logo

logo

logo

logo

logo

قاسيون (جبل-)

قاسيون (جبل)

Qassyoun Mountain - Montagne de Qassyoun

قاسيون (جبل ـ)

 

جبل يطل على دمشق من جهتها الشمالية الغربية (1153م)، ويحتضن أحياء عدة منها في سفوحه الوسطى والدنيا. تمثل سفوحه الوسطى مجال مرآة صدع لسطوح ارتصاف صخرية شديدة الانحدار وجروف شاقولية ومنحدرات ترابية خطرة، تعترض تسلق مباني أحياء مدينة دمشق له. تتمثل معظم هامته بتكشفات لتطبّقات صخرية كلسية صلبة عارية نسبياً ترجع إلى طابق التورونيان، تمثلُ هامةً لطيةٍ غير متناظرة تمتد باتجاه شمال شرقي ـ جنوب غربي. تنحدر بشدة باتجاه الجنوب الشرقي وتأخذ أحياناً ميولاً شاقولية، مع طية على شكل ركبة في موقع المنشار المطل على خانق الربوة، حيث يجري نهر بردى (700م) في أقصاه الجنوبي ويفصله عن جبل المزة، الذي يعد امتداداً له باتجاه الجنوب الغربي. يرجع نهوضه الرئيس إلى عصر النيوجين. تساير أقدامَه وسفوحَه الدنيا قناتا ري متفرعتان من نهر بردى قرب دمر، ترجعان إلى أيام الرومان ويزيد بن معاوية، تأخذان اسمي نهرين هما: تورا ويزيد.عُمِّرت سفوح جبل قاسيون منذ زمن بعيد بالمساكن بعيداً عن مدينة دمشق المنخفضة داخل السور. وقد بلغ العمران على سفوحه الدنيا شأواً كبيراً فيما بين القرنين الثاني عشر والثالث عشر،وخاصة أيام المماليك، إذ قدر عدد مساجد الصالحية وحدها في موقع حي الشيخ محيي الدين وما حوله آنذاك بنحو 500مسجد و120مدرسة و20حماماً. يتوسط حي الشيخ محيي الدين (نسبة إلى الشيخ محيي الدين ابن عربي المدفون هناك) سفح جبل قاسيون الأدنى بمسجده الأثري وضريحه ومدرسته وتكيته ومضخة مياهه التراثية (الناعورة التي ترفع الماء بطاقة دوران رحى مسننة تسيرها الدواب)، وكذلك هناك المنشآت التراثية الكثيرة والأسواق والأزقة التي ترجع إلى الفترات الأيوبية والمملوكية والعثمانية. كما شيدت على هامة قاسيون الجنوبية الغربية المطلة على وادي بردى قاعة كبيرة من الحجارة، تعلوها قبة ذات قيمة تراثية تاريخية تسمى قبة السّيّار، ارتادها فلكيو الماضي وتابعوا منها، بتجهيزاتهم الفلكية البسيطة، مراقبة حركة النجوم الظاهرية والأفلاك في القبة السماوية. وإضافة إلى ذلك هناك مقام وأهل الكهف ومسجدهم ذو القيمة التراثية والدينية الذي شُيد في بطن القسم الشمالي من السفح الجنوبي الشرقي.

جانب من جبل قاسيون

يمتد العمران على سفوح جبل قاسيون الوسطى جنوباً بغرب بأحياء الصالحية والعفيف ومن ثم بحي المهاجرين الذي يرجع عمرانه إلى عام 1898 لإيواء المهاجرين القادمين من جزيرة كريت، وقد بلغت جاداته العشرَ في أواخر القرن العشرين. تفصله حالياً عن مجرى بردى أحياء دمشق الأحدث الجيدة العمران والتخديم (المالكي وأبو رمانة). كما تعلو هذه الأحياء كافه أحياءٌ سكنية عشوائية تلامس نهاياتها خط الجروف والمنزلقات الخطرة كالسلمية. وإذا كان قاسيون بجوانبه كلها معلماً سياحياً طبيعياً بإطلالاته على وادي بردى جنوباً بغرب وعلى وادي منين شمالاً بشرق وعلى وادي معربا شمالاً بغرب وعلى دمشق جنوباً بشرق، فهو فيما يتضمنه من مباني الأحياء التي تتسلق على سفوحه معلمٌ سياحيٌ تاريخيٌ لايستهان به، يعد موئلاً طبيعياً لنبات السوسن الدمشقي Iris damascene. وقد حولت جوانب من سفوحه منذ السبعينات من القرن الماضي إلى مدرجات، غُرس معظمها بالأشجار الحراجية وبأشجار الزيتون. ومع ذلك بقي القسم الأكبر من هذه السفوح المطلة على دمشق شبه جرداء، في حين تكسو معظم جانبه الشمالي الغربي الأشجار الحرجية المغروسة منذ نحو ربع قرن، وتم في الوقت ذاته اختراقه بنفق لجر مياه الشرب إلى مدينة دمشق من نبع عين الفيجة، شقت فيه طرق معبدة واسعة، يشار منها إلى الطريق المزدوج الذي يصل مدينة دمشق بضواحيها ومصايفها الغربية، وبالنصب التذكاري للجندي المجهول ومتحفه ومروجه وغاباته المغروسة منذ بضع عشرات السنين. والطريق الطولاني الذي ينتصف الجبل مابين هامته وخط أعالي مساكنه، ويحاذي مدرجاته المشجرة، التي تكتظ بالمتنزهين والباعة الجوالين والمقاهي والمطاعم، ومابين ربوة بردى وساحة المهاجرين حديقة تشرين (رئة مدينة دمشق) يعلوها قصر الضيافة (قصر تشرين) بحدائقه ومروجه ومشجراته المدرجة

تتربع على هامة قاسيون منشآت البث الإذاعي والتلفزيوني وأبراجها إضافة إلى أبراج الهواتف اللاسلكية وأبراج تنبيه حركة الطيران الليلي، تضاف إليها أنوار الصحيفة الإعلانية الضوئية الضخمة والأنوار الكشافة التزيينية التي وضعتها محافظة مدينة دمشق على هذا الجبل معلماً سياحياً. إضافة إلى أنوار المساكن والشوارع المشيدة على سفوح قاسيون، وبذا يتحول قاسيون في ظلمة الليل الحالكة مع سمائه،إلى ما يشبه قبة سماوية رصعت بنجوم ومجرات، تزيدها الألعاب النارية جمالاً في الأعياد والمناسبات.

يشار أخيراً إلى امتدادات كثير من المنشآت الخدمية الحديثة إلى قسمه الشمالي الشرقي، وإلى مخططات ضاحية قاسيون التنظيمية على امتداد الجانب الشمالي الغربي من هذا الجبل، مابين معربا على وادي منين ودمر على وادي بردى، وقد وضعت للتخفيف من الضغط العمراني ومشكلاته داخل مدينة دمشق، وذلك في السبعينات من القرن العشرين.

عماد موصلي

 مراجع للاستزادة:

 

ـ صفوح خير، مدينة دمشق (وزارة الثقافة، دمشق 1982).

ـ مركز الدراسات العسكرية، المعجم الجغرافي للقطر العربي السوري، المجلد الثالث والرابع (دمشق 1990).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الخامس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 131
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1051
الكل : 58481821
اليوم : 54335

كزانتزاكيس (نيكوس-)

كزانتزاكيس (نيكوس ـ) (1885ـ 1957)   نيكوس كَزانتزاكيس Nikos Kazantzakis، روائي وشاعر ومسرحي وفيلسوف يوناني، يعد من أبرز الشخصيات الثقافية في القرن العشرين. ولد في مدينة ميغالوكاسترو Megalokastro التابعة للامبراطورية العثمانية، وهي اليوم إيراكليون Iráklion عاصمة جزيرة كريت Crete اليونانية. كان والده مزارعاً وتاجر أعلاف كما كانت والدته فلاحة، فنشأ الصبي بين الفلاحين في مرحلة انتفاضة كريت ضد الحكم العثماني، وقد لجأت عائلته إلى الجزيرة اليونانية ناكسوس Náxos حيث تلقى تعليمه في «مدرسة الصليب المقدس الفرنسيسكانية» ثم في ثانوية إيراكليون، ثم انتقل عام 1903 إلى أثينا  حيث  درس الحقوق في جامعتها. وبعد تخرجه سافر إلى باريس حيث درس الفلسفة في « كوليج دي فرانس » Collège de France على يدي هنري برغسون Henri Bergson بين 1907 ـ 1909. تطوع في الجيش اليوناني وشارك في حرب البلقان، ثم قام برحلات طويلة إلى إنكلترا وإسبانيا وروسيا ومصر وفلسطين واليابان والصين، ونشر كثيراً من كتب الرحلات عن هذه البلدان وسكانها وانطباعاته عنها.
المزيد »