آثار الحقول المغناطيسية والكهربايئة في الخطوط الطيفية
اثار حقول مغناطيسية وكهربايئة في خطوط طيفية
-
آثار الحقول المغنطيسية والكهربائية في الخطوط الطيفية
تتأثر أطياف الذرات أو الجزيئات المصدرة للضوء أو التي تمتصه بالحقول الكهربائية أو المغنطيسية المطبقة عليها، فتنزاح الخطوط الطيفية عن مواقعها التي كانت عليها قبل تطبيق الحقول، أو تنفصم لتظهر خطوط طيفية جديدة وفق أنواع الذرات أو الجزيئات وشدة الحقول المطبقة، وتسمى هذه الانزياحات والانفصامات آثار الحقول المغنطيسية والكهربائية في الخطوط الطيفية magnetic and electric fields effects on spectral lines.
تُصدر المجموعات الذرية الضوء أو تمتصه عند أطوال موجيَّة محددة ومنفصلة تميز تركيبها الكيميائي، وتؤلف هذه الأطوال الموجية بمجملها أطياف إصدار هذه المجموعات الذرية أو امتصاصها. لكلِّ ذرة طيفها الخاص الذي يميزها من باقي الذرات، وهو بذلك بمنزلة بصمة الأُصبع لهذه الذرة، حيث بالإمكان تَعَرُّف الذرة بمعرفة طيفها في الحالة الحرة، وتساعد دراسة هذه الآثار على تعرُّفها عندما تكون ضمن مركّب. وإذا كان الطيف الصادر مؤلفاً من خطوط طيفية منفصلة سمي طيف الإصدار الخطي، ويميز إصدار الذرات المنفردة في الغازات المخلخلة. أما إذا كان مؤلفاً من شرائط أو عصابات طيفية عريضة؛ فيُسمّى طيفاً شريطياً، وهو يميّز إصدار الجزيئات.
تفسّر عمليات إصدار الذرة للضوء أو امتصاصه -وكذلك للجزيء- اعتماداً على ميكانيك الكم (الميكانيك الكوانتي) الذي يعتمد بدوره إيجاد حلول لمعادلة شرودنغر Schrodinger بدءاً من الذرات البسيطة الوحيدة الإلكترون، ثم المتعددة الإلكترونات؛ وصولاً إلى الجزيئات أو مجموعة الذرات. يفسر ميكانيك الكم ظهور الأطياف الخطية الذرية في الحالات البسيطة، لكنه يفترض تقريبات متنوعة عندما يعالج الذرات المتعددة الإلكترونات أو الجزيئات، ويأتي حساب هذه الآثار ضمن هذه التقريبات.
نجح ميكانيك الكم عام 1926 في تفسير طيف الهدروجين بحل معادلة شرودنغر العادية؛ لكنها احتاجت إلى إدخال مفاهيم النسبية لتفسير البنية الدقيقةfine structure والبنية فوق الدقيقة ultrafine structure للخطوط الطيفية وشداتها. وقد احتاج تعميم حلول ذرة الهدروجين إلى إدخال النموذج الشعاعي للذرة الذي يوضح -إضافة إلى مفهوم تَكْمِية الطاقة والاندفاع الزاوي المداري وسبين spin الإلكترون s وجميع الأعداد الكمومية المقابلة- تَعالقَ الأشعة الممثلة لهذه المقادير واتجاهات بعضها بالنسبة إلى بعض، فالاندفاع الزاوي الكلي للإلكترون يساوي:
أما طويلته فتعطى بالعلاقة التالية:
يمثل العدد الكوانتي الكلي الذي يأخذ القيم ، أي يأخذ قيمةً عندما ويأخذ قيمةً عندما .
وفي حالة الذرات المتعددة الإلكترونات تتحدد مستويات الطاقة في الذرات بالاندفاعات الكلية المكماة التالية:
1- الاندفاع الزاوي المداري الكلي ، وطويلته ،
حيث العدد الكوانتي المداري الكلي ، وتتحدد مركّباته على الاتجاه المتميز بقيم العدد المغنطيسي المداري الكلي .
2- الاندفاع الزاوي السبيني الكلي ، وطويلته ؛
حيث العدد الكوانتي السبيني الكلي ، وتتحدد مركّباته على الاتجاه المتميز بقيم العدد المغنطيسي السبيني الكلي .
3- الاندفاع الزاوي الكلي وطويلته ؛ حيث العدد الكوانتي الكلي، ويأخذ القيم التي يمكن أن تكون صحيحةً أو نصف صحيحة، وتتحدد مركّباته على الاتجاه المتميز بقيم العدد الكوانتي المغنطيسي الكلي
.
يكون لحالات الذرة أحياناً قيمة الطاقة نفسها، وتسمى عندئذٍ الحالات المنطبقة degenerated states، ويسمى المقدار درجة الانطباق degree of degeneracy، وإن زوال هذا الانطباق هو الذي يؤدي إلى الانزياحات والانفصامات.
تتعلق طريقة تزاوج الاندفاعات المدارية والسبينية للإلكترونات -والتي تشكل الاندفاع الزاوي الكلي للذرة- بالترتيب الطاقي للتأثيرات المتبادلة المختلفة، ولهذا يؤخذ نوعا التزاوج و كحالتين حديتين. وإذا كانت طاقة التأثير المتبادل بين العزوم المغنطيسية المدارية للإلكترونات من جهةٍ، وطاقة التأثير المتبادل بين عزومها السبينية من جهةٍ أخرى؛ أكبر بالمقارنة بطاقة التأثير المتبادل بين العزوم المغنطيسية المدارية والعزوم السبينية للإلكترونات نفسها؛ عندئذٍ يتحدد الاندفاع الزاوي الكلي بالتزاوج L-S. أما إذا كانت طاقة التأثير المتبادل بين العزم المغنطيسي المداري والعزم السبيني لكل إلكترون؛ أكبر بالمقارنة بطاقة التأثير المتبادل بين العزوم المغنطيسية المدارية للإلكترونات من جهةٍ، وطاقة التأثير المتبادل بين عزومها السبينية من جهةٍ أخرى؛ فيؤخذ التزاوج j-j.
فضلاً عن ذلك يدل ميكانيك الكم على أن طويلة الاندفاعات الزاوية ومركّباتها وفق اتجاه متميز(هو اتجاه الحقل المطبق عادة) تكون محددة وثابتة بمرور الزمن، في حين تكون المركّبتان المتبقيتان غير محددتين، ولا يمكن قياسهما في الوقت نفسه. لهذا السبب يستخدم النموذج المتجه vector model لتمثيل الاندفاعات الزاوية ومركّباتها على الاتجاه المتميز، حيث يمكن تمثيل كل اندفاع من الاندفاعات الزاوية بمتجه يقع على مخروط دوراني ينطبق محوره على الاتجاه المتميز، وطويلته تساوي طول ضلع المخروط. عندئذٍ توافق القيم المختلفة المسموح بها لمركّبات الاندفاع الزاوي على الاتجاه المتميز مخاريط متحدة المحور ولها طول الضلع نفسه، ولكن تختلف بقيم أنصاف أقطار قاعدتها. ويشير المقدار إلى تعددية multiplicity الحد الذري التي تتحدد بقيمة العدد الكوانتي السبيني الكلي حيث تسمى الحدود فردية singlet أو مزدوجة doublet أو ثلاثية triplet عندما أو أو على الترتيب. ولا تتمايز بطاقاتها إلا عند تطبيق الحقول الخارجية المغنطيسية منها والكهربائية. ويعطى مقدار الانشطار الطيفي بالعلاقة:
حيث معامل انفصام (انشطار) المتعدد الطيفي multiplet splitting factor، وهو يتعلق بقيم كل من و ، ويحدد القيمة المطلقة لمقدار انشطار المتعدد الطيفي. تحسب هذه التغيرات والإزاحات الطاقية والانشطارات بطرائق حساب الاضطرابات في ميكانيك الكم التي تعتمد على تعيين مستَوَيات الطاقة قبل تطبيق الحقل، ثم تحسب هذه التغيرات لكل ذرة أو جزيء مدروس.
عصام الجغامي
مراجع للاستزادة: -W. Demtroder, Atoms, Molecules and Photons, Springer- Verlag Berlin Heidelberg, 2006. -W. Demtroder, Molecular Physics, wiley-VCH GmbH & Co. KGaA, Weinheim, 2005. -A. Corney, Atomic and Laser Spectroscopy, Oxford University Press, Inc., 2006. - F. Schwable, Quantum Mechanics, Springer- Verlag Berlin Heidelberg, 2007. -B. M. Smirnov, Physics of Atoms and Ions, Springer- Verlag New York, Inc., 2003.
|
- المجلد : المجلد الأول مشاركة :