logo

logo

logo

logo

logo

النرجسية

نرجسيه

Narcissism - Narcissisme

النرجسية

 

النرجسية Narcissism حالة نفسية تتجسد لدى الفرد بحب الذات وخصالها وعشقها وتضخيمها، لدرجة تجعله يشعر أن العالم كله مسخر لخدمته سواء أكان العالم موضوعاً إنسانياً (الأهل، الأصدقاء) أم مادياً، مع العلم أن هذا الزهو بالذات لا يتناسب مع قدرات الفرد الحقيقية وإمكاناته.

ويرى العديد من العلماء الذين عملوا في مجال سيكولوجية الذات أنها لا تنمو من دون موضوع، والداخل لا شكل له من دون الخارج، كما أن الذات تنمو من خلال تفاعلها الاجتماعي. فالشعور بالذات هو انعكاس لموقف الآخرين من الفرد، ولكن عندما تصل الأمور في الفرد إلى استدماج العالم الخارجي في ذاته لمصلحة ذاته، فإن الأمر قد يتحول إلى تضخيم الذات على حساب العالم الخارجي من دون أساس موضوعي، وعند هذه الحالة يمكن أن نصف هذا الفرد بأنه نرجسي.

لمحة تاريخية

يشير مصطلح النرجسية إلى أسطورة الفتى اليوناني «نرجس» الذي نظر إلى صورته في الماء فأعجب بها، ومن فرط إعجابه بها عشقها، فألقى بنفسه عليها، فغرق، حيث نبتت في الماء مكانه زهرة النرجس. كان نرجس يحتقر حب الحوريات ومنهنَّ حورية الصدى، وفق الأسطورة اليونانية، لينذر نفسه لعبادة صورته الخاصة التي كانت مرآة مستنقع قد أعادتها إليه.

وفي العصر الحديث استخدم فرويد [ر] S.Freud مصطلح النرجسية أول مرة في حاشية كتابه «ثلاث مقالات في النظرية الجنسية» وذلك عام 1910 حيث نظر إليها على أنها شذوذ وانحراف من جانب، وعلى أنها طور انتقالي لحب الذات من جانب آخر، وأن النرجسية تنشأ عن اضطراب توظيف الأنا Ego في علاقته بالذات والموضوع، وهي الشرط الأصلي الكلي الذي ينمو بحسبه حب الموضوع نمواً لاحقاً.

أنماط النرجسية

يقسم علماء التحليل النفسي النرجسية إلى شكلين متميزين، وهما:

ـ النرجسية الأولية: وهي الحالة المبهجة والسارة، حيث يشعر فيها الطفل أن ذاته هي مركز ومحور الخلق والابتكار، وقد وجد فرويد أن الرغبة في القدرة المطلقة هي من مظاهر النرجسية في الحياة النفسية للأطفال. كما وصفها لابلانش J.Laplanche وبونتاليس J.B.Pontalis بأنها حالة مبكّرة يوظف فيها الطفل طاقته النفسية (الليبيدو Libido بحسب مفهوم فرويد) في ذاته.

ـ النرجسية الثانوية: وهي دمج علاقة من العلاقات الخاصة بالموضوع الخارجي (الأم غالباً) في ذات الطفل، تكون أساساً من الأسس الجوهرية للحياة النفسية للطفل. بمعنى آخر هي حب الأم الذي يستدمجه الطفل من خلال انسحاب الطاقة النفسية للطفل من العالم الخارجي (الموضوع) وإعادة توجيهها نحو الأنا، ومن خلالها يتم تحديد الأنا الأعلى للطفل بوصفها الوريث أو الشكل الراشد للنرجسية الطفلية.

ويشير غرين Green إلى ثلاثة أنماط للنرجسية هي: النرجسية الجسمية: وتظهر عند الفرد في أثناء انشغاله الشديد بمظهره واستعراضيته والاهتمامات الوسواسية، والنرجسية العقلية: وتتضح في أبهى صورها في مشاعر القدرة المطلقة، والتفكير المتمركز على الذات، والميل إلى السيطرة على الآخرين بوساطة البراعة العقلية الفائقة، والنرجسية الخلقية: وتبدو على الفرد من خلال الميل إلى الترفع عن الحاجات الإنسانية العادية والتحرر من الارتباط والتعلق بالآخرين.

وقد ميز كيرنبرغ بين النرجسية الطفولية السوية والنرجسية المرضية للكبار. فالأطفال من الناحية السوية حسب تعبير كيرنبرغ لديهم خيالات العظمة وجهود غاضبة للسيطرة على الأم حتى يجعلوا أنفسهم في مركز اهتمامها، وخيالات القوة والثروة والجمال، ولا يرغب الطفل في أن يكون محل إعجاب عالمي بأنه المالك الوحيد لكل شيء والمرغوب فيه وذو قيمة كبيرة، كما أن خيالاته تظهر النشاط المتركز على الذات وحاجات النمو المناسبة للعمر، التي تخدم البناء النفسي له. وكل هذه الأخيلة غالباً ما تكون شائعة في السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل. أما الأطفال ذوو النرجسية المرضية فهم على النقيض من ذلك، فخيالات العظمة والتمركز على الذات أو الاستغراق في الذات تخدم المحافظة على توازن مرضي يعوق عملية التمايز والتكامل.

في حين تتخذ النرجسية لدى الكبار ملامح مختلفة عنها لدى الطفل، فقد تكون تلك الملامح صريحة وقد تكون ضمنية، وأهم الميزات التي تلازم الشخصية النرجسية المرضية: تضخيم اعتبار الذات، والانشغال بخيالات النجاح، وخيالات السلطة والجمال والألمعية، أما الصورة الضمنية فتعبر عن شعور الفرد بالدونية، والكآبة، والبحث المستمر عن القوة، والشعور بالملل، وعدم الرضا بالهوية الاجتماعية والمهنية، وعدم القدرة على الاعتماد على الآخرين والثقة فيهم، واستغلال علاقته بالآخرين، وطلب الاهتمام والإعجاب المستمر، والاستجابة للنقد بمشاعر من الغيظ والخزي والإذلال، والاعتقاد بأن المشاعر التي يمر بها فريدة ولا نظير لها، ويمكن فهمه فقط بوساطة أناس متميزين، والانشغال بمشاعر الحسد، والافتقار إلى المشاركة الوجدانية.

سمات الشخصية النرجسية:

وصف العديد من علماء النفس سمات الفرد الشخصية النرجسية بـ: إحساس متسم بالعظمة وتضخيم الذات، وتشغله أحلام اليقظة الخاصة بالنجاح والنبوغ والتفوق، والسمو مع طموح لا حدود له، وعدم الاهتمام، ونقص التعاطف مع الآخرين واستغلالهم لتحقيق مآربه، ولديه أهداف عالية غير واقعية، يميل إلى القيادة وشعور الصدارة، ويظهر عدواناً زائداً على الحد، والانشغال بخيالات تعظيم الذات، والاندفاعية في العمل على الرغم من إنتاجه القليل بسبب دافعيته الداخلية الحقيقية، والحاجة الجامحة إلى التقدير والثناء من الآخرين، والشعور بالملل عندما يخبو بريق الثناء من الآخرين، والشعور بأنه يجب أن يعامل من الآخرين معاملة خاصة.

إن الاعتداد بالذات واحترامها والسعي إلى تقويتها وإبراز عناصر القوة فيها وإزالة عناصر الضعف من الملامح الأساسية للصحة النفسية السليمة، شريطة أن يتطابق احترام الذات وتقديرها مع السمات الشخصية والعقلية والاجتماعية للفرد. أما إذا كان الزهو بالذات على حساب المحيط الخارجي، وعلى حساب قدرات الفرد التي لا تتناسب مع هذا التضخيم المبالغ فيه للذات فهنا تصبح الحالة مرضية تحتاج إلى التدخل الإرشادي أو العلاجي لتصحيح الصورة المغلوطة عن الذات.

رياض العاسمي

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الأنا ـ فرويد (سيغموند ـ) ـ الليبيدو.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ سيغموند فرويد، ثلاث مقالات في النظرية الجنسية، ترجمة سامي علي (دار المعارف، القاهرة 1963).

ـ عبد الرحمن إبراهيم، اضطرابات الشخصية (دمشق 2001).

ـ محمود حمودة، الطب النفسي (مكتبة الفجالة، القاهرة 1990).

ـ وجيه أسعد، النرجسية (وزارة الثقافة، دمشق 1987).


التصنيف : تربية و علم نفس
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 562
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1041
الكل : 58492713
اليوم : 65227

أوكيغيم (يوهانس-)

أوكيغيم (يوهانس ـ) (نحو 1425 ـ 1495م)   يوهانس أوكيغيم Johannes Ockeghem مؤلف موسيقي فلمنكي ولد في الفلاندر Flandres وتوفي في تور Tours جاعلاً من فرنسة وطنه. تلقى تعليمه الموسيقي في كاتدرائية أنفيرAnvers ونشأ فيها صبياً منشداً، ثم تابع مهنة الغناء عند دوق آل بوربونBorbon في مولان Moulins بين عامي 1446- 1448. ومنذ عام1452، دخل في خدمة ملوك فرنسة شارل السابع ولويس الحادي عشر وشارل الثامن، وبقي في البلاط الفرنسي رئيساً للجوقة الغنائية الملكية حتى وفاته، وتسلّم فيها مناصب عدة. وسافر من فرنسة في رحلة موسيقية إلى إسبانية والفلاندر. وقد ذاعت شهرته في فرنسة وبلدان أوربة الأخرى، وكان أداء بعض مؤلفاته الموسيقية تأبيناً له عند وفاته، ورثاء الشاعر كريتان G.Cretin له بقصيدة تحوي أكثرمن أربعمئة بيت خير دليل على مكانته.
المزيد »