الإنتاج (هندسة)
انتاج (هندسه)
production (eng) - Ingénierie de production
الإنتاج (هندسة-)
محمود إبراهيم
الإنتاج التجريبي |
تصميم المنتَج وتطويره |
تصميم منشأة الإنتاج | عمليات الإنتاج |
تحسين عمليات التشغيل |
دراسة السوق |
هندسة الإنتاج production engineering هي فرع من فروع الهندسة الميكانيكية التي تُعنى بدراسة حقول متعددة؛ وفروع علمية متنوعة في مجال الإنتاج والصناعة والميكانيك والكهرباء والهندسة المدنية، كما تتناول علم الإدارة وعلوم الحاسوب. ويكون التركيز فيها على المجالات التخصصية المهمة كالروبوتية والتصميم بمعونة الحاسوب (CAD) والإنتاج بمعونة الحاسوب (CAM) والذكاء الصنعي ومعالجة المواد، وغيرها. وقد جرى مؤخراً تطوير البرامج التعليمية لتشمل فصلاً جديداً؛ هو الإنتاج النظيف بهدف التعمق في موضوع حماية البيئة من مخلفات الإنتاج الصناعي.
تؤدي هندسة الإنتاج دوراً أساسياً في الاستفادة القصوى من المكتسبات الوطنية وتزويد الزبائن بمنتجات وخدمات عالية الجودة في الوقت المناسب وبتكلفة مقبولة ومنافسة في السوق. يحتاج هذا الفرع الهندسي إلى تعاون مع مختصين مدربين في مجالات هندسية أخرى مثل الهندسة الصناعية وهندسة التشغيل وتصميم المنتَج والتسويق والتمويل والتخطيط المشترك ومتطلبات بيئة العمل (الإرغونومية Ergonomics: علم دراسة تصميم المعدات والأجهزة بحيث تناسب الإنسان وقدراته). تقوم بمهمات هندسة الإنتاج في العديد من المؤسسات فرق عمل مؤلفة من أفراد يتمتعون بمهارات مختلفة؛ بدلاً من إجراء ذلك في قسم مختص بهندسة الإنتاج يتولى هذه المهمات في المعمل الواحد. وقد أصبح من الشائع أن يضم فريق هندسة الإنتاج- إلى جانب العاملين فيه داخل المؤسسة- عاملين من مواقع جغرافية متعددة، ومن مؤسسات أخرى. ومن الشائع في الوقت الحاضر أن يجري تصميم منتج شركة ما في أحد البلدان وإنتاج عناصره في بلد آخر، وتجميع المنتَج النهائي في بلد ثالث. وقد تُستخدم عناصر ومنظومات ثانوية مهمة في المنتَج النهائي من صنع شركات أخرى، وهذا ما يفرض على فرق هندسة الإنتاج أن تضم عاملين من شركات مختلفة، وقد جاءت التطورات الأخيرة في تقانة الاتصالات عبر الإنترنت والعمل المشترك بمعونة الحواسيب لتدعم هذا التعاون.
ومع أن هندسة الإنتاج نشأت وتطورت في قطاع الصناعة لتصنيع منتج تقليدي؛ فقد أصبح لها حديثاً تطبيقات متزايدة في الصناعات الخدمية المختلفة مثل قطاع المصارف والنقل الجوي والخدمات الترفيهية وقطاع التأمين. وأصبح مفهوم المنتَج يشتمل على معنى المنتَج الخدمي، بما في ذلك معايير الجودة والنوعية والموثوقية عند إبرام العقود الثانوية، وتوفير خدمات ثانوية عند الحاجة. وتتجه القرارات في الصناعة الخدمية نحو توصيف الخطوات اللازمة لعملية المصادقة على القروض أو لمعالجة المطالبة بالتأمين؛ يرافقها نوع من الدعم الحاسوبي اللازم لكل خطوة.
مرت مهنة هندسة الإنتاج بالعديد من المراحل مثل: مرحلة تخصيص العمل وتبسيطه، ومرحلة تقييس المنتَجات، ومرحلة الإنتاج بالجملة، ومرحلة الإدارة العلمية. وقد وصلت هذه المهنة إلى مرحلة التكامل الصناعي باستخدام الأساليب التقنية والطرائق الرياضية الحديثة لبحوث العمليات والإحصاء والعلوم الاجتماعية والإنسانية والنفسية المرتبطة بالعمل الصناعي وظروفه وإدارته الفنية. واستُحدثت عدة مفاهيم لتكامل العناصر المختلفة أحدثت تغيرات جذرية في أساليب تصميم المنظومات المختلفة وتشغيلها، ومن أهمها: مفاهيم العامل الإنساني والنفسي، والأتمتة والإنتاج المرن، والإنتاج في الوقت المحدَّد، وإدارة الجودة الشاملة، وإدارة عمليات الهندسة، وإدارة عمليات الإمداد. وقد أدى تطبيق هذه المفاهيم في الدول المتقدمة إلى تطور كبير في التقنيات؛ وتكامل منظومات الإنتاج والاستعانة بالحواسيب في إدارة الآلات وغير ذلك من الأنشطة الصناعية، مما أدى إلى ازدهار الصناعة ورفع الكفاءة الإنتاجية فيها. وتسعى اليوم بعض الدول النامية لاستيعاب هذه المفاهيم وتسخيرها لرفع الكفاءة الإنتاجية في صناعتها وخفض التكلفة لتتمكن من المنافسة في الأسواق.
تصميم المنتَج وتطويره:
يُصّمم المنتَج ومكوناته الأساسية بدراسة الأحمال والعزوم المختلفة التي يتعرض لها عند الاستعمال، واختيار المواد الأولية لمختلف عناصره، وتحديد شكل كل جزء منه بحسب الأحمال التي قد يتعرض لها. كما تُدرس موثوقية المنتَج وتكلفتُه وقابليته للإنتاج، إضافة إلى برامج الصيانة وخططها المختلفة، وتأثير المنتَج في البيئة والضوضاء الناجمة عن استعماله، ومعرفة العيوب في العناصر الجزئية أو الكلية وتحليلها؛ سواء بالطرق التحليلية أم الإحصائية ومعالجتها. ويقوم فريق هندسة الإنتاج بالتنسيق مع المصممِّين بتصميم منتَج مقبول اقتصادياً أو تطوير منتَج سابق مع المحافظة على وظائفه الأساسية، ثم يجري العمل بعد ذلك على تحديد الجوانب التي لها دور في تخفيض كلفة المنتَج، وإيجاد بدائل ووسائل جديدة. كما يُتفق على القرارات المناسبة لتحديد عناصر المنتَج التي ستشغَّل داخلياً وتلك التي سيجري شراؤها من مزوِّدين خارجيين؛ مع مراعاة معايير الجودة والنوعية والموثوقية المعتمدة للمنتج الأصلي.
تتنافس الشركات في جميع أنحاء العالم على بيع منتجاتها في الأسواق العالمية الحالية، وتُعدّ استجابتها السريعة للتغيرات التي تطرأ على أحوال السوق ضرورية لاستمرار بقائها. ولكي تستثمر هذه الشركات فرص السوق عليها أن تُدخل مُنتجات جديدة في حينها، إضافة إلى تحسين عملياتها الإنتاجية لكي تكون منتجاتها أكثر جودة وأقل تكلفة من تلك التي ينتجها منافسوها. ويُعدّ إدخال منتَج جديد على خط الإنتاج أمراً حيوياً، لذا يجري البدء في عمليات تطوير المنتَج الجديد بالتزامن مع الإنتاج الحاضر وتسويق المنتَج القديم.
ومن الأعمال التأسيسية لإنتاج منتَج جديد:
1- إعداد الإضبارة التقنية للمنتَج الجديد ومخططاته الإفرادية؛ بما فيها نوعية السطوح المطلوب تشغيلها والتسامحات في أبعاد القطع وإزواجات وتداخلات الثقوب المراد تشغيلها وتسامحات اللوالب والبراغي والعزقات والصواميل، وغيرها من المواصفات والشروط الضرورية لتجميع القطع؛ بهدف الوصول إلى منتج موثوق الأداء واقتصادي.
2- تصميم عمليات الإنتاج الأساسية المثلى والتي تشمل الإنتاج الداخلي، أو شراء جزء أو أجزاء من المنتَج خارجياً.
3- دراسة عمليات الإنتاج واختيار العملية الإنتاجية المناسبة.
4- دراسة العمل وتحليله وأزمنته القياسية.
5- التخطيط لعمليات الإنتاج، ووضع جداول تسلسلها المنطقي ومخططات مسار حركة المنتَجات المشغَّلة وتجميعها الجزئي والكلي.
6- دراسة وسائل الفحص والاختبار وضبط الجودة وتحديد أساليب الرقابة وخططها وأخذ العينات.
7- تحديد المواصفات والكميات المطلوبة من المواد الخام والعمالة بوساطة الطرائق التجريبية والتحليلية والمحاكاة.
8- اختيار المعدّات والأدوات المساعدة في التشغيل والقياس ومعدّات النقل ومنظوماتها والمناولة بين مواقع العمل المختلفة.
عمليات الإنتاج
تشمل عمليات الإنتاج اختيار عمليات التشغيل المناسبة وتحديد التقانات اللازمة لإنجاز مكوِّنات أكثر اقتصادية وفعالية. ويعتمد اختيار التقانات على عدة عوامل منها: حجم الإنتاج المطلوب، والمهارات المتاحة لدى القوى العاملة، وتوجهات السوق. يتطلب تشغيل المنتَجات فعاليات إضافية مساندة مثل تصميم الأدوات ومستلزمات الإنتاج، وتصميم القوالب المختلفة للسكب والتطريق والتشكيل وتصنيع قطع اللدائن والمطاط، وكذلك تصميم الدلائل والمثبتات ومحدِّدات قياس الأقطار والأبعاد والأسنان المحلزنة، وتحديد أدوات القطع المختلفة المطلوبة لعمليات التشغيل بالتفريز أو بالخراطة وتوصيفها، وتحديد ضوابط التشغيل المناسبة بحسب نوع المعدن المشغَّل. إضافة إلى تحديد عمليات التشكيل المختلفة من درفلة وثني وبثق وسحب المعادن وتصميمها للحصول على أشكال القطع بالأبعاد المطلوبة، وكذلك تحديد الشروط الفنية لإجراء المعالجات الحرارية المختلفة ومعالجة السطوح. وهنا يحتل القرار المناسب مكانة مهمة حول ما إذا كان إنجاز العمليات الفردية سيجري يدوياً أو باستخدام التجهيزات المؤتمتة. وبالتالي، هناك حاجة إلى مكاملة عمل فريق هندسة الإنتاج مع المجموعات المختصة الأخرى كمجموعة التصميم والتطوير التقاني لتحديد إمكانية تطبيق التقانات الجديدة والتي هي قيد التطوير، ومجموعة تصميم الآلات والأدوات ومستلزمات الإنتاج لتحقيق متطلبات العملية الإنتاجية، وكذلك التعاون مع مجموعة النظم المعلوماتية لتطوير الدعم الحاسوبي اللازم، ومجموعة التمويل والتسويق لتقييم التأثيرات في كلفة المنتَج ومدى رضا الزبائن؛ والتي هي من أهم ركائز صنع القرار.
وعلى مجموعة هندسة الإنتاج أن تتفاعل كذلك مع مجموعة الموارد البشرية التي تركِّز على الدور الإنساني في العمل لرفع كفاءة العمال وإعادة تأهيل العمالة تأهيلاً شاملاً، ومع مجموعة الهندسة الصناعية التي تشتمل مهماتها على أربع حلقات إنتاجية مترابطة ومتكاملة تدخل في صميم عمل المهندس الصناعي الذي يتولى تحليل توازن خطوط الإنتاج والتجميع، وتحديد متطلبات مباني التشغيل من الخدمات الإنسانية والصحية، وتحقيق متطلبات السلامة المهنية، وتخطيط الإنتاج ومراقبته على نحو يمكِّن المنشأة الصناعية من تحقيق معدلات الإنتاج على المدى المتوسط، ووضع جداول الإنتاج والتسويق.
دراسة السوق
تبدأ أنشطة التسويق بالمشاركة في تطوير المنتَج الذي يجب أن يحوز رضا المستهلك، وعليه تُجرى الأبحاث التسويقية (الدعاية - مكان البيع - وغيرها...) وتحليل المعلومات، ووضع خطط التسويق، ودراسة الجدوى الاقتصادية للمنتَج، وتقدير الكلفة وحجم السوق، إضافة إلى حساب طاقة المصنع وربحية المشروع. وكذلك دراسة المتغيرات في مواصفات المنتَج، وتحديد ما يحتاج إليه للتطوير، ومن ثَمَّ وضع قواعد لتقييس المواصفات وتبسيطها والاستعانة بها في وضع استراتيجية تحديد السعر والترويج للمنتج.
تُعدّ طبيعة السوق عاملاً حيوياً في اتخاذ المنحى المناسب لانتقاء العملية الإنتاجية، فقد صُمم المنتَج أصلاً من أجل إرضاء السوق. وإذا كان المنتَج يهم شريحة عريضة من الزبائن -كمستهلكي الإلكترونيات أو السيارات مثلاً- فعلى الشركة أن تنتج منتجاً قياسياً وبكميات كبيرة نسبياً ولمدة طويلة من الزمن. ويمكن للشركة في حالة الإنتاج الكمي أن تسمح لنفسها بتطوير أجهزة وآلات إنتاج عالية التخصص، وقادرة على القيام بعمليات محددّة لمنتج معين، حيث يمكن تقسيم المهام اليدوية إلى عناصر بسيطة ومكرَّرة لا تحتاج إلى مهارات عالية، ويكون دور هندسة الإنتاج في هذه الحالة هو تصميم التجهيزات ومستلزمات الإنتاج ومكاملتها مع العاملين لتوفير عمليات تصنيع فعالة واقتصادية.
تصميم موقع العمل: يشمل تحليل الموقع الأمثل للمصنع أو المعمل أو مكان الخدمة واختياره، وتصميم خطوط الإنتاج ومواقع التشغيل المختلفة، وتخطيط حركة الإنتاج وتحديد مستلزماتها، وتحديد مراكز التشغيل والأنشطة المساندة للإنتاج، ومتطلبات صيانة المعدّات والأدوات ومواقع العمل، ومراقبة مخزون المواد الأولية والمنتَجات النهائية، وأساليب الرقابة على الإنتاج وأداء العمالة، وأساليب الرقابة على جودة المنتَج.
الإنتاج التجريبي
بعد إنجاز المخططات التصميمية لمنتج ما من قبل مجموعات البحث والتطوير أو من قبل فريق التصميم يجري تشغيل نماذج أولية محدودة من المنتَجات (بضع وحدات) في ورشات البحث والتطوير أو في مخابر التصميم لتقييمها من قِبل المصممِّين وفريق هندسة الإنتاج بمشاركة العاملين في المبيعات والتسويق. وعندما يُقبل التصميم الأساسي للمنتج ومراحل إنتاجه من جميع الأطراف يجري إعداد الأضابير الإنتاجية التي تتضمن وثائق الإنتاج ومراحل تشغيل كل قطعة ومسارها التقني، مع تحديد الاختبارات المطلوبة لمكونات المنتَج وشروط تنفيذها، وتحديد مستلزمات الإنتاج الضرورية وتصميمها وتنفيذها، وكذلك تحديد شروط التجميع ومستلزمات التجميع، وتحديد متطلبات الاختبارات على المنتَج النهائي؛ والتي يُقبل المنتَج على أساسها.
يلي ذلك البدء بإنتاج أعداد محدودة من المنتَج باستخدام خط إنتاج تجريبي يحوي التجهيزات الأساسية والتقانات نفسها التي ستُستخدم في المنشأة النهائية للإنتاج الفعلي، وإن الهدف من مرحلة الإنتاج التجريبي هو التأكد من سلامة وثائق المسارات التقنية لقطع المنتَج واختبار مستلزمات الإنتاج؛ وكذلك التجهيزات المقترحة للمنشأة الفعلية وكفاية العاملين، وبذلك يكون فريق هندسة الإنتاج قد أجرى تجربة عملية ملموسة لتشغيل المنتَج وتجميعه واختباره؛ بهدف اكتشاف المشكلات الفنية إن وُجدت؛ سواء في الوثائق والآلات أم في مستلزمات الإنتاج، ومعالجتها قبل البدء باستثمار تجهيزات المنشأة الفعلية، وقبل شراء تجهيزات ومستلزمات إنتاج غير مناسبة للعمل، قد تؤدي إلى صنع منتج لا يناسب المستهلك.
قد تفرض عملية الإنتاج التجريبي إدخال بعض التعديلات على تصميم المنتَج بالتنسيق مع فريق التصميم، وإعادة النظر في عمليات التشغيل وطرائق الإنتاج وأجهزة الإنتاج والاختبار والقياس والمواد الأولية بغية الوصول إلى توازن أمثلي بين التكلفة والأداء الوظيفي وجودة المنتَج وموثوقيته. ويتحدد في أثناء الإنتاج التجريبي التوقيت الفعلي للعمليات التشغيلية والتجميعية، وهذا ما يعطي تصوراً كافياً عن أنواع التجهيزات اللازمة للمنشأة وفق الخطة الإنتاجية المقدرة.
تصميم منشأة الإنتاج
يستند تصميم منشأة الإنتاج إلى دراسة المهام المهنية والهندسية التي بُني عليها العمل الصناعي لمنتج ما، وأهم هذه المهام:
أ- تحديد طاقة المصنع.
ب- دراسة طرائق الإنتاج وأساليبه وتحقيق التوازن بين خطوط الإنتاج وخط التجميع.
ج- دراسة أزمنة الإنتاج وحركة المشغولات ونقلها من مستودع المواد الأولية إلى مواقع التشغيل المختلفة وصولاً إلى مستودع المنتَجات الجاهزة.
د- دراسة متطلبات المنشأة من المعدات والموارد البشرية وأمكنة العمل.
هـ- دراسة طرائق تخطيط وجدولة الإنتاج.
يمكن تصميم المنشأة الإنتاجية في سلسلة متتابعة من العمليات للحصول على المنتَج المطلوب. ويسمى هذا النمط بالإنتاج الكمي (الشكل 1).
الشكل (1) مثال على خط إنتاج من نمط الإنتاج الكمي |
وعندما يطلب من الشركة تحقيق احتياجات خاصة لبعض الزبائن كإنتاج طيف عريض من المنتَجات بكميات صغيرة، يسمى هذا الإنتاج إنتاجاً كمياً محدوداً. في هذه الحالة قد تلجأ الشركة إلى تطوير طواقم متخصصة لتصنيع آلات إنتاج عامة متعددة المهام، ويتوجب عادة إعدادها وضبطها عند كل مهمة جديدة، وهذا يعني تغيراً مهماً في نظام منشأة الإنتاج. ويتطلب هذا النوع من الإنتاج أن تُنظَّم المنشأة بحسب مخطط الإنتاج الذي يعتمد على تجميع التجهيزات المتشابهة الوظائف في خط واحد يسمى نمط الإنتاج التخصصي (الشكل 2).
الشكل (2) مثال على خط إنتاج من نمط الإنتاج التخصصي. |
يحتاج تنفيذ مهمات عمليات التشغيل إلى قوى عاملة ماهرة قادرة على تحقيق المطلوب، وتقديم بدائل وخيارات مختلفة لعمليات التشغيل بما يحقق جودة المنتَج وسرعة إنتاجه، ليتمكن من المنافسة في السوق.
وعندما تكون كميات الإنتاج المطلوبة متوسطة العدد يُلجأ إلى ما يُعرف بنمط الإنتاج على دفعات؛ ما يجعل تكاليف تحويل آلات التشغيل دورياً من دفعة إلى دفعة اقتصادياً. وهنا تُصنف المخططات التقانية للمشغولات المتشابهة من المنتَج في مجموعات، ترتب المكنات والآلات وفقها لإنتاج أجزاء متشابهة من المنتَج. يعتمد هذا النمط على تقانة إنتاج على شكل منظومات تشغيل مرنة تتألف عموماً من عدد من الآلات والمكنات يُتحكم فيها مركزياً عن طريق مراقبة حاسوبية مع معالجة القطع ومستلزمات التشغيل آلياً.
إن الهدف من نمط التشغيل هذا هو إنتاج تشكيلة من المنتَجات بالحد الأدنى من الزمن اللازم للتحول من دفعة مُنتَجٍ إلى دفعة مُنتَجٍ آخر، ويتحقق ذلك بإعادة برمجة المراقب الحاسوبي للمكنات والآلات عوضاً عن ضبط أو إعادة تشكيل مجموعة الآلات والمكنات المستخدمة.
يُعدّ تخطيط منشأة الإنتاج جزءاًً مهماً من مهمات اختصاص هندسة الإنتاج، ويتداخل تداخلاً كبيراً مع اختصاص الهندسة الصناعية؛ حيث تُحدَّد انطلاقاً من كمية الإنتاج المطلوبة سنوياً، وأنواع المكنات والآلات اللازمة، والعدد المطلوب من كل نوع منها، وطريقة ترتيبها في الموقع بما يضمن تنسيق تدفق المواد والمكونات المنتَجة عبر مواقع العمل في المنشأة وصولاً إلى صالة التجميع النهائي، ومن ثم إلى مستودع المنتَجات الجاهزة.
تحسين عمليات التشغيل
لا تتوقف هندسة الإنتاج في أي منشأة صناعية على التحضير للإنتاج ووضع المنتَج على خط الإنتاج وحلِّ مشكلاته فحسب؛ بل هناك وظيفة أساسية لهذا الفريق، هي تحسين عمليات التشغيل باستمرار وبذل الجهود للتخلص من انخفاض فاعلية بعض جوانب منظومة الإنتاج المعتمدة والارتقاء بها إلى أفضل أنواع الممارسات الممكنة. وتقع على عاتق مهندس الإنتاج مهمة إدخال طرائق تشغيل جديدة على خط الإنتاج أكثر اقتصادية من حيث التكلفة تبعاً لتطورات عمليات التشغيل ووفق متطلبات السوق. ويلتزم فريق هندسة الإنتاج - مع القوى العاملة على خط الإنتاج- بتحسين أداء مجمل منظومات الإنتاج، وتطوير الحلول الضرورية لها، وإجراء تعديلات على بعض تجهيزات الإنتاج وطرائقه، وإنقاص نسب المرفوضات والبحث عن تقنيات جديدة وتطويرها وتوطينها، وإجراء تعديلات على تصميم المنتَج بالتنسيق مع فريق تصميم المنتَج، وإجراء مراجعة للمواصفات النوعية للمنتج. يؤدي برنامج تحسين المنتَج المستمر والناجح على خط الإنتاج إلى التخلص من هدر المواد والوقت في أثناء عمليات التشغيل داخل المنشأة، وهذا ما يضمن للمنشأة التفوق على منافسيها في إجمالي تكلفة المنتَج وجودته.
مراجع للاستزادة: - V. Damilersky, Manufacturing Engineering and Technology، Translated from Russian by Nicholas Weinstein، Mir Publishers، Moscow 2003. - S. Kalpakjian، and S. R. Schmid، Manufacturing Engineering and technology 2000.، |
- التصنيف : التقانات الصناعية - النوع : التقانات الصناعية - المجلد : المجلد الثالث مشاركة :