اثر موسباور
Mossbauer effect - Effet Mossbauer

أثر موسباور

 نعمان الصباغ

 

أثر موسباور Mössbauer effect ظاهرة تتعلق بامتصاص أشعة غاما وإصدارها من نوى مشعة متماثلة، فقد اكتشف الفيزيائي الألماني موسباور R. L. Mössbauer عام 1957 تغير نفوذية أشعة غاما ذات الطاقة  الصادرة عن الإريديوم المشع  تغيراً كبيراً عندما تعبر صفيحة من الإريديوم، وفسر ذلك بوجود نوى جاهزة لتمتص هذه الأشعة الصادرة؛ فيما سمي الامتصاص التجاوبي ()الرنينيresonance absorption (؛ أي إن طاقة الفوتون الصادر أو تردده تساوي طاقة الفوتون الممتص أو تردده في هذا النوع من الامتصاص. وقد كان هذا مخالفاً لما تتنبأ به عملية الإصدار، فيما لو كان الفوتون صادراً عن النواة وحدها بسبب سرعة ارتداد النواة عند الإصدار ومن ثم انزياح ترددها وفق أثر دوبلر؛ مما يجعل التردد الموافق لامتصاصها مختلفاً عن تردد إصدارها، فكان التفسير هو ارتباط النوى المصدرة بذرات المعدن كله؛ أي بكتلة العينة، وليس فقط بكتلة النواة؛ مما يجعل سرعة الارتداد الناجمة عن الإصدار مهملة، فيحدث الامتصاص التجاوبي. لهذا يسمى أثر موسباور أحياناً إصداراً بلا ارتداد recoilless emission.

يفسَّر إصدار غاما وامتصاصه - من وجهة النظر الكمومية - كما يفسر إصدار الضوء وامتصاصه على مستوى إلكترونات الذرة، فتعالج النواة كمومياً لحساب مستَوَيات طاقتها المسموح بها، مع الانتباه للقيمة الكبيرة للطاقة بين المستويات، فهي أكبر مما عليه لإلكترونات الذرة بما يقارب ألف ضعف؛ إذ هي من مرتبة عشرات الكيلو إلكترون فولط. فيوجد عملياً مستوى أرضي Eg طاقته ، ومستوى تثار له النواة طاقته Ee عند امتصاص النواة فوتونَ أشعة غاما، لا تلبث النواة بعد مدة زمنية - هي عمر المستوى المثار- أن تصدر فوتوناً طاقته Ey يحقق معادلة انحفاظ الطاقة التالية:

(1)

حيث تمثل Ea طاقة الارتداد في الحالة العامة، وهي موجبة؛ أي إن طاقة فوتون غاما الصادر أقل من طاقة الفوتون الممتص، لكن الفرق بينهما طفيف في حالة النوى المرتبطة في الجسم الصلب، مع ذلك - وبسبب حدّة التجاوب - يستفاد منه في الكشف عن تغيرات في الحالة المثارة اعتماداً على هذا الفرق عند ضمه إلى أثر دوبلر؛ ليكوّن مطيافية موسباور التي تعتمد انزياح التردد (المقابل للطاقة) عندما يتحرك المصدر بالنسبة إلى الكاشف بسرعة معروفة. تعيّن حدة التجاوب بمقارنة عرض خط التجاوب  بقيمة الطاقة عند التجاوب؛ أي بالنسبة     / Ey ، (يسار الشكل1)، وهو يختلف باختلاف النواة وأعمار مستوياتها المثارة، فالعرض يساوي لنواة نظير الحديد Fe57 القيمة  10 -12× 4.6 =  ك.أ.ف (kev) أما Ey فتساوي ءj14.4 ك.أ.ف . (kev)  ولذا تقدر حدة التجاوب بنسبة قيمتيهما؛ أي هي قرابة  j 10+12، ويعدّ هذا من أحدّ التجاوبات المعروفة في الفيزياء. وبسبب هذه الحدّة يمكن الكشف عن تغيرات في سرعة المصدر v بالنسبة إلى الكاشف من مرتبة j0.01  سم /ثا وفق علاقة انزياح دوبلر التالية:

(2)

 حيث c سرعة الضوء.

الشكل (1) ء

يثبَّت المصدر مثلاً في مطيافية موسباور، ويحرك الكاشف بسرعة متزايدة، ويمثل على المحور الأفقي، مع رصد عدد فوتونات غاما على المحور الشاقولي، فيكون منحني التجاوب، (يسار الشكل 1). وعند تطبيق حقل كهربائي متدرج ينفصم المستوى المثار إلى مستَوَيين، فتظهر قمتان، (وسط الشكل 1)؛ أما عند تطبيق حقل مغنطيسي  فينفصم المستوى المثار إلى ستة مستويات، فتظهر ست قمم، (يمين الشكل 1). فهو بهذا يشبه ما يحدث للخطوط الطيفية في أثر زيمان وأثر شتارك؛ بسبب التفاعل بين الحقول المغنطيسية والكهربائية مع اندفاعات الإلكترونات الزاوية والسبينية وأعدادها الكمومية الموافقة، أما هنا فتطبق على اندفاعات النوى الزاوية والسبينية والعزوم المغنطيسية الموافقة لكل حالة.

تعتمد خواص التجاوب المذكورة على تأثير الوسط المحيط بالنواة كهربائياً ومغنطيسياً، كما تعتمد أيضاً على درجة حرارته، فهي تؤثر في عرض التجاوب تأثيراً واضحاً؛ إذ يمكن أن يختفي التجاوب في درجات الحرارة العالية، ويظهر حاداً جداً في درجات الحرارة المنخفضة.

 تُستعمل مطيافية موسباور في تطبيقات كثيرة اعتماداً على إمكان كشف الحقل المحلي  الذي توجد فيه النواة المصدرة وتناظراته، فهو يساوي الحقل المطبق مضافاً إليه تأثير النوى والذرات المجاورة للنواة، وقد يقتصر في بعض الأحيان على حقل الجوار فقط؛ ليعطي التأثير المشابه لما يظهر في الشكل (1). وتستعمل نوى مختلفة مصدرة  لفوتونات غاما في مجالات مختلفة. على سبيل المثال يستعمل Fe57 في علوم الحياة للكشف عن الحقل المحلّي في البروتينات المحتوية على الحديد، كما كشف بوساطته عن الأسس المغنطيسية لتوجّه المتعضيات المكروية نحو الرسوبيات المحتوية على مغذّيات مناسبة اعتماداً على تأثير الحقل المغنطيسي الأرضي، ويستعمل كذلك في فحص المواد. وتستعمل نظائر التانتاليوم  Taوالقصدير  Sn  نَوى أخرى في الفيزياء النووية للكشف عن حالاتها الكمومية وتأثير قطبيتها في المقاطع العرضية للامتصاص؛ بغية اختبار النموذج النووي المناسب. ويستفاد من النظائر j129I , 99Ru ،121Sb في دراسات الكيمياء البنيوية في مركّبات مختلفة للكشف عن خواص المحيط الذي يحيط بهذه النوى؛ ولاسيما في البوليمرات، وفي درجات حرارة مختلفة.

مراجع للاستزادة:

-S. Mitra, Applied Mössbauer Spectroscopy: Theory And Practice For Geochemists And Archeologists, 1993. 

- H. Semat, Introduction To Atomic And Nuclear Physics, Chapman & Hall Ltd. 1962.


- التصنيف : الفيزياء النووية - النوع : الفيزياء النووية - المجلد : المجلد الأول - رقم الصفحة ضمن المجلد : 248 مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1