الإلكترونيات الجزيئية
الكترونيات جزيييه
Molecular electronics - Electronique moléculaire
الإلكترونيّات الجزيئيّة
نضال شمعون
تتضمّن الإلكترونيّاتُ الجزيئيّةُ molecular electronics دراسةَ الجزيئات واستعمالها لبنات بناء لتصنيع عناصِر إلكترونيّة، ومن ذلك استخدام الجزيئات لتغيير الخواصّ الجسمية لموادّ ناقلة أو صنع عناصِر إلكترونيّة من جزيئاتٍ منفردة وحيدة.
يحتاج هذا الموضوعُ إلى تقاطعاتٍ عديدةٍ بين الفيزياء والكيمياء وعلم المواد، تقومُ جميعُها على مفهوم استخدام جزيئاتٍ لبناء العناصِر الإلكترونيّة، غير الفعّالة passive منها مثل الأسلاك الناقلة، أو الفعّالة active مثل الترانزستورات.
تعدّ الإلكترونيّات ذات المقاس الجزيئيّ فرعاً من التقانة النانويّة nanotechnology يستخدِم جزيئاتٍ منفردةً أو مجموعاتٍ بمقاسٍ نانويّ منها، وذلك لإنشاء عناصِر إلكترونيّة. ولما كان الجزيءُ أصغرَ جزءٍ من المادّة؛ فإنَّ الإلكترونيّات الجزيئيّةَ تُجسِّد الحلمَ النهائي في تصغير حجم الدارات الكهربائيّة.
ثمة أربع فوائد لاستخدام الجزيئات، تكمن الأولى في الحجم؛ إذ إن حجمَ الجزيء يقع بين 1 و100 نانومتر، وهذا ما يسمح باستخدام بنىً نانويّةٍ مع ما يرافقُها من فوائد تخفيض الكلفة وإنقاص ضياع الطاقة وزيادة الفعاليّة. أمّا الفائدة الثانية فهي التجميعُ وتحديد الهويّة الجزيئيّة assembly and recognition؛ إذ يمكن استغلال بعض التآثرات (التفاعلات) بين الجزيئات لتحقيق تجميعٍ ذاتيّ على المقاس النانويّ، أو لتغيير خواصّ السلوك الإلكترونيّ بهدف إيجاد محسّات sensors أو زيادةِ مقدراتِ الابتدال (قطع ووصل) switching. الفائدة الثالثة هي الكيمياء الفراغيّة stereochemistry؛ لأنه يمكن الاستفادة من جزيئات متماكبة isomer بخواصّ ضوئيّة وإلكترونيّة متمايزة، وتتمثّل الفائدة الأخيرة في الضبط الصنعيّ synthetic tailoring؛ إذ يُمكن التحكم في خواصّ الجزيء البنيوية أو الضوئيّة أو الترابُطيّة، وذلك باختيار التركيب والهندسة المناسبَين. وعلى الرغم من وجود مثالب للجزيئات، مثل عدم الاستقرار في درجات الحرارة العالية، فإن فوائدها تفوق مثالبها، وهذا ما يجعل الجزيئات مثاليةً للتطبيقات الإلكترونيّة.
يُعدّ تَقدُّم الإلكترونيّات الجزيئيّة مثالاً عن إجرائيّةٍ «تصاعدية» bottom-up بخلاف المقاربة «التنازلية» top-down المُميِّزة للإلكترونيّات التقليديّة؛ إذ تُصنع العناصِر الإلكترونيّة انطلاقاً من وحدةٍ جسميةٍ bulk تُنحت منها.
ولما كان عالَمُ الإلكترونيّات الجزيئيّة صغريّاً؛ فإن الآثار الكموميّة quantum effects مهمّة. وبخلاف حالة العناصِر التقليديّة الإلكترونيّة، حيث يُمكن تخيُّلُ مرورِ الإلكترونات وكأنّه سيلٌ مستمرٌّ من شحنةٍ كهربائيّة؛ فإن انتقال إلكترونٍ منفرِد يُغيِّر حساباتِ المنظومة تماماً، فيُصبِح سلوكُ الإلكترونات حسّاساً بدرجةٍ كبيرةٍ للمسافات التي تفصلها عن السطوح الناقلة القريبة؛ إذ يجب معاملة الإلكترونات معاملةَ أمواج من كثافة كهربائية موزّعة وفق التوابع الموجبة التي تصفها في الحالات الكمومية.
بدأت الإلكترونيّات الجزيئيّة مع مارك رتنر Mark Ratner وأڤي أڤيرام Avi Aviram عندما اقترحا عام 1974 بنيةً جزيئيّةً يمكنُها أن تؤدي دور وصلةِ ثنائيّ (ديود) diode. وأجرى مارك ريد Mark Reed وجيمس تور James Tour في تسعينيات القرن العشرين تجارِب بيّنت إمكان استخدام جزيئاتٍ عضويّة لبناء العناصِر الإلكترونيّة، وقاما بإنشاء منظومةٍ من 1000 جزيء تتمتّع بمقاومة تفاضليّة differential resistance سالبة تفيد في التضخيم والاهتزاز.
ما يزال هذا المجالُ حديثاً، وما تزال الداراتُ الكهربائيّةُ المصنوعةُ كليّاً من مكوِّناتٍ بحجمِ الجزيئات بعيدةً عن التحقيق. ومع ذلك، سوف يدفع الطلبُ المتزايِدُ على مقدرات حاسوبيّة أقوى- مُرفقاً بالحدود الراهِنة المتأصِّلة في طرق النقش lithography الحاليّة - إلى حتميّة الانتقال إلى المقاس الجزيئيّ. يجري البحث حاليّاً عن جزيئات ذات خصائص جيّدة، وعن إيجادِ طرائقَ تسمح بتحقيق تماسٍّ موثوقٍ وقابِل للتكرار بين المكوِّنات الجزيئيّة ومادة المساري electrodes الجسمية.
تُمثِّل مشكلةُ إنجازِ تماسّ بين المادّة الجسمية مع جزيءٍ واحِد فقط دون قصْرِ المسريَين أحَدَ أهم المشكلات في هذا المجال. ولما كانت تقانةُ النقش الضوئيّ photolithography الحاليّة غيرَ قادرة على إحداث فجواتٍ حول المسرى بحجمٍ صغيرٍ يتسع لجزيءٍ واحد فقط (من رتبة النانومتر)، فقد تمّ اعتمادُ بدائِل عديدة يستخدم أحدُها ذروةَ مجهرِ الماسِح النفقي scanning tunneling microscope لجعل الجزيئات الواقِعة في طرفٍ من الركيزة substrate المعدنيّة تمسُّها.
يُذكَر أخيراً تطبيق للإلكترونات الجزيئيّة يتمثّل في تغيير خواصّ البوليمرات (المتماثرات) الناقِلة ذاتيّاً Intrinsically Conducting Polymers (ICPs) ذات الطبيعة العضوية والتي تنقل الكهرباء في شكلِها الكتليّ. وتكمن الفائدةُ الكبرى لهذه البوليمرات في إمكان معالجتِها بوساطة بعثرة dispersion جزيئاتٍ وتشتُّتها ضمنها. يمكن للبوليمرات الناقلة هذه توفير خواصّ ضوئيّة عالية يمكن ضبطُها بدقة. ومن البوليمرات الناقلة المستعملة مادة poly 3,4-ethylenedioxythiophene (PEDOT) التي تستعمل طبقة ناقلة شفّافة، ومادّةُ البولي إتلين المُستخدَمة في تصنيع الدارات المطبوعة printed circuits.
مراجع للاستزادة: - S. Elke et al., Molecular Electronics: An Introduction to Theory And Experiment, World Scientific Publishing, 2010. - J. R. Heath and M. A. Ratner, Molecular Electronics, Physics Today, 2003. - M. C. Petty, M. R. Bryce, D. Bloor, Introduction to Molecular Electronics, Oxford University Press, 1995. |
- التصنيف : الهندسة الالكترونية - النوع : الهندسة الالكترونية - المجلد : المجلد الثالث مشاركة :