تعدين في خلاء
Vacuum metallurgy -

 التعدين في الخلا

التعدين في الخلاء

نورس درويش

العمليات الأساسية في الخلاء ومميزاتها  المعالجة الحرارية في الخلاء
 الصهر في الخلاء  المعالجات السطحية في الخلاء
  إزالة الغازات في الخلاء  تقنيات اللحام والربط في الخلاء
 السباكة في الخلاء منظومات التخلية المستخدمة في التعدين في الخلاء

 

التعدين في الخلاء vacuum metallurgy هو مجموعة العمليات اللازمة لاستخلاص المعادن والسبائك ومعالجتها وتشكيلها في وسط غازي، حيث يمكن التحكم في التركيب الكيميائي والضغوط الجزئية لمختلف مركبات الطور الغازي، وغالباً ما يكون هذا الوسط خلاء ً يراوح فيه الضغط بين الضغط تحت الجوي (أقل من 760 تور) والخلا (10-12 تور). وفي حالات أخرى تُضاف الغازات التفاعلية reactive gases على نحو متعمد إلى بيئة العمل لإنتاج التفاعلات المطلوبة، كما هي الحال في عمليات التبخير التفاعلي reactive evaporation، والغلفنة بالرش sputtering، وترسيب البخار كيميائياً chemical vapor deposition. وتتضمن عمليات التعدين في الخلاء تحويل المادة من سائل إلى صلب، أو من بخار إلى صلب، أو من بخار إلى سائل إلى صلب.

هناك ثلاثة أسباب رئيسية لإجراء عمليات التعدين في الخلاء هي:

  • إزالة الملوثات المختلفة من بيئة العمل، وتشمل تلك المتعلقة بالوعاء الحاوي للمعدن والطور الغازي المحيط به.

  • تخفيض مستوى الغازات في المنتج النهائي- ولا سيما الأكسجين والآزوت (النتروجين) والهدروجين والكربون- عن طريق تحريرها من المعدن المصهور وطرحها بعيداً.

  • ترسيب المعادن والسبائك والمُركَّبات بأقل نسبة ممكنة من الشوائب المحصورة.

    يتضمن التعدين في الخلاء العديد من العمليات التطبيقية وفي مجالات متنوعة، منها عمليات الصهر والسباكة المختلفة، بما فيها عمليات تخليص المعدن المصهور من الغازات، ومنها المعالجات الحرارية والمعالجات السطحية للمنتجات، بما فيها عمليات الترسيب بالبخار، إضافة إلى عمليات الربط واللحام وعمليات تعدين الأذرّة powder metallurgy.

    العمليات الأساسية في الخلاء ومميزاتها

    1- الصهر في الخلاء :

    غدت متطلبات جودة السبائك من قبل مستخدميها في الوقت الحاضر أكثر صرامة في العديد من الصناعات، ومنها الصناعات الفضائية والطبية وتوليد الطاقة وصناعة الزيت والغاز، إلى جانب صناعة السيارات والشاحنات. وتتضمن هذه المتطلبات خلو السبائك المعدنية من العيوب المختلفة مع تحسين خواص التعب والمتانة ومقاومة الانهيار في عملها بدرجات الحرارة المرتفعة، مع العلم أن تحقيق هذه الخواص صعب جداً باستخدام عمليات الصهر التقليدية في الهواء .

    تحتوي بعض السبائك على عناصر كيميائية كالألمنيوم والتيتانيوم، وهي شرهة للتأكسد عند صهرها في الهواء . تظهر أكاسيد هذه العناصر على شكل شوائب دخيلة في السبيكة النهائية تجعل أداءها غير مقبول في بعض التطبيقات الحرجة، ولا سيما تلك التي تتطلب مقاومة جيدة للتعب والتأكل ومتانة عالية عند درجات الحرارة المرتفعة.

    تطور العديد من عمليات الصهر في الخلاء، وتطورت بنتيجتها السبائك المعدنية ومنحتها خواص وبنيات مكروية ذات جودة عالية. ومن أهم هذه العمليات استخداماً للإنتاج الكمي في الوقت الحاضر:

    أ- الصهر التحريضي في الخلاء Vacuum Induction Melting (VIM).

    ب- إعادة الصهر كهربائياً في الخبث Electro Slag Remelting (ESR).

    ج- إعادة الصهر بالقوس الكهربائية في الخلاء (VAR) Vacuum Arc Re-melting.

    د- الصهر بالحزم الإلكترونية Electron Beam melting (EB) .

    هـ- الصهر بقوس البلازما Plasma Arc Melting (PAM) .

    تمتاز هذه العمليات بإمكان التحكم في التركيب الكيميائي، وتنتج سبائك معدنية أكثر نقاوة، وبنيات مجهرية أكثر تجانساً، مع خواص ميكانيكية وفيزيائية عالية إذا ما قورنت بالسبائك المنتجة بالصهر في الهواء.

    والهدف الرئيسي من استخدام الخلاء في عمليات الصهر -وما يليها من عمليات لاحقة- هو إزالة العيوب بأنواعها كافة من دون حدوث عيوب جديدة. يمكن أن تكون هذه العيوب عموماً على شكل شوائب دخيلة صلبة (معدنية أو غير معدنية) أو فراغات أو مسامات غازية، كما أن عيوب الانفصال الكيميائي تؤدي إلى تشكيل أطوار سبائكية أضعف من بنية المعدن الأساسي، ومن ثمّ يمكن أن تصبح نقطة بد لانهيار المادة.

    إن صهر السبائك المعدنية هو الطريقة الشائعة لتنقيتها؛ في حين أن التصلب المتحكَّم فيه في أثناء تبريد السبيكة يضبط الأطوار المختلفة والبنية المكروية المتشكلة ويحافظ على الخواص الميكانيكية للمنتج.

    أ- الصهر التحريضي في الخلاء:

    هي الطريقة الأوسع استخداماً لإنتاج الكثير من المنتجات العالية الأداء، وتعد المرحلة الأولى لإنتاج أنواع الفولاذ المتقدمة العالية الجودة والسبائك الخاصة special alloys والسبائك الفائقة super alloys.

    في هذه العملية يُصهر المعدن في الخلاء في وعاء كتيم، ويسحب الهواء منه بمضخات تخلخلية rarefying pumps خاصة. يتألف الفرن ذاته من بوتقة مقاومة للحرارة محاطة بوشيعة تحريضية نحاسية مبردة بالماء. ويولِّد مرور تيار كهربائي متناوب خلال الوشيعة حقلاً مغنطيسياً يسخّن المعدن تحريضياً ويصهره في البوتقة، ويُوازَن التركيب الكيميائي للسبيكة في حدوده الضيقة في أثناء الصهر. وإلى جانب التحكم في كيمياء السبيكة تخفض هذه العملية نسبة الغازات المنحلة وتتخلص من عناصر الأثر trace elements في المنتج النهائي. وبعد تنقية المعدن تنقية كاملة وفق التركيب الكيميائي المطلوب؛ تُمال البوتقة ويصب المعدن المصهور في القوالب المخصَّصة له (الشكل 1).

    الشكل (1) رسم توضيحي لعملية الصهر بالفرن التحريضي في الخلاء (VIM).

    تتنوع المواد المنتجة بهذه الطريقة، ومنها: الفولاذ الخاص، وسبائك الكروم والكوبالت والنيكل، والسبائك الفائقة، وفولاذ العدّة، والسبائك غير المتبلورة، والمواد الممغنطة، وسبائك الألمنيوم والنحاس عالية النقاوة، والمعادن والسبائك الثمينة كالذهب والفضة والبلاتين. وتطبيقاتها كثيرة، ولا سيما في الصناعات الفضائية والطيران والصناعات الإلكترونية والكيميائية والهندسة الطبية وتوليد الطاقة وصناعة المعادن الثمينة.

    ب- إعادة الصهر كهربائياً في الخبث:

    تهدف هذه العملية إلى زيادة نقاوة سبائك الإلكترودات المصنعة بطريقة الصهر التحريضي في الخلاء أو تلك المتشكلة بالصهر بالقوس الكهربائية في الهواء. تتحكم هذه العملية في عمليتي صهر المعدن وتصلبه، ويمكن أن تجري تحت الضغط الجوي وفي الجو العادي.

    تغمس السبيكة بحيث تؤلف الإلكترود (المهبط) في حوض الخبث المفرط التسخين والمحاط بقالب مبرد بالمـاء بحيث تكون إحدى نهايتي الإلكترود على اتصال مباشر مع الخبث المقاوم للحرارة، ويمرَّر عبره تيار كهربائي متناوب يولد مقاومة تسخينية كافية لصهر نهاية الإلكترود فتتساقط قطرات المعدن المنصهرة خلال هذا الخبث وتشكل حمَّاماً تحته. ولأنَّ التوتر السطحي بين الخبث والمعدن يكون كبيراً نوعاً ما فلا يسمح للمائعين بالامتزاج. يرتفع الخبث في الحوض تدريجياً مع سيلان المعدن المنقّى في المصبوبة الجديدة التي تتشكل بشكل بطي وموجَّه من أسفل القالب إلى أعلاه، (الشكل 2). تهدف هذه العملية إلى:

    الشكل (2) رسم توضيحي لعملية إعادة الصهر كهربائياً في الخبث (ESR).

  • توجيه تصلب بنية المصبوبات ضمن القالب من الأسفل إلى الأعلى.

  • تحسين نقاوة المنتجات وتجانسها وكثافتها، والتخلص من الانفصالات الماكروية (الجهرية) والشقوق الداخلية الناجمة عن وجود الهدروجين.

  • ضبط التركيب الكيميائي لمعظم العناصر التفاعلية بدقة تراوح بين 0.1 % أو أقل.

    وتعد هذه العملية من العمليات المفضلة لإنتاج السبائك العالية الأداء كسبائك الحديد وسبائك النيكل، كما تستخدم في بعض الأحيان بصفتها مرحلة صهر وتنقية ثانوية لإنتاج السبائك المستخدمة في تصنيع مكونات صناعة الطيران والمركبات الفضائية.

    جـ- إعادة الصهر بالقوس الكهربائية في الخلاء :

    هي أيضاً عملية صهر ثانوية لتنقية المعدن الذي صُهر سابقاً أو أعيد صهره على شكل إلكترودات في أفران الصهر بالقوس الكهربائية في الهواء أو بطريقة الصهر التحريضي في الخلاء أو الصهر الكهربائي في الخبث.

    تجري هذه العملية في الخلاء بإعادة صهر الإلكترود بتيار مستمر كافٍ لتوليد قوس كهربائية بين الإلكترود والقالب النحاسي المبرد بالماء. وتعمل الحرارة الكثيفة والعالية المتولدة من هذه القوس على صهر رأس الإلكترود الذي يشكّل تدريجياً مصبوبة جديدة في القالب النحاسي، (الشكل 3).

    الشكل (3) رسم توضيحي لعملية إعادة الصهر بالقوس الكهربائية في الخلاء (VAR).

    أهم ميزات هذه العملية:

    - إزالة الغازات المنحلة كالهدروجين والآزوت وأول أكسيد الكربون.

    - التخلص من بقايا العناصر القليلة الضارة بضغط البخار العالي.

    - تحسين نقاوة المعدن من الأكاسيد والنتريدات.

    - منع تشـكل الانفصالات الجهـرية (الماكروية) وتخفيض الانفصالات المجهـرية (المكروية) بطريقة التصلب الموجه.

    أما أهم تطبيقات هذه العملية فهي:

    - السبائك الفائقة للصناعات الفضائية.

    - صهر المعادن التفاعلية وسبائكها للصناعات الفضائية والكيميائية والنووية والإلكترونية.

    - سبائك الفولاذ العالي الجودة وفولاذ العدّة وفولاذ المحامل والنوابض والصمامات.

    - المنتجات المستخدمة في صناعة الإلكترونيات وأنصاف النواقل.

    تعد كل عملية من العمليات السابقة جزءاً أساسياً لإنتاج السبائك ذات الأداء العالي. ويمكن غالباً دمج تلك العمليات مع عملية الصهر في الهواء أو بعضها في بعض أو تنفيذها معاً، إضافة إلى إمكان إلحاقها ببعض عمليات التشكيل والمعالجة الحرارية للحصول على المواصفات النهائية المطلوبة (الشكل 4).

    الشكل (4) مراحل الصهر الأولية والثانوية للمعادن والسبائك المعدنية والعمليات اللاحقة ومنتجاتها النهائية.

    د - الصهر بالحزم الإلكترونية:

    طريقة تهدف إلى صهر المواد بفرن الحزم الإلكترونية عند درجات حرارة عالية وفي الخلاء العالي. تتميز هذه الطريقة بالمقدرة الممتازة لإعادة صهر المعادن والسبائك وتنقيتها في الخلاء العالي، ويمكن أن يُعدل المصدر الحراري بدرجة عالية من المرونة بهدف التحكم في توزيع الطاقة.

    لما كانت عملية الصهر بالحزم الإلكترونية طريقةً للتسخين السطحي؛ فهي تنتج فقط حوضاً من المعدن المنصهر سطحياً، وتؤثر إيجابياً في البنية الفيزيائية للمصبوبة كالمسامات والانفصالات وغيرها. إضافة إلى ذلك فإن تعريض سطح حوض المعدن المسخن بدرجات حرارة عالية لوسط خلاء عال بحدود 0.0075-7.5 تور يؤدي إلى تخليص المعدن المصهور من الغازات تماماً (الشكل5).

    الشكل (5) رسم توضيحي لعملية الصهر بالحزم الإلكترونية (EB).

    أما المميزات التقانية لعملية الصهر بالحزم الإلكترونية فهي:

    - المرونة وقابلية التحكم في درجة الحرارة والسرعة والتفاعل.

    - إمكان استخدام تشكيلة واسعة من مواد الإلكترودات وخامات التغذية من حيث الجودة أو الشكل أو الحجم.

    - توفر طرائق مختلفة لتصنيع المواد بهذه التقانة.

    - إمكان إنتاج معادن وسبائك بنسبة منخفضة من الشوائب.

    - إمكان منع الشوائب ذات الكثافة العالية والمنخفضة من الدخول إلى المصبوبات ingots.

    - إمكان التحكم في عمليات الصهر والتنقية والتبلور، ومن ثمّ التأكد من إنتاج مصبوبات بجودة عالية.

    وأما تطبيقات هذه الطريقة فهي:

  • إعادة صهر المواد ذات النقاوة العالية كالنيوبيوم والتنتاليوم للصناعات الكيميائية والطيران.

  • إنتاج الزركونيوم للصناعات الكيميائية .

  • إنتاج المعادن ذات النقاوة العالية للتطبيقات الإلكترونية.

  • صهر السبائك الفائقة.

    هـ- الصهر بقوس البلازما:

    تعد عملية الصهر بقوس البلازما الاختيار الأمثل لصهر سبائك التيتانيوم (مثل ألومينيد التيتانيوم) أو إعادة صهرها، ولا سيما تلك التي تحتوي على كميات كبيرة من العناصر السبائكية ذات ضغوط البخار العالية، والتي تتبخر تحت شروط خلاء عالية. تتميز هذه العملية بإمكان تحسين مواصفات السبائك والقدرة على تطويرها وإنتاج سبائك معقدة جديدة، كالسبائك المقاومة للحرارة والسبائك التفاعلية.

    في هذه العملية يجري تسخين المعدن أو السبيكة في وسط غاز خامل (عادة الهليوم أو الأرغون) وضغط يراوح بين 225 و 750 تور. ويعدُّ مِشعَل قوس البلازما المصدر الحراري الذي يقدم حرارة أعلى من 972°س. في شروط العمل هذه يتوقف تبخر العناصر السبائكية منفردة، ويمكن من ثمَّ إنتاج سبائك بتراكيب كيميائية معقدة (الشكل 6).

    الشكل (6) رسم توضيحي لعملية الصهر بقوس البلازما (PAM).

    من مميزات عملية الصهر بقوس البلازما:

    - إنتاج بنيات مكروية بحبيبات ناعمة جداً.

    - المحافظة على التركيب الكيميائي للسبائك المعقدة.

    - إزالة الشوائب ذات الكثافة العالية والمنخفضة في سبائك التيتانيوم .

    - تنقية السبائك المعقدة التي تحتوي على عناصر سبائكية سريعة التبخر وزيادة متانتها.

    - صهر المواد المرتجعة وإعادة صهر خبث السبائك.

    - تكرير سبائك التيتانيوم والمعادن الثمينة.

    من أهم منتجات هذه العملية: النيكل والتيتانيوم والنيوبيوم والسليكون والزركونيوم والتنتاليوم والتنغستين والكروم والبالاديوم والإيريديوم وسبائكها.

    2- إزالة الغازات في الخلاء Vacuum Degasification (VD):

    أ- إزالة الغازات في البوتقة في الخلاء:

    هي عملية تنقية متقدمة تهدف إلى إزالة الغازات المنحلة من المعدن المصهور (كالهدروجين والآزوت والأكسجين وأول أكسيد الكربون) في الخلاء المنخفض لتحسين جودته، بفرض أن وجود هذه الغازات في الفولاذ المصهور يمكن أن يؤدي إلى تشققات في المسبوكات. وتجري عملية إزالة الغازات من الفولاذ بعد مغادرة الفولاذ المصهور الفرن وقبل صبّه على شكل مصبوبات أو متابعة تصنيعه في المسبك، حيث ينقل الفولاذ المصهور ببوتقة خاصة إلى منطقة إزالة الغازات وتوضع داخل حجرة مفرغة من الهواء في خلاء بحدود 0.5 تور داخل الحجرة. ويزيل الضغط المنخفض المطبق داخل الحجرة الهدروجين والآزوت من الفولاذ المصهور (الشكل 7).

    الشكل (7) رسم توضيحي لعملية إزالة الغازات في البوتقة في الخلاء (VD).

    تتميز هذه العملية بما يلي :

    - تخفيض كمية الغازات الضارة من المعدن المصهور أو إزالتها تماماً (كالهدروجين والآزوت والأكسجين وأول أكسيد الكربون)، والتي تؤثر سلبياً في الخواص الميكانيكية والفيزيائية للمعدن وتحسين جودته.

    - إزالة الشوائب وتحسين نظافة المعدن وتجانس المعدن المصهور.

    - ضبط التركيب الكيميائي للمعدن ضمن حدود التسامحات المطلوبة.

    - ضبط درجات حرارة الصب، ولا سيما في عمليات السباكة المستمرة.

    - تخفيض مستوى الكبريت وإزالة العناصر النادرة عن طريق الضغوط العالية للبخار.

    ب- إزالة الكربون بالأكسجين في الخلاء Vacuum Oxygen Decarburisation (VOD):

    تستخدم هذه العملية على نحو أساسي في إنتاج أنواع الفولاذ الغنية بالكروم مع أقل نسبة من الكربون (صناعة الفولاذ العديم الصدأ وفولاذ المحامل الغني بالكروم)، وتعتمد على تنقية المعدن السائل عن طريق تخفيض نسبة الكربون النهائية المنحلة فيه. وبعد وضع البوتقة في حجرة التخلية، يطبق ضغط أقل من 187 تور، وينفخ الأكسجين فوق المعدن السائل عن طريق رمح مبرد بالماء. وتسمح فتحات التنفيس في أسفل البوتقة بضخ الأرغون الذي يعمل على تحريك المائع وتهيجه بصورة جيدة. ويخفض الضغط خلال مرحلة ضخ الأرغون إلى أقل من 22 تور فيعمل على تخفيض إضافي للضغط الجزئي لغاز أول أكسيد الكربون في الخلاء (الشكل 8).

    الشكل (8) رسم توضيحي لعملية إزالة الكربون بالأكسجين في الخلاء (VOD)

    أهم المهام التعدينية والعملياتية لهذه العملية:

  • إمكان تطبيق عملية التخلية مهما كانت نسبة الكربون الأولية.

  • مقدرة عالية على استخدام المواد العالية الكربون ذات التكلفة المنخفضة.

  • ضياعات منخفضة للكروم نتيجة الأكسدة.

  • نسب منخفضة جداً من الغازات المنحلة في المعدن النهائي.

  • إمكان ضبط التركيب الكيميائي ضمن حدود تسامحات ضيقة جداً.

    جـ- إزالة الغازات بإعادة تدوير المصهور باستخدام الأكسجين:

    طريقة حديثة لإزالة الغازات في الخلاء، تتلخص هذه الطريقة عادة بإنزال أنبوبين من أسفل حجرة التخلية إلى داخل المصهور، حيث يحقن الأكسجين من أعلى الحجرة ويضخ الأرغون في أحد الأنبوبين مسبباً عملية مزج وغليان شديد للمعدن المصهور؛ الأمر الذي يؤدي إلى تخفيض الضغوط الجزئية للغازات المنحلة في المصهور ويساعد على إزالتها بسرعة؛ وهي طريقة روستر هيراوس Ruhrstahl Heraeus (RH). (الشكل 9).

    الشكل (9) رسم توضيحي لعملية إزالة الغازات بإعادة تدوير المصهور باستخدام الأكسجين؛ طريقة (RH).

    3- السباكة في الخلاء:

    تُفسر السباكة في الخلاء - من وجهة نظر العاملين في مجال الصناعات الفضائية- بأنها الاستفادة من الخلاء في صهر المواد العالية السبائك والسبائك الفائقة من أجل التخلص من أكسدة العناصر التفاعلية (كالألمنيوم والتيتانيـوم والزركـونيوم والهافينيـوم)؛ في حين يرى آخرون أن السباكة في الخلاء طريقة لسحب المعدن إلى تجويف القالب وملئه كاملاً بمساعدة الخلاء، كما هي الحال في عملية السباكة بمساعدة الخلاء، والتي تسمى أحياناً السباكة بالضغط المنخفض المعاكس للجاذبية counter-gravity low-pressure casting.

    يستخدم الخلاء في معظم طرائق السباكة ومنها السباكة بالرمل والسباكة بالقوالب الدائمة والسباكة بالطرد المركزي والسباكة بالشمع المهدور (الشكل 10). وتناسب عملية السباكة في الخلاء تطبيقات المسبوكات القريبة من شكلها النهائي؛ لذلك تستخدم على نطاق واسع في صناعة الســيارات والطائرات والأسـلحة والصناعـات الطبيـة. وتتميز المسبوكات المنتجة باستخدام الخلاء مقارنة بمثيلاتها التقليدية بدقة الأبعاد، وتحسن جودة السطوح، وانخفاض نسبة المرفوضات الناتجة من الخبث والشوائب والمسامات، وتحسن الخـواص الميكانيكـية وكثافة المسبوكـات، إضافة إلى إمكان سباكة القطع المعقدة ذات الأحجام الكبيرة والسماكات الرقيقة.

    الشكل (10) رسم توضيحي للصهر والسباكة بطريقة الشمع المهدور في الخلاء.

    4- المعالجة الحرارية في الخلاء:

    المعالجات الحرارية في الخلاء عمليات تجري في الخلاء تتعرض فيها القطع المعدنية لتسخين وتبريد وفق برنامج زمني محدد بهدف تغيير المواصفات الميكانيكية و/أو مواصفات التأكل الكيميائي والتأكل بالاحتكاك ومقاومة التعب للقطع المعالجة. وتحتاج هذه العمليات جميعها إلى درجات حرارة قد تصل إلى 1000°س أو أكثر، إضافة إلى توفر أفران متطورة لتحقيق الأهداف المرجوة منها.

    يستخدم الخلاء في العديد من المعالجات الحرارية للفولاذ، وهي على سبيل المثال لا الحصر: التطرية- التنسيق- التقسية - السقاية - الإرجاع - التعتيق - إزالة الإجهادات، إضافة إلى عمليات إزالة المواد الرابطة والتلبيد المستخدمة في تقانة تعدين الأذرّة.

    أهم فوائد استخدام الخلاء في عمليات المعالجة الحرارية ومميزاته بالمقارنة بمثيلاتها التقليدية:

    - إزالة ملوثات السطح مثل الطبقات المتأكسدة والبقايا المتخلفة من الزيوت والشحوم الناتجة من عمليات التصنيع السابقة.

    - منع التفاعلات السطحية مثل الأكسدة وهروب الكربون، ومنع تشكل القشور السطحية والاحتفاظ بسطوح جافة ونظيفة ولامعة، لا تحتاج إلى عمليات تنظيف لاحقة.

    - إضافة مادة أو مواد إلى الطبقات السطحية للقطع (عبر الكربنة أو الكربونتردة مثلاً).

    - إزالة المواد الملوثة المنحلة في المعادن بخاصية إزالة الغازات بالخلاء (مثلاً إزالة الهدروجين من التيتانيوم).

    - تجانس البنية المكروية نتيجة التسخين المنتظم بالحمل، وانخفاض الإجهادات المتبقية والتشوهات الناتجة.

    - جودة المنتجات وعمر أطول وخواص أفضل.

    - انعدام الانبعاثات الغازية والنفايات السائلة والصلبة، ومن ثمَّ فإن عمليات المعالجة الحرارية في الخلاء تعدّ عمليات آمنة ونظيفة وصديقة للبيئة.

    5- المعالجات السطحية في الخلاء:

    تعد التقسية السطحية من أهم المعالجات السطحية للمعادن والسـبائك المعدنية، وهـي عمليـة تتضمن العديد من التقنيات، وتستخدم لتحسين قساوة القطع ومقاومتها للاحتكاك من دون أن يؤثر ذلك في الجزء الداخلي المرن المتين لهذه القطع.

يمكن التمييز بين ثلاثة توجهات للعمليات المختلفة للتقسية السطحية وهي :

أ- عمليات الانتشار الكيمياحرارية التي تغير التركيب الكيميائي للسطح عن طريق إضافات مساعدة على التقسية، مثل الكربون والآزوت والبورون. وهذه العمليات هي: الكـربنة، والنتـردة، والكربونتردة، والنتروكـربنة، والتقسية بالبورون، وعملية الانتشار الحراري.

ب- العمليات الحرارية أو طرائق تطبيق الطاقة التي لا تغير التركيب الكيميائي للسطح ولكن تحسن خواصه بتعديل تعدين السطح عن طريق تشكيل طبقة قاسية من دون أيّ إضافات سبائكية. ومن هذه الطرائق: التقسية باللهب، التقسية بالتحريض، التقسية بالحزمة الليزرية، التقسية بالحزمة الإلكترونية.

جـ- عمليات الغلفنة أو تغيير السطح التي تهدف إلى بناء طبقة قاسية رقيقة جداً على سطح القطع المدروسة. ومن هذه العمليات: الطلاء بالكروم القاسي، الطلاء اللاكهربائي بالنيكل القاسي، الرش الحراري، التلبيس القاسي للسطوح باللحام، ترسيب البخار كيميائياً، ترسيب البخار فيزيائياً، الزرع الإيوني، معالجة السطوح بالليزر.

إن الغاية الأساسية من عمليات الانتشار الكيمياحرارية المذكورة سابقاً هي إما زيادة نسبة الكربون أو الآزوت وإمّا كليهما على سطح المنتجات للسماح بتشكيل طبقة رقيقة من مركبات قاسية بعد الإسقاء . ويمكن تلخيص فوائد استخدام الخلاء في كل عملية من هذه العمليات مقارنةً بمثيلتها التقليدية بما يلي:

  • انعدام الأكسدة السطحية وإنتاج مركبات كثيفة وقاسية وخالية من المسامات .

  • تحسين جودة سطح المنتجات وخواصها، وخاصة مقاومة التأكل بالاحتكاك ومقاومة التعب.

  • تجانس قساوة الطبقة المقساة وعمقها ضمن حدود تسامحات ضيقة، ولا سيما للمنتجات المعقدة الشكل.

  • إنهاءات السطوح الجيدة بعد المعالجة، ولا توجد حاجة إلى عمليات إنها بالتشغيل والجلخ والصقل.

  • قساوة أعلى لسطح المنتجات المعالجة ولبّها.

  • انخفاض الإجهادات المتبقية، ومن ثمَّ انخفاض التشوهات.

  • انخفاض زمن العملية عند درجة الحرارة نفسها، ومن ثمَّ كلفة أقل، خصوصاً للإنتاج الكمي.

  • عملية نظيفة وغير سامة وصديقة للبيئة ومناسبة لتقسية سطوح الأدوات والعِدد والقوالب والمنتجات الدقيقة.

    يمكن تلخيص فوائد عمليات الغلفنة التي تستخدم الخلاء ومميزاتها مقارنةً بمثيلتها التقليدية بما يلي:

  • استبعاد أكسدة ذرات المواد المشكلة للطلاء وجزيئاتها.

  • تشكيل طبقة غلفنة عالية النقاوة بالتصاقية ممتازة.

  • معدلات ترسيب عالية مع تنوع كبير في مواد الغلفنة ( أذرّة، رقائق، أسلاك وغيرها).

  • إنتاجية نظيفة وصديقة للبيئة.

    6- تقنيات اللحام والربط في الخلاء:

    تهدف تقنيات اللحام والربط إلى ربط الأجزاء المعدنية بعضها ببعض على نحو دائم، وهي تقنيات متعددة ومتنوعة، تطورت تطوراً كبيراً في الآونة الأخيرة، وأصبح استخدام الخلاء في بعض تقنياتها (مثل لحام المونة واللحام بالبلازما واللحام بالليزر واللحام بالحزم الإلكترونية) أمراً ضرورياً. ومن أهم الأسباب التي أدت إلى تطور الكثير من الصناعات، ولا سيما تلك التي تتطلب منتجاتها جودة ومقدرة عاليتين كصناعة السيارات والصناعات الطبية والفضائيـة والغذائية وتوليد الطاقة، إضافة إلى صناعة القوالب والعِدد والآلات وأنصاف النواقل. يمكن تلخيص فوائد استخدام الخلا في هذه التقنيات مقارنة بمثيلاتها التقليدية بما يلي:

    - إنتاج وصلات لحام نظيفة وخالية من المسامات ومساعدات الصهر وبجودة عالية.

    - إنتاج وصلات لحام ذات متانة عالية تساوي متانة المعدن الأساس أو أعلى منه.

    - تكلفة منخفضة عند الإنتاج الكمي.

    - لا تحتاج إلى عمليات إنهاء وتنظيف بعد اللحام، وهي مناسبة للإنتاج الكمي.

    - إمكان ربط مواد غير متماثلة.

    - دقة أبعاد عالية نظراً لانخفاض التشوهات الناجمة عن انتظام التسخين والتبريد للوصلة اللحامية وتجانسهما.

    يضاف إلى العمليات المبينة سابقاً استخدم الخلاء في العديد من التقانات الأخرى كتعدين الأذرّة، والقولبة في الخلاء vacuum molding، والتشكيل بالرش spray forming، والتشكيل بالكبس السـاخن Vacuum Hot Pressing (VHP) في الخلاء، واختبارات المعادن والسبائك المعدنية وعمليات أخرى.

    منظومات التخلية المستخدمة في التعدين في الخلاء

    تعد منظومات التخلية من أهم الضروريات اللازمة في العمليات التعدينية المختلفة في الخلاء سواء في الصناعة أم البحث العلمي. يُستخدم في العمليات التعدينية في الخلاء العديد من أنواع منظومات التخلية ومنها:

    - مضخات التخلية الجافة التي تشمل المضخات المكبسية الدوّارة، إضافة إلى المراوح الدوّارة مع مضخات التعزيز.

    - مضخات التخلية المانعة لتسرب الزيت وتشمل مضخات التعزيز الميكانيكية ومضخات الانتشار عالية التخلية مع معززات البخار.

    - المعززات الميكانيكية والمضخات التوربينية.

    تعد المضخات المكبسية الدوّارة الأنسب للعمليات التعدينية في الخلاء، وذلك من حيث استطاعة الضخ العالية وسرعة الدوران والمتانة العالية والعمر الطويل وسهولة الصيانة.

    مراجع للاستزادة:

    - D. A. Brandt, J.C. Warner, Metallurgy Fundamentals: Ferrous and Nonferrous, Goodheart-Willcox, 2019.

    - R. F. Bunshah, R. S. Morse, Vacuum Metallurgy: Materials Technology Series, ‎ Literary Licensing, 2013.

    - G. Jarczyk, H. Franz, Vacuum Melting Equipment And Technologies For Advanced Materials, Archives of Materials Science and Engineering, 2012.

     


- التصنيف : التقانات الصناعية - النوع : التقانات الصناعية - المجلد : المجلد التاسع مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1