logo

logo

logo

logo

logo

الإفساد (فساد العقد) في الفقه الإسلامي

افساد (فساد عقد) في فقه اسلامي

corruption (of the contract) in islamic jurisprudence - corruption (du contrat) dans la jurisprudence islamique

 الإفساد (فَسَادُ العَقد) في الفقه الإسلامي

الإفساد (فَسَادُ العَقد) في الفقه الإسلامي

محمد ربيع صباهي

 

ينقسم العقد في الفقه الإسلامي - باعتبار إقرار الشرع له وترتيب آثاره عليه وعدم ذلك - إلى عقد صحيح وغير صحيح.

والعقد الصحيح: هو ما كان موافقاً للشرع بأصله ووصفه، مستجمعاً لأركانه وشروطه، مرتباً لثمرته عليه، كحلّ الانتفاع في المبيع، والاستمتاع في النكاح، وسقوط القضاء في العبادة.

وغير الصحيح: هو ما لا يعتبره الشرع؛ لمخالفته ما أراد الشارع، فلا يترتب عليه مقصوده ولا تنتج منه ثمرته، كعقد المجنون وغير المميز، والعقد على الميتة والدم، أو العقد على مجهول.

أقسام العقد غير الصحيح:

يرى فقهاء الحنفية أن العقد غير الصحيح ينقسم إلى باطل وفاسد، وهذا في جانب المعاملات، وأما في جانب العبادات فلا فرق بين باطل وفاسد.

في حين يذهب جمهور الفقهاء إلى عدم التفريق بين باطل وفاسد في عبادة أو معاملة.

فالبطلان والفساد مترادفان في الدلالة على العقد غير الصحيح، وهو كل ما خالف في وقوعه أمر الشارع، فلم تترتب عليه آثاره.

فالفقهاء متفقون إذاً على أن الفساد والبطلان في العبادات بمعنى واحد، وهو أن تقع العبادة مخالفة لأمر الشارع، سواء كانت المخالفة بسبب ترك ركن من أركانها كالركوع والسجود في الصلاة، أم بسبب ترك شرط من شروطها كالصلاة دون وضوء.

وإنما الخلاف في الفساد والبطلان في المعاملات، كالبيع والرهن والإجارة والشركة وغيرها من العقود.

فالجمهور يرون أن البطلان والفساد بمعنى واحد، والحنفية يفرقون بينهما كما سيأتي.

تعريف العقد الفاسد والباطل:

q عند الحنفية

تعريف الفاسد

الفساد في اللغة: خروج الشيء عن حد الاعتدال، وهو نقيض الصلاح.

وفي الاصطلاح: قال الحنفية: العقد الفاسد هو: ما كان مشروعاً بأصله دون وصفه.

والمراد بأصل العقد: ركن العقد (الإيجاب والقبول) أو الناحية الأساسية فيه مثل وجود المعقود عليه، والوصف: الناحية الفرعية المتممة للعقد، مثل كون المعقود عليه أو الثمن معلوماً غير مجهول.

قال في كشف الأسرار: الفاسد هو ما كان مشروعاً في نفسه، فائت المعنى من وجه؛ لملازمة ما ليس بمشروع إياه بحكم الحال، مع تصور الانفصال في الجملة.

ويقصد الحنفية بذلك: أن العقد الفاسد هو ما وقع موافقاً لأمر الشارع في أركان انعقاده ومقوماته - من عاقدين ومحل وصيغة - إلا أنه رافقه خلل في متمماته أو أوصافه أو شرط من شروط صحته، كما لو عرض عليه في العقد من الجهالة ما لو خلا العقد عنها لكان صحيحاً، أو كالبيع بثمن مجهول في عقد البيع، أو كالزواج بغير شهود في عقد النكاح، أو كعقد الربا، فإن البيع مشروع بأصله، لكن رافقه وصف الربا الذي هو غير مشروع. 

تعريف الباطل

قال الحنفية: العقد الباطل هو: ما لم يكن مشروعاً بأصله ولا وصفه.

وهذا يعني تخلف الأحكام عن التصرفات، وخروجها عن كونها مفيدة لتلك الأحكام التي تترتب عليها؛ لأن تلك التصرفات وقعت مخالفة لأمر الشارع في ركن من أركانها، أو أحد مقوماتها، وذلك كعقد النكاح على المحارم، أو على أخت الزوجة مادامت الزوجة في عقده، وكبيع الملاقيح (ما في بطون الإناث) والمضامين (ما في أصلاب الذكور) وبيع الميتة والدم والمعدوم ومعجوز التسليم في عقود المعاوضة ونحوه.

فالتفريق عند الحنفية بين الباطل والفاسد يقوم على أساس التمييز بين أصل العقد ووصفه، فأصل العقد هو أركانه وشرائط انعقاده، من أهلية العاقد ومحلية المعقود عليه وغيرهما كالإيجاب والقبول ونحوهما. وهذا في المعاملات، أما في العبادات والنكاح فهما بمعنى واحد.

أما وصف العقد فهي شروط الصحة، وهي العناصر المكملة للعقد، كخلوه عن الربا، وعن شرط من الشروط الفاسدة وعن الغرر والضرر.

وعلى هذا الأساس يقول الحنفية: إذا حصل خلل في أصل العقد - بأن تخلف ركن من أركانه أو شرط من شروط انعقاده - كان العقد باطلاً، لم يترتب عليه أي أثر؛ لأنه لا وجود للتصرف إلا بكون العاقد أهلاً للتصرف.

ويكون العقد فائت المعنى من كل وجه مع وجود الصورة فحسب، إما لانعدام محل التصرف كبيع الميتة والدم لأنهما ليسا بمال شرعاً، وإما لانعدام أهلية المتصرف، كالبيع الصادر من المجنون أو الصبي الذي لا يعقل.

أما إذا كان أصل العقد سالماً من الخلل، وحصل خلل في الوصف، بأن اشتمل العقد على شرط فاسد أو ربا؛ فإن العقد يكون فاسداً لا باطلاً، وتترتب عليه بعض الآثار دون بعض. والفاسد يجب شرعاً فسخه.

q عند الجمهور

أما جمهور الفقهاء فالباطل والفاسد عندهم سواء، وهو ما كان غير مشروع بأصله أو بوصفه أو بهما.

فالجمهور يطلقونهما أي (الفساد والبطلان) ويريدون بهما معنىً واحداً، وهو وقوع الفعل على خلاف ما طلبه الشارع، سواء أكان هذا الخلاف راجعاً إلى فوت ركن من أركان الفعل، أو شرط من شروطه سواء في المعاملات أم العبادات.

مناط الفرق بين البطلان والفساد

إن علة اختلاف الحنفية والجمهور في الباطل والفاسد ناجمة عن اختلافهم في مبدأ أصولي شهير، هو موجب النهي وأثره، أو ما يقتضيه النهي الوارد في كتاب الله تعالى وسنة نبيه r.

فالجمهور: يرون أن النهي المطلق في التصرفات الشرعية يقتضي البطلان.

والتصرفات الشرعية هي تلك التي يتوقف حصولها وتحققها على الشرع، فالصلاة والصوم لا يكون كل منهما قربة إلا بالشرع، وعقد البيع لا يفيد أنه يوجب الملك إلا بالشرع، وعقد الإجارة لا يفيد ملك المنفعة بشرائط مخصوصة إلا بالشرع.

فمثل هذه التصرفات يكون النهي فيها مقتضياً فساد الشيء المنهي عنه مطلقاً، ولا فرق في ذلك بين أن يكون النهي متوجهاً إلى وصف من أوصاف العقد، كالنهي عن البيع المشتمل على الربا أو شرط فاسد، أو متوجهاً إلى أصل العقد أو ذاته وحقيقته.

فهم يطلقون على الفعل المنهي عنه اسم الفاسد أو الباطل، ولا يرتبون عليه أي أثر من الآثار التي تترتب على الفعل الصحيح.

أما الحنفية: فقد فرقوا في متعلق النهي فقالوا:

1- إذا كان النهي متعلقاً بحقيقة الشيء المنهي عنه أو ذاته، كأن يفقد العقد أحد الشروط أو الأركان فإن النهي حينئذ يقتضي البطلان، بمعنى عدم ترتب أي أثر للعمل المنهي عنه.

وفي هذه الحالة يقال: إن العمل المنهي عنه لم يشرع بأصله ولا وصفه، كبيع عديم الأهلية ما يملك، والنهي عن بيع الملاقيح (الأجنة في بطون أمّاتها) لعدم وجود أحد أركان البيع وهو المبيع؛ لأن من الجائز أن يكون ذلك انتفاخاً لا حملاً.

2- إذا كان النهي متعلقاً بصفة جوهرية من صفات الشيء المنهي عنه لا بحقيقته، أو كان النهي لوصف لازم للمنهي عنه دون أصله، فإن النهي حينئذ لا يقتضي البطلان بمعنى عدم ترتب الأثر، بل يترتب على المنهي عنه أثره لصحة الأصل، وإنما يقتضي الفساد، بمعنى أن الفسخ مطلوب لفساد الوصف، ويقال حينئذ: إن المنهي عنه مشروع بأصله لا بوصفه، كالبيع مع جهالة الثمن، فإن النهي عنه لا لأنه بيع، ولكن لجهالة الثمن، وهي صفة جوهرية في البيع ينجم عنها نزاع.

وهنا يكون المنهي عنه فاسداً لا باطلاً؛ لنزول مرتبة النهي فيه عنها في الأول.

3- إذا كان النهي متعلقاً بصفة عارضة غير جوهرية في المنهي عنه، أو دل الدليل على أن النهي عن العمل لوصف مقارن له، ينفك عنه، غير لازم له؛ فهذا النهي لا يقتضي بطلاناً ولا فساداً؛ لأن المنهي عنه  شيء آخر في الحقيقة، هو هذا الوصف المقارن، وغاية ما يقتضيه كراهة التحريم.

كالنهي عن البيع وقت النداء إلى الجمعة، عملاً بقوله تعالى: )إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمْعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا البَيْعَ([الجمعة 9]، فإن النهي هنا ليس لمعنىً في البيع، وإنما لأمر عارض رافقه، هو التلكؤ عن السعي إلى الصلاة،  وهو صفة عارضة على البيع، فيكون الحكم هو الكراهة دون الفساد أو البطلان.

أدلة الجمهور:

استدل الجمهور على ما ذهبوا إليه من عدم التفريق بين الباطل والفاسد بما يلي:

أولاً: قوله تعالى: )وَلاَ تَنكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يٌؤْمِنَّ([البقرة 122] وقوله: )لا تَأْكُلُوا الرِّبَا( [آل عمران130]. وقولهu : «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل».

وجه الاستدلال: لقد فهم الصحابة من هذه النصوص وأمثالها بطلان العقود من خلال نهي الشارع عنها، ولا فرق في ذلك بين أن يكون النهي راجعاً إلى حقيقة العمل وذاته؛ أو إلى وصف من الأوصاف اللازمة له.  

ثانياً: قوله u: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ».

وجه الاستدلال: إن العمل متى خالف أمر الشارع صار غير معتبر في نظره، فلا تترتب عليه الأحكام التي يقصدها منه، وكان باطلاً لا حكم له، فهو معدوم المشروعية أصلاً.

دليل الحنفية:

واستدل الحنفية على ما ذهبوا إليه من التفريق بين الباطل والفاسد بالقول: إن الشارع وضع العبادات والمعاملات أسباباً لأحكام تترتب عليها، فإذا نهى الشارع عن شيء منها لوصف من الأوصاف اللازمة له؛ كان النهي مقتضياً بطلان هذا الوصف فقط؛ لأن النهي متوجه إليه، فيقتصر أثره عليه، فإذا لم يكن وجود هذا الوصف مخلاً بحقيقة التصرف الموصوف به؛ بقيت حقيقته قائمة، وحينئذ يجب أن يثبت لكل منهما مقتضاه، فإذا كان المنهي عنه مثلاً بيعاً، ووجدت حقيقته بوجود ركنه ومحله؛ ثبت الملك به لوجود حقيقته، ووجب فسخه لوجود الوصف المنهي عنه، وبذلك يمكن مراعاة الجانبين، وإعطاء كل منهما حكمه اللائق به.

أحكام العقد الفاسد

أما جمهور الفقهاء: فقد ظهر أنه لا فرق عندهم بين العقد الباطل والفاسد، فكلاهما لا يترتب عليه شيء من الأحكام أو الآثار.

وأما الحنفية: فللتفريق بين الباطل والفاسد عندهم؛ فإن ما يترتب على العقد الفاسد من أحكام وآثار يختلف عنه في العقد الباطل الذي لا يترتب عليه شيء من هذه الأحكام والآثار 

وأهم هذه الأحكام في العقود:

أولاً: عقد البيع الفاسد

تعريف البيع الفاسد: هو كل بيع فاته شرط من شروط صحته، أو عرض عليه ما يؤثر في صحته؛ من جهالة في المبيع، أو الثمن، أو الأجل أو شرط التوثيق، أو اختلال الرضا، أو انتفاء التقابض في مجلس العقد.

أحكام عقد البيع الفاسد

يرى العلماء حرمة الإقدام على البيع الفاسد إذا كان المتصرف عالماً بفساده؛ لأن فيه مخالفة شرعية ولو كانت في وصف العقد، والفاسد منهي عنه، والنهي يدل على كونه غير مباح.

وعلى الرغم من حرمة البيع الفاسد؛ فإن الفقهاء يذكرون جملة من الأحكام التي تترتب على هذا البيع، هي:

1- ثبوت الملك بالقبض: يثبت بالبيع الفاسد ملك المبيع كما يثبت بالبيع الصحيح؛ إلا أن هذا الملك يتوقف على القبض الصحيح، بخلاف البيع الصحيح، فإن الملك به يثبت بمجرد الانعقاد.

كما أن هذا الملك يختلف عن الملك الناشئ من البيع الصحيح في أن الملك بالبيع الصحيح ملك يحل معه الانتفاع بالمبيع، ويصح معه التصرف فيه، بخلاف الملك بالبيع الفاسد،  فإنه لا يحل معه الانتفاع بالمبيع، وأما التصرف فيه فيصح كالبيع الصحيح؛ وإن كان مع الإثم.

الدليل: أما عدم الانتفاع بالمبيع؛ فلأنه ملك خبيث للنهي المتعلق بالعقد، وأما صحة التصرف بالمبيع؛ فلأن النهي ليس وارداً على حقيقة العقد، وإنما على وصف من أوصافه.

2- انتقال الملك بالقيمة لا بالمسمى: يحصل الملك بالقبض في البيع الفاسد مقابل قيمة المبيع، لا مقابل ما اتفق عليه الطرفان من ثمن؛ لأن العقد منهي عنه، والتسمية فاسدة، فيعتدّ بالقيمة يوم القبض.

3- دخول المبيع في ضمان المشتري: إذا هلك المبيع عند المشتري هلك مضموناً عليه؛ لثبوت الملك له بالقبض الصحيح، لكنه يهلك بالقيمة لا بالثمن المسمى كما تقدم.

4- وجوب فسخ البيع الفاسد: إن البيع الفاسد يستحق الفسخ، بل يجب فسخه مراعاة لحق الشارع في إزالة الفساد الذي لحق العقد، فإن إزالة الحرمة حق خالص للشارع.

5- قبول البيع الفاسد للتصحيح: يفرق فقهاء الحنفية بين حالين:

الأول: إن كان سبب الفساد قوياً، كأن يتصل بصلب العقد من بدل أو مبدل، فإن البيع لا ينقلب صحيحاً،  كما لو باع عيناً بألف ليرة وشيء من خمر، ثم أسقط الخمر عن المشتري  فإنه لا يعود صحيحاً؛ لأن الخمر ليس متقوماً في حق المسلمين. وقد كان سبب الفساد قوياً لعدم تقوم الثمن أو جزء منه.

الثاني: وإن كان سبب الفساد ضعيفاً، لم يدخل في صلب العقد، بل في شرط من شروطه؛ فإنه يمكن تصحيحه، كما في البيع بشرط خيار لم يؤقت، أو كان له وقت مجهول، فإنه يصحح بإزالة الجهالة.

أمثلة البيع الفاسد: من أمثلة البيع الفاسد عند الحنفية:

1- البيع بلا ذكر ثمن: كأن يقول له: بعتك، ثم يسكت عن ذكر الثمن، فإنه فاسد؛ لأن البيع مع السكوت عن الثمن بيع قد استكمل مقوماته فانعقد، بيد أنه خلا عن ذكر الثمن فيذكر، بخلاف البيع بلا ثمن أبداً فإنه باطل؛ لعدم وجود المعاوضة.

2- البيع بالخمر والخنزير: إذ لا يجوز جعلهما ثمناً؛ لعدم تقومهما.

3- بيع ما لا يمكن تسليمه إلا بحيلة: كبيع طير في مكان محصور يحتاج إلى اصطياد؛ لعدم القدرة على التسليم.

4- البيع مع شرط مفسد: وهو الشرط الذي لا يقتضيه العقد، ولا يلائمه، ولم يرد به الشرع أو العرف، كبيع السيارة مع اشتراط استخدامها أسبوعاً من قبل البائع.

ثانياً: عقد الإجارة الفاسدة

تعريف عقد الإجارة الفاسدة: هي عقد على منفعة اختل معه شرط من شروط صحته، أو لحقه جهالة في المأجور أو الأجرة أو مدة العمل، أو اشترط فيه ما لا يقتضيه عقد الإجارة من شروط.

أحكام عقد الإجارة الفاسدة

إذا فسد عقد الإجارة وجب على المستأجر رد العين المؤجرة إذا كان قد تسلمها. فإن كان قد استوفى منافعها، أو مضى وقت يمكنه الاستيفاء، وجب عليه أجرة المثل كاملة، سواء أكانت مساوية للأجرة المسماة أم كانت دونها أو فوقها.

وقال الحنفية: لا يُزاد بأجرة المثل على الأجرة المسماة؛ لاتفاق المتعاقدين على ترك ما فوقها.

وكذلك إذا استوفى بعض المنفعة ثم فسد العقد وجبت أجرة مثل المقدار المستوفى من المنافع، وسقط الباقي.

هذا، والإجارة على عمل مثل منفعة العين، فإذا عمل الأجير العمل المستأجر عليه أو بعضه؛ استحق مثل أجرة ما عمل.

وأجرة المثل: هي الأجرة التي يقدرها أهل الاختصاص -عادة- لمثل العين المستأجرة، أو العمل المستأجر عليه.

من صور عقد الإجارة الفاسدة:

ومن الصور التي يثبت فيها أجر المثل فيما لو فسد عقد الإجارة:

1- ثبوت أجر المثل بسبب فساد الصيغة.

2- ثبوت أجر المثل بسبب خلل في العاقد.

3- ثبوت أجر المثل بسبب فساد الأجرة. ولفساد الأجرة وجوه منها:

أ- عدم ذكر الأجرة في العقد.

ب- أن تكون الأجرة شيئاً مجهولاً.

ج- أن تكون الأجرة مالاً غير متقوم.

د- أن تكون الأجرة منفعة بمنفعة بجنسها عند الحنفية.

4- ثبوت أجر المثل بسبب جهالة المستأجر عليه.

5- ثبوت أجر المثل بسبب إجارة المُشاع من غير الشريك عند الحنفية.

ثالثاً: عقود استثمار الأرض الفاسدة

1- عقد المساقاة الفاسد 

المساقاة عند الفقهاء هي: دفع الشجر إلى من يقوم بسقيه وعمل ما يحتاج إليه بجزء معلوم من ثمره في الجملة.

ويشبه عقد المساقاة عند الفقهاء المضاربة من جهة، والإجارة من جهة أخرى، أما شبهه بالمضاربة فمن حيث كونه عملاً في شيء ببعض نمائه، وأما شبهه بالإجارة فمن حيث اللزوم والتأقيت.

أحكام عقد المساقاة الفاسد 

إذا فسد عقد المساقاة ترتب عليه ما يترتب على الإجارة الفاسدة من ثبوت أجر المثل للعامل عوضاً عما اتُفق عليه بينهما.

وأهم صور فساد عقد المساقاة التي توجب أجر المثل:

أ - اشتراط جزء معيّن من الثمرة لأحد المتعاقدين كيلاً أو وزناً.

ب - اشتراط الخارج لأحدهما.

جـ - اشتراط مشاركة المالك للعامل في العمل.

د - جهالة نسبة حصة العامل.

هـ - جهالة الشجر المعقود عليه.

و - إذا شرط على العامل ما يلزم صاحب البستان.

ز- الاختلاف في مقدار حصة العامل بعد عمله.

ح - ثبوت الاستحقاق على البستان لغير صاحبه.

ط - أن يتم عقد المساقاة بعد بدو صلاح الثمرة.

2- عقد المزارعة الفاسد  

المزارعة هي: دفع الأرض إلى من يزرعها، على أن يكون الزرع بينهما.

أحكام عقد المزارعة الفاسد

متى توافرت شروط صحة العقد، كان للعاقدين ما اتُفق عليه،  فإذا اختل شرط  من تلك الشروط، فسد العقد، وتحول إلى إجارة فاسدة، يكون الزرع معها لصاحب البذر، وللآخر أجر المثل.

وهذه بعض الحالات التي يفسد معها عقد المزارعة: 

أ - جهالة حصة العامل.

ب - اشتراط الحصاد على العامل.

ج ـ- اشتراط العمل على صاحب الأرض.

د - اشتراط عدد أو مقدار معيّن من الناتج لأحدهما.

هـ - أن يتم عقد المزارعة بعد بدو صلاح الزرع.

و - أن يشترط البذر على العامل مع العمل، على تفصيل بين الفقهاء.

ز - أن يكون البذر من أحدهما، ومن الآخر الأرض والعمل.

ح - أن يكون البذر من أحدهما، والأرض من الآخر، والعمل من ثالث.

رابعاً: عقد الجعالة الفاسد

الجعالة: التزام عوض معلوم على عمل معيّن، أو مجهول عسر عمله، كأن يقول: من ردّ عليَّ ضالتي فله كذا.

فإذا استكملت الجعالة شروط صحتها وجب فيها الجعل. وإذا فسدت تحول العقد إلى إجارة فاسدة، وجب معها للعامل أجر المثل.

ومن صور فساد عقد الجعالة:

أ - عدم إعلان الجعل.

ب - عدم إعلان رد الضالة.

جـ - أن يكون الجعل مجهولاً.

د - أن يكون الجعل محرماً.

هـ - أن يكون الجعل غير مقدور على تسليمه.

و - اشتراط تعجيل الجعل.

ز - الاختلاف في مقدار الجعل.

خامساً: عقد الشركة الفاسد

1- شركة المضاربة

هي: دفع مال إلى من يتجر فيه بجزء معلوم من الربح.

فإذا نفذت هذه الشركة كان للعامل ما اتُفق عليه من الربح، وإذا فسدت لم يكن له ذلك، بل وجب له أجر المثل، وكان الربح لرب المال.

حالات فساد شركة المضاربة:

أ - أن تكون حصة العمل مجهولة.

ب - أن يُشترط لأحدهما ربح جزء مقدر.

جـ - أن يُشترط لأحدهما جميع الربح.

د - أن يُشترط لثالث  يعمل حصة من الربح.

هـ - اشتراط الخسارة عليهما معاً، أو على العامل وحده.

و - أن يكون رأس المال مجهولاً.

ز - أن يكون رأس مال الشركة من العروض.

ح - أن يُشترط عمل رب المال.

ط - أن تكون المضاربة لمدة محددة.

ي - الاختلاف في مقدار حصة العامل.

ك - تقييد العامل بعمل، أو بالتعامل مع شخص إذا كانت المضاربة مطلقة غير مقيدة.

2- شركة العنان

هي: أن يشترك اثنان بماليهما، على أن يعملا بأبدانهما، والربح بينهما.

فإذا استكملت هذه الشركة شروط صحتها كان الربح فيها بحسب الاتفاق عند بعض الفقهاء، وعلى قدر المالين عند بعضهم الآخر.

وإذا فسدت وُزع الربح على قدر المالين، وكان لكل منهما أجر المثل على صاحبه إن عمل.

ومما تفسد به شركة العنان:

أ - أن يكون رأس مال الشركة من العروض.

ب - أن يكون الربح مجهولاً.

جـ - أن يكون رأس المال مجهولاً.

د - أن يُشترط لأحدهما ربح زائد عن مقدار رأس ماله.

هـ - أن يُشترط لأحدهما جزء مقدر.

و - أن يكون رأس مال أحدهما ديناً، أو غائباً عند الشراء.

ز - أن يكون رأس مال كل منهما مختلفاً عن الآخر من حيث الجنس.

3- شركة الأبدان

هي: أن يشترك اثنان أو أكثر على عمل، والأجرة بينهم.

فإذا انعقدت الشركة وُزع الربح بالتساوي، أو بحسب الاتفاق. وإذا فسدت كان الربح لمن عمل، وأما الآخر: فإن ساعده فله أجر مثل عمله، وإلا فلا شيء له.

ومن صور فساد شركة الأبدان:

أ - أن يكون الربح مجهولاً.

ب - أن يكون الربح عدداً مقدراً، لا جزءاً شائعاً.

جـ - أن يكون العمل مما لا تجوز فيه الوكالة.

د - اختلاف صنعة الشريكين.

هـ - اختلاف مكان عمل الشريكين.

و - اشتراط توزيع الربح على غير مقدار العمل.

سادساً: عقد الزواج الفاسد

تعريف عقد الزواج الفاسد: هو كل عقد توافرت فيه أركانه وشروط انعقاده؛ إلا أنه فقد شرطاً من شروط صحته، كالنكاح بغير شهود.

آثار عقد الزواج الفاسد

يفرق الفقهاء بين آثار الزواج الفاسد قبل الدخول وبعده. أما قبل الدخول: فإنه يعدّ كالباطل الذي لا يترتب عليه أي أثر، كما أنه يجب التفريق فيه.

وأما بعد الدخول: فتترتب عليه بعض الآثار، ويجب التفريق فيه، وهذه الآثار:

أ - وجوب المهر: تستحق الزوجة في الزواج الفاسد بعد الدخول الأقل من المهر المسمى (المتفق عليه ) أو مهر المثل.

ب - وجوب العدة: كما تجب العدة على الزوجة بالتفريق؛ لمعرفة براءة الرحم.

ولو مات الزوج بعد الدخول في نكاح فاسد؛ فالواجب عليها عدة الطلاق لا عدة الوفاة.

جـ - نفقة العدة: أما نفقة العدة فتستحقها الزوجة إذا كانت تجهل سبب فساد الزواج.

د - ثبوت النسب: إذا جاءت الزوجة في الزواج الفاسد بولد، فإن نسبه من أبيه وأمه يثبت؛ مراعاة لحرمته. كما يثبت نسب الولد من أبيه إذا جاءت به الأم في مدة الحمل، وأقلها ستة أشهر من تاريخ الدخول، وأكثرها سنة من تاريخ التفريق.

هـ - ثبوت حرمة المصاهرة: يحرم على الزوج بالزواج الفاسد بعد الدخول كما يحرم على الزوجة المحرمات بالمصاهرة، فليس له أن يتزوج أمها أو ابنتها، كما ليس لها أن تتزوج بأبيه أو ابنه.

استحقاق العقد الفاسد للفسخ

لا خلاف بين الفقهاء في استحقاق العقد الفاسد للفسخ في جميع صوره، لا فرق في ذلك بين بيع أو إجارة أو شركة أو رهن أو زواج.

وإنما استوجب العقد الفاسد الفسخ؛ مراعاة لحق الشارع في إزالة الفساد عن العقد؛ لأن الفساد ينجم عنه حرمة الانتفاع أو التصرف، فإن الملك أو التصرف الثابت به ملك أو تصرف حرام، وإزالة الحرمة حق خالص للشرع.

مراجع للاستزادة:

- سليمان بن خلف الباجي، المنتقى (دار الكتاب العربي، بيروت).

- عبد العزيز بن أحمد البخاري، كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (دار الكتاب العربي، بيروت 1997).

- محمد بن إسماعيل البخاري،  الجامع الصحيح، تحقيق: البغا، (مطبعة الهندي، دمشق).

- منصور بن ادريس البهوتي، كشاف القناع (دار الفكر، بيروت 1982).

- محمد بن عبد الرحمن الحصكفي، الدر المختار (دار إحياء التراث العربي، بيروت 1987).

- محمد بن عبد الرحمن الحطاب، مواهب الجليل (دار الفكر، الطبعة الثانية، 1978).

- مصطفى سعيد الخن، أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء (مؤسسة الرسالة، بيروت 2003).

- محمد بن عرفة الدسوقي، حاشية على الشرح الكبير (دار الفكر، 1998).

- محمد بن أحمد بن رشد، الحفيد، بداية المجتهد (دار إحياء التراث العربي، بيروت 1992).

- محمد مرتضى الزبيدي، تاج العروس (المجلس الوطني، الكويت 1976).

- محمد بن بهادر الزركشي، المنثور في القواعد (وزارة الأوقاف الإسلامية، الكويت 1982).

- عبد الله بن يوسف الزيلعي، تبيين الحقائق (دار المعرفة، بيروت).

- محمد بن أحمد السرخسي، المبسوط،(دار المعرفة، بيروت).

- محمد بن إدريس الشافعي، الأم (دار قتيبة، دمشق 1996).

- محمد بن أحمد الشربيني الخطيب، مغني المحتاج (دار الفكر).

- زكي الدين شعبان، أصول الفقه الإسلامي (دار الإحسان، القاهرة 1997).

- أحمد بن أحمد الشلبي، حاشية على تبيين الحقائق (دار المعرفة، بيروت).

- محمد أمين بن عمر بن عابدين، رد المحتار (دار إحياء التراث العربي، بيروت 1987).

- محمد رأفت عثمان، بحوث في الفقه الإسلامي المقارن (مقرر في جامعة الأزهر، رقم الإيداع 3871/2004).

- أحمد بن علي الفيومي، المصباح المنير (مكتبة لبنان، بيروت، 1987).

- أبو بكر بن مسعود الكاساني، بدائع الصنائع (دار الكتب العلمية، بيروت).

- علي بن محمد الماوردي، الحاوي الكبير (دار الكتب العلمية، بيروت 1994).

- مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري، المسند الصحيح (دار الفكر، بيروت 2004).

- زين الدين بن ابراهيم بن نجيم، الأشباه والنظائر (دار الفكر، دمشق 1983).

- يحيى بن شرف النووي، روضة الطالبين (المكتب الإسلامي، بيروت 1985).


التصنيف : العلوم الشرعية
النوع : العلوم الشرعية
المجلد: المجلد الأول: الإباحة والتحريم ـ البصمة الوراثية
رقم الصفحة ضمن المجلد : 400
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1060
الكل : 58492313
اليوم : 64827