logo

logo

logo

logo

logo

الإرباع الزراعي

ارباع زراعي

Vernalization - Vernalisation

الإرباع الزراعي

رامي كف الغزال

 

 إرباع النبات أو الارتباع  Vernalization (التنشيط بالبرد أو تسريع الإزهار) هو تعريض البذور أو الحبوب أو البادرات الصغيرة - طبيعياً أو صنعياً- إلى درجات حرارة أعلى من الصفر المئوي مدةً محددة؛ إذ تتطلب النباتات الخريفية (التي  تزرع في الخريف، وتنضج في الصيف) في مرحلة البادرة درجات حرارة منخفضة مدة معينة، فالشوفان مثلاً يحتاج إلى 2 -  5س˚ مدة 10-15 يوماً، في حين تتطلب النباتات الربيعية (التي تزرع في الربيع، وتنضج في أواخر الصيف وأوائل الخريف) في المرحلة المذكورة أيضاً درجات حرارة مرتفعة مدة معينة، فمثلاً تحتاج الذرة البيضاء إلى درجة حرارة 21-  25س˚ مدة 6-7 أيام.

من المعروف أنه عند الإرباع يقوم النبات بتشكيل الأزهار، لذا فإن عدم تعريض النباتات لدرجات الحرارة المناسبة مدة كافية قد يؤدي إلى عدم الإزهار أو نقصانه؛ ومن ثم انعدام الإنتاج أو انخفاضه.

يبدأ النمو الخضري لدى النباتات الحولية التي تنمو في المناطق المعتدلة في الربيع، وتنمو الأزهار في الصيف، ومن ثم تنتج الثمار والبذور في الخريف، وبالتالي فإن تأثير درجة الحرارة في إزهار  النباتات الحولية يكون ثانوياً، ويكون التأثير الأساسي للضوء، حيث يكون تأثير الحرارة في عمليات الاستقلاب أشد من تأثير تحفيز الإزهار. أما في النباتات ذات الحولين مثل الشوندر السكري الذي يعطي في العام الأول نمواً خضرياً فقط، وينتج الأزهار والشماريخ الزهرية والثمار في العام الثاني؛ فإن الإزهار يتأثر بتعريض النباتات لدرجات منخفضة مدة معينة هي فترة الإرباع، ومن المفيد لمثل تلك النباتات استعمال درجة الحرارة المنخفضة، وتكون عادة فوق الصفر بقليل لتقصير مرحلة الإزهار؛ وذلك بتعريض البذور المستنبتة للإرباع أو المعاملة الحرارية المنخفضة قبل الزراعة، ويمكن استعمال الإرباع للإشارة إلى معاملة البذور أو الحبوب بدرجات حرارة مرتفعة أو معالجة أجزاء أخرى من النبات (عدا البذور)، فإرباع حبوب القمح الشتوي يؤدي إلى أن يصبح النبات ربيعياً. هذا ويبدو أن الأثر الفيزيولوجي الرئيس لعملية الإرباع هو دفعها للإزهار المبكِر، حيث إن قمة الساق الرئيسة هي المكان المعني للإرباع حيث ينتقل المحفِّز stimulus إلى الأجزاء الأخرى من النبات.

أوضحت دراسة على نبات الشوكران  hemlock (conium) أن هناك علاقة بين درجة الحرارة ومدة التعرض وتأثير هذه العلاقة في فعالية الإرباع، وقد وجد هانسِل Hansel إخفاق الإرباع في درجة -    4س˚، وتكون الدرجات 1 -  7س˚ متساوية التأثير في فعاليتها في تقصير عدد الأيام اللازمة للإزهار؛ إذ يوجد هبوط سريع في معدل الإرباع عندما ترتفع درجة الحرارة من  7س˚ حتى   15س˚، كما وجد أن أكثر العوامل الفعالة في إبطال الإرباع هو الحرارة المرتفعة ( 35س˚)، فهي تزيل أو تبطل تأثير المعاملة بالبرودة. ثبت أن الإرباع قد يحدث خلال إنبات الثمار أو البذور أو نمو البادرات، وقبل نضج الجذور، أو خلال التخزين الشتوي، حيث من المفروض توفر التهوية الجيدة والرطوبة المناسبة، وتتوفر هذه الظروف في مناطق الإنتاج في أوربا في بداية فصل الربيع. ويدفع انخفاض الحرارة شتاءً والنبات بعمر 2-3 أشهر النبات إلى الإرباع، حيث يبدأ في الربيع بتشكيل الشماريخ الزهرية ثم الإزهار وتشكيل الثمار. هذا ويتم الإرباع صنعياً - في ظروف متحكم بها - على الثمار الجافة أو المنتبجة (التي نقعت بالماء وتشربته جيداً) أو النبات بعمر 4 - 6 أوراق.

أوضحت دراسات متعددة أن زيادة طول مرحلة التعرض للحرارة المنخفضة (الإرباع) خلال بداية الموسم الزراعي تزيد من فرصة حدوث الإزهار في الموسم الأول، فيما يعرف باسم الإزهار المبكر (الشمرخة) early bolting. وهي ظاهرة ضارة بالإنتاج الجذري حيث تنخفض نسبة السكر (السكروز) فيها، وترتفع نسبة الألياف، ويزداد عدد الجذور المستبعدة حين صناعة السكر.

أثبتت الدراسات اختلاف الأصناف في متطلبات الإرباع الخاصة بها، حيث يتجه مربو النبات حالياً إلى تربية أصناف ذات متطلبات إرباع عالية لخفض نسبة الإزهار المبكر، ولا يكتمل الإرباع تحت الظروف الطبيعية في موسم النمو الخضري الأول، فتكمل النباتات المُعدَّة لإنتاج البذار احتياجات الإرباع الخاصة بها خلال فترة تخزين البذور لزراعتها في الموسم الثاني - كما يحصل في الدول الباردة لإنتاج بذار الشوندر السكري بالطريقة غير المباشرة - وذلك حتى يمكن للجذور المخزنة أن تزهر في الموسم الثاني.

يؤدي الإرباع إلى تغيرات فى كيميائية النبات، حيث تقل المركّبات الآزوتية الذائبة، ويزداد محتوى البروتين في غضون 10 إلى 15 يوماً من بداية الإرباع. كما يزيد نشاط إنزيم البروكسيداز، وتأخذ النباتات التي أتمت طور الإرباع شكلاً مخروطياً للنمو في منطقة التاج، في حين يتركز النشا في المناطق المرستيمية والبراعم التي ستنمو مستقبلاً؛ لتكوِّن الحوامل الزهرية. يمكن تمييز تلك الجذور بغمرها في محلول حمض الكربوليك C6H5OH بتركيز 0.04 % حيث يتحول لونها الأصفر إلى لون أزرق، وتزداد كثافة اللون بحسب ازدياد درجة الإرباع.

أمكن الاستفادة من ظاهرة الإرباع على نبات الشوندر السكري بتقصير مدة الحصول على الثمار، إذ قام أكانينكو Akanenko بزراعة ثمار الشوندر السكري في أواخر الصيف في بعض مناطق البحر الأسود في روسيا في بدايات القرن العشرين، وحصل على الثمار في الصيف. كما قام أُڤربيك Overbeek في ولاية نيو مكسيكو الأمريكية بإجراء تجارب مماثلة في عام 1928 حتى عام 1936، وحصل على بذار الشوندر السكري في منتصف الصيف بعد عشرة أشهر.

من الجدير بالذكر أن استعمال الإرباع في إنتاج بذار الشوندر السكري الذي أُطلق عليه اسم الطريقة المباشرة تُعدّ طريقة اقتصادية جداً، فهي تقلل التكاليف والجهد، فيبقى النبات في الحقل عشرة أشهر بدلاً من الطريقة الأخرى المسماة بالطريقة غير المباشرة التي يقوم المزارع فيها بزراعة البذار في شهر آذار/مارس أو نيسان/أبريل؛ ثم يقلع الجذور في تشرين الأول/أكتوبر أو تشرين الثاني/نوفمبر، ويقوم بتخزينها حتى نيسان/أبريل التالي؛ إذ يقوم بزراعتها والحصول على البذار في تشرين الأول/أكتوبر أو تشرين الثاني/نوفمبر. بديهي أن اتباع الطريقة الأولى في المناطق المعتدلة التي يتوفر فيها انخفاض حراري شتاءً بصورة معقولة يؤدي إلى إرباع على نحو أفضل للنبات من الطريقة غير المباشرة وأقل في التكاليف والجهد. استعملت الطريقة المباشرة في إنتاج بذار الشوندر السكري في سورية على نطاق ضيق، وهي الطريقة المقترحة للحصول عليه على نطاق واسع لسد الحاجة من هذا البذار.

أما تأخير الإزهار devernalization فيمكن أن يحدث نتيجة تعريض النباتات أو البذور التي سبق تسريع إزهارها لدرجات حرارة عالية؛ مما يسبب تأخير الإزهار بجعل الظروف غير ملائمة له. فبذار البصل الذي يحفظ تجارياً في حرارة قريبة من التجمد لتأخير فسادها؛ فإنه سيسرع إزهارها حالما تزرع بعد تعريضها لحرارة أكبر من 26.7  س˚ مدة أسبوعين أو ثلاثة، وتتحول البذار حينها إلى المرحلة المرغوبة، وهي تكوين البصلة.

مراجع للاستزادة:

- رامي كف الغزال وأحمد هيثم مشنطط، إنتاج وتكنولوجيا المحاصيل السكرية والزيتية (النظري)، (منشورات جامعة حلب).

- A. LANG, Hyoscyamus niger (In: CRC Handbook of Flowering, ed. A.H. Halevy, pp. 144-186, CRC Press. Inc., Boca Raton, FL, USA,1980.

 


التصنيف : الإنتاج النباتي
النوع : الإنتاج النباتي
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 492
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1053
الكل : 58492535
اليوم : 65049

أثر شتارك

الإشعاع بالتألق   الإشعاع بالتألق radiation by luminescence هو الضوء الذي يصدره جسم درجة حرارته عادية، وهو في صدوره عند درجة الحرارة العادية يختلف عن الضوء المرئي الذي يصدره جسم متوهج في درجة حرارة عالية مثل الخشب المحترق أو الحديد المصهور أو سلك المصباح المتوهج [ر. الإشعاع الحراري]. وقد لوحظ إشعاع التألق منذ القدم فجاء ذكره في القصص والأغاني وبهرت الإنسان ألوانه الزاهية التي تصدرها أرومات الأشجار الرطبة وبعض الحشرات مثل اليراعة والدودة المضيئة.
المزيد »