اثر مغنطيسي حراري
Magnetocaloric effect - Effet magnétothermique

الأثر المغنطيسي الحراري

نعمان الصباغ

 

الأثر المغنطيسي الحراري  magneto caloric effect  ، ويرمز له اختصاراً بـ (MCE) ، هو تغير درجة حرارة مادة مغنطيسية عند تطبيق حقل مغنطيسي، فقد ترتفع درجة حرارتها عند تطبيق الحقل، وتنخفض عند إزالته. وقد دُعي هذا الأثر فيما مضى إزالة المغنطة الكظومة adiabatic demagnetization.

اكتشف هذا الأثر العالم واربورغ  E. Warburg عام j1881 بتجربته على الحديد النقي. وكان مقدار التغير بمعدل j2 إلى j5 درجات مئوية لكل تسلا، (التسلا واحدة قياس الحقل المغنطيسي، وتعادل تقريباً j20000 مرّة شدة الحقل المغنطيسي الأرضي). كان الفيزيائي ديباي Debye عام j1926 وجيوك Giauque عام j1927 أول من حاول تفسير هذه الظاهرة، كل على حدة. واقترحا أول تطبيق لهذه الظاهرة، وهو استعمالها للوصول إلى درجات حرارة أقل من درجة حرارة الهليوم السائل، التي كانت أدنى درجة حرارة أمكن الوصول إليها تجريبياً.

تبين جميع الدراسات الجديدة أن لجميع المواد المغنطيسية هذا الأثر، لكن مدى شدته يعتمد على خصائص كل مادة. وقد اكتشف أخيراً أن لهذا الأثر قيمة كبيرة في حالة تطبيق حقول مغنطيسية صغيرة نسبياً على سبائك مستقرة كيميائياً وغير قابلة للاشتعال وغير سامة وغير مكلفة ومستقرة ميكانيكياً، مثل سبيكة الجرمانيوم Ge والسليكون  Si والغادولينومGd5(Six Ge1-x)4وكان مقدار التغير بمعدل j3 إلى j4 درجات مئوية لكل تسلا. تجري حالياً محاولة اختبار صنع ثلاجات بالاعتماد على هذا الأثر في المخابر باستعمال حقول مغنطيسية تقدر بـ j5 تسلا تنتجها المغانط الفائقة الناقلية. كما حظي هذا الأثر بقدر كبير من الاهتمام لاستعماله بديلاً من التقانة المستخدمة لأغراض التبريد؛ نظراً لأن هذا النوع من التبريد المغنطيسي صديق للبيئة.

يستند تفسير الأثر المغنطيسي الحراري إلى حقيقة أنه في درجة حرارة ثابتة يمكن لأنتروبية نظام مغنطيسي ما أن تنخفض بتطبيق حقل مغنطيسي خارجي؛ لأن الأنتروبية هي مقياس ترتيب النظام. فالعزوم المغنطيسية سوف تتجه باتجاه الحقل الخارجي؛ أي إن الحقل يخفض الأنتروبية، كما تنخفض عند انخفاض درجة الحرارة.

يُعرّف التمغنط M، أو شعاع المغنطة لواحدة الحجوم؛ بدلالة مجموع العزوم المغنطيسية وفق العلاقة التالية:

حيث  N  عدد العزوم المغنطيسية كلها، V حجم العينة، m  العزم المغنطيسي لجسيم واحد. وواحدة التمغنط في الجملة الدولية هي أمبير/متر. فالتمغنط هو مقياس لمدى استجابة المادة عند تطبيق حقل مغنطيسي خارجي، ويشير إلى كيفية تغير المادة بتأثير الحقل المغنطيسي.

الشكل (1) : مخطط يبين الآليتين عند تطبيق الحقل المغناطيسي الخارجي , و عند إزالته . أولاً مع بقاء درجة الحرارة ثابتة , وثانياً كع بقاء الإنتروبية ثابتة

ولفهم هذا الأثر لا بد من الرجوع إلى التحريك الحراري (الترموديناميك)، الذي يوضح العلاقة بين المتغيرات المغنطيسية (التمغنط والحقل المغنطيسي) والأنتروبية ودرجة الحرارة. فكما أنه يوجد حرارة نوعية تحت حجم ثابت  CV وحرارة نوعية تحت ضغط ثابت  CPناجمتان عن الحركات الاهتزازية لجسيمات الشبكة في البلورات والشروط المطبقة على العينة في أثناء القياس، وهما بدورهما مرتبطتان بالأنتروبية، فإن أصل هذا الأثر هو اقتران الشبكة الفرعية البلورية الاتجاهية   sublattice بالحقل المغنطيسي المطبق، الذي يغير المساهمة المغنطيسية في الأنتروبية. فقيمة الأنتروبية  S لمغنطيس حديدي تحت ضغط ثابت تتعلق بالحقل المغنطيسي  H وبدرجة حرارة المادة المدروسة T ، ولها ثلاث مساهمات؛ الأولى نتيجة اهتزازات الشبكة Slatوالثانية نتيجة الحركة الإلكترونية  Selوالثالثة مغنطيسيةSmو( في الواقع يمكن ردّ هذه المساهمات إلى مساهمات في الطاقة الكلية الداخلية للبلورة) :

  S (T ,H )= Sm (T , H) + Slat (T) + Sel (T)    

وهناك آليتان لهذا الأثر (الشكل 1)

الأولى: عندما يُطبق الحقل المغنطيسي تطبيقاً كظوماً (أي تبقى الأنتروبية الكلية ثابتة، ولذا لا تتبادل الجملة أي طاقة حرارية مع المحيط)، فإذا كانت العملية عكوسة تتضاءل مساهمة الأنتروبية المغنطيسية ولكن الأنتروبية الكلية لا تتغير:

S (T0 ,H0 ) =S (T1 ,H1 )                                                                          

يشير الدليل 1 إلى الحالة النهائية والدليل0  إلى الحالة البدائية؛ مما يستوجب ارتفاع درجة الحرارة (يمكن تشبيه تأثير الحقل المغنطيسي بتأثير الضغط في حالة جملة غازية، إذ يسبب ضغطها نقصاً في الحجم المتاح؛ أي نقصاً في الأنتروبية). يمكن تصور هذا الارتفاع الكظوم في درجة الحرارة كتغير متساوي الأنتروبية بين تابع الأنتروبية والأثر المغنطيسي الحراري المقيس في المادة:

 DTad = T1 - T0

الثانية: عندما يُطبق الحقل المغنطيسي تطبيقاً متساوي الحرارة (أي تبقى درجة حرارة المادة ثابتة) تتضاءل الأنتروبية الكلية نتيجة تضاؤل مساهمة الأنتروبية المغنطيسية، ويُعطى التغير في الأنتروبية بالمعادلة:

DSm = S (T0 , H0)  - S ( T0 , H1)

يُعدّ كل من تغير درجة الحرارة الكظوم  وتغير الأنتروبية المغنطيسية المتساوية درجة الحرارة  قيمة مميزة للأثر المغنطيسي الحراري، وهما تابعان للحالتين البدائية والنهائية فقط.

  T  ء  بدلالةS الشكل (2) رسم بياني للأنتروبية
يمثل الخط المتصل الأنتروبية الكلية في الحالة البدائية و النهائية . و يظهر الخط االمنقط المساهمات الالكترونية و الشبكية ( غير المغنطيسية) و تظهر الخطوط المتقطعة الإنتروبية المغنطيسية في الحالة البدائية و النهائية
   : DSm و السهم العامودي   DTad بين السهم الأفقي
عند تغير الحقل المغناطيسي من الحالة البدائية إلى النهاية

ومن ثَمّ فإنه يتضح أنه بارتفاع قيمة الحقل المغنطيسي المطبق يزداد الترتيب المغنطيسي (تنقص مساهمة الأنتروبية المغنطيسية)؛

أي إن DTad = (T ,DH ) تكون موجبة (الشكل 2). ولذا تسخن المادة المغنطيسية، وتكون DSm سالبة. وبانخفاض هذا الحقل المطبق ينقص الترتيب المغنطيسي و DTad = (T ,DH ) تكون سالبة، على حين DSm موجبة (الشكل 2)؛ مما يؤدي إلى تبريد المادة المغنطيسية.

وفي الواقع، عند استعمال المتحولين المستقلين (الحقل ودرجة الحرارة) وحساب تأثير كل منهما في الأنتروبية والتمغنط، يمكن استعمال إحدى علاقات ماكسويل التالية المقابلة للانتقال بين الحقل المغنطيسي  H والتمغنط   M ودرجة الحرارة  لهذه المواد:

حيث تدل القرينة أسفل القوس على ثبات المقدار المقابل. وبإجراء التكامل في حالة عملية متساوية درجة الحرارة تصبح العلاقة على الشكل:

  

يشير هذا التكامل إلى أن تغير الأنتروبية المغنطيسي يتناسب مع تغير الحقل ومشتق التمغنط بدلالة درجة الحرارة والحقل المغنطيسي الثابت. ويمكن الوصول إلى المساهمة المغنطيسية في السعة الحرارية باستخدام العلاقات الترموديناميكية التالية:

   

حيث CH هي السعة الحرارية المغنطيسية في حقل ثابت. تنشأ هذه المساهمة المغنطيسية من تغير الطاقة الداخلية Em المصروف على مغنطة العينة بدلالة درجة الحرارة؛ أي إنها تتعلق بالعمل اللازم للتمغنط مع الأخذ في الحسبان إمكان وجود تمغنط تلقائي لهذه المواد، إذاً تُكتب بدلالة الطاقة:

 

 

 

 

فيكون:

 

 

الشكل (3) : العلالقةبين الأثر المغنطيسي و درجة الحرارة (و الحور اليساري ), و الخط المستمر ، و العلاقة بين التمغنط و درجة الحرارة ، في حالة حقل مغنطيسي ثابت عبّر عنه بدلالة حقل  التحريض المغنطيسي ء B 
 و الخط المتقطع (المجور اليميني) ء

تعطي هذه المعادلة قيمة الأثر المغنطيسي الحراري. ويمكن من تحليل هذه المعادلة الحصول على معلومات حول سلوك الأثر المغنطيسي الحراري (الشكل 3)؛ إذ:

- يتناقص التمغنط في حقل ثابت مع زيادة درجة الحرارة  - وللقيمة المطلقة لمشتق التمغنط بدلالة درجة الحرارة  قيمة عظمى عند درجة حرارة كوري ، (أو نقطة كوري، وهي درجة حرارة انتقال المادة من حالة مغنطيسية حديدية ferromagnetic إلى مغنطيسية مسايرة  paramagnetic، وهي عكوسة)

- تسلك السعة الحرارية بتأثير حقل مغنطيسي ثابت سلوكاً شاذاً بالقرب من درجة حرارة

 كوري.

كما يوجد لقياس هذا الأثر تقنيات مباشرة تنطوي على قياس درجة الحرارة البدائية والنهائية للعيَّنة مباشرة؛ عندما يتغير الحقل المغنطيسي الخارجي المطبق البدائي والنهائي، فيعطى تغير درجة الحرارة الكظوم بالعلاقة:

 

 

مراجع للاستزادة:

- K.h. J. BuschoW, F. R. De Boer, Physics Of Magnetism And Magnetic Materials, Kluwer Academic Pub­lishers, 2004.

 - F. C. Fernadez, Magnetocaloric Effect In Gd5 (Sixge1-X)4 Alloys, Ph.d. Thesis, Universitat De Barcelona, 2003.

-Handbook Of Magnetism And Advanced Magnetic Materials, Edited By Helmut Kronmueller And Stuart Parkin (Vol.4) Novel Materials.

-V. K. Pecharsky And Karl A. Gschneidner, Magnetocaloric Materials, John Wiley & Sons. 2007

.


- التصنيف : الحرارة والترموديناميك - النوع : الحرارة والترموديناميك - المجلد : المجلد الأول - رقم الصفحة ضمن المجلد : 245 مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1