آكلات حشرات
-

 آكلات الحشرات

آكلاتالحشرات

 

آكلات الحشرات Insectivora حيوانات تعتمد في غذائها على الحشرات، وُجدت على سطح الأرض منذ نحو 50 –100 مليون عام. وهي متباينة في حجومها، بعضها صغير الحجم كالزَبّابات Soricidae ، والمناجذ (مفردها خلد) Talpidae، والقنافذ Echidnae مما ينتمي إلى وحيدات الثقب Monotremata، والوطاويط bats؛ والآخر كبير الحجم مثل آكل النمل وذبابة الماء الإفريقية الكبيرة (الشكل 1).

 

الشكل (1): بعض أنواع آكلات الحشرات

صفاتها العامة

تضم آكلات الحشرات ثدييات تتميز بخرطوم طويل يدعم الخطم المجهز بأشعار حسية يستخدمها الحيوان للاستدلال على طعامه بفضل حس الشم القوي لديه، ويختلف صيوان الأذن من حيوان إلى آخر، فهو غير موجود لدى الأشكال الحفارة كالمناجذ، لكن يكون نامياً عند القنافذ. أما العيون فأغلبها صغير وضعيف الرؤية، إلا أن بعضها له عيون كبيرة ذات حس رؤيةٍ جيدٍ كالزبَّابات الشجرية مثلاً؛ قواطعها حادة عموماً تليها أنياب ضعيفة- باستثناء الخلد الأوربي والوطواط مصاص الدماء- وأضراسها مدببة تحمل حدبات تساعد على سحق الحشرات. أما آكل النمل فهو أدرد (فمه خالٍ من الأسنان)، إلا أن له لساناً غريباً طويلاً قد يصل طوله إلى 30 سم ذا أشواك صغيرة تغطيه طبقة لزجة من اللعاب، يدخل ويخرج من فمه بسرعة فائقة تزيد على 150 مرة في الدقيقة، يلتصق به النمل ليتغذى به.

يحوي الطرف الواحد 5 أصابع، إلا أن للخلد الذهبي 4 أصابع فقط. والأصابع مزودة عادة بمخالب قوية تساعد على عملية الحفر لدى آكلات الحشرات الأرضية، أو تفيد في التعلق كما في الوطواط إذ تحول الساعدان واليدان إلى دعائم لغشاء جلدي رقيق هو الجناح الذي يسمح لهذا الحيوان بالطيران (خلافاً لبقية الثدييات).

يختلف شكل الذيل وفقاً لسلوك الحيوان، فالأنواع المتسلقة أو الراكضة ذات ذيول جيدة النمو تساعد على الحركة والتوازن، أما آكلات الحشرات الحفارة فمعدومة الذيل أو ذات ذيل قصير، في حين للقنافذ البطيئة الحركة ذيول قصيرة. وقد يساعد الذيل لدى بعضها- مثل آكل النمل- في الدفاع عن نفسه، فآكل النمل العملاق الذي يعيش في أمريكا الوسطى والجنوبية والذي يصل طوله إلى 2.5 متر له ذيل يعادل طول جسمه المكسو بشعر غزير خشن. جسم آكلات الحشرات مغطى بالشعر أو الفرو الناعم، إلا أن بعضها ذو أشعار شوكية كالقنافذ. ويتمتع الخلد الذهبي بفرو يبدي بريقاً زاهياً. ويتلون فراء آكلات الحشرات عموماً بألوان مختلفة، تراوح بين البني والرمادي والأسود.

بيئتها

تعيش آكلات الحشرات في بيئات مختلفة، فالزَبَّابات تعيش على سطح الأرض في الغابات والأراضي العشبية، باستثناء زَبَّابات الماء الإفريقية التي تعيش على ضفاف المجاري المائية، والزبَّابات الشجرية على الأشجار في آسيا الاستوائية، والمناجذ في مروج المناطق المعتدلة. وتعيش القنافذ في الغابات والأراضي العشبية، والوطاويط في الكهوف، في حين يعيش آكل النمل في مناطق وجود النمل في أمريكا الجنوبية، حيث تكون أوكارها مصدراً مهماً لغذائه.

غذاؤها

الغذاء الحيواني هو المصدر الرئيس لهذه الحيوانات، فهي تتغذى باللافقاريات وبعض الفقاريات الصغيرة. أما الزبَّابات فتتغذى بالحشرات ويرقاتها وبعض الديدان، وتتغذى الزبَّابات المائية بالحشرات المائية، والمناجذ بالديدان والحشرات و يرقاتها والأبصال والجذور والدرنات. وتتغذى القنافذ بالحشرات والضفادع والفئران والطيور والعظايا والسرطانات والأسماك والثعابين الصغيرة.

أما الخفافيش فتتغذى على الحشرات وأنواع مختلفة من الطعام كالثدييات الصغيرة والأسماك. ويتغذى آكل النمل بالنمل، ويمكنه أن يلتهم نحو 30 ألف نملة في اليوم الواحد.

تتصف آكلات الحشرات بفعالية استقلابية عالية، فخلال يوم واحد تستطيع أن تأكل ما يعادل  60100  % من وزنها.

أحجامها

تتباين أحجام آكلات الحشرات وفقاً لأنواعها، فبعض الزَبَّابات كبير الحجم يصل إلى 51 سم طولاً ويزن نحو 100 غ، في حين لا يتجاوز أصغرها 3 سم طولاً و2 غ وزناً، ويبلغ طول بعض أنواع الخلد 20 سم ويزن 130 غ، ويصل طول بعض القنافذ إلى 19 سم ووزن 120 غ. وفي الخفافيش الكبيرة تبلغ المسافة بين نهايتي الجناحين 180 سم، أما الخفاش الإفريقي الصغير فلا يتجاوز حجمه حجم الدبور ويزن 3 غ فقط. ويبلغ طول آكل النمل 180 سم، ويعادل طول ذيله طول جسمه، أما النوع العملاق فقد يبلغ طوله 250 سم.

تكاثرها

لكل من الزبَّابات والمناجذ والقنافذ- مما يعيش في المناطق المعتدلة- أوقات تكاثر دورية، باستثناء الأنواع الاستوائية التي تتكاثر على مدار العام. وتراوح مدة الحمل لديها بين 3 – 9 أسابيع بحسب الأنواع المختلفة. كما يختلف عدد الأجنة في البطن الواحد، وهي تراوح ما بين 1 – 7 أجنة.

تولد الصغار عُمياً، وتفتح عيونها بعد أسبوع من ولادتها، وتُفطَم عادة بعد 3 – 4 أسابيع، وتنضج جنسياً بين شهر وعدة شهور.

أما مدة حياتها فمتباينة، من عدة أشهر إلى عدة سنوات. وتختلف الخفافيش عن غيرها من آكلات الحشرات، إذ إن الذكر يخلد عادة للبيات الشتوي بعد التلقيح، وتبقى النطاف في رحم الأنثى حتى تنهض من سباتها في الربيع، وحينئذ تعمد النطاف إلى إخصاب البويضة.

تلد الخفافيش صغيراً واحداً في العام ما خلا بعض الاستثناءات. ونظراً لعدم وجود العش فإن الصغير يلجأ عادة إلى التشبث بالأم لأسابيع عديدة، يقوم خلالها بالرضاعة من أمه حتى يبلغ أشده خلال مدة تراوح ما بين 1-3 أشهر. وقد تعمد الأم إلى تعليقه في الكهف الذي تعيش فيه حتى تنتهي من جولتها الليلية في اصطياد الفرائس.

أما آكل النمل فتعمد أنثاه إلى حمل صغارها فوق ظهرها لتحميها من عدوان الحيوانات المهاجمة.

عاداتها وسلوكها

على الرغم من الحياة الانفرادية التي تحياها المناجذ؛ إلا أن ثمة علاقة خاصة من الانسجام بين الأم وجرائها، إذ تؤلف الزبَّابات والمناجذ جماعات من الأم وصغارها التي ترافق أماتها لتعرِّفها على مواطن الغذاء ونوعه ووسائل تمييزه، وتُعلِّمها الهجوم والدفاع والاقتناص وسبل الحياة المختلفة. وتتم مرافقة الصغار للأم- في كثير من الأحيان- على شكل صف، حيث يتمسك كل صغير بذيل الآخر والأول بذيل أمه.

تتفاهم آكلات الحشرات بعضها مع بعض- عموماً- عن طريق طقطقات ذات تواتر عال تصدرها أفواهها الفاغرة أحياناً حينما تقترب من بعضها أو عن طريق تلامس خطومها.

تعتمد آكلات الحشرات على حاستي الشم واللمس في تحديد الاتجاه، إذ إن حاسة الرؤية لدى الكثير منها ضعيفة. فالخفافيش مثلاً تحدد اتجاهاتها معتمدة على حاسة تشبه الرادار، فهي ترسل أصواتاً إلى الأمام على شكل ذبذبات عالية التواتر لتصطدم بالأشياء وترتد عنها، فتلتقطها بوساطة الأذنين، وبذلك تستطيع تحديد الاتجاه ووجود الفرائس، وتميز الأشياء بعضها عن بعض. وتسلك بعض الزبَّابات سلوك الوطواط نفسه في هذا المضمار.

أما عملية الدفاع عن النفس ضد الأعداء فمتباينة بتباين الأنواع؛ فالقنافذ مثلاً تتحول إلى كرة شائكة تحول دون إيذاء المهاجم لها، كما يفرز بعضها الآخر لعاباً ساماً ذا أثر كبير في المهاجم. وتشتمل الأسنان الأمامية لبعض الزبَّابات على أخاديد يسيل خلالها السم من غدد توجد في قواعدها، كما هو الحال لدى الأفاعي، و قد تؤدي كمية السم التي تفرزها الزبَّابة الواحدة إلى قتل نحو 200 فأر. أما المناجذ فتعمد إلى الهروب والاختباء في جحورها المتشعبة. ويعمد الوطواط إلى الهرب من العدو بالطيران. أما آكل النمل فيستخدم ذيله الطويل القوي لضرب المهاجم وتمزيقه بمخالبه الحادة.

مسكنها

تختلف أنماط الجحور التي تُنشئها باختلاف الأنواع فهي- باستثناء الوطواط وآكل النمل- تكون على شكل أنفاق بسيطة أو متشعبة تحت سطح الأرض، يُخزن فيها الطعام وينجب الجراء. وتُعد جحور الزبَّابات بسيطة نسبياً، أما جحور المناجذ فمعقدة لأنها تكون على شكل أنفاق دائرية متحدة المركز تصل بعضها ببعض بأنفاق شعاعية. وقد تمتد هذه الأنفاق إلى مسافة 200 متر تقريباً تحت سطح الأرض. ويُستَدَل على أماكن وجود المناجذ من أكوام التراب الصغيرة التي تبقى متناثرة هنا وهناك في الأراضي التي تعيش فيها. وتعد هذه الأنفاق ضارة كثيراً للأراضي المروية، لأنها تستهلك كميات كبيرة من الماء وتبددها وتحرم المزروعات من الإرواء.

أما القنافذ فتحفر جحورها تحت الشجيرات البرية حيث يمتد طول الجحر مسافة 50 سم أحياناً.

أهميتها

تقوم آكلات الحشرات بدور مهم في التوازن البيئي كونها مرحلة في السلسلة الغذائية. فهي تلتهم الحشرات وأطوارها اليرقية والديدان وبعض القواضم وصغار الأسماك والأفاعي، لكن بالمقابل فإن كثيراً من الزواحف والأفاعي والطيور الجارحة كالنسور والصقور والبوم، والثدييات كالكلاب والهررة وغيرها، تعيش على افتراس آكلات الحشرات. وينقل بعضها عدداً من الأمراض إلى الإنسان والحيوان، فالزبَّابات قد تنقل مرض الطاعون، وبعضها الآخر يحمل عامل مرض البرداء، وتنقل الزبّابات السامة السم إلى غيرها من الفرائس أو الحيوانات المهاجمة؛ وبعض الخفافيش من مصاصي الدماء تقوم بجرح الفريسة ولعق الدم المسال، وقد تؤدي عضة هذا النوع من الخفافيش إلى داء الكلب للإنسان.

تساهم الخفافيش أحياناً في تلقيح شجر البلح والموز والمانغو والتين، ويُعد زرقها من أفضل أنواع السماد.

عبد الرحمن مراد

مراجع للاستزادة:

- R. D. E. McPhee and M. J. Novacek, Mammal Physiology, Springer-Verlag. 1992.        

 - R. M. Nowack, Walker’s Mammals of the World. Johns Hopkins University, 1999.        

 


مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1