بستنه شجريه
-

البستنة الشجرية

فيصل حامد

لمحة تاريخية

أهمية البستنة الشجرية

أقسام البستنة الشجرية

المشاتل

طرائق الزراعة

 

 

تهتم البستنة الشجرية pomology horticulture؛ بِنُظُم إنتاج الأشجار المثمرة وتطويرها وإكثار أنواعها، وبممارسة عمليات الخدمة التي تسمح بالحصول على أفضل إنتاج باستخدام الأساليب الحديثة، وتطبيق الوسائل العصرية لتنفيذ الخدمات البستانية المتعلقة بالإكثار، والري والتسميد ومكافحة الآفات وجني المحصول.

لمحة تاريخية

عرف الإنسان زراعة الأشجار المثمرة منذ أقدم العصور، فقد دلت المخطوطات والرسومات التي وجدت في الآثار المصرية؛ على أن الإنسان بدأ بزراعة الأشجار وإكثارها منذ 3-4 آلاف سنة قبل الميلاد، وعُرفت زراعة الكرمة في سورية ومصر منذ خمسة آلاف سنة، وتُقدر المساحة المغطاة بالأشجار المثمرة في العالم بأكثر من
35 مليون هكتار، تحتل الكرمة المرتبة الأولى منها
(9 ملايين هكتار)، يليها الزيتون (6 ملايين هكتار)، والتفاح (3,5 مليون هكتار)، والحمضيات (1,5 مليون هكتار) وغيرها من أنواع كثيرة.

تشير دراسات العالم الروسي فافيلوف N. I. Vavilov إلى أن الموطن الأصلي لمعظم الأشجار المثمرة هو جبال غربي آسيا وجنوب شرقيها وآسيا الوسطى وهضابها. فهضاب جبال آسيا الغربية وسفوحها تعدُّ مهداً للتفاح والإجاص والخوخ والكرز واللوز والرمان والسفرجل والمشمش والتين والتوت والفستق الحلبي. ومن أكثر المناطق الغنية بالأشجار المثمرة القوقاز وآسيا الصغرى وشمالي إيران وآسيا الوسطى وشمالي هيمالايا. فالقوقاز وحدها تحتوي على أكثر من 80 نوعاً. ويوجد في آسيا الوسطى أكثر من 80 نوعاً برياً متضمنة أشكالاُ نباتية مختلفة عُدَّت البداية لظهور الأصناف الحالية. ففيها تُصادف أجناس مختلفة مثل اللوز Amygdalus والجوز Juglans والمشمش Armeniaca والإجاص Pyrus والتفاح Malus والخوخ Prunus والفستق الحلبي Pistacia والزعرور Crataegus، وأصناف كثيرة محلية من التين والرمان والعنب وغيرها. ويتميز القسم الشرقي من آسيا باحتوائه على أصول برية جيدة من الكرز Cerasus والخوخ واللوز والمشمش والتفاح والإجاص والتوت Morus والجوز والكستنا Castanea والبندق Corylus والحمضيات Citrus والكاكي Diospyros.

ومن هذه المناطق انتقلت زراعة تلك الأجناس والأنواع وانتشرت بوساطة القوافل التجارية والفتوحات عن طريق العرب؛ مثلاً انتشرت في القرن السابع والثامن الميلادي زراعة الأشجار المثمرة إلى الغرب وشمالي إفريقيا والأندلس التي طور العرب فيها قنوات الري وزراعة الزيتون، وشيَّدوا المعاصر الخاصة لاستخراج الزيت، وساهموا في انتشار زراعة التوت وتربية دودة الحرير، وهم أول من أنشأ حديقة نباتية في قرطبة في القرن الثامن. وعُدّت سورية منذ القدم حديقة غنا تغنّى بها الشعرا ، واحتوت على مختلف أنواع الفاكهة التي امتدت مساحات واسعة في سفوح الجبال والسهول.

أهمية البستنة الشجرية

تُعدّ البستنة الشجرية جز اً مهماً وأساسياً في ضروب الزراعة، فثمار أشجارها مصدر غذا للإنسان، كما أنها موادّ خامّ ضرورية للصناعات الزراعية، وتؤدي دوراً مهماً في الاقتصاد القومي في كثير من الدول. ولهذا السبب يلاحظ دائماً الاهتمام الكبير بتطويرها وفق أحدث الأساليب والطرائق. تُعَدُّ ثمار الفاكهة مصدر غذا نوعي مهماً للإنسان؛ إذ تحوي السكريات بنسبة تراوح بين 20 و23%، وقد تصل في الثمار المجففة كالتين مثلاً إلى 80%، وهي تحتوي على المواد الدهنية كالجوز: 75-60%، إضافة إلى البروتينات والحموض العضوية والفيتامينات أ وب و ج (C،B،A) وغيرها. علاوة على ذلك لبعضها فوائد علاجية لجسم الإنسان؛ فثمار الإجاص تُسِّهل عمليات الهضم المعدية، ولها تأثير إيجابي في الجملة العصبية. وفي بعض الدول الأوربية تُصنع ثمار الخوخ الأسود على شكل أقراص ملينة لعمل الجهاز الهضمي. وهناك بعض المعلومات تفيد بأن ثمار المشمش تُخَلِّص إلى حد ما الجسم من الإشعاعات الذرية الزائدة، كما أن للأشجار المثمرة قيمة جمالية كبيرة، فهي تستخدم في تزيين الحدائق العامة والمتنزهات.

أقسام البستنة الشجرية

تقسم الأشجار المثمرة بحسب الإنتاج إلى:

1- التفاحيات: وتضم التفاح والإجاص والسفرجل

2- اللوزيات: وتضم المشمش والكرز والدراق والخوخ.

3- الحمضيات: وتضم البرتقال والليمون والكريفون واليوسفي والبرتقال ثلاثي الأوراق والكمكوات (البرتقال الياباني او الليمون).

4- الجوزيات: وتضم الجوز واللوز والفستق والبيكان والبندق والكستنا .

5- الكرمة.

6- الأشجار شبه الاستوائية: وتضم الزيتون والكاكي والتين والرمان والنخيل والمشمش الهندي.

7- التوتيات mulberry.

تنتسب الأشجار المثمرة إلى 26 عائلة و53 جنساً، أما الأنواع والأصناف فتعدّ بالآلاف. يُشار إلى مفهوم الصنف الاقتصادي الذي يمكن تعريفه بأنه الشكل النباتي المتكاثر خضرياً والحاوي مجموعة ثابتة من الصفات البيولوجية والاقتصادية والمستخدم في ظروف اقتصادية وطبيعية محددة كوسيلة إنتاج زراعي. وتعدّ هذه الصفات نتاجاً لتأثير الإنسان في الطبيعة الحيوية (البيولوجية) للنبات، والتي يجب الحفاظ عليها وتحسينها باستمرار.

نمت الأشجار المثمرة في ظروف بيئية مختلفة، ونتج من ذلك تباين أشكال المجموعتين الخضرية والجذرية وأحجامها. فحسب الحجم تقسم الأشجار إلى أشجار كبيرة الحجم ارتفاعها يتجاوز 8م، وأشجار متوسطة الحجم ارتفاعها 4-6م، وأشجار صغيرة الحجم ارتفاعها أقل من 4م.

أما من حيث طول فترة البقا فتختلف الأشجار المثمرة فيما بينها اختلافاً كبيراً. فمثلاً- وتحت الظروف الجيدة- تعمر أشجار الزيتون والكستنا حتى 1000 سنة، والجوز 100-300 سنة، والتفاح والإجاص 40-100 سنة، والكرز والمشمش 30-50 سنة، والخوخ والدراق
20 -30 سنة. وتختلف أشجار الفاكهة فيما بينها من حيث دخولها في طور الإثمار، ويتوقف هذا على المنشأ والأصل والصفات الوراثية وظروف الوسط المحيط. والفرق واضح وكبير بين الأشجار البذرية المنشأ والمُطعَّمة. فالأشجار المُطعَّمة تدخل طور الإثمار مبكراً جداً مقارنة بالأشجار بذرية المنشأ.

المشاتل

تؤدي المشاتل دوراً مهماً في نجاح زراعة الأشجار المثمرة وإنتاجها، إذ تعد المصدر الرئيس للحصول على الغراس الجيدة و المطابقة للشروط الفنية. يهدف إنشاؤها إلى تخصيص أماكن تتوفر فيها الظروف البيئية والخدمات الفنية المناسبة لإكثار نباتات الأشجار المثمرة وتربيتها في السنوات الأولى من حياتها قبل غرسها في الأرض الدائمة، وذلك نظراً لسرعة تأثر الغراس الصغيرة بالعوامل الخارجية للوسط المحيط. ويتوقف نجاح المشتل على حسن اختيار موقعه، ولتحقيق ذلك لابد من توفر الظروف التالية:

1- قرب المشتل من مصادر المياه لتوفير السقاية اللازمة للغراس.

2- خلو التربة من الأملاح الضارة والابتعاد عن الترب الطينية الثقيلة والرملية.

3- يفضل أن تكون المنطقة محمية من الرياح طبيعياً أو بوساطة مصدات الرياح.

4-قرب المشتل من طرق المواصلات والمناطق الآهلة بالسكان لتوفير اليد العاملة.

أقسام المشتل الرئيسة:

قسم الإكثار: يُخصّص لإنتاج الأصول لتطعيم الأصناف الجيدة عليها (الشكل 1). ويتألف بدوره من الحقول التالية: حقل الإكثار البذري، وحقل التشتيل، وحقل الإكثار الخضري.

الشكل (1) غراس مطعمة في المشتل

قسم التربية: يحتل 50% من مساحة المشتل الكلية، وتُجرى فيه أهم العمليات المتعلقة بإعداد الغراس من تطعيم ورعاية، ويتألف من حقل المطاعيم، و حقل غراس بعمر سنة، وحقل غراس بعمر سنتين (الشكل 2).

الشكل (2) قسم التربية في مشتل الفاكهة.

قسم الأمهات: ويضم حقلي الأمهات البذرية والخضرية.

تشتمل المنشآت الفنية للمشتل على :

1- المراقد: هي أحواض من الخشب أو الإسمنت تغطى بألواح زجاجية متحركة. منها مراقد عادية تُدفأ بحرارة أشعة الشمس، ومراقد حرارية تزوّد بحرارة اصطناعية. تُحَضَّر المراقد لاستقبال البذور بعد تعقيمها إما بالبخار وإما بالمواد الكيميائية (الفورمالهيد، كلوروبكرين، بروميد المِتيل، الفابام) للقضا على المسببات المرضية الفطرية والبكترية.

2- الدفيئات: مجهزة بأنظمة لضبط درجة الحرارة والرطوبة والري والتسميد والإضا ة. وتحتوي على غرف للإكثار والتقسية.

3-المظلات الخشبية: توفر تظليل النباتات أو تغطيتها لحمايتها من أشعة الشمس ومن الجفاف.

يجري إكثار الكثير من نباتات الفاكهة ولاسيما الدائمة الخضرة بأكياس سودا من اللدائن (البلاستيك) قطرها نحو 10-20 سم وارتفاعها 20-40 سم، مثقبة من جوانبها بثقوب قطرها نحو 3 مم على شكل صفوف. تُحَضَّر الخلطة آلياً أو يدوياً، وتتألف من الرمل والتربة والسماد العضوي المتخمر. يضاف إليها عادة السماد المعدني (آزوت - بوتاسيوم- فسفور). وتستخدم في تعبئة المراقد -عند استخدامها للإكثار- مواد مختلفة مثل الرمل والدبال والفيرميكيوليت vermiculite والبيرليت perlite وبقايا الأوراق المتحللة وسواها.

طرائق الزراعة

عند بلوغ الغراس المطعّمة الطول والقطر المطلوبين، تُقلَعُ من قسم التربية مع المحافظة على أكبر عدد ممكن من جذورها، ومن ثم تغمس الجذور في روبة الطين للحفاظ عليها من الجفاف وتُلَفّ بالخيش لتنقل فيما بعد إلى البستان لزراعتها (الشكل 3). وإذا كانت الغراس مزروعة في الأكياس اللدائنية (البلاستيكية) فتنقل مباشرة من دون الحاجة إلى هذه الإجرا ات. وفي البستان توضع الغرسة على الهرم الترابي بجانب الوتد الدال على مكانها ثمَّ تُرْدَم الحفرة بالتراب مع رَصِّهِ جيداً حول جذور الغرسة، ويُنْشأ حوض للسقاية. تُسقى الغرسة ثم تُربَّط بالسنادة المغروزة بجانبها منعاً لاهتزازها بالرياح. يُشترط في الغراس المستخدمة أن تكون بطول معين وبقطر لا يقل عن 1,5 سم. و تجدر الإشارة إلى أنه من الضروري تقليم الجذور قبل وضعها بالحفرة للمساعدة على تكوين تفرعات جذرية جديدة بالقضا على السيادة القمية للجذور إضافة إلى التخلص من الجذور المهشمة واليابسة.

الشكل (3) طريقة زراعة الغراس في بساتين الفاكهة.

مراجع للاستزادة:

- فيصل حامد، وعماد العيسى، ومحمد بطحة، إنتاج الفاكهة، جامعة دمشق، 2007.

- علي الدجوي، موسوعة زراعة وإنتاج نباتات الفاكهة– الكتاب الأول: الفاكهة مستديمة الخضرة، مكتبة مدبولي، القاهرة 1997.

- C. Shry, H.E. Rreiley, Introductory Horticulture, Cengage Learning, 2016 .

- N. I. Vavilov, The Origin, Variation, Immunity and Breeding of Cultivated Plants, Translated from Russian by K . Starr Chester, 1951.

 

 

 

 

 

 

 


- التصنيف : العلوم والتقانات الزراعية والغذائية - النوع : العلوم والتقانات الزراعية والغذائية - المجلد : المجلد الخامس مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1