امر صرف
paymaster - intendant des finances

 آمر الصرف

آمر الصرف

محمد العموري

 

آمر الصرف - ويسمى أيضاً عاقد النفقة - هو الموظف الإداري الذي يدير المرفق العام، وهو عادة الوزير في وزارته والمدير في إدارته، وتنص القوانين والأنظمة في بعض الأحيان على منح الصلاحية بعقد النفقة أو الأمر بصرفها لغير هؤلاء، أو على تفويض صاحب السلطة لمعاونيه هذه الصلاحية.

في سورية نصت المادة /10/ من المرسوم 488 لعام 2007 المتضمن النظام المحاسبي والمالي للجهات العامة ذات الطابع الإداري أنه يتولى عقد النفقة:

1- الوزير بالنسبة لنفقات وزارته والجهات التابعة لها.

2- رئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الوزراء ووزير شؤون رئاسة الجمهورية كل بالنسبة لنفقات جهته.

3- المحافظ بالنسبة لنفقات المحافظة بجميع إداراتها.

4- رؤساء البعثات الدبلوماسية في الخارج.

5- رؤساء البلديات بالنسبة لنفقاتها.

6- مدراء الهيئات والإدارات العامة ذات الاستقلال المالي.

7- كل من منحه القانون سلطة عقد النفقة، وذلك بالنسبة لجميع الجهات الأخرى المشمولة بأحكام النظام المحاسبي والمالي للجهات العامة ذات الطابع الإداري.

- كما أعطى هذا النظام وبموجب الفقرة ب من المادة 10 لعاقد النفقة أن يفوض بصلاحيته إلى العاملين الخاضعين لإشرافه، على أن يكونوا من العاملين من الفئة الأولى.

وعندما نتناول أمر الصرف بالبحث لابد من التعرض لمبدأ مهم أقره الفقه والتشريع، هو مبدأ الفصل بين الوظائف الإدارية والوظائف التنفيذية.

ويبرز دور آمر الصرف في أثناء تنفيذ الموازنة العامة ولاسيما صرف النفقات العامة لذلك سيأتي الحديث عن دوره في كل مرحلة من المراحل التي تمر بها النفقة العامة. وبما أن عمليات التصرف بالمال العام ترتبط بدور مهم لمحاسب الإدارة الذي يمثل وزير المالية، وقد تحدث خلافات بينه وبين آمر الصرف، فسنتعرض إلى آلية حل الخلافات بين آمر الصرف ومحاسب الإدارة.

أولاً- مبدأ الفصل بين الوظائف الإدارية والوظائف التنفيذية:

تتألف عمليات صرف النفقات العامة أو جباية بعض الإيرادات العامة من مرحلتين أساسيتين، الأولى إدارية، وهي اتخاذ القرار اللازم للتنفيذ، والثانية محاسبية، وهي تنفيذ القرار الإداري والقيام بصرف النفقة أو جباية الإيراد.

ويميز الفقه والتشريع المالي بين الموظفين الإداريين »آمري الصرف« والموظفين التنفيذيين «المحاسبين»، ويتمتع كل من هؤلاء الموظفين بصلاحيات مختلفة، ويتبعون تسلسلاً إدارياً مختلفاً، ويتحملون مسؤوليات مختلفة.

آمر الصرف «الموظف الإداري» يقوم باتخاذ القرار المالي اللازم الذي يرتب التزاماً على الدولة أو حقوقاً لمصلحتها.

وتشمل سلطة القرار كلاً من النفقات والإيرادات، أما صرف النفقات فيقوم الموظف الإداري بعقد النفقة، ويُقَوِّم القرار الذي يتخذه في ضوء القوانين والأنظمة النافذة، ويختار الوسيلة الفضلى لسد حاجات الجهة العامة، ثم يحدد حقوق صاحب الاستحقاق من خلال ما يسمى بتصفية النفقة، ثم يأمر بصرف المبلغ المترتب على الدولة.

أما الإيرادات فيقوم الموظف الإداري بتحديد الإيراد وترتب الدين في ذمة المكلف تجاه الدولة، وليس له تقويم القرار وتقدير مدى الفائدة من تنفيذه؛ إذ يتوجب عليه فيما يتعلق بالإيرادات أن يقوم بجبايتها بموجب القوانين والأنظمة النافذة التي قدرت في موازنة الدولة العامة وإن تجاوزت ذلك.

ويأتي دور الموظف التنفيذي «المحاسب» مكملاً لدور الموظف الإداري، وهو لا يعد خاضعاً في تسلسله الإداري لهذا الأخير، فهو الموظف الذي يمثل وزير المالية في إدارته ويكون عادة مسؤولاً عن تنفيذ موازنته مسؤولية قانونية ومحاسبية، فهو يقوم بصرف النفقات بعد التأكد من الأوراق الثبوتية التي رافقت عملية الصرف، ومن قانونية هذه العملية.

ويقوم مبدأ الفصل بين الوظائف الإدارية على مجموعة من المسوغات من أهمها:

1- التمييز في المسؤولية بين الموظف الإداري «آمر الصرف» وبين المحاسب. فلا يكون آمر الصرف مسؤولاً إلا مسؤوليةً تأديبية، خلاف الموظف التنفيذي الذي تعد مسؤوليته كاملة فهي مسؤولية تأديبية ومسؤولية مدنية.

2- يؤدي إلى إحكام الرقابة على الأموال العامة، فالمبدأ يمنع من يعقد النفقة ويقرر صرفها أن يقوم بنفسه بعملية الدفع، ويؤمن رقابة فعالة من قبل المحاسب الذي يدفع النفقة على آمر الصرف الذي يقررها.

ثانياً: دور آمر الصرف في تنفيذ النفقات العامة:

يقوم آمر الصرف بدور أساسي في عملية صرف النفقات العامة التي يتم رصدها بموجب الموازنة العامة للدولة، ذلك أن إجازة السلطة التشريعية لاعتمادات النفقات العامة لا تعني إلزام السلطة التنفيذية إنفاق كامل الاعتمادات، ولكنها تعني الترخيص للسلطة التنفيذية أن تقوم بنفقاتها العامة في حدود هذه المبالغ من دون أن تتعداها بأي حال من الأحوال إلا بعد الحصول على الموافقات التي تحددها القوانين والأنظمة، كإجراء المناقلات بين بنود الموازنة وفقراتها وأبوابها لتأمين الاعتماد اللازم للنفقة عند عدم كفاية الاعتماد لها.

ويتطلب تنفيذ عقد النفقة العامة تحقيق ما يلي:

1- أن تتوافر علاقة قانونية بين الدولة ودائنيها.

2- أن يقوم الدائن بالعمل المطلوب منه، وأن يتحدد المبلغ المتوجب على الدولة دفعه بدقة عن هذا العمل.

3- أن تصدر السلطة الإدارية المختصة قراراً إلى الموظف المالي التنفيذي بدفع قيمة هذا العمل.

4- أن يدفع المبلغ من الأموال العامة.

ويمكن القول إن تنفيذ النفقة العامة يستوجب أن تمر بمراحل متتالية:

عقد النفقة - تصفية النفقة - الآمر بصرف النفقة - دفع النفقة أو تأديتها.

ويظهر الدور الرئيسي لآمر الصرف في المراحل الثلاث، في حين يتولى المحاسب المرحلة الرابعة، وذلك كما يلي:

q عقد النفقة:

عقد النفقة بالتعريف هو الواقعة التي تنشئ الالتزام في ذمة الدولة، كعقد شراء مواد أو قرار تعيين موظف.

ومن أهم شروط صحة عقد النفقة أن يكون معقوداً من قبل السلطة المختصة، وهو آمر الصرف الذي تحدده القوانين والأنظمة، أو من يفوضه بذلك.

ويتمتع عاقد النفقة (آمر الصرف) بسلطة تقدير العمل الذي يقوم به وتقويمه ضمن الإطار القانوني والتنظيمي للعقد، فعقد شراء مواد على سبيل المثال لا يمكن أن يتم إلا ضمن القوانين والأنظمة التي تحدد شروط اختيار المتعاقد، وطبقاً للاعتمادات المرصدة في الموازنة.

q تصفية النفقة:

تصفية النفقة هي ثبوت ترتب الدين على الجهة الإدارية، وتحديد مقداره، واستحقاقه، والتأكد من عدم سقوطه بالتقادم أو بأي وسيلة أخرى.

ويوقع آمر الصرف على تصفية النفقة بعد التحقق من الأوراق الثبوتية التي تحددها القوانين والأنظمة.

q الأمر بصرف النفقة:

وهو الأمر الذي يصدره آمر الصرف إلى المحاسب لدفع المبلغ المتوجب على خزينة الدولة.

q أما المرحلة الرابعة (دفع النفقة):

فلا علاقة لآمر الصرف بها، ويتولاها محاسب الإدارة.

ثالثاً- حل الخلافات بين آمر الصرف ومحاسب الإدارة:

يترتب على الأخذ بمبدأ الفصل بين الوظائف الإدارية والوظائف التنفيذية استقلالية محاسب الإدارة عن آمر الصرف، وقد تحدث خلافات بينهما حول عقد نفقة ما أو صرفها؛ لذلك تحدد القوانين والأنظمة أسس حل مثل هذه الخلافات.

في سورية نصت المادة 11 من المرسوم 488 لعام 2007 على ما يلي:

أ- إذا وقع خلاف بين المحاسب وعاقد النفقة على التأشير تعرض القضية على وزير المالية، وإذا استمر الخلاف يبت فيه الوزير المختص على مسؤوليته شريطة ألا يكون هذا الخلاف ناجماً عن عدم توافر الاعتماد اللازم لعقد النفقة أو عن تجاوزه.

وفي جميع الأحوال إذا كان الصك المتضمن عقد النفقة خاضعاً للتأشير من سلطات معنية فلا تكون إجراءات تنفيذه قانونية إلا بعد اقترانه بتأشير تلك السلطات وضمن القواعد والحدود المنظمة لاختصاصاتها.

ب- يعد رأي وزير المالية ملزماً لمحاسب الإدارة ويرفع عنه المسؤولية المادية.

مما تقدم يتبين:

¯ أن صاحب الصلاحية في الإيعاز بعقد النفقات على مسؤوليته هو الوزير المختص فقط، بمعنى أنه لا يجوز لعاقدي النفقة وآمري التصفية والصرف من غير الوزراء استعمال هذه الصلاحية، إلا إذا نصت صكوك إحداث هيئاتهم تمتع المدير العام بصلاحيات الوزير صراحة.

¯ يعد رفض محاسب الإدارة قطعياً ولا يجوز للوزير المختص الإيعاز بعقد النفقة وصرفها على مسؤوليته في الحالتين الآتيتين:

أ- إذا كان الرفض بسبب عدم توافر الاعتماد اللازم أو بسبب تجاوز هذا الاعتماد.

ب- إذا كان الرفض بسبب عدم ملاءمة عنوان البند أو الفقرة الذي ستعقد عليه النفقة أو ستصرف منه لعقد هذه النفقة وصرفها.

مراجع للاستزادة:

- عبد الرؤوف جابر، الرقابة المالية والمراقب المالي من الناحية النظرية (دار النهضة العربية، بيروت 2004).

- يوسف شباط، المالية العامة، الجزء الثاني (الموازنة العامة) (منشورات جامعة دمشق، العام الدراسي 2003-2004).

- عصام بشور، المالية العامة والتشريع المالي (جامعة دمشق، الطبعة الثانية 1999-2000).

- سوزي عدلي ناشد، المالية العامة (منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2003).

- قحطان السيوفي، اقتصاديات المالية العامة (دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق 1989).


- التصنيف : القانون المالي - النوع : القانون المالي - المجلد : المجلد الأول: الإباحة والتحريم ـ البصمة الوراثية - رقم الصفحة ضمن المجلد : 494 مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق