الإسترات
استرات
Esters - Esters
الإسترات
حسين خضر
الإسترات esters مركّبات تنتج من تفاعل الحموض مع الأغوال الذي يرافقه تشكل الماء. ويدعى التفاعل الكيميائي الذي يقود إلى تشكيل الإسترات سواء كانت سلسلية (مفتوحة) أم حلقية (مغلقة) الأسترة esterification.
تنتج الحيوانات والنباتات أنواعاً كثيرة من الإسترات. فهي متوفرة في الزيوت العطرية في الأزهار والفواكه، فعطر البرتقال - على سبيل المثال - يحوي 30 إستراً مختلفاً؛ إضافة إلى مجموعة كبيرة من المركبات الأخرى. وتعود الروائح المميزة للإجاص والموز والأناناس جزئياً إلى وجود إسترات خلات البوتيل وخلات الإيزوبنتيل وبوتانوات البوتيل في كل منها على الترتيب. ومن الإسترات الطبيعية الوافرة أيضاً إسترات الغليسيرين الثلاثية triglycerides، التي توجد في الدسم الحيوانية والنباتية. أهم هذه التريغليسيريدات تلك التي يرتبط فيها الغليسيرين بحمض كربوكسيلي طويل السلسلة (14 ذرة كربون أو أكثر)، وتدعى هذه الحموض الحموض الدسمة fatty acids.
تقوم بعض الإسترات بدور الجاذبات الجنسية عند بعض الحشرات مثل مقرون التتراديسين الحلقي لدى أنثى الخنفساء اليابانية وسِنَامات الإتيل لدى ذكر عث الفواكه الشرقية.
تدخل الإسترات في صناعة العطور والمنكهات ومذيبات الدهان والملدنات وبعض مراحل اصطناع الأدوية. وتستخدم بعض إسترات حمض الآزوت على نحو رئيسي متفجرات مثل نترو الغليسيرين؛ وبعضها إضافات إلى وقود الديزل. وينتج العالم ملايين الأطنان من البوليستر الذي يدخل في الصناعات النسيجية.
تسمية الإسترات
يطلق على الإستر ذي الصيغة اسم إستر متبوعاً باسم الجذر ثم باسم الحمض . فالإستر يسمى إستر إتيل الخل.
للحصـول على التسـمية وفق قـواعد الاتحاد الدولي للكيمياء البحتة والتطبيقية International Union of Pure and Applied Chemistry (IUPAC)، يُذكر الاسم الرسمي للحمض بعد استبدال اللاحقة suffix (وات) باللاحقة (ئيك) مضافة إلى اسم الجذر الألكيلي أو الأريلي، وهكذا يطلق على اسم إيتانوات البوتيل، وهو ناتج ارتباط الغول البوتيلي مع حمض الخل اسمه الرسمي حمض الإيتانويك) عبر الرابطة الإسترية ، وتسمى الإسترات الحلقية باستخدام اللاحقة - «أوليد» olide - للدلالة على التحلق، ويسبق الاسمَ رقم يدل على ذرة الكربون ذات الأكسجين الإستري؛ علماً أن الإسترات الحلقية شاعت تسميتها اللاكتونات. يبين الجدول (1) مجموعة من الإسترات المفتوحة والمغلقة الواردة في النص مع التسميات الدولية والشائعة.
الجدول (1) |
تحضير الإسترات
1 - إسترات الحموض العضوية: تشتق إسترات الحموض العضوية من الحموض الكربوكسيلية بالاستعاضة من الهدروجين الكربوكسيلي جذر ألكيل، وبذلك تكون صيغتها العامة .
الأسترة: يلجأ عادة لتحضير الإسترات إلى التفاعل المباشر بين الحمض الكربوكسيلي والغول. مثال ذلك: استحضار إستر خلات الإتيل التي يمكن استحضارها بتفاعل حمض الخل مع الغول الإتيلي (المعادلة 1):
والأسترة تفاعل عكوس. فالحمض يتفاعل مع الغول لإعطاء الإستر (الأسترة) في حين يفكِّك الماء الإستر إلى مكوناته (الحلمهة أو التحلل بالماء)، ويحصل التوازن بعد بعض الوقت من البداية وكأن التفاعل قد وقف؛ لأن سرعتي التفاعلين المتعاكسين متساويتان، فتحافظ على تركيبها من دون تغيير.
يحصل التوازن عند الدرجة العادية بعد زمن طويل لبطء التفاعل في تلك الدرجة. أما إذا سخنت الجملة في أنبوب مغلق عند الدرجة 1500 س؛ فإن التوازن يحصل في ساعات قليلة ولاسيما إذا أجري بوجود قليل من حمض كلور الماء أو حمض الكبريت المركز.
تتم الأسترة بانزياح ذرة الهدروجين من المجموعة الهدروكسيلية في الغول ومجموعة هدروكسيل في الحمض(المعادلة 2):
وقد أثبت ذلك تجريبياً يوري Urey؛ إذ عمد إلى معالجة حمض البنزويك (بوجود كمية صغيرة من مركّب كلوريد الهدروجين HCl) مع الغول المتيلي المحتوي على كمية منه مصطنعة بحيث تحوي الأكسجين النظير 18O، فوجد أن الماء الناتج لا يحوي الأكسجين 18O؛ ما يدل على أن التفاعل تم بالشكل الآتي:
أي إن الحمض هو الذي أعطى الهدروكسيل، وليس الغول.
وتبيّن أيضاً أن نسبة تشكل الإستر تختلف باختلاف نوع الغول المتأستر. فالأغوال الأولية أسرع تأستراً من الأغوال الثانوية، وهذه أسرع تأستراً من الأغوال الثالثية.
وقد وجد عند تسخين أغوال مختلفة مع كمية مكافئة من حمض الخل إلى الدرجة 551oس لمدة ساعة واحدة أن نسبة الأغوال الأولية المتأسترة تساوي 46-47 % وأن نسبة الأغوال الثانوية لا تزيد على 22 %. أما نسبة الأغوال الثالثية فتساوي 2 % تقريباً.
أما فعالية الحموض خلال الأسترة فهي بحسب الترتيب الآتي:
كما يمكن تحضير الإسترات بطرق أخرى.
تفاعل كلوريد الحمض الكربوكسيلي مع غول بوجود قلوي ضعيف مثل البيريدين.
- تفاعل بلاماء الحمض الكربوكسيلي مع غول بوجود حفّاز قلوي (بيريدين) أو حمضي (حمض الكبريت).
- أكسدة الكيتونات بمعاملتها مع حمض بيروكسي proxy acid .
- تَحلُّق الجزيئات المحتوية على الزمرتين الكربوكسيلية والهدروكسيلية معاً.
2 - إسترات الحموض اللاعضوية: يمكن للأغوال أن تتفاعل مع الحموض اللاعضوية لتشكيل إسترات.
يتفاعل المتانول مع حمض الكبريت، وينتج كبريتات ثنائية المتيل:
يتفاعل الإتانول مع حمض الكبريت، وينتج كبريتات الإتيل:
يتفاعل الإتانول مع حمض الآزوت وينتج نترات الإتيل:
يتفاعل الغليسيرين مع حمض الآزوت وينتج ثلاثي نترو الغليسيرين:
الخواص الفيزيائية
الإسترات عموماً مركّبات متوسطة القطبية مقارنة بالفحوم الهدروجينية والكحولات (الأغوال) المشابهة بالوزن الجزيئي. تتجاذب جزيئات الإستر فيما بينها بفعل قوى ثنائيات أقطاب الروابط الإسترية، فتغلي بدرجات أعلى من الفحوم الهدروجينية؛ لكنها لا تستطيع تشكيل روابط هدروجينية فيما بينها لعدم احتوائها على زمر هدروكسيل فتغلي بدرجات أدنى من الكحولات. تستطيع الإسترات المساهمة بروابط هدروجينية مع مركّبات أخرى تحوي زمر هدروكسيل مثل الماء والغول والحموض الكربوكسيلية؛ الأمر الذي يمنحها بعض الذوبانية في الماء. تتناقص الذوبانية كلما زاد محتوى الإستر من الكربون، فخلات المتيل ذوابة في الماء في حين لا تذوب إسترات الغليسيرين الثلاثية.
الإسترات الدنيا سوائل طيارة، لا لون لها. أما الإسترات العليا فأجسام صلبة متبلورة. يشبه التدرج في درجات غليان الإسترات التدرج الملاحظ في درجة غليان السلاسل القرينة الأخرى، والإستر ذو السلسلة المستقيمة لحمض ذي محتوى كربوني معيّن يغلي في درجة حرارة أعلى من درجات مماكباته ذوات السلاسل المتفرعة. وقد لوحظ أن درجة غليان الإستر المتيلي لحمض ما تساوي درجة غليان كلور الحمض أو متيل الكيتون الموافق تقريباً، فدرجة غليان إتانوات المتيل تساوي 57 0س، ودرجة غليان البروبانون 56.2 0س، ودرجة غليان كلوريد الإتانويل (كلوريد الأستيل) 52 0س.
ووجد أن درجات غليان الإسترات المتيلية والإتيلية أخفض من درجات غليان الحموض الموافقة، ويعود ذلك - على الأغلب - إلى عدم تمكن الإسترات من تشكيل جسور هدروجين فيما بينها كما هو الحال في الحموض. تتمتع الإسترات الدنيا برائحة طيبة تشبه رائحة بعضها رائحة الفواكه، وإليها ينسب طعم العديد من الفواكه والعطور وأريجها.
الإسترات العليا عديمة الرائحة، تذوب الإسترات ذات الأوزان الجزيئية المنخفضة في الماء، وقد يكون سبب ذلك الجسور الهدروجينية المتكوِّنة بين الإستر والمحلّ؛ وتنقص قابلية الذوبان هذه كلما ارتفع الإستر في السلسلة. وتُعدّ الإسترات جميعها قابلة للانحلال في أغلب المحلات العضوية.
كيمياء الإسترات
تدخل الإسترات في مجموعة تفاعلات مهمة في الاصطناع العضوي؛ إذ يمكن بالانطلاق منها تحضير الأغوال والأميدات، ويمكن حلمهتها الحمضية أو القلوية (تصبينها) أو تفكيكها حرارياً.
1 - تتفاعل الإسترات مع كواشف غرينيار بنسبة مولية 1 إلى 2، فتعطي الأغوال الثالثية بعد المعالجة بالماء.
2 - يمكن إرجاع الإسترات بهدريد الليثيوم والألمنيوم LiAlH4 ثم المعالجة بالماء للحصول على الأغوال الأولية.
3 - تتفاعل الإسترات مع النشادر والأمينات لتشيكل الأميدات، وتعدّ الإسترات المتيلية والإتيلية الأكثر فعالية في هذه التفاعلات.
4 - تتحلمه الإسترات في الأوساط الحمضية والقلوية لإعطاء منتجات مختلفة.
الحلمهة الحمضية أو عكس طريقة فيشر تفاعل متوازن عكوس يعطي الغول والحمض الكربوكسيلي.
الحلمهة القلوية تفاعل غير عكوس، وغالباً ما تستخدم في الطرق التحضيرية مثل التصبن.
يمكن للاسترات المحتوية على هدروجين على بعد ذرتي كربون من أكسجين الرابطة الإسترية أن تتفكك حرارياً وتعطي الألكِنات والحموض الكربوكسيلية.
مراجع للاستزادة: - F. A. Carey, Organic Chemistry, McGraw-Hill, 2000. - T. Laue and A . Plagens, Named Organic Reactions, John Wiley & Sons Ltd, 2005. - R. A. Smiley and Harold L. Jackson, Chemistry and Chemical Industry, CRC Press LLC, 2002. |
- التصنيف : الكيمياء العضوية - النوع : الكيمياء العضوية - المجلد : المجلد الثاني مشاركة :