أشخاص الملاحة البحرية
اشخاص ملاحه بحريه
maritime navigation persons - personnes de navigation maritime
أشخاص الملاحة البحرية
محمد سامر عاشور
إن العمل البحري يقتضي وجود أشخاص يديرون عمليات الملاحة البحرية والاستثمار البحري يطلق عليهم أشخاص الملاحة البحرية. وسوف نتناول أشخاص الملاحة البحرية من خلال الفقرات الآتية:
أولاً: مالك السفينة
إن ملكية السفينة قد تعود إلى فرد أو إلى عدة أفراد على الشيوع، وقد تكون مملوكة لشخص اعتباري من أشخاص القانون الخاص (كالشركات)، أو من أشخاص القانون العام (الدولة). ويترتب -على عمليات الاستثمار البحري- العديد من الآثار التي تقع على عاتق مالك السفينة. وسنتناول بالبحث فيما يأتي مسؤولية مالك السفينة من خلال فرعين، نتناول في الفرع الأول: مسؤولية مالك السفينة وتحديدها، وفي الفرع الثاني: انقضاء مسؤولية مالك السفينة.
1- مسؤولية مالك السفينة وتحديدها: يسأل مالك السـفينة مدنياً عن أفعال الربان والبحارة والمرشد وأي شخص آخر يعمل في خدمة السفينة متى حصلت في أثناء تأدية وظائفهم أو بسببها، كما يسأل عن التزامات الربان الناشئة من العقود التي يبرمها في حدود صلاحياته. ولمالك السفينة أن يحدد مسؤوليته أياً كان نوع هذه المسؤولية بالمبالغ المنصوص عليها في البند (أ) من الفقرة (1) من المادة /111/ من القانون البحري السوري إذا كان الدين ناشئاً من أحد الأسباب الآتية:
أ- الأضرار التي تحدثها السفينة لمنشآت المرافئ أو الأحواض أو الممرات المائية أو المساعدات الملاحية.
ب - الأضرار البدنية والأضرار المادية التي تقع على ظهر السفينة أو التي تتعلق مباشرة بالملاحة البحرية أو بتشغيل السفينة.
ولمالك السفينة التمسك بتحديد مسؤوليته في الحالات السابقة ولو كان الدين لمصالح الدولة أو أحد أشخاص القانون العام، ولا يعدّ التمسك بتحديد المسؤولية من قبيل الإقرار بها.
وليس لمالك السفينة التمسك بتحديد المسؤولية إذا كان الدين ناشئاً من أحد الأسباب الآتية:
1- تعويم السفينة الغارقة أو الجانحة أو المهجورة وانتشال حطامها ورفع شحنتها أو الأشياء الموجودة عليها.
2- إنقاذ السفينة.
3- الإسهام في الخسائر البحرية المشتركة.
4- حقوق الربان والبحارة وكل تابع آخر لمالك السفينة موجود عليها أو يتعلق عمله بخدمتها، وكذلك حقوق ورثة هؤلاء الأشخاص وخلفائهم.
5- الضرر النووي.
6- الضرر الناشئ من التلوث بالنفط وغيره من المواد الأخرى.
ويكون تحديد مسؤولية مالك السفينة وفقاً لما يأتي:
أ - فيما يخص الدعاوى الناشئة من الأضرار البدنية: تحدد المسؤولية بمبلغ خمسة ملايين ليرة سورية إذا كانت الحمولة الكلية للسفينة لا تتجاوز خمسمئة طن. فإذا زادت الحمولة الكلية على هذا المقدار؛ يضاف إلى حد المسؤولية مبلغ خمسة آلاف ليرة سورية لكل طن زائد.
ب - فيما يخص الدعاوى الناشئة من الأضرار الأخرى غير الأضرار البدنية: تحدد المسؤولية بمبلغ ثلاثة ملايين ليرة سورية إذا كانت الحمولة الكلية للسـفينة لا تتجاوز خمسمئة طن، فإذا زادت الحمولة الكلية على هذا المقدار، يضاف إلى حد المسؤولية مبلغ ثلاثة آلاف ليرة سورية لكل طن زائد.
ويقع باطلاً كل اتفاق قبل وقوع الحادث الذي نشأ منه الدين، ويكون موضوعه تحديد مسؤولية مالك السفينة بأقل مما هو منصوص عليه فيما سبق. وإذا لم يكف المبلغ المخصص للأضرار البدنية للوفاء بها كاملة؛ اشترك الباقي منها في المبلغ المخصص للأضرار الأخرى غير البدنية. وتعدّ المبالغ المخصصة للتعويضات عن الأضرار غير البدنية الناشئة من حادث واحد وحدة مستقلة تخصص لأداء التعويضات المستحقة عن هذا الحادث بغض النظر عن الديون الناشئة أو التي قد تنشأ من حادث آخر. وفي حال نشأ لمالك السفينة من الحادث ذاته دين تجاه أحد الدائنين في هذا الحادث، فلا يسري تحديد المسؤولية إلا بالنسبة إلى المبلغ المتبقي بعد القيام بالمقاصة بين الدائنين. وليس للدائن اتخاذ أي إجراء على أموال مالك السفينة في حال وضع فعلياً تحت تصرفه المبالغ المخصصة للتعويض أو إذا قدم ضماناً مقبولاً أمام القضاء. ولدى وفاء مالك السفينة قبل توزيع المبالغ المخصصة للتعويضات أحد الديون التي يجري التوزيع بينها، كان له الحق بالحلول محل الدائن في التوزيع بمقدار المبلغ الذي أوفاه. وللمحكمة بناء على طلب مالك السفينة أن تحتفظ لمدة تعيّنها بجزء من المبالغ المخصصة للتعويضات؛ للوفاء بدين يثبت أن مالك السفينة قد يتوجب عليه الوفاء به. ولا يكون لمالك السفينة التمسك بتحديد مسؤوليته إذا أثبت المدعي أن الضرر نشأ من فعل أو امتناع عن فعل ناشئ من مالك السفينة أو نائبه بقصد إحداث الضرر أو بعدم اكتراث مع إدراك أن الضرر يمكن أن يقع.
2- انقضاء مسؤولية مالك السفينة: تنقضي دعوى المسؤولية على مالك السفينة بمضي سنتين من وقت حدوث الفعل المنشئ للمسؤولية. وينقطع سريان هذه المدة بكتاب مسجل مع إشعار بالتسلّم أو ما يقوم مقامه أو بتسلم المستندات المتعلقة بالمطالبة أو بندب خبير لتقدير الأضرار، وذلك إضافة إلى الأسـباب الأخرى المقررة في القواعد القانونية العامة.
هذا وتسري أحكام تحديد مسؤولية مالك السفينة على المجهز غير المالك والمستأجر ومدير الشيوع البحري والمؤمن والأشخاص الذين قاموا بخدمات تتصل مباشرة بعمليات إنقاذ السفينة، كما تسري الأحكام المذكورة على الربان والبحارة وغيرهم من التابعين؛ وذلك فيما يتصل بتأدية وظائفهم على ألا تتجاوز مسؤولية المالك ومسؤولية التابع عن الحادث الواحد الحدود المبينة في الفقرة (1) من المادة /111/ من القانون البحري سالفة الذكر.
وفي حال أقيمت الدعوى على الربان أو البحارة أو غيرهم من التابعين فإن لهم تحديد مسؤوليتهم ولو كان الحادث الذي نشأ منه الضرر يعود إلى خطأ شخصي صادر عنهم.
ثانياً: المجهز والربان والبحارة
1- مجهز السفينة: مجهز السفينة هو الشخص الذي يقوم باستثمار السفينة، فيزودها بالوقود والمؤونة والأعتدة، ويستخدم الربان والبحارة، ويجري عقود النقل البحري، وعقود التأمين على السفينة. وقد يكون مجهز السفينة هو مالكها كما هو الغالب، ويسمى عندئذ المالك المجهز. ويحدث أحياناً أن يكون المجهز شخصاً آخر غير المالك، كأن يؤجر مالك السفينة سفينته إلى الغير، فيقوم المستأجر بتجهيزها واستغلالها لحسابه الشخصي ويسمى عندئذ المجهز المستأجر.
2- الربان: يعدّ الربان المدير الفني للسفينة لاختصاصه ومؤهلاته ونائباً عن مجهز السفينة في أعمال الاستثمار البحري، ويتميز بوضع خاص ممثلاً للسلطة ونائباً قانونياً.
أ- تعيين الربان وعزله: يعيّن ربان السفينة من قبل مجهزها سواء أكان هذا المجهز هو مالك السفينة أم مستأجرها أم المجهز المدير في الملكية الشائعة. وليس من قيد على سلطة المجهز في تعيين الربان سوى أن يكون ذلك الربان مؤهلاً لقيادة السفينة وحائزاً الشهادات اللازمة لذلك. ويجوز للمجهز أن يستخدم عند الضرورة ربابنة أجانب شريطة ثبوت حصولهم على إجازات أو شهادات تعادل على الأقل الإجازات والشهادات التي تطلبها الجهات المختصة من الربابنة السوريين. وكما أن للمجهز حق تعيين الربان، يحق له أيضاً عزله على أن يعوض عليه عند الاقتضاء. وليس للربان مهما كانت مدة عقده حق في فسخ العقد أو إبطاله بمشيئته في أثناء السفر. لكن لمجهز السفينة الحق في عزل الربان في أي وقت شاء.
ب - اختصاصات الربان: يعدّ الربان في أثناء الرحلة البحرية ممثلاً للسلطة العامة على ظهر السفينة. كما ينوب عن المجهز في إدارة السفينة ورعاية مصالحه التجارية.
(1) الربان ممثل للسلطة العامة: تشمل سلطات الربان - التي خوله القانون إياها ممثلاً للسلطة العامة- التحقيق والتأديب والتوثيق. فيتمتع الربان ممثلاً للسلطة العامة بالصلاحيات اللازمة لحفظ النظام والأمن على متن السفينة. وعلى الركاب المسافرين على متن السفينة التقيد بالنظام الذي يسنه الربان، وكذلك على البحارة التقيد بأوامر رؤسائهم فيما يختص بخدمة السفينة. وللربان إجراء التحقيقات في الجرائم التي ترتكب على متن السفينة في الرحلة البحرية، فتكون له في هذه الحالة صفة الضابطة العدلية. وله سلطة إيقاع العقوبات التأديبية بحق البحارة أو المسافرين في حال مخالفتهم الأنظمة. ويقوم الربان بإثبات ما قد يحدث في الرحلة البحرية من وقائع (كالولادات والوفيات)، فيعدّ في هذه الحالة كضابط للأحوال المدنية. وللربان أيضاً سلطة توثيق العقود والتصرفات التي تستوجب الرسمية كالهبة والوصية، وله هنا دور الكاتب بالعدل.
(2) الربان ممثل للمجهز: الربان - بوصفه ممثلاً للمجهز على السفينة - يقوم بمباشرة نوعين من الاختصاصات: اختصاصات فنية تتعلق بالملاحة البحرية، واختصاصات تجارية تتمثل في إبرام العقود والتصرفات الضرورية لإدارة السفينة واستثمارها.
(3) الاختصاصات الفنية للربان: الربان هو القائد الفني للسفينة طوال الرحلة البحرية. ولا يتلقى في ممارسته لعمله الفني تعليمات من المجهز، بل يستمد صلاحياته وما يتوجب عليه من القانون، ومن هذه الواجبات الملقاة عليه قانوناً أن يقوم بقيادة السفينة بنفسه، وأن يكون على متن السفينة لدى دخولها إلى المرافئ وعند خروجها منها. وعليه أيضاً ألا يغادر السفينة في أثناء السفر أياً كانت الأسباب أو الأخطار إلا بعد موافقة ضباطها. وإذا غادر السفينة برأيهم فعليه أن ينقذ - بالتعاون معهم - الأموال وأوراق السفينة؛ من سند تمليك، ودفتر بحارة، وبيان الحمولة وأثمن البضائع إذا تيسر له ذلك. وقد جرى العرف على أن يكون الربان هو آخر من يغادر السفينة عند إصابتها بخطر محدق. وإذا لم يراع الربان واجباته تلك؛ عدَّ مسؤولاً عن كل الحوادث تجاه من له مصلحة في السفينة، أو في الشحن، ولا يعفى من المسؤولية إلا في حالة القوة القاهرة، وعليه إثبات هذه الحالة. وعلى الربان لدى وصوله إلى مرفأ المقصد أو لدى دخوله إلى مرفأ للإرساء المؤقت تقديم أوراقه إلى سلطات هذا المرفأ، ويصادق عندئذ على دفتر اليومية. ويتوجب على الربان -إذا طرأت حوادث غير معتادة ألحقت أضراراً أو أذى بالسفينة أو الحمولة أو الأشخاص الموجودين على السفينة- أن يرفع إلى السلطات نفسها تقريراً بحرياً يبين فيه زمن إقلاعه ومكانه والطريق الذي اتبعه والطوارئ التي تعرضت لها الإرسالية البحرية. وفي حالة الغرق ينبغي مصادقة الناجين من البحارة على محتوى هذا التقرير.
(4) الاختصاصات التجارية للربان: يقوم الربان بصفته ممثلاً لمجهز السفينة بالعديد من التصرفات القانونية نيابة عن المجهز، فهو بتلك الصفة يختار البحارة، ويبرم جميع العقود والتصرفات التي تقتضيها الرحلة، كالتعاقد لنقل البضائع والمسافرين، وشراء المؤن والمهمات اللازمة للرحلة.
وبما أن الربان يعدّ في ذلك وكيلاً عن المجهز، لذلك فإن تصرفاته هذه تنصرف في آثارها إلى الموكل الذي يعدّ مسؤولاً عنها. بيد أنه يشترط لصحة تصرفات الربان وكيلاً أن يكون المجهز غير موجود عند إبرام العقد أو التصرف. وأما إذا اتفق وجوده - هو أو ممثله- فليس للربان التصرف إلا بموافقة المجهز أو ممثله. كما أن للربان بوصفه ممثلاً للمجهز أن يقاضي باسمه - ولكن لحساب موكله - بكل ما يدخل في اختصاصه.
ج - مسؤولية الربان: يسأل الربان تجاه المجهز والغير عن أخطائه الشخصية التي تقع منه في ممارسته صلاحياته. وهكذا فإن كل خطأ منه في تنفيذ التزاماته العقدية يعرضه لمسؤولية التعويض على المجهز عن نتائج هذا الخطأ، كأن تصطدم السفينة بسفينة أخرى بخطأ منه. ويسأل الربان تجاه الغير عن أخطائه الشخصية وفقاً لقواعد المسؤولية التقصيرية. كما يسأل الربان عن كل هلاك أو ضرر يلحق بالبضائع التي شحنها على سطح السفينة إذا لم يكن حاصلاً على موافقة أصحابها أو كانت العادات البحرية لا تجيز ذلك. بيد أنه وإن كان الربان مسؤولاً شخصياً تجاه الغير؛ فقد جرى العمل على أن هذا الغير المتضرر يرجع مباشرة على المجهز، ومتى أوفى المجهز جاز له الرجوع على الربان بما دفع وإن كان ذلك نادراً ما يحصل لعدم مقدرة الأخير المالية. لذلك يكتفي بعزله أو إيقاع العقوبات التأديبية بحقه.
3- البحارة (طاقم السفينة): البحارة أو طاقم السفينة هم الأشخاص الذين يعملون على متن السفينة كل حسب اختصاصه والعمل المعهود به إليه، كالضباط البحريين والمهندسين والبحارة العاديين ورجال الخدمة العاديين. والبحار: هو كل شخص يتعاقد مع مجهز السفينة أو ممثله ليعمل على متن السفينة في الرحلة البحرية. ويرتبط جميع البحارة مع مجهز السفينة أو ممثله بعقد عمل بحري. نظمت أحكام هذا العقد المواد من 141 إلى 164 من قانون التجارة البحرية لعام 2006. وتحدد الاتفاقيات الدولية النافذة في الجمهورية العربية السورية والقوانين والأعراف البحرية المقصود بالربان والضباط والمهندسين البحريين وعدد البحارة الذين يتوجب وجودهم على السفينة والمؤهلات والشروط التي يجب توافرها فيهم. ولا يجوز لمن يتمتعون بالجنسية السورية أن يقوموا بأي عمل في السفن التي تبحر خارج المياه الإقليمية إلا بعد الحصول على جواز بحري يصدر عن الإدارة البحرية المختصة. كما لا يجوز لأي شخص أن يقوم بعمل على سفينة سورية إلا بعد الحصول على ترخيص من الإدارة المختصة. وليس لأجنبي أن يعمل في سفينة تقوم بالملاحة الساحلية أو بالقطر أو الإرشاد في الموانئ السورية إلا بترخيص. ولا يسمح في السفن السورية أن يزيد عدد البحارة الأجانب والأجور المخصصة لهم على النسب التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص.
ثالثاً: الوكلاء البحريون والمقاولون البحريون
إلى جانب الأشخاص الذين يقومون بأعمال على السفينة هناك فئة أخرى من الأشخاص يتولون تأمين أعمال الاستثمار البحري على البر، فالملاحة البحرية تتطلب -إضافة إلى جهود رجال البحر من ربان وبحارة- جهود أشخاص آخرين لا يعملون على متن السفينة، بل يؤدون لها أعمالاً على البر في المرافئ. يطلق عليهم الأشخاص البريون أو الوكلاء البحريون؛ تمييزاً لهم من رجال البحر الذين يعملون على متن السفينة. ومن هؤلاء من يعمل لحساب المجهز كوكيل السفينة. ومنهم من يعمل لحساب الشاحن أو المرسل إليه كوكيل البضاعة أو الشحنة، ووكيل العبور (الترانزيت). ومنهم من يعمل لحساب المجهز والشاحن أو المرسل إليه كمقاول الشحن والتفريغ. ويسري علـى العقود والأعمال التي يجريها الوكلاء البحريون والمقاولـون البحريون قانون الدولة التي يقع فيها الميناء الذي تتم فيه هذه العقود أو الأعمال. ويجوز أن تقام دعوى الوكيل البحري أو المقاول البحري على الموكل أو صاحب العمل أمام المحكمة التي يقع في دائرتها موطن الوكيل أو المقاول. هذا وتنقضي دعوى الموكل أو صاحب العمل علـى الوكيـل البحري أو المقاول البحري بمضي سنتين من تاريخ استحقاق الدين.
1- وكيل السفينة: وكيل السفينة هو الشخص الذي يعمل على اليابسة بصفته ممثلاً لمجهز السفينة في كل ما يتعلق بالرحلة البحرية، فيعيّنه المجهز في أحد المرافئ لينوب عنه في إجراء بعض الأعمال اللازمة لاستثمار السفينة، كالقيام بتسليم البضاعة إلى أصحابها، وتحصيل أجرة النقل، وشراء المؤن والأدوات اللازمة للسفينة… إلخ. ويقوم وكيل السفينة بوصفه وكيلاً عـن المجهز بالأعمال المتعلقة بالحاجات المعتادة اللازمة للسفينة. ويمكن أن يقوم وكيل السفينة بتسليم البضائع لشحنها في السفينة عند المغادرة أو بتسليمها لأصحابها بعد تفريغها من السفينة عند الوصول وبتحصيل أجرة النقل المستوجبة للمجهز. وتنعقد مسؤولية وكيل السفينة تجاه المجهز بوصفه وكيلاً بأجر. وهولا يسأل تجاه الشاحنين أو المرسل إليهم عن هلاك البضائع التي يتسلمها لشحنها في السفينة أو التي يتولى تفريغها منها لتسليمها لأصحابها أو تلفها إلا عن خطئه الشخصي وخطأ تابعيه. ويعدّ وكيل السفينة ممثلاً للمجهز في الدعاوى التي تقام منه أو عليه في الجمهورية العربية السورية. كما يعدّ موطن وكيل السفينة في سورية موطناً للمجهز يبلغ فيه الأوراق القضائية وغير القضائية.
2- وكيل البضاعة: وكيل البضاعة (أو وكيل الشحنة) هو الشخص الذي يتسلم البضاعة لحساب المرسل إليه. وقد يجمع شخص واحد بين صفة وكيل السفينة ووكيل البضاعة في الوقت ذاته، فقد يطلب صاحب البضاعة من وكيل السفينة تسلمها نيابة عنه. وقد تحدث عملية الجمع عندما يرد في وثيقة الشحن شرط التسليم تحت الروافع أو شرط التفريغ السريع، وفي هذه الحالات ينقضي عقد النقل بمجرد إخراج البضاعة من السفينة ووضعها تحت الروافع، خلافاً للأصل الذي يقضي بعدم انتهاء عقد النقل إلا بتسليم البضائع إلى أصحابها. لكن البضاعة المفرغة على الرصيف تحت الروافع لا تترك في مكانها في هذه الحالة، بل يقوم وكيل السفينة بعد أن تتحول صفته إلى وكيل البضاعة بنقلها إلى المخازن على مسؤولية المرسل إليهم ونفقتهم. ويعدّ وكيل البضاعة وكيلاً عن المرسل إليهم، وهذه الوكالة توجب عليه القيام بكل ما يلزم لحفظ حقوق موكله المرسل إليه. ويكون مسؤولاً - وفقاً لأحكام المسؤولية التعاقدية -تجاه موكله عن كل ما يصيبه من ضرر نتيجة تقصيره بأداء ما يتوجب عليه. ووكيل البضاعة يقوم بعمله لقاء أجر متفق عليه بينه وبين أصحاب البضائع، وإذا لم يتم تحديد ذلك الأجر بالاتفاق فيحدد بمقتضى العرف السائد.
3- مقاول الشحن والتفريغ: يقوم مقاول الشحن والتفريغ بجميع العمليات المادية الخاصة بشحن البضائع على السفينة أو تفريغها منها. وقد يكون مقاول الشحن والتفريغ شخصاً طبيعياً أو شركة خاصة أو مؤسسة عامة. ويرتبط مقاول الشحن والتفريغ مع الناقل أو الشاحن أو المرسل إليه بعقد مقاولة محله شحن البضاعة أو تفريغها من السفينة. وتنطبق على هذا العقد أحكام القانون المدني الخاصة بعقد المقاولة. ولا يعدّ مقاول الشحن والتفريغ ناقلاً حتى في الحالات التي يستعمل فيها المواعين لتوصيل البضائع من الرصيف إلى السفينة إذا كانت راسية بعيدة عنه وبالعكس. ولهذا فلا تنطبق عليه أحكام عقد النقل البري أو البحري.
4- وكيل العبور: وكيل العبور (الترانزيت) هو شخص وسيط مكلف تسلّم البضاعة من الناقل البحري وإعادة إرسالها بمعرفة ناقل آخر، بحري أوبري أو جوي. فعمل وكيل العبور يتم في الفترة التي تفصل بين مرحلتي رحلة واحدة للبضاعة، ويجري جميع الأعمال القانونية والأعمال المادية والثانوية، لحساب موكله للوصل بين مرحلتي الرحلة الواحدة للبضاعة بغية وصولها غايتها النهائية. وعلى هذا الأساس يقوم وكيل العبور بتسلم البضاعة لحساب موكله من الناقل الأول، ويبرم عقد النقل الثاني، ويتولى التأمين على البضاعة وإنهاء الإجراءات الجمركية وتخزين البضاعة والحفاظ عليها في الفترة الفاصلة بين عمليتي نقلها. ووكيل العبور ليس ناقلاً حيث إنه لا يقوم بنقل البضاعة من مكان لآخر. كما أنه ليس وكيل نقل بالعمولة لأنه لا يجري الأعمال القانونية السابقة باسمه، بل باسم العميل الموكل، كما أن مهمته ومسؤوليته تنتهي بمجرد تسليم البضاعة إلى الناقل الثاني وإرساله مستنداتها إلى المرسل إليه. وعلى هذا فإن وكيل العبور هو وكيل تجاري عادي لأنه يتعامل مع الغير باسم موكله ولحسابه. ويسأل وكيل العبور عن الأخطاء الشخصية التي تقع منه. فهو يعدّ مسؤولاً عن إهماله اتخاذ التحفظات اللازمة لحفظ حقوق عميله تجاه الناقل، أو إذا حصل منه تقصير في حفظ البضائع مما ترتب عليه تلفها أو تعيبها.
وفي الختام نقول: إنه لا يمكن لعمليات الاستثمار البحري أن تتم على النحو الأمثل إلا بقيام أشخاص الملاحة البحرية بمهامهم على الوجه الذي رسمه لهم القانون
مراجع للاستزادة: |
- قانون التجارة البحرية السوري رقم 46 تاريخ 28/11/2006م.
- إلياس حداد، القانون التجاري (بري بحري جوي) (منشورات جامعة دمشق 2001).
- بهجت عبد الله قايد، القانون البحري (مكتبة نهضة الشرق، جامعة القاهرة 1984).
- رفعت فخري أبادير، الوجيز في قانون التجارة البحرية المصري الجديد (طبعة 1989 وطبعة 1991 وطبعة 1998).
- زكي زكي الشعراوي، القانون البحري (دار النهضة العربية، القاهرة 1989).
- سميحة القليوبي، القانون البحري (السفينة - أشخاص الملاحة البحرية - العقود البحرية) (دار النهضة العربية، القاهرة طبعتي 1982و1987).
- علي البارودي. محمد فريد العريني. محمد السيد الفقي، القانون البحري والجوي (بيروت - لبنان 2001).
- محمود سمير الشرقاوي، القانون البحري (دار النهضة العربية، القاهرة 1987).
- مصطفى كمال طه، القانون البحري (مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية 1981-1982).
- هاني دويدار ، موجز القانون البحري (دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية 1999).
- هشام فرعون، القانون التجاري البحري (مطبعة جامعة دمشق، 1995).
- التصنيف : القانون التجاري - النوع : القانون التجاري - المجلد : المجلد الأول: الإباحة والتحريم ـ البصمة الوراثية - رقم الصفحة ضمن المجلد : 249 مشاركة :