logo

logo

logo

logo

logo

البلازما (مسرعات-)

بلازما (مسرعات)

-

البلازما (مسرّعات-)

فوزي عوض

 

 

مسرِّعات البلازما Plasma accelerators هي مسّرعات جسيمات مشحونة تحقن في داخلها لتخرج بسرعٍ عالية وبالتالي طاقة عالية. قد تكون تلك الجسيمات المشحونة جزءاً من البلازما؛ إذ إن البلازما مزيج من الإيونات المشحونة الموجبة والسالبة بما فيها الإلكترونات، وقد تحتوي أيضاً على ذرات معتدلة كهربائياً. وبالتالي، يمكن بتطبيق حقول كهربائية أن تسرَّع البلازما أولاً، لتشكل تيارات كهربائية من الإيونات الموجبة تسير في اتجاه معين؛ وتيارات كهربائية من الإلكترونات والإيونات السالبة تسير في الاتجاه المعاكس، لتؤثر فيها حقول مغنطيسية أو كهرطيسية تزيد من سرعتها.

صُممت في بادئ الأمر محركات تعمل بالبلازما plasma engines تستفيد من البلازما المسرَّعة الداسرة الخارجة من المحركات لتعطيها الدفع اللازم فيما يسمى الداسر البلازمي plasma thruster. ويعدّ المحرك البلازمي أحد أنواع المحركات الإيونية التي اقترحها عالم الصواريخ الأمريكي غودارد Robert Goddard عام 1906 لاستعمالها في رحلات الفضاء، ومع أن قوة الدسر thrust فيها منخفضة مقارنة بقوة دسر محركات الصواريخ العاملة بالاحتراق (كيميائياً)، فإن إمكان إيصال الإيونات إلى سرع عالية يجعل تلك المحركات ذات مردود أفضل عندما تؤخذ نسبة كتلة الوقود إلى كتلة المحرك في الحسبان ليعرّف الزخم (الدفع) النوعي specific impulse الذي هو سرعة خرج الوقود الداسر مقسوماً على تسارع الجاذبية الأرضية ؛ إذ إن الاستطاعة المنقولة إلى البلازما تتناسب طرداً مع مربع السرعة، في حين أن الزخم يتناسب مع السرعة تناسباً خطياً، لهذا كانت بواكير استعمال المحركات الإيونية والبلازمية في الرحلات الفضائية، وكان مردودها من. وقد استعمل لتسريع الإيونات حقول كهربائية ساكنة تستفيد من قوة كولون (كولوم Coulomb)، كما استعمل للتسريع حقول كهربائية ومغنطيسية معاً كما في داسر هول Hall effect thruster الذي يعتمد أثر هول أو حقول كهرطيسية راديوية تجاوبية. غير أن أول داسر إيوني أطلقته الولايات المتحدة الأمريكية إلى مدار في الفضاء كان في ستينيات القرن الماضي NASA Solar Technology Application Readiness (NSTAR) (الشكل 1)، وتظهر في وسط الشكل البلازما الخارجة بزخم من المحرك بعد تسريعها على هيئة سحابة مضيئة.

وقد تبين بعد ذلك أنه يمكن أن تستعمل البلازما نفسها في تسريع الجسيمات المشحونة داخلها سواء الموجودة سلفاً أو المحقونة ضمنها؛ اعتماداً على الخواص الجمعية للبلازما المؤلفة من أمواج، مع تأثير اختلاف الكتلة بين مكوّنات البلازما، ما يعطيها تأثيراً مهماً في تصميم مسرعاتها.

الشكل (1) داسر إيوني أطلقته ناسا استطاعته 2.3 كيلو واط.

يتطلب تصميم المسرِّع أو الداسر في البدء الحصول على منبع بلازما ثم تحريك البلازما، وقد يحصل الأثران معاً بتطبيق نبضة ليزرية أو نبضة من حزمة إلكترونية موجهة نحو بخار أو غاز. يعتمد التسريع بالبلازما عموماً على فكرتين رئيسيتين هما: حقل أثر المخر wakefield ومحفز قوة الجَمع العميقة ponderomotive force، ويستعمل كلاهما في المجال اللاخطي؛ إذ أطلق مصطلح أثر المخر في البدء على ما يخلفه قارب أو متحرك في الماء أو المائع عندما تكون سرعته بالنسبة إلى المائع صغيرة فيأخذ شكل القارب في المقدمة لكنه يعود ليلتقي بسلاسة كخطوط متلاقية بعد ابتعاد القارب، غير أن هذا الأثر يصبح إعصارياً خلف القارب إذا زادت سرعة المتحرك بالنسبة إلى المائع؛ وهذه ظاهرة لا خطية. ويعدّ القارب منبع الأمواج الظاهرة في المائع، وعندما تزداد السرعة تصبح هذه الأمواج أشبه بموجة الصدم الناتجة عند تجاوز الطائرة أو الصاروخ سرعة الصوت. إن الوسط المستعمل للتسريع في مسرعات البلازما هو البلازما وما يقوم مقام القارب نبضة ليزرية عالية الشدة أو دفقة من الإلكترونات عالية الاستطاعة.

أما محفِّز قوة الجمع العميقة فهو قوة يخضع لها جسيم مشحون متحرك في حقل كهرطيسي مهتز غير متجانس، لذلك يؤدي تدرج الحقل دوراً بارزاً في تعيين قيمة القوة، وتعطى معادلة الحركة بعد اختصار بعض المعاملات بالمعادلة (1):

حيث: سعة الحقل المتغيرة العالية نسبياً، و تواتره و موقع الجسيم.

وإذا وجد تباين بين سرعة تغير هذه السعة وتواتر الحقل؛ يمكن أن تجزّأ المسألة إلى جزأين: الأول تغيرات انجرار بطيئة وتغيرات سريعة كما بالمعادلة (2):

ثم البحث عن حلّ المعادلة بافتراض: وكذلك، ليمكن التوصل إلى العلاقة التي تعطي القوة المحفِّزة العميقة في أبسط الحالات كما في المعادلة (3):

حيث كتلة الجسيم المشحون و شحنته و سعة الحقل الكهربائي المهتز وتشير إلى التدرج، ويلاحظ أن هذه القوة لاخطية.

يمكن فهم آلية ظهور هذه القوة بالنظر إلى حركة الجسيم ضمن الحقل المهتز، ففي حالة الحقل المتجانس يعود الجسيم إلى موقعه عند نهاية دورة اهتزاز كاملة للحقل الكهرطيسي. أما في حالة حقل غير متجانس فثمة قوة يخضع لها الجسيم في مدة نصف الدورة الأولى التي يقضيها في منطقة سعة اهتزاز عالية متجهة نحو منطقة سعة الحقل الضعيف، وهي أكبر من القوة التي يخضع لها عندما يجتاز منطقة الحقل الضعيف.

يعدّ مختبر Stanford Linear Accelerator Center (SLAC) أول من تحقّق عملياً في عام 2007 من وجود إلكترونات تضاعفت طاقتها مرتين على مدى أقل من متر عندما وُجهت دفقة مرصوصة رصّاً جيداً من الإلكترونات المسرّعة في المسرِّع الخطي المتوفر لدى المختبر، وكانت طاقتها قرابة ، نحو أنبوب طوله 84 سم مملوء بغاز الليثيوم، فصرفت الطاقة الهائلة التي تحملها الدفقة في البدء إلى تشكيل البلازما، ومع تقدم الحزمة خضعت إلكترونات مقدمة الحزمة لدفعٍ عالٍ جداً من الإلكترونات المتحررة بسبب شحنتها السالبة، مما جعلها تجري إلى الوراء محدثة أثرَ مخرٍ من الشحنات السالبة، لكن البروتونات والإيونات الموجبة الأثقل منها بقيت بالقرب من المقدمة فجعلت هذه المنطقة موجبة الشحنة، مما ولّد أمواجاً. وبالمقابل ركبت بعض إلكترونات مؤخرة دفقة مخر الشحنة السالبة فتحركت متسارعة نحو منطقة الشحنة الموجبة - كما يفعل راكبو الأمواج - لتصل طاقتها قرابة ؛ أي أكثر من ضعف طاقتها عند الدخول. يمثل الشكل (2) ترتيباً مماثلاً، لكنه استعمل بخار الليثيوم الناتج بالتسخين.

الشكل (2) إلكترونات تركب أمواج البلازما لتتسارع.

تُصنَّف مُسرِّعات البلازما وفق النوع المسبِّب لموجة البلازما النبضية التي تقوم بالتسريع بشكل رئيسي إلى الأنواع الآتية:

1- مسرعات أثر مخر الدفقة الإلكترونية electron beam plasma wakefield accelerators، التي جرى تحسينها حتى وصلت طاقة الإلكترونات المسرعة عشرات الغيغا إلكترون فولط.

2- مسرعات أثر مخر النبضة الليزرية laser wakefield accelerators التي تؤثر في البلازما بصورة مشابهة لتأثير الدفقة الإلكترونية، لكن الحقل الكهرطيسي عالي الشدة الناتج من النبضة القصيرة الأجل (من مرتبة البيكوثانية) والمركزة بؤرياً focused هو الذي يكوّن البلازما ويحركها ويسرِّع الإلكترونات المحقونة أو الجسيمات المشحونة حتى تصل إلى سرعات نسبية قريبة من سرعة الضوء، ويفضل أن تكون مدة النبضة من مرتبة دور البلازما حيث: تواتر البلازما.

3- مسرعات أثر مخر الليزر المعدّل ذاتياً self - modulated الذي يعدّ من التحسينات الممكنة على هذا النوع؛ إذ تصل طاقة النبضة قيماً عالية جداً وقصيرة جداً بحيث تسرع وتصطاد بعض مكونات البلازما نفسها ثم تسرعها؛ إذ يجب أن تتجاوز استطاعة الليزر عتبة الاستطاعة اللازمة ذاتية التركيز البؤري self - focusing البالغة (المعادلة 4):

حيث: تواتر الأشعة الليزرية.

4- كما ظهرت مسرعات معدّلة قنوية تسير النبضة بداخلها وتسرع فيها plasma-channel guiding، إضافة إلى تشكيلات أخرى. وقد سمح الترتيب الأخير الحصول على حزمة متجانسة منتظمة عرضياً .

تنجم التطبيقات الرئيسية لمسرِّعات البلازما عن قصر طول هذه المسرعات مقارنة بالمسرِّعات المستعملة حالياً؛ بسبب التدرج العالي لحقل الليزر في البلازما أو الناتج من التأثير اللاخطي لحزمة الجسيمات المشحونة في البلازما، وهذا يتيح استعمال المسرعات ليس فقط لأغراض بحثية بل يتعداه إلى استعمالات في الطب والصناعة مثل المعالجة بالحزم الإلكترونية. على سبيل المثال ثمة مسرع قيد التجربة يستطيع تسريع إلكترونات حتى قرابة ضمن مسافة 3.3 سم؛ فهو بذلك سيحل محل المسرعات الراديوية RF accelerators المستعملة حالياً. أما في حالة المحرِّكات أو الدواسر البلازمية فإن كبر تأثير الزخم الناتج من كتلة معينة هو ما يجعلها مفضلة مقارنة بالدواسر الكيميائية الاحتراقية.

مراجع للاستزادة:

- R. A. Carrigan Jr. and J. A. Ellison, Relativistic Channeling, Nato Science, Series B, 2010.

- D. M. Goebel, I. Katz, Fundamentals of Electric Propulsion: Ion and Hall Thrusters, California Institute of Technology, JPL Space science and Technology series, 2008.

- F. Ferroni, L.AGizzi, R.Faccini, Laser-Plasma Acceleration, Enrico Fermi, 2012.

- M. R. Islam, S. Cipiccia, B. Ersfeld, A. Reitsma, J. L. Martin, L. Silva, D. A. Jaroszynski, Electron Self-Injection and Radiation in the Laser Plasma Accelerator, Nato Science Series II: Mathematics, Physics and Chemistry, 2006.

 


التصنيف : الكيمياء والفيزياء
النوع : الكيمياء والفيزياء
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1045
الكل : 58491323
اليوم : 63837

أثر باشن ـ باخ

تقع المدرسة الأحمدية في حي الجلوم الكبرى في زقاق بني الجلبي، "جادة عبد الله سلام" حالياً أمام باب جامع البهرمية الشرقي في حلب، منطقة عقارية (7) محضر (3064). أنشأها أحمد أفندي بن طه زادة الشهير بالجلبي سنة 1165هـ/1751م وفقاً للكتابات الموجودة فوق بابيها (الخارجي والداخلي) وفوق باب القبلية.

المزيد »