أثر باشن ـ باخ
اثر باشن باخ
-
أثر باشن - باخ
عصام الجغامي
يظهر أثر باشن باخ paschen-Bach effect الذي اكتشف عام 1912 عند تطبيق حقول مغنطيسية شديدة، فيصبح مقدار الانشطار أكبر بكثير من الفاصل بين المستويات المتجاورة، الذي يتحدد بدوره بالبنية الدقيقة لهذه المستويات بغياب الحقل الخارجي. وبعبارةٍ أخرى: لهذه الظاهرة أهمية كبيرة في حالة التزاوج L - S المسيطر في الذرات الخفيفة، حيث توجد مستويات متقاربة تشكل متعددات طيفية، معامل انشطارها هو(معامل انشطار المتعدد الطيفي). وفقاً لذلك يمكن كتابة شرط الحقول الشديدة على النحو التالي:
يدل المقدار على مقدار الانشطار في أثر زيمان النظامي، وينتج من هذا الشرط أنه من غير الممكن الحصول على انشطارات متساوية في المتعدد الطيفي الواحد، ومن ثم يُلاحَظ عند تطبيق الحقول المغنطيسية الشديدة -وبدلاً من أثر زيمان الشاذ- أن كل خط من خطوط المتعدد -مهما كانت تعددية الحد الطيفي- يتكون من ثلاث مركّبات تفصل بينها فواصل طاقية متساوية، وتساوي المقدار . ويفسر أثر باشن باخ استناداً إلى النموذج المتجه للذرات الذي يعطي نتائج تتوافق على نحوٍ جيدٍ والنتائج التي يعطيها ميكانيك الكم.
يسبب الحقل المغنطيسي انفصام التزاوج L - S ويقوم كل من المتجهين و بحركة مبادرة حول اتجاه الحقل المطبق، على نحوٍ مستقلٍ كل منهما عن الآخر الشكل (1)، حيث يتحدد اتجاه كل منهما بمركّباته المُكمّاة mS و mL على اتجاه الحقل الخارجي. عندئذٍ يفقد العدد الكوانتي J معناه؛ أي إن الاندفاع الزاوي الكلي لن يبقى ثابتاً، وتوصف حالة الجملة بالأعداد الكمومية L , mL ,S, mS .
الشكل (1) النموذج المتجه لأثر باشن باخ |
تبين قواعد ميكانيك الكم أن الطاقة الكلية الإضافية بوجود الحقول المغنطيسية الشديدة تعطى بالعلاقة التالية:
لما كانت قيم mL قيماً صحيحةً دوماً وقيم المقدار 2mS قيماً صحيحةً دوماً أيضاً، حتى عندما يأخذ العدد mS قيماً نصف صحيحة؛ فإن الفاصل الطاقي بين المستويات الفرعية المنشطرة يساوي مكررات صحيحة للمقدار
تخضع الانتقالات المسموح بها بين المستويات المنشطرة بفعل الحقول المغنطيسية الخارجية الشديدة لقواعد الاصطفاء و . تعطي قواعد الاصطفاء و هذه مركّبة غير منزاحة بالنسبة إلى الخط الطيفي بغياب الحقل توافق ؛ ومركّبتين منزاحتين على نحوٍ متناظرٍ توافقان ، و هذا ما يتفق مع أثر زيمان النظامي.
يبين الشكل (2) أثر باشن باخ على الانتقال في ذرة الصوديوم، حيث تظهر قيم الأعداد الكوانتية ومجموعهما وقيمة معامل انشطار المتعدد الطيفي وانزياح المستويات المنشطرة بالنسبة إلى طاقة المستويات قبل تطبيق الحقل الخارجي. ومن الضروري الإشارة إلى أنه في حالة الحدود الطيفية تكون الطاقة الإضافية لكلٍّ من المستويين الفرعيين ؛ أي إن هذين المستويين منطبقان في حالة الحقول الشديدة.
الشكل (2) مقارنة انشطار مستوياتن الطاقة الموافقة للانتقال في ذزة الصوديوم عند تطبيق حقل مغنطيسي ضعيف و حقل مغنطيسي شديد |
إن لحالة الحقول المغنطيسية المتوسطة الشدة أهميةً كبيرةً، وذلك لأن زيادة شدة الحقل المغنطيسي المطبق تدريجياً يقود إلى تغير انشطار المستويات، وبالنتيجة تغير تواترات الخطوط الطيفية؛ أي هناك انتقال من أثر زيمان بحالة الحقول الضعيفة إلى أثر باشن باخ في حالة الحقول الشديدة. هذا يعني أنه في حالة الحقول المتوسطة الشدة يصبح الانشطار الناجم عنها من مرتبة انشطار المتعدد الطيفي، ويمكن كتابة ذلك على النحو التالي:
يقود ذلك إلى تعقيد المسألة المدروسة كثيراً، لكن يمكن التوصل إلى نتائج مقبولة بمقارنة الحالات الحدية للحقول الضعيفة والشديدة، وقد دلت عملية الانتقال من حالة الحقول الضعيفة إلى الشديدة على أن الاندفاع الزاوي الميكانيكي الكلي لا يبقى ثابتاً، لكن المركّبة الكلية للعزوم الميكانيكية للذرة جميعاً باتجاه الحقل الخارجي تبقى ثابتة، ويحافظ العدد الكمومي m على معناه، ففي حالة الحقول الضعيفة هذه المركّبة هي وتأخذ قيمةً مقابل قيمة محددة للعدد الكمومي J . أما في حالة الحقول الشديدة فإن هذه المركّبة الكلية تساوي مجموع مركّبتي العزمين و وتساوي ، ولما كانت المركبة تأخذ عدداً من القيم يساوي ، و كذلك تأخذ قيمةً؛ فإن عدد المستويات الفرعية في حالة حد طيفي محدد يساوي الجداء . هذا يعني أن عدد المستويات المنشطرة في حالتي الحقول هو نفسه لِحدٍ طيفي محدد.
يبين الشكل (2) أنه في حالة الحقول الضعيفة ينشطر المستوى إلى مستويين فرعيين ، وينشطر المستوى إلى أربعة، هي وبالنتيجة هناك ستة مستويات فرعية . وفي حالة الحقول الشديدة هناك ستة مستويات فرعية أيضاً. إن المستوى الفرعي الأدنى ينتقل إلى المستوى الفرعي ، وينتقل المستوى الفرعي الأعلى إلى المستوى الفرعي ؛ بحيث لا تتقاطع هذه المستويات عند شدات حقول متوسطة الشدة. على نحوٍ مماثلٍ، ينتقل المستوى الفرعي الأدنى إلى المستوى الفرعي ، وينتقل المستوى الفرعي الأعلى إلى المستوى الفرعي . أخيراً تنتقل المستويات الفرعية و إلى المستويات الفرعية ، على الترتيب.
تجب الإشارة إلى أن أثر باشن باخ يظهر في البنية فوق الدقيقة للخطوط الطيفية، أي عند أخذ تأثير سبين النواة على مستويات الطاقة عند تطبيق حقول مغنطيسية ضعيفة إلى حدٍّ ما، في حين لا يمكن مشاهدته في حالة البنية الدقيقة إلا عند تطبيق حقولٍ مغنطيسية شديدة. يعود السبب في ذلك إلى أنه في حالة البنية الدقيقة تكون طاقة التأثير المتبادل بين العزم المغنطيسي السبيني والحقل المغنطيسي الداخلي الناجم عن الاندفاع الزاوي المداري -بوجهٍ عام- أكبر بكثير من طاقة التأثير المتبادل للحقل الخارجي مع العزم الكلي ، في حين أنه في حالة البنية فوق الدقيقة يمكن أن تكون طاقة التأثير المتبادل للعزم المغنطيسي للنواة مع الحقل الخارجي أكبر من طاقة البنية فوق الدقيقة.
- المجلد : المجلد الأول مشاركة :