اثر سطحي (جلدي)
Skin effect - Effet de peau

الأثر السطحي (الجلدي)

عصام الجغافي 

 

تنجم هذه الظاهرة عن سعي التيار الكهربائي عالي التواتر -مثل الناتج من انتشار الموجة الكهرطيسية- الجاري في النواقل الجيدة؛ إلى الانزياح باتجاه الطبقة الخارجية من الناقل، مما يؤدي إلى توزع غير منتظم لكثافة التيار بداخله، حيث تصبح كثافة التيار قرب سطح الناقل أكبر مما هي عليه في المركز، ومن ثم يتركز جريان التيار في طبقة قريبة إلى السطح تسمى الطبقة الجلدية أو الطبقة القشرية، ويعرف هذا بالأثر الجلدي skin effect أو الأثر القشري. يرتبط بهذا الأثر ما يسمى عمق الجلد، وهو المسافة التي يمكن أن تخترقها الموجة الكهرطيسية في الناقل عندما تنتشر فيه، في حين يجري التيار الكهربائي المستقر (الثابت بمرور الزمن) في ناقل ما متوزعاً على سطح مقطع عرضي منه توزعاً منتظماً، أي إن كثافته تكون واحدة في كل نقطة من مقطع الناقل، ولا يلاحظ في هذه الحالة الأثر الجلدي.

عندما تنتشر الأمواج الكهرطيسية في الأوساط المادية الناقلة فإن تدفق الشحنة يرتبط بالانتشار. بوجهٍ عامٍ تكون كثافة تيار الشحنات الحرة   غير معدومة وتتناسب مع الحقل الكهربائي   وفقاً لقانون أوم التالي:

 

حيث يدل ثابت التناسب على ناقلية مادة الناقل.

تعطى كثافة الشحنات الحرة   عند الأخذ بالحسبان معادلة الاستمرار ( قانون انحفاظ الشحنة) من جهةٍ، وقانون أوم من جهةٍ أخرى. وبالاستفادة من قانون غاوص في التدفق يتبين أنه من أجل الأوساط الناقلة الخطية المتجانسة، وفي المواضع البعيدة عن السطوح الحدية؛ توجد العلاقة الآتية:

 

حيث تدل  على سماحية مادة الناقل، ويسمى المقدار   زمن استرخاء الشحنة. تبين هذه العلاقة أن توزع الشحنات الحرة الابتدائية التي يحملها الناقل في اللحظة    تتبدد خلال زمن يساوي عدداً من أزمنة استرخاء الشحنة. تتجمع هذه الشحنات على السطوح الحدية للناقل على هيئة شحنة سطحية، وتنظم نفسها بحيث تحذف تأثير الحقول الكهربائية داخل الناقل، أي تصبح معدومةً.

يُستخدم زمن استرخاء الشحنة مقياساً لجودة النواقل. فعلى سبيل المثال؛ من أجل النواقل المثالية    و  ، ووفقاً لقانون أوم تبقى كثافة التيار محدودة في أي موضع، وعندئذٍ يجب أن يتلاشى الحقل الكهربائي داخل الناقل. إذا كان   التواتر الزاوي للموجة الكهرطيسية فإنه من أجل النواقل الجيدة يجب أن يكون      كي يظهر الأثر واضحاً، ومن أجل النواقل الرديئة ( العوازل) يكون   لا يظهر الأثر. وهكذا يمكن أن تكون المادة ناقلاً جيداً في مجال التواترات المنخفضة لكن يمكن أن تمتلك خصائص العوازل عند التواترات المرتفعة.

يُبرهَن رياضياً على أن معادلات ماكسويل في المادة تقبل حلولاً على هيئة أمواج مستوية تنتشر باتجاه المحور  يُعطى حقلاها الكهربائي   والمغنطيسي بالعلاقتين التاليتين:

 

    حيث العدد الموجي هنا عدد عقدي يعطى بالعلاقة التالية:

 

حيث النفوذية المغنطيسية للمادة؛ يلاحظ في هذه العلاقة ظهور وسطاء زمن استرخاء الشحنة على نحوٍ مختلفٍ عما سبق. وعند كتابة هذا العدد الموجي بالشكل العقدي  ، ينتج أن جزءه الحقيقي هو:    وجزءه التخيّلي هو:  ، عندئذٍ:

 

 

 

يسبب الجزء التخيلي من العدد الموجي توهين الموجة؛ أي تناقص سعتها وفقاً لاتجاه الانتشار. وفقاً لذلك يؤول الحقلان الحقيقيان (الكهربائي والمغنطيسي) المستقطبان وفقاً للاتجاه    و ، على الترتيب لموجة مستوية تنتشر باتجاه المحور ؛ إلى العلاقتين:

 

من الضروري الإشارة إلى أن حقلي الموجة المستوية في النواقل متعامدان فيما بينها وعموديان على اتجاه الانتشار، إلا أنهما يختلفان بالطور حيث يتخلف الحقل المغنطيسي عن الكهربائي بطور يتحدد بالعلاقة الآتية:

  

تسمى المسافة اللازمة كي تتناقص السعة بمعامل يساوي  بعمق الجلد أو عمق القشرة   (الشكل1)، وهو قياس لمدى تغلغل الموجة الكهرطيسية في الناقل.

يحدد الجزء الحقيقي من العدد الموجي  طول الموجة، وسرعة انتشارها، وقرينة انكسار الوسط بالطريقة المألوفة،أي:   .

 يبين الشكل (1) تغيرات الحقل الكهربائي الحقيقي لموجة مستوية متخامدة تنتشر في ناقل باتجاه المحور  ومستقطبة باتجاه المحور .

 
الشكل (1)ء 

تمتاز النواقل الرديئة ( العوازل) بأنها تحقق العلاقة   ، ولهذا  ، وهي لا تتأثر بالناقلية الضعيفة للوسط، ويبقى طول الموجة على نحوٍ تقريبي ذاته كما لو كانت   . أما الجزء التخيلي للعدد الموجي فيبين أن عمق الجلد للنواقل الرديئة كبير جداً ويساوي .

وفي حالة النواقل الجيدة يكون    وتتحقق العلاقة  ، ولهذا يعطى طول الموجة في هذه النواقل بالعلاقة    ، وقرينة الانكسار بالعلاقة   ، ويعطى عمق الجلد مقدراً بالمتر بالعلاقة:

 

تبين هذه العلاقة أن طول الموجة في الأوساط الناقلة الجيدة  يكون أقصر بكثير من طول الموجة في الوسط نفسه عندما تكون  . على سبيل المثال؛ من أجل النحاس عند التواتر  يكون   ، وهذا أصغر بكثير جداً من طول الموجة الموافق لهذا التواتر في الخلاء وهو ، وقرينة الانكسار   ، وعمق الجلد    .

المادة

الناقلية

عمق الجلد

الفضة

النحاس

الذهب

الألمنيوم

الحديد

يمكن الاستنتاج أنه في النواقل الجيدة تمتلك الأمواج الكهرطيسية أطوالاً موجيةً صغيرةً جداً، ويكون عمق الجلد من أجلها صغيراً جداً، فضلاً عن كون قرينة الانكسار ذات قيم كبيرة جداً. ويبين الجدول الآتي قيم عمق الجلد لبعض النواقل عند تواترات مختلفة.

مراجع للاستزادة:

-D. K. Cheng, Field and Wave Electromagnetics, Addison-Wesley, 1992.

-D. R. Frankl, Electromagnetic Theory, Prentice Hall, Inc., New Jersey, 1986.

- D. J. Griffiths, Introduction to Electrodynamics, Prentice Hall, Inc., New Jersey, 1999.

-D. H. Staelin, A. N. Morgenthaler and J. A Kong,Electromagnetic Waves, Prentice Hall, Inc., New Jersey, 1994.

-J. Vanderlinde, Classical Electromagnetic Theory, John Wiley & Sons, Inc., 1993.


- التصنيف : الكهرباء والمغنطيسية - النوع : الكهرباء والمغنطيسية - المجلد : المجلد الأول - رقم الصفحة ضمن المجلد : 227 مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1