الاستقرار الإنشائي
استقرار انشايي
Structural stability - Stabilité structurelle
الاستقرَار الإِنْشَائِي
مصطفى حسين بطيخة
تتكون الجمل الإنشائية structural systems من العناصر الإنشائية structural elements والمساند supports بحيث يمكن تمثيل أي شيء في الطبيعة باستخدام هذين العنصرين في تفسير انهياره تحت تأثير القوى المختلفة. يتألف العنصر الإنشائي من مادة وأبعاد، ويتشوه تحت تأثير القوى المطبقة عليه أو نتيجة تفاعله مع العناصر الأخرى التي يُكَوِّنُ معها الجملة الإنشائية. ويجب على التصميم الإنشائي structural design أن يحقق غايتين رئيسيتين:
المقاومة strength: أو حالة عدم انهيار المنشأ تحت تأثير الحمولات المعرض لها.
القساوة stiffness: التي تضمن عدم حصول تشوهات أكبر من المسموح بها.
في بعض الحالات وخاصة في العناصر المعرضة لقوى ضغط، يتشوه العنصر بتشوهات صغيرة غير ملحوظة تحت تأثير قوى ضاغطة صغيرة (الشكل 1 - ب)، إلا أنه عند الوصول إلى قوة حرجة تتولد تشوهات جانبية كبيرة (انخفاض ملحوظ في القساوة) يمكن ملاحظتها في تلك العناصر ولاسيما الرقيقة أو النحيلة (الشكل 1 - جـ)، فيفقد العنصر قدرته على حمل القوة قبل الوصول إلى قدرة تحمل المادة. يُطلق على حالة الانهيار هذه التحنيب buckling أو حالة عدم الاستقرار الإنشائي structural instability.
الشكل ( 1): التشوه تحت تأثير تغير قوى الضغط. (أ) الشكل الأصلي دون حمولات، (ب) التشوه تحت تأثير حمولات صغيرة (تشوهات محورية غير ملحوظة)، (جـ) تشوه جانبي بفعل التحنيب. |
1 - تحنيب الأعمدة buckling of columns
أ) تحنيب الأعمدة الخاضعة لقوة ضغط محورية فقط:
يُعَدُّ أولر Leonard Euler (1707-1783م) أول من أوجد قوة التحنيب التي سميت فيما بعد علاقة أولر Euler formula. وهي لعمود بسيط الاستناد لا يحوي تشوهات بدائية ومعرض لقوة ضغط محورية (الشكل 2)، ويمكن فيه ملاحظة أن الانتقال الجانبي يؤدي إلى توليد عزوم إضافية ناجمة عن اللامركزية الطارئة للقوى المحورية، ولم تكن لتدخل بالحسبان قبل التحنيب حيث الانتقال محوري فقط. تؤدي هذه العزوم الطارئة إلى انتقال الحالة الإجهادية من حالة ضغط مركزي فقط إلى حالة ضغط مترافق مع عزم انعطاف، الأمر الذي يسبب انهيار العنصر على الحالة الجديدة .
|
الشكل (2) الانتقال الجانبي تحت تأثير قوة محورية |
تعطى قوة أولر الحرجة بالعلاقة (1):
حيث: (I) عزم عطالة مقطع العمود(E). معامل مرونة مادته.
n : تمثل عدد أنماط التحنيب تحت تأثير قوة الضغط المحورية التي تعتمد على وضع قيود جانبية (الشكل3).
الشكل (3) تأثير القيود الجانبية في توليد أنماط التحنيب للعمود |
يلاحظ من الشكل(3) أن عدم وضع قيود جانبية هي الحالة الأكثر حرجاً، في حين أن زيادة القيود الجانبية أو تقصير الطول الحر للعمود يؤدي إلى زيادة القوة الحرجة أضعافاً مضاعفة.
تقود إعادة حساب القوة الحرجة الموافقة لتغير شروط الاستناد boundary conditions بالطريقة السابقة نفسها إلى النتائج المبينة في الشكل(4)، حيث يظهر مفهوم الطول الفعال effective length (LE) مقارنة بالقوة الحرجة لحالة عمود بسيط الاستناد بحيث يمكن الاستعاضة عن العلاقة (1) بالعلاقة (2) التي تأخذ اختلاف شروط الاستناد في الحسبان:
|
الشكل (4): تغير القوة الحرجة للتحنيب وفقاً لتغير شروط الاستناد |
حيث LE هو طول الجزء من العمود الذي يتصرف تصرف عمود متمفصل من طرفيه.
من العلاقة (2) يمكن تحديد إجهاد أولر كما يلي
حيث: r نصف قطر العطالة radius of gyration للمقطع حول المحور الذي يحدث حوله التحنيب. l نسبة النحافة slenderness ratio التي تُعدّ المفهوم الأساس في تحديد التحنيب والتي يمكن إضافتها إلى مفهومي المقاومة والقساوة.
يُعدّ إجهاد أولر (العلاقة 3) مرتفعاً بالنسبة للاختبارات التي جرت على الأعمدة، حيث جاءت النتائج أدنى من تلك المعطاة لعمود مثالي، لأن الأعمدة الحقيقية ليست مثالية وإنما تحتوي على تشوهات imperfections أولية.
قدم رانكين Rankine علاقة تجريبية (العلاقة 4) لإجهاد الانهيار الحقيقي الناجم عن التحنيب:
حيث: إجهاد أولر و إجهاد خضوع yield strength المادة.
يوضح الشكل (5) مقارنة بين إجهادي أولر ورانكين باستخدام العلاقتين (3) و(4) على الترتيب، ويمكن جعل علاقة رانكين أقل أماناً وذلك بجعل إدخالات العلاقة (4) مرفوعة للقوة n (العلاقة 5).
|
الشكل(5): المقارنة بين إجهادي أولر ورانكين |
افترضت علاقة أولر أن سلوك المادة خطي مرن linear elastic material، يعبر عنه قانون هوك Hooke’s law التالي:
حيث التشوه النسبي strain، و E معامل المرونة modulus of elasticity.
إلا أن التصرف الحقيقي للمادة لاخطي، وهذا ما يفسر انخفاض الإجهاد الحدي عن إجهاد أولر في منطقة التصرف غير المرن inelastic range للمادة . وتُعدّ نظرية Engesser (1889) من أفضل الطرق لتمثيل منطقة التصرف غير المرن للمادة. وتُعرف هذه النظرية بمعامل المرونة المماس tangent modulus theory التي تقوم على استبدال معامل المرونة المماسي ET بمعامل المرونةE في إجهاد أولر (العلاقة 3) عند أي نقطة من نقاط المنطقة غير المرنة لعلاقة الإجهاد - التشوه النسبي (الشكل 6) بحيث تصبح علاقة أولر كالتالي:
الشكل (6): الإجهاد الحدي على التحنيب باستخدام نظرية معامل المرونة المماسي |
من المفيد ملاحظة أن الشكل(6) قد صنَّف الأعمدة إلى ثلاثة أنواع:
1 - أعمدة قصيرة: لا يحدث فيها التحنيب، وإنما تنهار نتيجة وصول المادة إلى قدرة التحمل القصوى.
2 - أعمدة طويلة أو نحيلة: تنهار نتيجة التحنيب، في حين لا تزال المادة في المجال المرن.
3 - أعمدة متوسطة: تنهار نتيجة التحنيب مع وصول بعض أجزاء المقطع العرضي إلى مرحلة الخضوع.
درس بيريPerry (1886 م)تأثير وجود تشوه ابتدائي e0 في العمود على علاقة أولر (الشكل7)، حيث تبين أن قدرة التحنيب تنخفض بازدياد نسبة خطأ الصنع إلى نسبة النحافة وفق العلاقة (8):
حيث z: يمثل البعد بين المحور السليم neutral axis وأقصى ليف باتجاه التحنيب. r: نصف قطر العطالة باتجاه التحنيب.
قدم الكود البريطاني (BS5950 -1:2000) علاقة مستنبطة من عدد كبير من التجارب الحقيقية لتقدير المعامل تأخذ بالحسبان - إضافة إلى خطأ الصنع - تأثير الإجهادات المتبقية الناجمة عن عملية التصنيع، وشكل العنصر، وثخانة المادة، والمحور الذي سيحدث حوله التحنيب، بحيث يعطى η بالعلاقة التالية:
حيث a: ثابت روبرتسون .Robertson constant
: نسبة النحافة للأعمدة القصيرة التي لا يحدث عندها التحنيب:
: المقاومة التصميمية للمادة.
|
الشكل (7): العمود بتشوه مبدئي e0 قبل بدء التحميل P- |
يبيّن الشكل (8) مقارنة علاقة Perry -Robertson بتلك الواردة في الكود البريطاني (BS5950 -1:2000).
الشكل (8): علاقة Perry-Robertson مقارنة مع تلك الواردة في الكود البريطاني. |
ب) تحنيب الأعمدة المعرضة لقوى جانبية أو حالة العمود الجائز :beam-column buckling
يبين الشكل (9) حالة العمود الجائز حيث تسبب القوة الجانبية انتقالاً (y) يؤدي إلى خفض قدرة تحمل العمود على الضغط أو خفض قدرة التحنيب.
الشكل (9): حالة العمود المعرض لقوى جانبية |
يمكن استنتاج مقدار معامل التخفيض رياضياً ولحالات تحميل مختلفة، إلا أنه يمكن استخدام معامل تضخيم amplification factor ليأخذ بالحسبان التأثير الذي تسببه القوى الجانبية، ويعطى هذا المعامل بالعلاقة التالية:
حيث: P قوة الضغط المطبقة على الجائز. Pcr القوة الحرجة للتحنيب.
ج) تحنيب أعمدة الإطارات المستوية buckling of plane frame columns:
يمكن تصنيف الإطارات إلى إطارات لا تحدث فيها الإزاحة الجانبية non -sway frames نتيجة وجود قيود جانبية، أو نوع الحمولات، وإطارات بإزاحة جانبية sway frames، ويبين الشكل (10) تصرف الأعمدة في كلا النوعين.
|
الشكل (10): تصرف الأعمدة في الإطارات |
يمكن تحديد الطول الفعال للعمود LE في الإطار، ومن ثم حساب قدرة تحمله على التحنيب باستخدام العلاقة (11):
حيث: معامل يتم حسابه باستخدام المخططات في الشكل (11). L طول العمود المطلوب حساب قدرة التحنيب له.
يمثل المحوران الأفقي والشاقولي في الشكل (11) قساوة الأعمدة عند كل عقدة منسوبة إلى قساوات جميع العناصر المتصلة بذات العقدة، كما في الشكل (12).
حيث K تمثل قساوة العمود أو الجائز حسب الحال.
|
الشكل (11): حساب نسبة الطول الفعال إلى طول العمود المدروس (LE/L) لحالتي الإطارات الممنوعة من الإزاحة وغير الممنوعة |
الشكل (12): قساوة العقدة K1 و .K2 |
2 - تحنيب الصفائح buckling of plates:
إن بعض المقاطع الإنشائية - ولاسيما المقاطع المعدنية - مشكلة من مقاطع رقيقة السماكة thin - walled sections أو نحيلة slender؛ لذا يجب دراستها على أنها صفائح.
|
الشكل (13): بلاطة معرضة لقوى ضغط موزعة بانتظام عند طرف واحد |
أوجد بريان Bryan (1891)م الإجهاد الحرج critical stress لصفيحة معرضة لضغط منتظم عند طرفيها (الشكل 13) بالعلاقة التالية:
حيث: K معامل تحنيب الصفيحة the plate buckling coefficient, E معامل مرونة المادة. معامل بواسون Poisson,s ratio. t سماكة الصفيحة.b طول الحافة المطبق عليها القوى الموزعة.
يعطى معامل تحنيب الصفيحة K بالعلاقة التالية:
حيث m عدد أنصاف الموجات half waves التي تقوم بتقسيم الصفيحة عند التحنيب (الشكل14 ).
|
الشكل (14): عدد أنصاف الموجات بتغير طول البلاطة |
يبين الشكل (15) قيم المعامل K وعدد أنصاف الموجات m لحالة صفيحة معرضة لضغط منتظم على حافتين وفق تغير النسبة b/a، كما أن قيم المعامل K تعتمد أساساً على شروط استناد الصفيحة، كما يوضح الشكل (16) خمس حالات مختلفة A,B,C,D,E، حيث الرمز ss هو لحالة حافة بسيطة الاستناد simply supported والرمز c هو لحالة حافة موثوقة clamped edge. وقد تكون الحافة حرة كما يظهر الخط المستمر حالة حافة معرضة للضغط بسيطة الاستناد، والخط المنقط لحالة حافة معرضة للضغط موثوقة.
|
الشكل (15): تغير المعامل k وعدد أنصاف الموجات وفق نسبة b/a. |
|
الشكل (16): قيم المعامل k لشروط استناد مختلفة |
3 - تحنيب القشرية الأسطوانية الرقيقة:
بدأت دراسة تحنيب القشرية الأسطوانية الرقيقة buckling of thin cylindrical shells منذ بداية القرن العشرين عندما جرى الحصول على ما يعرف بإجهاد التحنيب المرن الكلاسيكي كما في العلاقة (14):
حيث: E معامل مرونة المادة. معامل بواسون. t ثخانة القشرية.R نصف قطر الأسطوانة.
يمكن تصنيف القشرية الأسطوانية بالنسبة للتحنيب إلى ثلاثة أنواع: قشرية قصيرة حيث يحدث تحنيبها كما في الشكل (17 -أ)، وقشرية طويلة حيث تحنيبها كالأعمدة الموضحة في الشكل (17 -ب) وقشرية متوسطة، وتحنيبها متعرج مثل رقعة الشطرنج الموضحة في الشكل (17 - جـ).
|
الشكل (17):أشكال مختلفة لتحنيب القشريات الأسطوانية |
دُرست الأسطوانات المتوسطة دراسة مكثفة على التحنيب، حيث أظهرت التجارب انخفاضاً ملحوظاً في قدرة التحمل مقارنة بالإجهاد الكلاسيكي المرن . ويُعدُّ خطأ الصنع المسبب الرئيس لهذا الانخفاض حيث يبين الشكل (18) قدرة التحمل المنخفضة مقارنة بالإجهاد الكلاسيكي باختلاف خطأ الصنع الناتج عند منطقة اللحام بسبب عملية التسخين والتبريد، ويظهر على شكل تشوه على محيط الأسطوانة axisymmetric imperfection
|
الشكل (18): نسبة الإجهاد الحدي للتحنيب إلى الإجهاد الكلاسيكي لقيم مختلفة للتشوه المحيطي. |
إذا كانت الأسطوانة معرضة لضغط داخلي P تزداد قدرة التحمل على التحنيب، وذلك بتغير شكل التشوه إلى تشوه محلي لدن plastic local collapse يظهر عند القاعدة فقط، أو ما يُعرف بتحنيب قدم الفيل elephant’s foot buckling، كما هو موضح في الشكل (19) حيث إجهاد الخضوع yield stress.
|
الشكل (19): ارتفاع قدرة تحمل الأسطوانة على التحنيب المرن نتيجة وجود الضغط الداخلي وفقاً للكود الأوربي |
4 - مرحلة مابعد التحنيب:
يبين الشكل (20) تصرف العناصر في مرحلة ما بعد التحنيبpostbuckling behavior حيث لا تستطيع الأعمدة تحمل حمولات إضافية بعد الوصول إلى قدرة التحمل الحدية للتحنيب، في حين تستطيع الصفائح ذلك. إلا أن مقاومة الأسطوانات القشرية تنخفض انخفاضاً كبيراً بعد الوصول إلى قدرة التحمل الحدية على التحنيب مع حدوث تشوهات كبيرة في مرحلة ما بعد التحنيب. ويؤدي وجود خطأ الصنع في القشريات الأسطوانية إلى انخفاض مقاومة التحنيب انخفاضاً ملحوظاً عن مثيلتها في الأعمدة والصفائح.
|
الشكل (20): تصرف الأعمدة والصفائح والقشريات الأسطوانية في مرحلة ما بعد التحنيب. |
مراجع للاستزادة: - BS 5950 -1:2000. Structural Use of Steel Work in Building, Part 1, Code of Practice for Design Rolled and Welded Section, BSI, London, 2000. - J. M. Rotter, Cylindrical Shells Under Axial Compression. In: Teng J.G., Rotter J. M., editors. Buckling of Thin Metal Shells. Spon Press, London, 2004. - J. Singer, J. Arbocz and T. Weller, Buckling Experiments: Experimental Methods in Buckling of Thin -Walled Structures, John Wiley & Sons, New York, 1998. - C.M. Wang, C.Y. Wang and J.N. Reddy, Exact Solutions for Buckling of Structural Members, CRC Press LLC, 2005. |
- المجلد : المجلد الثاني مشاركة :