية كمتممات غذائية نظراً لغناها بالأملاح المعدنية والبروتينات والفيتامينات، خاصة في دول شرقي آسيا والمكسيك وإفريقيا؛ مثلاً تُستخدم أنواع جنس السبيرولينا Spirulina لعلاج سوء التغذية، خاصة في إفريقيا، حيث يُشرب عصيرها، ويُضاف مسحوق الأوسيلاتوريا Oscillatoria إلى الخبز لتحسين محتواه البروتيني، ويعد النوع Nostoc commune طبقاً مفضلاً لدى الصينيين، وقد تم تشييد الكثير من المنشآت والمصانع في دول عدة لتحقيق هذا الغرض.

4- تفرز بعض البكتريا الزرقاء صادات حيوية antibiotics تؤثر في بعض أنواع البكتريا أو الطحالب الحقيقية أو غيرها من أنواع البكتريا الزرقاء.

5- يُفرز الكثير منها سموماً يطلق عليها اسم سيانوتوكسين cyanotoxins، بعضها يسبب التهابات جلدية، كتلك التي يفرزها جنس Lyngbya، وبعضها الآخر يسبب التسمم المحاري shellfish poisoning الذي يؤدي إلى موت الكثير من الحيوانات المائية كالأسماك والمحار. وينتقل الأذى إلى الإنسان لدى وصول المياه التي تحوي أحد هذه السموم أو بعضها إلى جهازه الهضمي، أو عند تناوله حيواناً بحرياً ملوثاً بتلك السموم كالأسماك والمحار، مسبباً ارتفاع درجة حرارة وإسهالات وآلاماً متعددة وقيئاً وحكة في الجلد والعين وظهور أعراض حساسية مختلفة. يكون الأطفال عادة أكثر تأثراً بهذه السموم من الإنسان البالغ. وترتبط التراكيز المؤثرة لهذه السموم بحدوث ازدهار الطحالب في الظروف الملائمة لنمو البكتريا الزرقاء وتكاثرها. ويبيّن الجدول (1) أمثلة للسموم التي تفرزها البكتريا الزرقاء.

البكتريا الزرقاء المفرزة للسموم

السموم المفرزة

Microcystis, Anabaena، Oscillatoria, Nostoc، Anabaenopsis

مكروسيستين

(Microcystin)

Anabaena, Aphanizomenon

آناتوكسين a

(Anatoxin-a)

Cylindrospermopsis, Aphanizomenon

سيلاندروسبيرموبسين

(Cylindrospermopsin)

Anabaena, Cylindrospermopsis, Aphanizomenon

ساكسي توكسين

(Saxitoxins)

جميعها

ليبوبولي سكاريد

(Lipopolysaccharides)

الجدول (1) بعض السموم التي تفرزها البكتريا الزرقاء

6- تستطيع البكتريا الزرقاء التعايش مع أحياء مختلفة: مع الفطريات لتشكل الأشن lichens، أو مع الطحالب، أو مع بقية النباتات كالبريويات النباتية، مثل الأنتوسيرات Anthocerotophyta. ويمكن أن تتعايش أيضاً مع بعض النباتات التريدية، كما في السرخس المائي الراقي آزولا Azolla الذي يتعايش مع الأنابيناAnabaena؛ لذلك يُوَزَّع هذا السرخس في حقول الأرز ليؤمن حاجة هذا النبات من الأسمدة الآزوتية الطبيعية من دون تكلفة. يُشكل السيكاس Cycas في عاريات البذور عقداً جذرية تؤوي خيوط النوستوك. وفي جنس Gunnera من مغلفات البذور الذي ينمو في هاواي، والذي يمتلك أوراقاً ضخمة يتشكل في قاعدتها نموات أنبوبية، يمكن أن تتعايش معها البكتريا الزرقاء (الشكل 6).

الشكل (6) تعايش نبات Gunnera مع البكتريا الزرقاء (النوستوك).

كما يمكن للبكتريا الزرقاء أن تتعايش مع بعض وحيدات الخلية الحيوانية وبعض الإسفنجيات، حيث تزودها بالسكاكر والآزوت الذي تثبته من الجو.

التكاثر

تتكاثر معظم البكتريا الزرقاء بالطرائق الإعاشية واللاجنسية، ولم يلاحظ التكاثر الجنسي عندها.

1- الانشطار الثنائي binary fission: تمثل الطريقة الشائعة في الظروف الملائمة لدى الأشكال مفردة الخلية، أو تلك التي تحيا بشكل مستعمرات، وتتم بانقسام الخلية ومكوناتها إلى نصفين ينموان ليشكل كل منهما خلية بحجم الخلية الأم (الشكل 7).

الشكل (7) التكاثر بالانشطار الثنائي في جنس Chroococcus.

2- التجزئة (التفتت) fragmentation: وهي طريقة شائعة لدى الأشكال متعددة الخلايا ولاسيما تلك التي تأخذ شكل مستعمرات مثل جنس Merismopedia (الشكل 8).

الشكل (8) التكاثر بالتفتت في جنس Merismopedia.

3- التشكّل السلسلي (هورموغونيا) hormogonia formation: تعد نمطاً من أنماط التجزئة، تتم هذه الطريقة لدى الأشكال الخيطية، حيث يتجزأ الخيط إلى عدة قطع تتكون كل منها من 5-15 خلية، تدعى بالأبواغ السلسلية hormogonia أو hormospores، تستطيع أن تتحرك حركة انزلاقية، ويمكن أن تنمو كل واحدة منها لتشكل خيطاً جديداً كما في جنس Lyngbya (الشكل 9).

الشكل (9) التكاثر بتشكيل الهورموغونيا في جنس Lyngbya.

وما يحرض التكاثر بهذه الطريقة تَمَوُّت بعض خلايا الخيط لتكون بمنزلة أقراص انفصال separation disks.

4- تشكُّل الأكينيت akinetes formation: تُلاحظ لدى الأشكال الخيطية في الظروف غير الملائمة، وهي أبواغ ساكنة مقاومة وأكبر حجماً من الخلايا الإعاشية، ذات جدر ثخينة، غنية بالمدخرات الغذائية، تنتش عند عودة الظروف الملائمة لتشكل خيوطاً جديدة، ويغزر تشكل تلك الأبواغ في نهاية فصل النمو (الشكل 10).

الشكل (10) التكاثر لدى جنس Anabaena بتشكّل الأكينيت.

5- تشكُّل البايوسيت baeocytes: وهي أبواغ داخليةendospores، تتشكل لدى الكثير من أفراد رتبة Pleurocapsales نتيجة لانقسام الخلايا الإعاشية (الشكل 11).

لم يلاحظ التكاثر الجنسي عند البكتريا الزرقاء، ولكن تم تسجيل بعض التعديلات الوراثية كما هي الحال في بعض الأنواع، مثل Cylindrospermum majus  وAnacystic ridulans.

الشكل (11) التكاثر بتشكُّل البايوسيت baeocytes لدى بعض أفراد رتبة Pleurocapsales.

تصنيف البكتريا الزرقاء وأمثلة منها

لم يتفق الباحثون على تصنيف البكتريا الزرقاء: بعضهم وضعها في أقسام، وبعضهم الآخر وضعها في رتب يختلف عددها بحسب الباحثين. وقد اعتمدوا في الماضي لدى تصنيف هذه المجموعة على خصائص وميزات شكلية، كالبنية الإعاشية على سبيل المثال لا الحصر، على حين اعتَمَدت التصانيف الحديثة على الطرائق الجزيئية التطورية، ولكن ذلك لا يخلو من بعض الإشكالات التي تتمثل أحياناً بعدم وجود توافق تام بين الرتب التقليدية والفروع التقسيمية المبنية على الطرائق الجزيئية التطورية، على الرغم من وجود توافق في أحيان أخرى. وعلى سبيل المثال يتماشى أحد فروع البكتريا الزرقاء الذي يُشكِّل حويصلات متباينة وأبواغ الأكينيت مع الرتبة التقليدية المسماة Nostocales، إذ تبين أن أفرادها وحيدة المنشأ. وبالمقابل لوحظ أن البكتريا الزرقاء الخيطية التي تفتقد الحويصلات المتباينة، وتنتمي تقليدياً إلى رتبة Oscillatoriales لا تشكل خطاً تطورياً مميزاً من الأشكال وحيدة الخلية والأشكال التي تأخذ شكل مستعمرات. كما تبين أن الأشكال الخيطية المتفرعة والمزودة بحويصلات متباينة والتي تُعرف تصنيفياً بتحت رتبة Stigonematales متعددة المنشأ التطوري polyphyletic.

بالنتيجة اعتمد دليل "برجي" الحديث Bergey’s Manual حول تصنيف البكتريا الزرقاء بوضعها في خمسة تحت أقسام أكثر مما اعتمد وضعها ضمن رتب orders تقليدية. كما أشارت الدراسات الجزيئية إلى أن البكتريا الزرقاء التي ظهرت أولاً لم تكن مثبتة للآزوت الجوي ولكن ربما كانت متحملة للحرارة. يظهر الشكل (12) الفروع المنشئية التطورية لمجموعة البكتريا الزرقاء، حيث يوضح وضعها في ثلاث مجموعات رئيسة من الفروع:

1- فروع تضم الأشكال مفردة الخلية وعديدة الخلايا والمستعمرات والأشكال الخيطية التي تفتقد وجود خلايا متخصصة.

2- فروع تضم الأشكال الخيطية التي تمتلك خلايا متخصصة وتفتقد وجود تفرعات حقيقية true branching.

3- فروع تضم الأشكال الخيطية ذات التفرعات الحقيقية.

الشكل (12) الفروع المنشئية التطورية للبكتريا الزرقاء.

يمكن تقسيم الفروع السابقة (الأشكال 3 و7 و8 و9 و10 و11) كما يأتي:

- الأشكال مفردة الخلية والمستعمرات التي تفتقد وجود خلايا متخصصة: من الأجناس التي تنتمي إلى هذه المجموعة: Synechococcus ،Prochloron، Prochlorococcus، Chroococcus، Gloeocapsa، Aphanocapsa، Aphanothece، Merismopedia، Microcystis، Coelosphaerium.

- الأشكال الخيطية التي تفتقد لوجود الأبواغ والحويصلات المتباينة والأكينيت: من الأجناس التي تنتمي إاى هذه المجموعة: Prochlorothrix، Oscillatoria، Trichodesmium، Spirulina، Microcoleus.

- البكتريا الزرقاء المنتجة للأبواغ الخارجية Exospores: مثل Chamaesiphon .

- البكتريا الزرقاء المنتجة للأبواغ الداخلية Endospores أو ما يسمى أبواغ البايوسيت Baeocytes: مثل جنس Chroococcidiopsis، Pleurocapsa .

- البكتريا الزرقاء الخيطية المنتجة لحويصلات متباينة وأبواغ الأكينيت، والتي يمكن أن يشكل بعضها فروعاً كاذبة: مثل Nostoc، Anabaena، Aphanizomenon، Cylindrospermum، Cylindrospermopsis، Tolypothrix، Scytonema، Gloeotrichia.

- البكتريا الزرقاء الخيطية ذات الفروع الحقيقية: مثل Stigonema.

مراجع للاستزادة:

- كمال الأشقر، الطحالب، جامعة دمشق، 2011 .

- L. E. Graham, J. M. Graham, and L. W. Wilcox, Algae. Pearson Education، Inc, 2009.

- T. H. Nash, Lichen Biology. ، Cambridge University Press, 2008.

- K. P. Talaro, Foundations in Microbiology. McGraw-Hill, 2008.

 


التصنيف : علم الحياة (البيولوجيا)
النوع : علم الحياة (البيولوجيا)
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1041
الكل : 58491735
اليوم : 64249

الآثار الكهرحرارية

أصول المحاكمات   أصول المحاكمات la procédure تعبير يطلق على مختلف القواعد المتعلقة بتحديد الاختصاص القضائي ورفع الدعوى وسيرها أمام المحاكم والطلبات والدفوع التي تقدم في أثنائها، والأحكام التي تصدر بشأنها وطرق الطعن بهذه الأحكام، وتنفيذها. ولهذه القواعد أثرها في زيادة المعاملات وتنشيط الحياة الاجتماعية في المجتمع لأنها من العوامل المهمة في استقرار المعاملات بين الناس وفي اطمئنانهم على حقوقهم، كما أنها تؤدي إلى ضمان وصول الحق إلى صاحبه من غير مشقة ذاتية ولا كبير عناء مما يقوي الائتمان ويزيد الضمان.
المزيد »