الاختبارات الوراثية وأخلاقياتها
اختبارات وراثيه واخلاقياتها
Genetic testings and Ethics - Tests génétiques et leurs éthiques
الاختبارات الوراثية وأَخلاقيَّاتها
عبد الباسط المسلم
مفاهيم تَقَصِّي الجماعة البشرية لاضطراب وراثي
أنواع اختبارات التقصي الوراثية
الاختبَارَات الوراثية genetic testsهي فحص المعلومات الوراثية داخل خلية الفرد، بهدف تحديد فيما إذا كان أو سوف يتنامى لديه اضطراب وراثي معين، أو أنه سينقله إلى ذريته. وتُحَدِّدُ الاختبارات الوراثية لزوجين إمكان وجود خطورة مرتفعة لاضطراب وراثي في ذريتهما. وتبنى الاختبارات الوراثية على تحليل الصبغيات أو الدنا DNA أو الرنا RNA أو البروتينات أو أي مادة تحليلية ذات صلة بالاضطرابات الوراثية.
مفاهيم تَقَصِّي الجماعة البشرية لاضطراب وراثي: تعد الاختبارات الوراثيِّة في تقصي أفراد الجماعة “روتينية” في الرعاية الصحية. وقد صُمِّمَتْ أساساً لكشف الأمراض البشرية القابلة للعلاج قبل مستهل أعراضها، مثل اضطراب تنسج (ثَدنْ) عنق الرحم cervical dysplasia، ويُعرفُ باسم لُطاخَةُ بابانيكولا Papanicolaou (Pap)، وفرط كوليسترول الدم hypercholesterolemia. وتطبق على أفراد الأسر الذين لديهم تظاهرٌ وراثيٌّ إيجابيٌّ لاضطراب معين. وتعتمد اختبارات التقصي على المبادئ الآتية:
الجدول (1) تعريف الحساسية والنوعية في اختبارات التقصي الوراثية | |||||||||||||||||||||
| |||||||||||||||||||||
* تمثل a و b وc و d عدد الأفراد في الجماعة الذين لديهم الاضطراب ونتائج التحليل الممكنة. حساسية الاختبار=a/(a+c)، نوعية الاختبار =d/(b+d) القيمة التكهنية الموجبة=a/(a+b)، القيمة التكهنية السالبة=d/(c+d) | |||||||||||||||||||||
CAH الجدول (2) نتائج تقصى في جماعتين بشريتين في أمريكا الشمالية | |||||||||||||||||||||
|
1- كون الاضطرابِ الوراثي جديّاً وشائعاً نسبياً، والتأريخِ الطبيعي للاضطراب واضحاً بقدْرٍ كافٍ.
2- وجود علاج مقبول وناجع الفعَّالية، وأنْ يكونَ الاختبارُ مقبولاً وسهلَ التنفيذِ وغير مكلف نسبياً.
3ـ توفر المصادر المالية للتشخيص والعلاج، وتوفر سياسة تواصلية فاعلة وفعَّالة للنتائج المستقصاة.
تُطَبَّقُ برامج اختبارات التقصي لكشف الجماعات التي لديها خطورة عالية لاضطراب ما، مثل بيلة الفيتون كيتون phenylketonuria (PKU). وعندما يجري تحديد الجماعة تطبق اختباراتٌ لاحقة أكثر دقة وتكلفة واستهلاكاً للزمن. ويقع هذا ضمن سياق صِدْقِيَّة الاختبار الذي يتشعب لمُكَوِّنَيْن؛ الأول هو الحساسية sensitivity والثاني هو النوعية specificity. تُعبِّر الحساسية عن قدرة الاختبار على تحديد الأفراد المصابين فعلياً بالداء، ويُشَارُ إلى هؤلاء بالإيجابيين الحقيقيين true positives، وتُقَاسُ كنسبةٍ من الأفراد المصابين الذين هم إيجابيون حقيقيون. في حين تظهر النوعية قدرة الاختبار على تحديد الأفراد غير المصابين بالداء. ويُشارُ إلى هؤلاء بالسلبيين الحقيقيين true negatives، وتُقاسُ كنسبة من الأفراد غير المصابين الذين هم سلبيون حقيقيون. وتُحَدَّدُ الحساسيةُ والنوعيةُ بمقارنة النتائج بقيم نهائية حدية والعلاقة بينهما عكسية (الجدول 1).
وتُولى الأولويةُ في الاختبارات السريرية لدقة اختبار التقصي الموجب، وهنا يجب تقدير نسبة الأفراد الإيجابيين الحقيقيين من معرفة القيمة التكهنية الموجبة. كما يجب تقدير نسبة الأفراد السلبيين الحقيقيين من معرفة القيمة التكهنية السالبة.
يمكن استعراض هذه المفاهيم من تقصي فرط تنسج الكظر الخِلْقيِّ congenital adrenal hyperplasia (CAH) الناجم عن اطفرار المورثة CYP21 على الصبغي 6 (6p21.3)، ويُوَرَّثُ بطريقةٍ جسميةٍ متنحيةٍ. مما يسبب العوز الخلقي لأنزيم 21-Hydroxylase الذي يساهم في مسار اصطناع الستيروئيدات. وينجم عنه تناذر أعضاء جنسية ملتبسة ambiguous genitalia لدى الإناث وأزمات هرمونات كظرية ونمو لدى كلا الجنسين. يجري الاختبار بتقصي هرمون 17-Hydroxyprogesterone، وتبلغ حساسيته 95 % ونوعيته 99 %. تبلغ نسبة ظهور الاضطراب على الإنسان الأبيض 1/10000، في حين يصل إلى نحو 1/400 لدى قاطني ألاسكا الأصليين اليوبيك Yupik (الجدول 2). ولدى فحص نحو 500.000 إنسان أبيض كانت نسبة السلبي الكاذب 1 %، يعني ذلك أنَّ 5000 فرد غير مصابين بـ CAH ولكن لديهم نتيجة إيجابية. وعند حساسية 95 % فإنَّ 47 فرداً من أصل 50 لديهم نتيجة إيجابية لـ CAH. وإن الغالبية العظمى من الأفراد ذوي الاختبار الإيجابي لديهم CAH. ولذا فالقيمة التكهنية الموجبة للإنسان الأبيض تبلغ 47/(47+5000) # 1%. وفيما يخص جماعة اليوبيك (10.000)، فإن 24 فرداً مصابون بـ CAH من أصل 25 (إيجابيو الاختبار)، وإن 100 فرد سيُظْهِرُون نتيجة إيجابيةً مع كونهم غير مصابين. ومن ثَم فإن القيمة التكهنية الموجبة لليوبيك =24/(24+100) # 19%. ومن ثم يمكن استنتاج المبدأ المهم التالي: “تزداد القيمة التكهنية الموجبة لأيِّ نسبة حساسية ونوعية لأيِّ اختبار تقصٍ مع ارتفاع تفشي الاضطراب الوراثي”.
أنواع اختبارات التقصي الوراثية:
1- تشخيص الاضطرابات والعيوب الخِلْقِيَّة قبل الولادة: طُوِرَتْ تقانات عدة للتشخيص الجنيني للأهداف الآتية:
أ- تحديد العائلات ذات الخطورة المرتفعة لاضطراب ما، وذلك لاتخاذ الإجراء المناسب.
ب- توفير الطمأنينة لمن كان الاختبار لديهم سلبياً.
جـ - تقديم معلومات للعائلات ذات الخطورة المرتفعة التي لم تبدأ بالتخطيط للحمل بعد.
د- السماح للأبوين بالتحضير النفسي لقدوم جنين مصاب باضطراب أو عيب خِلْقِيٍّ ما.
هـ - مساعدة الجهات الصحية على اتخاذ الإجراءات الاحترازية وإدارة حالة المولود الجديد إثر الولادة.
و - تقديم المعلومات للأزواج ذوي الخطورة العالية الذين قرروا إيقاف الإنجاب.
يعد اختبار ألفا البروتين الجنيني (AFP) α-fetal protein الخيار الأولي الرئيس لتقصي التناذرات الصبغية وعيوب الأنبوب العصبي عبر بزل السلى amniocentesis. وتقسم طرائق التشخيص قبل الولادة إلى:
أ- تحليل الأنسجة: السائل السلوي - عينات الزغابات المشيمائية chorionic villus sampling (CVS) - بزل الدم الوريدي من الحبل السريِّ cordocentesis - التشخيص الوراثي قبل انغراس الجنين في الرحم preimplantation. ينفذ بزل السلى بعد انقضاء 16 أسبوعاً على آخر دورة شهرية، وذلك لتقصي الاضطرابات الوراثية. فإذا كان تحليل AFP مرتفعاً فهذا دليلٌ على وجود عيب خِلْقِيٍّ في الأنبوب العصبي (الشكل 1). وتقدر خطورة إجهاض الجنين بسبب الاختبار بـ 1/200 تقريباً. وينفذ هذا التحليل عند عمر 10-12 أسبوعاً بوساطة خزعة يحصل عليها عبر المجرى التناسلي الرحمي أو عبر جدار البطن Transabdominal (الشكل 2). وتقدر نسبة خسارة الجنين بـ 1.5-1.%. ويمكن أن تتداخل ظاهرة الفسيفسائية mosaicism الموضعية في التباس النتيجة. وتوجد بعض الأدلة على أن أخذ الخزعة قد يؤدي إلى قصور في تكوين الأطراف. ويكون الأمر خطراً جداً إذا حدث أخذها قبل الأسبوع العاشر.
الشكل (2) التحليل الوراثي للأنسجة الجنينية بطريقة بزل السائل السلوي (أعلى) وأخذعينات الزغابات المشيمائية (أسفل).ء | الشكل (1) الأنبوب العصبي المفتوح الناجم عن عيب خلقي والاستدلال عليه بتحليل AFP |
الشكل (3) تبصر الجنين وكشف انعدام الدماغ/المسخ في أحد اضطرابات الجهاز العصبي المركزي. جنين متقدم العمر (يمين) وآخر مبكر العمر (يسار).ء |
تستخدم تقانة بزل الدم الوريدي من الحبل السري بوصفها طريقة مباشرة للتحاليل الخلوية الصبغية أو الدموية أو الاستقلابية أو للتحقق من الحالة الفسيفسائية (الجدول 3). ويمكن تنفيذ التشخيص قبل الانغراس بتحليل الجسم القطبي polar body أو بتحليل القسيمات الأرومية blastomers أو خلايا الكيسة الأرومية blastocysts، وذلك بوساطة تقانتي الفلورة الصبغية Fluorescent In Situ Hybridization (FISH)، أو بتفاعل النسخ المتسلسل Polymerase Chain Reaction (PCR) . وتنفع هذه التحاليل بغرس الأجنة الطبيعية واستبعاد الإجهاض لاحقاً.
ب- تَبَصُّرُ الجنين: ويجري بوساطة تخطيط الصدى ultrasonography والتصوير بالرنين المغنطيسي magnetic resonance imaging. وتستخدم الطريقتان بديلاً أو داعماً للطرق الباضعة/الخزعية. وتفيد الأخيرة في تقصي الاضطرابات الخلقية المعقدة مثل الموه hydrops، واضطرابات الجهاز العصبي المركزي (انعدام الدماغ/المسخ) anencephaly (الشكل 3)، واضطرابات القلب والصدر (تشوهات القلب - قيلة حجابية) والبطن (غياب خلقي لفوهات تشريحية في القناة المعدية - المعوية (رَتَقْ) gastrointestinal atresia، واضطرابات الهيكل العظمي (هشاشة العظام وعيوب الأطراف وخلل التنسج القاتل thanatophoric dysplasia والقزم/ الودانة) (الشكل 4).
ج - تحليل مصل الأم الحامل: يفيد تحليل AFP في مصل الأم بسبب رشحه من الجنين إلى الأم في كشف اضطرابات وردت سابقاً، وهو اختبار آمن إلاّ أن حساسيته ونوعيته أقل في كشف الاضطرابات من طريقة بزل السلى. وينصح بإجراء التقصي الرباعي quadruple screen (تحليل أربع وَاصِمَات ٍ markers) في المرحلة الثانية من عمر الجنين حيث ترتفع حساسية كشف متلازمة داون.
الجدول 3: نماذج عن الاضطرابات الوراثية القابلة للتشخيص قبل الولادة. | ||||||||||||
|
د - تحليل دنا الجنين في مصل الأم الحامل: يمكن لخلايا جنينية حرة أو DNA جنيني حر أن يعبرا إلى جهاز دوران الأم، حيث يمكن تقصي هذين المصدرين بتقانة PCR وفلورة الصبغيات.
Osteogenesis imperfecta الشكل (4) تبصر الجنين وكشف تكون العظم الناقص thanatophoric dysplasia ء(يمين) وخلل التنسج القاتل Achondoplasia (وسط ) والقزم /الودانة (يسار) |
2- اختبارات تقصي الاضطرابات الاستقلابية لدى الولدان الجدد : neonatals تعد هذه الاختبارات بمنزلة فرصة سانحة لكشف الاضطراب الوراثي قبل مستهل أعراضه، ومن ثَم إمكان العلاج المبكر إذا أمكن. فمثلاً تُطَبَّقُ اختبارات PKU وارتفاع غالاكتوز الدم galactosemia وقصور الدرق hypothyroidism على جميع مواليد الولايات المتحدة. وينشأ من هذه الاضطرابات تخلف عقلي إذا لم تعالج مباشرة. وهناك برامج لتقصي خلايا الدم المنجلية sickle-cell، حيث لوحظ أن 15% من الأولاد غير المعالجين يموتون قبل سن الخامسة (الجدول4)
.الجدول (4) خصائص بعض برامج اختبارات تقصي الأولاد الجدد | |||||||||||||||||||||||||
|
-3 تقصي متخالفي اللواقح :heterozygotes screening يطبق عادة على الاضطرابات الوراثية المتنحية، وخاصة لدى الجماعات البشرية ذات الخطورة المرتفعة لداء وراثي معين. ويعد البرنامج المطبق في شمال أمريكا لتشخيص داء تاي-ساكس Tay-Sachs من أنجح برامج التقصي، إذ يطبق على الآباء والأجنة، ويخضع لإشراف جين جسمي متنحٍ (HEXA A). ويتظاهر المرض بغياب إنزيم β-هيكسوز أمينيداز-A β-hexosaminidase-A من اليحلولات في عصبونات الدماغ، فتتراكم مادة غانغليوزيد GM2، مما يؤدي إلى تلف الخلايا العصبية مسببة العمى والتشنجات ونقص التوتر hypotonia والموت بعمر 5 سنوات. وتعدُّ اضطرابات التلاسيميا-α و-β التي تورث بطريقة جسمية متنحية شائعة جداً في حوض البحر المتوسط. وتتوفر اختبارات تقصيها خاصة لدى زواج الأقارب.
4- التشخيص السابق للأعراضpresymptomatic diagnosis: يمكن تنفيذ الاختبارات الوراثية لتمييز أفراد ورثوا جينَ اضطرابٍ وراثياً قبل تنامي أعراضه. وغالباً ما تنفذ على أمراضٍ ذات علاقة بالسن، مثل أمراض هنتنغتون وألزهايمر والكلية المتكيسة polycystic kidney وداء ترسب الأصبغة hemochromatosis.
5- الطرائق الجزيئية في التقصي والتشخيص:
أ- تحليل الارتباط : linkage analysis تقانة تشخيصيةٌ غير مباشرة، تعتمد على استخدام واصماتٍ جزيئيةٍ مرتبطة باضطرابات وراثية على صبغيات محددة. تستخدم تقانة تباينات المكررات الصغيرة المترادفة short tandem repeat polymorphisms (STRPs) لكشف فيما إذا كان فردٌ قد ورثَ اضطراباً ما. مثال ذلك الوُرامُ اللِيفِيُّ العَصَبِيُّ1- Neurofibromatosis-1 على الصبغي 17 (17q11.2) مرتبط مع الأليل-1 للواصم الجزيئي (1F10) (الشكل 5).
ب- تحليل الطفرات المباشر: ينفذ تحليل دنا المورثة ذاتها وكشف الطفرات فيها. وهي تقانة تشخيصيةٌ وراثية مباشرة تعتمد على استخدام واصمات جزيئية، مثل تباينات أطوال شدف الدنا restriction fragment length polymorphisms (RFLP). تقوم التقانة على تقصي وجود مكان الإنزيم القاطع endonuclease أو غيابه سواءٌ ضمن المورثة الطافرة أم بجانبها. تعمل طفرة الدم المنجليِّ (الصبغي11) في السلسلة β-غلوبين في الموقع السادس على استبدال الأدنين بالثيمين، ومن ثم يتغير موقع قطع الدنا بإنزيم MstII، فلا يقطع الإنزيم ضمن المورثة بل على طرفيها، فيتولد في دنا الفرد المريض شُدْفَةٌ واحدة، وشدفتان لدى السليم، وثلاث شدفٍ لدى متخالفي اللواقح (الشكل 6).
الشكل (6) تحليل الطفرات المباشر باستخدام تباينات أطوال شدف الدنا RFLP في طفرة الدم المنجلي في السلسلةβ- غلوبين في الموقع السادس باستخدام إنزيم قطع الدنا Mstll بإنزيم | (STRPs) الشكل (5) تحليل الارتباط بتقانة تباينات المكررات الصغيرة المترادفة بين داء الورم الليفي العصبي 1- وارتباطه مع الأليل -1 للواصم الجزئي 1 على 1F10 على شجرة نسب (أعلى) والمخطط الوراثي (أسفل). الأفراد المصابون ذكوراً وإناثاً لديهم III.6 الأليل -1 الفرد المصاب لأنه ليس لديه الأليل -1 Recombinant مؤشب |
ج- النوكليوتيدات القصيرة نوعية-الأليل allele-specific oligonucleotides (ASO): إذا عُرِفَ تتالي نوكليوتيدات دنا قرب طفرة ما، فإنه بالإمكان تصنيع مِسْبَرٍ probe نوعيٍّ موصومٍ له القدرة على الارتباط المتتام بالأليل الطافر، وآخر مختلف خاص بالأليل النظامي. وبعد تنفيذ عملية تهجين هذه المسابر مع دنا المورثة، فإنه يمكن الحصول على بصمة فلورةٍ مناسبة تُميِّزُ الفرد السليم من المريض المتماثل اللواقح من متخالف اللواقح بالنسبة لداء الدم المنجليِّ مثلاً (الشكل 7).
د- تقانات التشخيص الجزيئية المباشرة: وهي عديدةٌ ودقيقةٌ وباهظةٌ، ومنها تحليل تسلسل النوكليوتيدات، وتقانة تضخيم المسبر المعتمد على الالتحام المتعدد العناصر multiplex ligation dependent probe amplification (MLPA)، وتهجين الدنا بالرقاقة المكروية DNA microarray hybridization، وتباين النوكليوتيد المفرد single nucleotide polymorphism (SNPs).
1- لا يوجد اختبار وراثي صحيح 100 %.
2- تكشف الاختبارات الوراثية الطفرات وليس وجود المرض، على اعتبار أن نفاذية penetrance بعض الأمراض الوراثية غير كاملة. فمثلاً فيما يتعلق بطفرات مورثتي سرطان الثدي BRCA1 و BRCA2 فإن 50– 80 % من السيدات يتنامى عندهن السرطان، و70-90 % من طفرات مورثة HNPCC المسببة لسرطان المستقيم غير السلائلي الموروث hereditary nonpolyposis colorectal cancer تؤدي إلى سرطان المستقيم.
3-لايستطيع الاختبار أحياناً كشف جميع الطفرات المسببة للاضطراب الوراثي، وفي حال غياب أخطاء التنميط الوراثي genotyping وتحليل تسلسل النوكليوتيدات، فإنَّ العديد من الاختبارات تفتقر إلى الحساسية. فتقدر حساسية اختبار التليف الكيسي cystic fibrosis بأقل من 90 % لكشف متماثلي اللواقح.
4- يمكن أن تؤدي الاختبارات الوراثية - لأسباب دينية وعرقية واجتماعية - إلى إشكالات معقدة، كالوصم بالعار، أو إشكالات مع شركات التأمين الصحية، أو ببساطة أن الفرد ليس لديه النية بتنفيذ الاختبار.
الأخلاقيات الوراثية في التحليل الوراثي: انبثقت أمورٌ نقاشية وخلافيةٌ على خلفية الأخلاقيات الأحيائية bioethics، وذلك بالتوازي مع تقدم تقانات التحليل الوراثي. ونظراً لأهمية هذا الأمر وتعقيداته، فقد رُصِدَتْ أموالٌ ضخمة من برنامج المجين (الجينوم) Genome البشري، وخُصِّصت لتحري العلاقة بين الوراثة البشرية الطبية والأمور الأخلاقية والقانونية والاجتماعية. ويجب التطرق إلى قضايا يواجهها المختصون بالوراثة الطبية البشرية والاستشاريون الوراثيون. إنَّ توليف تقدم تقانات التشخيص قبل الولادة والقدرة على تحليل النمط الصبغي وخيارات إنهاء الحمل قد أسس لمرحلة خدمة التشخيص الطبي، وتوفر المشافي ذات الرعاية الثالثية tertiary care خاصة حالات حمل الأمهات المتقدمات بالعمر.
يعد حق إجهاض الجنين من أكثر الأمور حساسية. ولقد اتجه الأمر نحو بُعْدٍ آخر، وهو التخوف من الأفراد المُعوَّقين من نظرة المجتمع لهم بأنهم ليسوا بذوي قيمة نفعية. والتوجه هنا - خاصة بعد تنفيذ التشخيص قبل الولادة - هو نحو إجهاض الجنين والتخلص من فرد معوَّق، إذ يمثل هذا الأمر عبئاً ثقيلاً على المجتمع من نواحٍ مالية ونفسية واجتماعية وأخلاقية. ولقد دارت نقاشات حادة حول سحب الدعم للأجنة والمواليد ذوي التشوه الخلقي الشديد. وتقوم المبادئ الإرشادية الرئيسة بتوجيه اتخاذ القرارات بشأن مصلحة الجنين أو المولود الجديد على شكل استشارة وراثية مناسبة، مما يسهل على الأبوين اتخاذ القرار الأنجع. وقد انبثقت مخاوف أخلاقية حول تشخيص متخالفي اللواقح والتشخيص السابق لأعراض الاضطراب الوراثي. فالقلق بشأن فرد ما قد ينتشر لفرد آخر قريب. وهذا يميز الاضطرابات الوراثية بكونها تشاركية بين الأسر الوثيقة القرابة.
يرى الكثير من الناس أن شأنهم الوراثي هو أمر شخصيٌّ محض يتعلق بهم وبأسرهم دون غيرهم. ويدرك بعضهم خطأً أن الخطر الوراثيَّ غير قابلٍ للتعديل. فالأمر نسبيٌّ سواءٌ على مستوى شدة تظاهر المرض الواحد، أو اختلافات أعراض الأمراض الوراثية المتعددة. فمتلازمة داون تتظاهر بثلاث حالات وراثية مختلفة، تختلف شدة أعراضها بين الحالات الثلاث، وينسحب الأمر ذاته على داء الورام الليفي العصبي-1 (الشكل 8). وهنا يجب على المسؤولين الصحيين والوراثيين أن يكونوا حريصين وحساسين لاحتياجات الأفراد والأسر ومخاوفهم. وعليهم الابتعاد قدر الإمكان عن اتخاذ قراراتٍ تصب في خانة وصم الأسرة بسِمَةٍ ما، بل عليهم تصحيح فكرة التحديد الوراثية genetic determination، وتوضيح أن الجينات إرثٌ أحيائيٌّ عندهم، لكونها الجزء الأوحد المسبب للاضطراب الوراثي. ويجب عدم استبعاد العوامل غير الوراثية ودورها في الموضوع وأخذها في الحسبان وإيضاح تداخلاتها وسببيتها في الاضطراب الوراثي.
الشكل (8) تظاهر داء الورم الليفي العصبي 1- بأنماط شكلية مختلفة حسب طبيعة الطفرة. | (ASO) الشكل (7) تطبيق تقانة النوكليوتيدات القصيرة نوعية - الأليل في كشف اضطلراب الدم المنجلي. يولد المسبر النظامي بقعة فلورة مفردة (صفراء) لدى السليم والعكس صحيح (رمادية) وبقعتين صفراء ورمادية لدى متخالفي اللواقح |
أثارت التحاليل الوراثية مخاوف بشأن التمييز من قبل شركات التأمين وأصحاب العمل؛ فقد عمدت شركات التأمين إلى جمع المعلومات الطبية لعملائها، وقد فقد الكثيرون حماية التأمين الصحي، في حين فقد آخرون وظائفهم من جراء اختباراتٍ وراثية معينة. إلاّ أنه جرى وضع تشريع عدم تمييز المعلومات الوراثية Genetic Information Nondiscrimination Act (GINA) عام 2008م في الولايات المتحدة، وينص على عدم أحقية شركات التأمين الصحية وأصحاب العمل باستخدام التحاليل الوراثية في التمييز بين الأفراد.
ومن جهة أخرى يُعد التشخيص الوراثي قبل التعشيش موضوعاً مقلقاً؛ لأنه يؤدي إلى التمييز الجنسي بين الذكور والإناث. وقد جرى منعه في بريطانيا والولايات المتحدة، فلا يجوز اختيار الجنين الذكر وغرسه واستبعاد الجنين الأنثى، أو استبعاد الجنين الذكر لأنه مصابٌ باضطرابٍ وراثيٍّ مرتبط بالصبغي X.
مراجع للاستزادة: - D. A. Aitken et al, Prenatal screening for neural tube and Aneuploidy. In: Rimoin DL etal. (eds). Emery and Rimoin’s principles and practice of Medical Genetics, 2007. - L. L. McCabe & E. R. McCabe, Expanded newborn screening: Implications for genomic medicine, Annu Rev Med 2008. - R. A. Pagon et al, Gene tests- clinics: Genetic testing information for a growing audiencem, Hum Mtut 2002. - A. Sekizawa et al. Recent advances in non-invasive prenatal DNA diagnosis through analysis of maternal blood, J. Obstet Gynaecol Res 2007. - D. Weaver, Catalog of prenatally diagnosed conditions. 3rd edition. Baltimore, Johns Hopkins University Press, 1999. - B. Wilcken, Recent advances in newborn screening, J Inherit Metab Dis, 2007. |
- التصنيف : الوراثة - النوع : الوراثة - المجلد : المجلد الأول - رقم الصفحة ضمن المجلد : 403 مشاركة :