البكتريا الأجرعية
بكتريا اجرعيه
Agrobacterium -
البكتريا الأجرعية
لبنى مقراني
بيئة الأجرعية ومصادر عزلها وتنميتها
أساليب حفظ الأجرعية
استعمال الأجرعية في تحوير النبات
الأجرعية Agrobacterium هي جنس من البكتريا الهوائية سالبة الغرام، من فصيلة المُسْتَجِذَرات Rhizobiaceae (الشكل 1)، تعيش في التربة. اكتشفها الباحث كون H. J. Conn، تسبب الأورام للنباتات؛ إذ تؤدي إلى تدرّن الجذور الشعرية وظهور الأورام خلال عشرة أيام تقريباً من الإصابة.
الشكل (1) صورة بالمجهر الإلكتروني الماسح للبكتريا الأجرعية التي تبدو بشكل عصوي صغير تحمل من واحد حتى 6 سياط. |
ينتج الورم من القدرة الفريدة التي تمتلكها بكتريا الأجرعية على نقل جزء من مادتها الوراثية إلى الخلية المضيفة (النبات)؛ لذا تُعد الأجرعية مهندساً وراثياً طبيعياً للنبات . تبدأ العدوى عندما تغزو البكتريا الأنسجة النباتية من خلال الجروح في النبات، وترتبط بجدار الخلية النباتية؛ عندها يتم نقل شدفة صغيرة من DNA البلاسميد محرّض الأورام Tumor inducing plasmid (Ti) إلى نواة الخلية المضيفة، تمتلك الشدفة المنقولة جينات تؤدي إلى إفراز خلايا النبات لهرمونات مثل الأكسين والسيتوكينين، يؤدي الإفراط في إنتاج تلك الهرمونات في الخلايا المحورة إلى تكاثر الخلايا وتشكل الورم. يبين الشكل (2) آلية عدوى بكتريا الأجرعية لخلية نباتية؛ إذ لدى ارتباط البكتريا بجدار الخلية النباتية (1) مع وصول إشارات من الخلية النباتية واستشعارها (2)؛ يتم تنشيط معقد جينات الفوعة virulence gene complex الذي يتوسط في نقل جزء من T-DNA وبروتينات الفوعة إلى الخلية النباتية المضيفة (3) و(4)؛ واندماج T-DNA ضمن المادة الوراثية للنبات؛ (5) و تحريض إفراز خلايا النبات لهرمونات الأكسين والسيتوكينين وتشكل الورم.
الشكل (2) رسم تخطيطي لآلية عدوى بكتريا الأجرعية لخلية نباتية و نقل جزء من مادتها الوراثية إليها. |
جدير بالذكر بأنه ليست كل عزلات الأجرعية تمتلك القدرة على تحفيز تشكيل الأورام للنبات، فبعض السلالات غير قادرة على تعرف الخلايا النباتية المصابة وإخماجها، في حين تحتوي بعض السلالات الأخرى على جينات التركيب الحيوي للهرمونات بحالة مُعَدَلة؛ ومن ثمَّ لا تثير أي استجابة؛ أو تسبب فقط تشكيل الجذر. وتفتقر سلالات أخرى إلى وجود البلاسميد Ti المحتوي على جينات الفوعة (بما فيها virG) التي تسهل في النهاية نقل الحمض النووي T-DNA إلى الخلايا النباتية.
يعتمد في تحديد السلالات الممرضة من غيرها على تقنية تفاعل البوليمراز المتسلسل Polymerase Chain Reaction (PCR)؛ إذ تستعمل أزواجاً من المرئسات primers النوعية لجينات الفوعة virulence genes. وتجدر الإشارة أيضاً إلى إمكان تعريف بعض السلالات الممرضة بالاعتماد على قدرتها على النمو بوجود مركبات الأوبين opines.
ينقسم جنس البكتريا الأجرعية إلى عدد من الأنواع تعكس في معظم الأحيان أعراض الأمراض التي تسببها ومجموعة المضيفات hosts التي يمكن أن تحتويها؛ ففي حين يُعدّ A. radiobacter نوعاً غير ممرضٍ، فإن الأجرعية المورمة A. tumefaciens تسبب مرض التدرن التاجي crown gall. ويسبب النوع A. rhizogenes مرض الجذر الشعري hairy root، في حين تؤدي الإصابة بـنوع A. rubi إلى تدرّن القصب cane gall. وقد تبيّن مؤخراً أن A. vitis يعدّ نوعاً جديداً ينتمي إلى جنس البكتريا الأجرعية ويسبب تدرّن نبات العنب grape galls.
كذلك تمّ تقسيم جنس البكتريا الأجرعية إلى أنماط حيوية biotypes مختلفة بالاعتماد على خصائصها الفيزيولوجية. يضم النمط الحيوي 1 معظم سلالات A. tumefaciens، وهو نمط لا يتطلب عوامل نمو معينة، ولديه القدرة على النمو بوجود 2 % من كلور الصوديوم NaCl. تنتج معظم السلالات 3-كيتولاكتوز 3-Ketolactose، وتنتج كل الأنماط الحيوية حموضاً ابتداءً من المانيتول mannitol والأدونيتول adonitol. يمكن أن تنمو بعض سلالات الأنماط الحيوية 1 عند درجة حرارة 37°س، علماً أنها قد تفقد البلاسميد
Ti plasmid؛ الضروري للإمراضية virulence عند درجة الحرارة هذه. من ناحية أخرى يضم النمط الحيوي 2 معظم سلالات A. rhizogenes التي تحتاج إلى البيوتين biotin لنموها ولا يمكنها العيش بوجود 0.5 % من كلور الصوديوم NaCl؛ أو عند درجات حرارة نحو 37°س. أما النمط الحيوي 3 فيضم معظم سلالات A. vitis، ويُصنّف بعض الباحثين أنماطاً من سلالات A. tumefaciens ضمن هذه المجموعة، كما هي الحال بالنسبة إلى سلالات النمط الحيوي 1، وقد تنمو سلالات النمط الحيوي 3 بوجود 2 % من كلور الصوديوم؛ ولكنها عموماً لا تنمو عند درجة حرارة 37°س.
بيئة الأجرعية ومصادر عزلها وتنميتها
توجد هذه البكتريا غالباً مرتبطة بالجذور في التربة؛ أو بالدرنات أو السوق الموجودة تحت سطح الأرض، ويمكن عزلها من الأورام التي تسببها لدى العديد من النباتات مثل الورود والحور والأشجار المثمرة. يمكن في بعض الحالات عزلها من لحاء (زْيلَم) xylem النبات المصاب، ولعلّ أفضل مثال على ذلك عزل بكتريا A. vitis من لحاء الكُروم المصابة. وعلى الرغم من شيوع انتشار الأجرعية في الترب المحروثة والنباتات المزروعة؛ لكن بعض الأنماط الحيوية مثل النمط الحيوي 1 والنمط الحيوي 2 يمكن أن يوجدا مرتبطين بجذور نباتات غير مزروعة في مناطق السّافانا savanna والمروج الطبيعية.
يمكن تنمية هذه البكتريا بعد عزلها في أوساط تربية خاصة تحتوي على مادة الأغار agar، بوجود مستخلص الخميرة أو من دونه. وتتطلب بعض السلالات وجود فيتامين ب لنموها، وغالباً ما يُضاف إلى أوساط التربية البيوتين وحمض البنتوتينيك pantothenic acid أو حمض النيكوتينيك nicotinic acid.
وقد لوحظ أن بكتريا الأجرعية لا تنتج صبغة مفلورة fluorescent pigment عند وجودها في وسط كينغ King. إن العديد من سلالات الأجرعية- بما في ذلك معظم عزلات A. rhizogenes- حسّاسة لوجود الملح، ولا تستطيع النمو في بعض الأوساط مثل وسط لوريا برتاني آغار Luria-Bertani agar الذي يحتوي كمية كبيرة من كلور الصوديوم.
تكون مستعمرات هذه البكتريا غالباً بيضاء اللون أو أقرب إلى اللون الأبيض المصفر أو الوردي الشاحب. وقد يؤدي إنتاج كمية كبيرة من متعدد السكاريد polysaccharide خارج الخلايا في بعض الأوساط إلى مظهر مائي للمستعمرات البكترية. تحتاج بكتريا
A. Tumefaciens عادة من يومين إلى أربعة أيام لكي تُكوّن مستعمرة في الأوساط المعقدة، في حين قد تتطلب بعض السلالات المنتمية إلى بكتريا A. rhizogenes فترة أطول تصل إلى أسبوع من أجل تكوين مستعمراتها في تلك الأوساط، ويحدث النمو المثالي ضمن درجات حرارة تراوح بين 25- 28 ºس، أما درجات الحرارة المناسبة لإصابة النبات فهي أدنى بقليل.
أساليب حفظ الأجرعية
يمكن حفظ الأجرعية بجميع أنماطها الحيوية في أوعية زجاجية تحتوي مادة الأغار المغذي، أو في وسط لوريا أغار Luria agar بالنسبة إلى الأنماط الحيوية 1 و3، وذلك ضمن درجة حرارة الغرفة، ولزمن طويل قد يزيد على 10 سنوات. كما يمكن حفظها مجمّدة في الغليسرول glycerol (25 %) عند درجة حرارة -70°س. أما الزراعات السائلة للأنماط الحيوية 1 و 3 فتحفظ في البراد لمدة عشرة أسابيع، بعد وضعها ضمن محلول فسفور ملحي واقٍ يحوي 1 ميلي مول من كبريتات المغنزيوم MgSO4.
استعمال الأجرعية في تحوير النبات
1- ستعمال الأجرعية المورمة A. tumefaciens:
يسبب هذا النوع من الأجرعية مرض التدرّن التاجي (الشكل 3) لكثير من النباتات ثنائيات الفلقة، وهو تورّم يظهر عند منطقة التاج (مكان التقاء الساق بالجذور)، وقد قادت دراسة الأسباب المؤدية إلى حدوث هذا المرض إلى تغيير هدف الباحثين من الرغبة في فهم آليات حدوثه إلى استحداث أحد أهم وسائل التحسين الوراثي وتطوير أساليب الهندسة الوراثية المستخدمة حالياً في التحوير الوراثي.
الشكل (3) مرض التدرّن التاجي الذي تسببه الأجرعية المورمة لبعض النباتات. |
وقد تبيّن أنّ الأجرعية المورمة تمتلك القدرة على نقل جزء محدد من الـDNA الخاص بها -الذي يدعى بالدنا الناقل transfer-DNA(T-DNA)-إلى النباتات؛ إذ يوجد هذا الجزء ضمن البلاسميد Ti (الشكل 4)؛ الموجود داخل الخلية البكترية بمعزل عن الصبغي البكتري، ويملك القدرة على تحوير 95 % من خلايا الورم. يُعرف البلاسميد Ti بكبر حجمه (يزيد على 200 كيلو أساس Kp)، ويحمل هذا الجزء من البلاسميد منطقة تحوي جينات مسببة للتورم oncogene region (onc)، وهي مشفرة لإنتاج هرمونات نمو مثل الأكسينات auxins والسيتوكينينات cytokinins؛ المسؤولة عن حدوث انقسامات خلوية تؤدي إلى ظهور الورم. يحمل T-DNA أيضاً جينات مسؤولة عن إنتاج مشتقات الأرجنين مثل النوبالين nopaline أو الأكتوبين octopine والتي يتم استقلابها من البكتريا المتكاثرة في الورم. يتم انتقال الدنا الناقل T-DNA بوساطة بروتينات خاصة يتم إنتاجها من جينات موجودة ضمن البلاسميد Ti، وهي تقع ضمن ما يعرف بمنطقة جينات الفوعة.
الشكل (4) رسم تخطيطي يوضح البلاسميد Ti الذي يحمل مجموعة من الجينات المسؤولة عن نقل T-DNA، الاقتران وكذلك استقلاب الأوبين. |
كان لتشكّل الأورام عند النبات ولوجود المركبات المذكورة سالفاً دلالة واضحة على حدوث تعبير مورثي لجينات منطقة الدنا الناقل، وقد أوجدت الآلية الطبيعية في نقل الدنا من البكتريا إلى النبات فكرة إدخال دنا خارجي بين حافتي منطقة الدنا الناقل، وتم تطبيقها منذ ثمانينيات القرن الماضي، وعُرف بعد ذلك مباشرة أن كل ما يلزم لإدخال جين ما إلى نبات هو السلسلتان المكررتان نحو 25 كيلوقاعدة (أساس) والمعروفتان بالحدين (أو الحافتين) اليميني right border (RB) واليساري left border (LB) لمنطقة الجينات المورمة onc. إضافة إلى منطقة جينات الفوعة vir، لذلك كان بالإمكان فصلهما واستخدامهما ضمن ما يعرف بنظام نواقل ثنائية binary vectors، وتتمتع هذه الطريقة شبه الطبيعية في التحوير بميزات عدة منها: بقاء النبات المحوّر خصباً، وإمكان انتقال الجزء المدخل من الدنا إلى الأجيال التالية بطريقة مندلية تقليدية.
ونظراً لمحدودية استخدام الأجرعية المورمة- إذ إنها تصيب ثنائيات الفلقة خاصة- فقد تمّ تطوير أساليب أخرى في التحوير الوراثي؛ وبذلك لم يقف الباحثون عاجزين أمام استخدام هذه البكتريا في تحوير أحاديات الفلقة، وقد جرت مؤخراً عمليات تحوير لعدد من النباتات أحادية الفلقة مثل الرز والذرة والقمح والموز، ومع ذلك ما يزال استخدامها في تحوير أحاديات الفلقة محدوداً نسبياً.
2- استعمال النوع A. rhizogenes:
تنقل هذه البكتريا منطقة T-DNA الموجودة في البلاسميد Ri (root inducer أي محرّض الجذور) إلى المادة الوراثية النباتية، مسببة مرض الجذر الشعري لدى ثنائيات الفلقة. لهذا المرض خاصية التنامي في المختبر، مما سمح بدراسة وظائف الجينات المسؤولة عن تشكّل الجذور، ولكن مثل هذه الدراسات لم تشمل وظائف الجينات على مستوى النبات الكامل بسبب عدم حدوث تحوير للأجزاء العلوية للنبات (الشكل 5).
الشكل (5) رسم تخطيطي يوضح البلاسميد Ri والمناطق الجينية التي يحملها مثل اصطناع الأوبين وهدمه والنقل الاقتراني وجينات الفوعة وكذلك الجينات الورمية. |
مراجع للاستزادة: - E. Nester, M. P. Gordon, A. Kerr, Agrobacterium Tumefaciens: from Plant Pathology To Biotechnology. American Phytopathological Society (APS Press), 2005. Y. Shi, L. Y. Lee, S. B.Gelvin, Is VIP1 Important for Agrobacterium‐Mediated Transformation?, The Plant Journal 2014. - A. Slater, N. W.Scott , M. R. Fowler, Techniques for Plant Transformation. Plant Biotechnology: The Genetic Manipulation of Plants. Oxford University Press, Oxford 2008. - A. Ziemienowicz, T.Tzfira, B.Hohn, Mechanisms of T-DNA Integration. In Agrobacterium: From Biology To Biotechnology, Springer, New York 2008 |
- التصنيف : الوراثة والتقانات الحيوية - النوع : الوراثة والتقانات الحيوية - المجلد : المجلد الخامس مشاركة :