logo

logo

logo

logo

logo

الإنترونات والأكسونات

انترونات واكسونات

Intron and exons - Exons et introns

الإنترونات والإكسونات

مجد الجمالي

 

يُعدّ التعبير الجيني gene expression من أهم العمليات الحيوية في الخلية، والذي يكتنف ترجمة أقسام من المتواليات النوكليوتيدية المكوِّنة لجزيئات الدنا DNA في الخلية إلى بروتينات وظيفية مروراً بعملية الانتساخ transcription التي يتم بموجبها صنع جزيئات الرنا المرسال (mRNA) messenger RNA. ويُطلَق على ما سبق كله تعبير المسلَّمة الجزيئية المركزية central molecular dogma (الشكل1).

الشكل (1): أ. المسلَّمة الجزيئية المركزية؛ يتم انتساخ دنا الخلية إلى رنا مرسال الذي يخضع لعدة تعديلات منها تضفير الإنترونات ودمج الإكسونات بعضها مع بعض لتعطي الرنا المرسال الناضج الذي يُرمِّز الحموض الأمينية المكوّنة للبروتين. ب. رسم تخطيطي يبيّن مطابقة كل من الرنا المرسال الناضج (الأحمر) والأولي (الأزرق) خلال عملية الانتساخ، إذ تبرز عدة إنترونات يتم تضفيرها لاحقاً.

يضم دنا الجين gene مناطق نشيطة تسمى إكسونات exons (من الإنكليزية expressed region) تعمل على الترميز، ومناطق خاملة تسمى إنترونات introns (من الإنكليزية intrageneic region)، والإنترونات (أو المُتواليات الاعتراضية intervening sequences) الموجودة فقط في جزيئات دنا حقيقيات النواة eukaryotes،؛ هي متواليات القواعد النتروجينية الواقعة بين الإكسونات، والتي هي متواليات الدنا المسؤولة عن ترميز الحموض الأمينية في الجين . تُشفِّر الإكسونات والإنترونات مجتمعةً جزيئات الرنا المرسال الأوّلي pre mRNA، وتشكّل إنترونات العديد من الجينات أكثر من 90 % من طول الرنا المرسال الأولي للجين الذي يخضع لاحقاً لعملية تضفير splicing لمتواليات الإنترونات وإلى دمج الإكسونات بعضها مع بعض للحصول على الرنا المرسال الناضج mature mRNA المرمِّز إلى البروتينات في الخلية الحيّة (الشكل1). يحتوي على ما يقارب من 94 % من جينات حقيقيات النواة على إنترونات، وتصنَّف من حيث بنيتها في مجموعتين رئيستين I و II تملك كلٌّ منهما القدرة على تحريض تضفيرها الذاتي self-splicing باعتمادها على فعالية إنزيمية ذاتية تعرف بالريبوزيم ribozyme. إضافةً إلى ذلك يعتمد العديد من الإنترونات على معقَّدات بروتينية ريبونوكليوتيدية تسمّى الجسيمات المضفِّرة spliceosomes، والتي تقوم بالعثور على عناصر ناظمة regulatory elements مؤلَّفة من تتاليات نوكليوتيدية متوضِّعة في كل من الإنترونات والإكسونات، ومن ثم تقوم بتضفير الإنترونات من الرنا المرسال الأولي كإحدى عمليات التعديل التالية للانتساخ
post-transcriptional modifications (الشكل 2).

الشكل (2): تضفير الإنترونات من الرنا المرسال الأولي لإعطاء الرنا المرسال الناضج

على الرغم من اكتشاف وجود الإنترونات منذ أكثر من ثلاثة عقود مضت- وتحديداً عام 1977- فإن كثيراً من الغموض ما يزال يكتنف كلاً من منشئها ووظائفها. وقد اعتمدت أولى النظريات على أن متواليات نوكليوتيدية مفروقة trans خارج خلوية قد غزت الجينات غير المُقاطَعَة uninterrupted والمُؤَّلفة من الإكسونات المتصلة بعضها ببعض. كما برزت عدة فرضيات بديلة قد تسهم في حل لغز منشأ الإنترونات، من أهمّها عدّ الإنترونات بمنزلة عناصر قافزة (ينقولية) transposable elements مقرونة أو مفروقة Cis- or Trans- مصدرها متواليات موجودة في جزيء الدنا النووي ذاته تنتقل إلى داخل الجينات لتتداخل بين الإكسونات، أو متواليات دنا المتقدّرات mitochondrial DNA المنتقلة إلى جينات الدنا النووي. في حين تشير فرضية أخرى إلى أن تَشَكُّل الإنترونات هو نتيجة تضاعف بعض الجينات gene duplication وفقدان أجزاء منها دوره في ترميز الحموض الأمينية.

ومع كل ماسبق فإنّ اكتشاف بعض الوظائف المهمة التي تقوم بها الإنترونات حديثاً ربما يشير إلى أن توزعها بين الإكسونات ليس أمراً اعتباطياً تحكمه المصادفة المحضة. إذ تشارك الإنترونات المضفورة spliceosomal introns في إحدى أهم الآليات المسيطرة على التعبير الجيني، خاصّةً عن طريق التضفير البديل alternative splicing، وهو التضمين inclusion أو الاستبعاد exclusion التفاضلي لواحد أو أكثر من مكونات جزيء الرنا المرسال الأولي لإنتاج الرنا الناضج المرمّز إلى البروتين. وهكذا يمكن إنتاج عدة متماثلات بروتينية protein isoforms ذات أوزان جزيئية مختلفة انطلاقاً من الجين ذاته، وذلك نتيجة تباينٍ في عمليات تضفير الرنا المرسال الأولي. وهذا من شأنه تعظيم الاستفادة من التعبير الجيني لعدد الجينات المحدود نسبياً في الخلية لإنتاج تنوع كبير من البروتينات ذات الوظائف النوعية المختلفة. ومثال ذلك التنوع في بعض بروتينات الجهاز المناعي لدى البشر نتيجة التضفير البديل لجزيئات الرنا المرسال الأولي في الخلايا التائية والبائية. كما يترافق الخلل في التضفير الصحيح للإنترونات- نتيجة طفرات في مواقع تضفير الإنترونات intron-splicing sites أو في بعض تتاليات الإنترونات والإكسونات الناظمة لعملية التضفير أو تغيُّرات في الجسيمات المضفّرة نفسها- واضطرابات قد تكون وخيمة في إنتاج بعض البروتينات الحيوية. فقد تَبَيَّن حديثاً وجود علاقة بين الخلل في تضفير الإنترونات وسرطان الخلية الكبدية والضمور العضلي نخاعي المنشأ spinal muscular atrophy والعديد من الشذوذات المرضية الأخرى.

من جانبٍ آخر فإنّ أحد أهم تطبيقات دراسة الإنترونات يكمن في الاستفادة من ظهور متواليات الإنترونات أو اختفائها في الدراسات التطورية لخلايا حقيقيات النواة، إذ يمكن تتبّع التتالي النوكليوتيدي للإنترونات وربطه بتطور السلالات الخلوية وإنشاء شجرات التطور phylogenetic trees، وخاصّةً في ضوء الوفرة الهائلة من التسلسلات الكاملة للعديد من الجينومات الحيوانية والنباتية التي أنيط اللثام عنها في السنوات القليلة الماضية.

لا بدّ من الإشارة إلى الحاجة إلى الكثير من الدراسات لفهم آليات التضفير المعقدة، وتحديداً تلك المتعلّقة بالتغير الهيئي conformational change في بنية الإنترونات الحاصل خلال تحفيز عملية التضفير، والذي يؤدّي إلى قيام هذه الإنترونات بتضفير نفسها ذاتيّا بدقة وأمانة وتكرارية عالية. إضافة إلى ذلك فإن الإكسونات لاتحدِّد الحموض الأمينية فحسب، وإنما تحتوي ضمن تتابعاتها على علامات ضرورية لتضفير الإنترونات وإزالتها، وعلى رأس هذه المجموعة محفّزات التضفير الإكسوني (ESE) exonic splicing enhancer  .

مراجع للاستزادة:

- S.M. Berget, C. Moore, and P.A. Sharp, Spliced Segments at 5https://mail.arab-ency.com.sy/tech/details/560/3# Terminus of Adenovirus 2 Late Messenger-RNA. Proc Natl Acad Sci USA, 74:3171–317, 1977.

- C. Berasain, et al. Impairment of Pre-mRNA Splicing in Liver Disease: Mechanisms and Consequences. World J Gastroenteroly, 16(25):3091-3102, 2010.

- F. Catania, X. Gao, and D. G. Scofield, Endogenous Mechanisms for the Origins of Spliceosomal Introns. Journal of Heredity, 100(5):591–596, 2009.

- A. House and K.W. Lynch, Regulation of Alternative Splicing: More Than Just the ABCs. J. Biological Chemistry, 283(3):1217–1221, 2008.

- M. Irimia and S.W. Roy, Spliceosomal Introns as Tools for Genomic and Evolutionary Analysis. Nucleic Acids Research, 36(5):1703–1712, 2008.

- D.V. Mourich and P.L. Iversen, Splicing in the Immune System: Potential Targets for Therapeutic Intervention by Antisense-Mediated Alternative Splicing. Curr Opin Mol Ther., 11(2):124-32, 2009.

- H. Nielsen and S.D. Johansen, Group I Introns; Moving in New Directions. RNA Biology, 2009.

- N. Toor, K.S. Keating, and A.M. Pyle, Structural Insights into RNA Splicing. Curr Opin Struct Biol. 2009.

- A.J. Ward and T. A. Cooper, The Pathobiology of Splicing. J .Pathology, 220(2):152–163, 2010.


التصنيف : الوراثة الجزيئية
النوع : الوراثة الجزيئية
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1040
الكل : 58491905
اليوم : 64419

أثر زيمان

إِبيروس   مقاطعة في شمال غربي اليونان تجاور كلاً من تسالية ومقدونية وتراقية وتفصلها عن تسالية سلسلة جبال البندوس الكلسية التي تمتد من الشمال الغربي إِلى الجنوب الشرقي, وتدعى في اليونانية إِبيروس Epiros ومنها اسمها بالإِنكليزية Epirus وبالفرنسية Epire ويذكر هوميروس أن اسمها يعني «الأرض الصلبة» وهي تتصل بجنوبي ألبانية. وتغطي سلاسل الجبال الكلسية الضخمة التي قد ترتفع إِلى 2600م جزءاً كبيراً من سطحها, وتخترقها الوديان الضيقة العميقة الجميلة. بينما تمتد السهول الفسيحة والمروج في المنطقة الشمالية.
المزيد »