الاستقطاب (قياس-)
استقطاب (قياس)
Plarimetry - Polarimétrie
الاستقطاب (قياس-)
عصام الجغامي
الاستقطاب polarization خاصية لأنواع معينة من الأمواج تصف اتجاه اهتزازتها. فالأمواج الكهرطيسية electromagnetic waves مثل الضوء وأمواج الجاذبية تظهر استقطاباً، أما الأمواج الصوتية acoustic في السوائل أو الموائع فليس لها استقطاب، حيث إن اتجاه الاهتزاز هو اتجاه الانتشار ذاته.
يُنفذ قياس الاستقطاب polarimetry عادةً على الأمواج الكهرطيسية التي تعبرُ مادة أو جسماً ما، أو تنعكس أو تنكسر أو تنحرف عنها؛ بهدف توصيف تلك المادة أو الجسم.
يُستخدم قياس الاستقطاب لتحديد الخصائص الضوئية المختلفة للمواد بما في ذلك الانكسار المضاعف birefringence الخطي، والانكسار المضاعف الدائري (والذي يُعرف أيضاً بالدوران البصري optical rotation)، واللونانية (الإثنانية اللونية) dichroism الخطية، واللونانية الدائرية، والتبعثر scattering.
يُطلق على قياس استقطاب الأغشية الرقيقة والسطوح، اسم قياس التفلطحية (أو الإهليلجية) ellipsometry؛ إذ يكون الضوء في هذه الحال مستقطباً استقطاباً إهليلجياً.
يمكن إدراج قياس الاستقطاب في إجرائيات التحليل الحسابي للأمواج، فعلى سبيل المثال، تأخذ الرادارات بالحسبان استقطاب الموجة في المعالجة اللَّحقية post-processing بهدف تحسين تمييز الأهداف.
طرائق القياس وإجرائياته
يعود استقطاب الأمواج الكهرطيسية إلى تراصف مركّبتي الحقلين الكهربائي والمغنطيسي في مستوٍ عمودي على اتجاه انتشار الموجة. وبسبب تعامد حقلي الموجة الكهربائي والمغنطيسي يمكن الاكتفاء بدراسة تغيرات متجه الحقل الكهربائي بدلالة الزمن.
يمكن وصف الحقل الكهربائي للموجة المستوية كمجموعٍ متجهي لمركّبتين متعامدتين، هما عادةً المركّبة الأفقية والرأسية، حيث تُوصف هذه المركِّبات بدورها بوساطة مطال كل منها والطور النسبي فيما بينها. فعند النظر على طول اتجاه الانتشار، وبافتراض جملة إحداثيات محددة تمتلك محورين أفقياً وعمودياً، يرسم رأس متجه الحقل الكهربائي للموجة المستقطبة استقطاباً كلياً أثراً يمتلك شكلاً منتظماً، هو- عموماً- شكل إهليلجي يسمى إهليلج الاستقطاب polarization ellipse (الشكل1).
الشكل(1): إهليلج الاستقطاب ومتحولاته. |
يوصف إهليلج الاستقطاب باستخدام ثلاثة متحولات تُعطى بدلالة مركّبات متجه الحقل الكهربائي على النحو الآتي:
1 - مطال الإهليلج ، ويتحدد من محوريه بالعلاقة (1):
2 -توجه الإهليلج ، وهو الزاوية التي يصنعها المحور الكبير للإهليلج مع المحور الأفقي، وتقاس بعكس اتجاه دوران عقارب الساعة، وتسمى زاوية توجه orientation الموجة الكهرطيسية، ويمكن أن تأخذ القيم من حتى ، وتعطى بالعلاقة (2):
حيث
3 - بيضوية الإهليلج ، وتُوصف بوساطة متغير الشكل المسمى الإهليلجية ellipticity، ويأخذ قيماً تقع بين و . وتُعطى الإهليلجية بالعلاقة ، حيث a نصف قطر القطع الإهليلجي الكبير و b نصف قطر القطع الصغير، أو تعطى بدلالة مركبات الحقل الكهربائي بالعلاقة ( 3):
حيث تدل إشارة على اتجاه الدوران على الإهليلج.
ويمكن في حالات خاصة أن يُرد الإهليلج إلى دائرة، فيكون عندها الاستقطاب دائرياً (أيمن أو أيسر)، أو أن يُختزل إلى خط مستقيم ليكون الاستقطاب خطياً (أفقي أو رأسي)، كما هو مبيّن بالشكل ( 2).
الشكل ( 2): الأنواع المختلفة للاستقطاب. |
تجدر الإشارة إلى أنه يُرمز لاستقطاب الأمواج الصادرة والراجعة بزوجين من الرموز. فعلى سبيل المثال، تستخدم المنظومات الرادارية الرمزين و للاستقطاب الخطي الأفقي والرأسي، على الترتيب. يمكن بذلك استخدام أربع قنوات في الرادار، توافق التراكيب المختلفة للاستقطاب الخطي لكل من الموجتين الصادرة والراجعة، وعندها يسمى برادار الاستقطاب التربيعي. ثمة منظومات رادارية أحادية الاستقطاب، وأخرى ثنائية الاستقطاب.
هناك طريقة أخرى لتحديد حالة الاستقطاب باستخدام متجه جونز Jones vector. ويتحدد متجه جونز بوساطة مقدارين عقديين، ويتطلب بذلك قياس الموجة الواردة، وتسجيل كل من مطال الموجة الواردة وطورها، وهذا يفرض على جملة القياس أن تكون مترابطةً، وهي المعتمدة في القياسات الحديثة.
أما جمل القياس غير المترابطة - وهي أقدم طريقة - فقد اعتمدت في وصف استقطاب الموجة على قياسات الاستطاعة فقط. وقد أدخل الفيزيائي البريطاني ستوكس Stokes المتغير الذي يتناسب والشدة الكلية للموجة؛ لوصف حالة استقطاب الموجة الكهرطيسية بوساطة متجه رباعي يُعرف بمتجه ستوكس، ويعطى بالترميزات المختلفة المبينة في العلاقة (4).
يطلق على المقادير S0 و S1 و S2 و S3 وS4 موسطات parameters الاستقطاب، حيث يمثل S0 الشدة الكلية للحزمة الضوئية، و S1 رجحان preponderance الضوء المستقطب أفقياً وخطياً (LHP) على الضوء المستقطب أفقياً ورأسياً (LHV)، و S2رجحان الضوء المستقطب بزاوية + 45ْ وخطياً (L+45p)على الضوء المستقطب بزاوية -45ْ وخطياً (L-45p)، و S3 رجحان الضوء المستقطب دائرياً ويمينياً (RCP) على الضوء المستقطب دائرياً ويسارياً (RLP).
وفيها تمثل و القيم المطلقة للمركّبات الأفقية والرأسية لمتجه الحقل الكهربائي، و توجه الإهليلج، و بيضوية الإهليلج، والدليل المرافق العقدي. تسمى المتحولات متحولات ستوكس وترتبط فيما بينها بالعلاقة (5):
يمكن أن تكون الموجة الكهرطيسية المستوية مستقطبة كلياً، أو جزئياً، أو غير مستقطبةٍ بالكامل. ففي حالة الاستقطاب الكلي، تكون ثلاثة متحولات فقط من متحولات ستوكس في المجموعة مستقلةً. ويدل متحول ستوكس على الاستطاعة الكلية (الشدة) للموجة، ويمثل الاستطاعة الكلية في المركبات الأفقية أو الرأسية المستقطبة خطياً، ويساوي الاستطاعة في المركّبات المستقطبة خطياً بزوايا أو ، وأخيراً يدل على الاستطاعة في المركّبة المستقطبة استقطاباً دائرياً يمينياً ويسارياً في مستوي الموجة. إذا كان أي من هذه المتحولات يمتلك قيمةً مغايرةً للصفر، فهذا يدل على وجود مركّبة مستقطبة في مستوي الموجة.
تمتلك متحولات ستوكس أهميةً كبيرةً في وصف المطال والطور النسبي، ومن ثَم في وصف استقطاب الموجة. ويمكن الحصول عليها من قياسات الاستطاعة فقط. لهذا السبب يمكن بوساطة متجه ستوكس وصف حالة استقطاب الموجة بوساطة أربعة متحولات حقيقية وليست عقدية.
يمكن تمثيل متجه ستوكس في فضاء ثلاثي الأبعاد؛ لكونه يتحدد بالكامل بوساطة ثلاثة متحولات مستقلة. تسمى عملية التمثيل هذه كرة بوانكاره Poincaré sphere. يمكن وصف الموجة المستقطبة استقطاباً كلياً بوساطة نقطة تقع على كرة بوانكاره، حيث تؤخذ متحولات ستوكس الثلاثة إحداثياتٍ كروية لنقطة واقعة على كرة نصف قطرها يساوي شدة الموجة (الشكل 3 ).
إذا كانت الموجة الكهرطيسية مستقطبة استقطاباً جزئياً وليس كلياً؛ فإنه بالإمكان وصفها بوساطة مجموع موجة مستقطبة كلياً وموجة غير مستقطبة كلياً (أو موجة ضجيج).
الشكل ( 3) كرة بوانكاره |
يعتمد وصف تبعثر الموجة المستقطبة استقطاباً محدداً عن هدف ما - سواء أكان عاكساً منفصلاً أو سطحاً موزعاً - على قياس خصائص تبعثر الهدف بوساطة الرادار الاستقطابي polarimetric radar؛ إذ يصدر الرادار موجة باتجاه الهدف، فتتبعثر عنه في جميع الاتجاهات. يسجل الرادار جزء الموجة المتبعثرة الراجعة باتجاه هوائي الاستقبال، الذي غالباً ما يكون في المكان نفسه الذي يقع فيه هوائي الإرسال. يقود استخدام الرادار إلى معرفة المزيد عن خصائص الهدف، وذلك بوساطة التحكم في استقطاب الموجة الواردة على الهدف، وقياس خصائص استقطاب الموجة المتبعثرة الراجعة.
عندما ترد إلى الهدف موجة مستقطبة استقطاباً أفقياً أو رأسياً، فقد يضم استقطاب الموجة المتبعثرة الراجعة مساهمة كل من الاستقطاب الأفقي والرأسي. ولما كانت المركّبات الأفقية والرأسية تشكل مجموعة أساس متكاملة لوصف الموجة الكهرطيسية؛ يمكن وصف جميع خصائص التبعثر الراجع للهدف بوساطة مصفوفة التبعثر [s] التي تعطى بالعلاقة ( 6):
تصف هذه المصفوفة تحويلات الحقل الكهربائي للموجة الواردة Ei إلى الحقل الكهربائي للموجة المتبعثرة. يشير الدليل العُلوي إلى الموجة الواردة، والدليل إلى الموجة المتبعثرة. يمكن بقياس هذه المصفوفة حساب كل من شدة الموجة المتبعثرة واستقطابها من أجل أي استقطاب اختياري للموجة الواردة؛ نظراً لإمكانية كتابة أي موجة واردة بدلالة مجموعة الأساس .
إن العناصر الأربعة لمصفوفة التبعثر هي أعداد عقدية، ويمكن الحصول عليها من المقادير والأطوار المقاسة بوساطة القنوات الأربع للرادار الاستقطابي، وذلك بعد إجراء عملية معايرة دقيقة. تُطبَّق خصائص تبعثر الهدف المقاسة فقط عند ذلك التواتر، وزاوية الحزمة المستخدمين في منظومة الرادار. علاوةً على ذلك من الضروري تحديد الإحداثيات المكانية لكل من الموجة الواردة، وتلك المتبعثرة
مراجع للاستزادة: - R. Bellazzini, X-ray Polarimetry, Cambridge University Press, 2010. - M. I. Mishchenko et al., Polarimetric Detection, Characterization and Remote Sensing, Springer, 2011. - J.S. Tyo et al., Review of Passive Imaging Polarimetry For Remote Sensing Applications, Appl. Optics, V. 45, No. 22, pp. 5435- 5469, 2006. |
- المجلد : المجلد الثاني مشاركة :