logo

logo

logo

logo

logo

الكرد

كرد

Kurds - Kurdes

الكُــرْد

 

ينتمي الكرد أو (الأكراد) Kurds إلى مجموعة الشعوب الإيرانية الآرية، ويشكلون أكبر أقلية عرقية في كل من تركيا وإيران والعراق وسورية، ولا توجد إحصاءات دقيقة عن أعدادهم في هذه البلدان، ولكن معظم التقديرات تشير إلى نحو 20 مليون نسمة.

يمكن تحديد الإطار الجغرافي لمناطق استقرارهم بالجهات التي تتجاور فيها الدول الأربع وامتداداتها، وذلك بين: نهر الفرات، أرضروم، نهر أراس، بحيرة أورمية، لورستان، خانقين، كركوك، الموصل، الجزيرة السورية العليا. وفي هذه الأرجاء ـ منذ الألف الثالث ق.م ـ كان يستوطن أسلافهم من الشعوب الجبلية في الحقب المتتالية من تاريخ الشرق القديم، والذين عُرفوا بأسماء عدة: اللولو (اللولوبيون)، الكوتيون، الحوريون، الميتّانيون، الكاشيون، الميديون، الكردوخيون. وكانت التسمية الجغرافية سوبَرتو Subartu، تشير في المدوّنات الكتابية المسمارية إلى القسم الأكبر (الغربي) من الديار التي يقطنها الكرد في العصر الحديث.

كما توجد مجموعات منهم مهاجرة إلى أرمينيا وأذربيجان وشمال شرقي إيران وباكستان ولبنان، ونزحت أعداد كبيرة منهم إلى أوربا في العقود الأخيرة من القرن العشرين.

اتجهت الفتوحات العربية الإسلامية إلى كُرْدِستان (بلاد الكرد) في عهد الخليفة عمر بن الخطاب t، بقيادة عِياض بن غُنْم (17هـ)، ونشرت الدين الجديد، وحاربت الزردشتية، وحدّت من انتشار المسيحية هناك. وفي عهد الخليفة عثمان بن عفانt دخل معظم الكرد الإسلام، ومذّاك أضحى تاريخ بلادهم جزءاً من التاريخ الإسلامي، ونهلوا من التراث العربي، وأسهموا فيه.

ضعفت الخلافة العباسية في الدور الثاني من تاريخها، وازداد النفوذ التركي فالبويهي فيها. واستغل ذلك زعيم قبلي للكرد، يدعى حسنويه بن حسين البرزكاني، واستقل ـ بدءاً من 348هـ/959م ـ بحكم كامل إقليم كردستان الشرقية، ومدّ نفوذه حتى ديناور ونهاوند وهماوند، معترفاً بالخلافة العباسية والسيادة الشكلية للبويهيين، واستمر حكم سلالته حتى 405هـ/1015م.

كما استقل المروانيون الكرد في المرحلة ذاتها بحكم المناطق الغربية (آمد، ميافارقين، نصيبين)، وذلك بعد موت معز الدولة (372هـ/983م). ودخلوا في صراع مرير مع الدولة العقيلية في الموصل، انتهى بسيادة العقيليين على ديارهم، وتجنيدهم في غزو حلب.

وفي عهد حكم الزنكيين في الموصل عاملَ عماد الدين الزّنكي الكرد في هكّاري وجزيرة ابن عمرو بقسوة، ثم تمكن من استمالتهم والاستفادة منهم في السيطرة على بلاد الشام لتكوين جبهة إسلامية في مواجهة الفرنجة.

ثم برز دور الأيوبيين الكرد في التاريخ الإسـلامي، وأضحى  السـلطان صلاح الديـن الأيوبي (531 ـ 589هـ/1137 ـ 1193م) أبرز قائد مسلم، وحَّد قوى الدولة الإسلامية العربية، وقارع الفرنجة الصليبيين وهزمهم وحرر بيت المقدس منهم ( 583هـ/1187م)، وتزعم الدولة الأيوبية (574 ـ 650هـ/1178 ـ 1252م) التي شملت ديار المسلمين في شمالي العراق وبلاد الشام ومصر واليمن.

خضعت بلاد الكرد للغزو المغولـي، واجتاحها هـولاكو بعد دخوله بغداد والقضاء على الخلافة العباسـية (656هـ/1258م)، وقاومه الأمير الأيوبي الكامل محمد في «ميافارقين»، قبل أن يستسلم. ثم برز دور العثمانيين الذين استولوا على تركيا، وقضوا على الامبراطورية البيزنطية (857هـ/1453م) وأعلنوا حكم الخلافة الإسلامية. وبدأ صراع جديد على أرض الكرد  بين العثمانيين والصفويين حكام إيران، واستمال العثمانيون معظم الزعماء القبليين للكرد، وانتصروا بمساعدتهم على الصفويين في معركة جالديران Chaldiran (1514م)  .

عقد الكرد في آب/أغسطس عام 1515م تحالفاً مع السلطان سليم الأول، كان بداية مرحلة استقرار وازدهار في تاريخهم امتدت حتى نهاية القرن الثامن عشر، فأسسوا إمارات صغيرة عدة خاضعة للامبراطورية العثمانية؛ أبرزها: إمارة سوران وبابان (في شرقي إقليم كردستان العراقي)، إمارة أردلان (في إقليم كردستان بإيران)، إمارة بدليس (قرب بحيرة وان في تركيا)، إمارة بوطان (في مناطق جزيرة ابن عمرو التركية)، إمارة حصن كيف الأيوبية (شرقي ديار بكر)، إمارة هكاري (في الزاوية الجنوبية الشرقية من تركيا)، وغيرها. ويُعَدّ كتاب «شرفه نامه» لشرف الدين خان البدليسي (المؤلف سنة 1596م بالفارسية) ورحلة الجغرافي التركي «أوليا جلبي»، أهم مصدرين عن تاريخ هذه الحقبة.

تنامى في أثناء ذلك الشعور القومي لدى الكرد، واحتدم صراع أمراء القبائل الكردية مع العثمانيين من أجل الاستقلال بحكم مناطقهم، فكانت ثورة صادق خان شَكاكي في إيران (1797م)، وثورة آل بابان في مناطق السليمانية (1806م)، وثورة محمد باشا رواندوزي في شمالي العراق (1833م)، وثورة آل بدرخان أمراء بوطان (1840 ـ 1846م، 1879م). وكانت أضخمها وأشملها ثورة الشيخ عبيد الله نهري (1880م) التي هدفت إلى إقامة دولة كردية مستقلة تحت سيادة السلطان العثماني، ولكن العثمانيين قمعوها بسرعة، ونفوا قائدها إلى مكة؛ حيث توفي سنة 1882م، وعمدوا بعد ذلك إلى تحسين علاقتهم مع قسم من زعماء القبائل، وشكلوا منهم في سنة 1891م كتائب «فرسان الحميدية» ـ نسبة إلى السلطان عبد الحميد الثاني ـ لتفرقتهم وإضعافهم، وتأليبهم ضد بعضهم وضد الأرمن.

تسارعت الأحداث والتطورات التاريخية في المنطقة في مطلع القرن العشرين، وانتهى الحكم العثماني، وبدأت سيطرة الدول الأوربية بعد اتفاقية سايكس ـ بيكو (1916م). اقترحت معاهدة سيفر (1920م) إنشاء دولة كردية، ثم تجاهلت معاهدة لوزان (1923م) ذلك، وقسمت مناطق استقرارهم.

في هذه الأثناء وبعدها، تجددت الثورات الكردية في أصقاع شتى، أبرزها: ثورة الشيخ محمود بَرْزنجي ضد الإنكليز في شمال العراق (1919 ـ 1931م)، ثورة سِمْكو شكاكي في إيران (1920 ـ 1930م). وفي تركيا ثورة الشيخ سعيد (1925م) وثورة سيد عبدالله (1928م) وثورة أرارات (1930 ـ 1932م) وثورة سيد رضا في ديرسم (1936 ـ 1938م) وكانت أشمل ثورات الكرد في العصر الحديث، وأطولها دواماً ثورة الملا مصطفى بارزاني (1943 ـ 1945م، 1961 ـ 1975م)، وتخللها قيام جمهورية مهاباد Mahabad الكردية في شمال غربي إيران بقيادة قاضي محمد (1946م ـ 1947م)، ودعم البارزانيين ومساندة الحكومة السوڤييتية، ولكنها انهارت بعد سنة من قيامها.

انتهت جهود كرد العراق بإعلان إقليم كردستان إقليماً مستقلاً يتمتع بحكم ذاتي ضمن إطار الجمهورية العراقية، وفي تركيا يقود الكرد منذ 1984م حرب عصابات في مناطقهم، ولكنها تقلصت إلى حد كبير بعد لجوء الحكومة التركية إلى سياسة الانفتاح إزاء القضية الكردية، ووقف سياسة التتريك، والمبادرة إلى منحهم حقوقاً خاصة. أما في إيران فقد اندمج الكرد في سياسات الثورة الإسلامية، ويسود الهدوء مناطقهم. وفي سورية تجري معالجة نتائج التعداد السكاني لعام 1960، أما الأكراد المولودون في سورية فهم سوريون من كل الوجوه بموجب القوانين السورية النافذة.

تنتمي اللغة الكردية إلى مجموعة اللغات الهندية ـ أوربية، وهي إحدى اللغات الإيرانية الحديثة؛ مثل الفارسية الحديثة والبوشتية (الأفغانية) والبلوشية. وتضمّ لهجتين رئيسيتين، هما: الكُرْمانجية التي يتكلم بها نحو ثلثي الكرد، ولاسيما في مناطقهم الشمالية الغربية، وتستخدم في كتابتها الأبجدية اللاتينية، والسورانية المستخدمة في شرقي إقليم كردستان العراقي والمناطق الإيرانية المقابلة، وتستخدم في كتابتها الأبجدية العربية.

كما تضم ثلاث لهجات أخرى مستخدمة في أطر جغرافية محدودة، هي: الظاظية أو الديملية في مناطق ديرسم التركية، اللورية ـ  الفيلية في إقليم لورستان الإيراني والمناطق العراقية المقابلة، الكورانية في المناطق الواقعة بين كرمنشاه وسنندج بإيران، وقد تأثرت جميعها باللغات الرسمية الحكومية في مناطقها.

كان علي تَرْموخي أول من وضع كتاباً في نحو اللغة الكردية وصرفها، بعنوان «السبيل إلى اللغتين الكردية والعربية» سنة 1591م. وصنّف إسماعيل بيازيدي (1655 ـ 1710م) أول معجم لغوي ثلاثي (كردي ـ عربي ـ فارسي) باسم «كولزار».

مرّ الأدب الكردي بمرحلة طويلة من الرواية الشفهية، وغلبت فيه الحكايات والملاحم التاريخية والشعر، وتعود بدايات تدوينه إلى القرن الحادي عشر الميلادي، متمثلة بأشعار علي حريري (الشمديني الهكّاري).

ومن الأدباء البارزين في تاريخ الأدب الكردي:

ـ الشاعر فقّي طيران (الهكّاري) (القرن 14م) الذي يعدّ رائد الشعر الكردي، وكتب قصصاً وحكايات فلسفية أبرزها قصة «برسيس العابد».

ـ ملاّي جَزيري (البوطي) (القرن 15م)، شاعر الغزل الصوفي، ترجم شعره إلى الفرنسية.

ـ ملاّي باتي (الهكّاري) (القرن 15م) الذي اشتهر بـ«المولد» الذي نظم فيه سيرة النبي الكريم r شعراً.

ـ أحمد خاني (الهكّاري) (1650 ـ 1706م) شاعر ومفكر، اهتم بالفكر الصوفي، وصنّف المعجم العربي ـ الكردي (نوبهار)، وكتب سيراً تاريخية وقصصاً، ونظم شعراً غزلياً باللغات الكردية والعربية والفارسية والتركية. وأشهر أعماله ملحمة «ممو زين» التي عرّبها محمد سعيد رمضان البوطي.

ـ نالي (1791 ـ 1855م) من شهرزور، تنقل بين السليمانية ودمشق واصطنبول، وعُني بالترجمة من العربية إلى الكردية، ونظم أشعاراً غزلية متميزة، ويعدّه الباحثون مؤسس الأدب الكردي في العراق.

ـ حَجّي قادر كويي (1815 ـ 1898م) رجل دين وشاعر، تأثر بشعر أحمد خاني وأفكاره، وتحول إلى الفكر القومي، ونظم شعراً غزيراً باللهجة السورانية.

وبرز عدد من شعراء الكردية في القرن العشرين ومنهم بيرمير (1867 ـ 1950) وعبد الله كوران (1904 ـ 1962).

أما الأشكال الأدبية الأخرى فلم يهتم بها الكرد إلا مؤخراً. كما تجدر الإشارة إلى أن كثيراً من المبدعين الكرد كتبوا باللغات الرسمية في بلدانهم، مثل يشار كمال، عزيز نيسين (بالتركية)، جميل صدقي الزهاوي، وخير الدين الزِّرِكْلي، (بالعربية).

صدرت أول صحيفة أسبوعية باللغة الكردية والأبجدية العربية باسم «كردستان» في القاهرة (1898م)، ثم انتقلت إلى اصطنبول، وكان يشرف عليها آل بدرخان. ثم بدأت تصدر عشرات الصحف الكردية المتنوعة، أبرزها صحف رائدة صدرت بين 1932 ـ 1945م مثل: هَوار، رُوْناهي، رُوْجا نو (في سورية) كَلاويج، جِين (في العراق).

أما في المجال الفني، فقد اهتم الكرد منذ القديم بالغناء والموسيقى، واستفادوا من ذلك في الحفاظ على تراثهم الشعبي، الغني بالملاحم الشعرية البطولية والأناشيد الحماسية من كل نوع. وانصرف محمد عزيز ظاظا إلى تعليم الموسيقى للأجيال، وبرز فنانون تشكيليون كرد، ووضع يلماز كوني الأساس لحركة سينمائية كردية.

يمكن وصف الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للكرد أنها كانت قبلية (عشائرية) إقطاعية، تستقل كل قبيلة بالنفوذ في منطقة خاصة، ويمتلك زعيمها «الآغا» وأسرته الأراضي الزراعية وقطعاناً ضخمة من المواشي، ويرتبط به الفلاحون بأسلوب «المحاصصة»، ويخضعون لقراراته. وكانت العوامل الاقتصادية وتجاوز الأعراف سبباً لحالات الصراع القبلي التي كانت الحكومات تستغلها لتأليب القبائل ضد بعضها واستمالة بعضها.

أحصى ف. ديتل في كتابه «رحلة إلى الشرق» 250 عشيرة كردية في أواسط القرن التاسع عشر، ويزداد العدد في مراجع أخرى، وتضم كل منها المئات من الأسر، كما توجد اتحادات قبلية ضخمة، مثل: شَكاكا ومللي وبَرازي.

كان قسم كبير من عشائر الكرد شبه رحل، يتنقلون بين الجبال والسهول للرعي، وكانت لبعضها علاقات حميمة واختلاط اجتماعي واسع مع القبائل العربية، وتنوعت أحياناً المعتقدات الدينية والمذهبية للعشيرة الواحدة.

من أبرز القبائل الكردية في إيران: شَكاكا وسِيبكان، وفي العراق: بارزاني وزيباري، وفي تركيا وسورية: مللي، بَرازي، كيكي، زركلي.

ويوجد في مدينة دمشق عدد من الأسر المعروفة ذات الأصول الكردية، مثل: أيوبي، آل رشي، قوطرش، ملا، ظاظا، بوظو، شيخو. وتنتمي إلى أصول كردية أسر كبيرة في حماة، أبرزها: برازي والزعيم.

تجاوز معظم الكرد المرحلة القبلية، واندمجوا في المجتمعات المدنية التي يعيشون فيها، وتنوعت اهتماماتهم الاقتصادية والفكرية. أما من الناحية الدينية فمعظم الكرد مسلمون على المذهب السنّي الشافعي، ومنهم الشيعة وأتباع طائفة تدعى «علي إلهي»، واليزيديون والمسيحيون.

وقد شاعت الطرق الصوفية بينهم؛ ولاسيما الكيلانية والنقشبندية والبارزانية، وبرز منهم علماء أجلاء في العقيدة الإسلامية، مثل شيخ خالد المولود في السليمانية، وكان من شيوخ الطريقة النقشبندية وتوفي في دمشق عام 1826م.

فاروق إسماعيل

الموضوعات ذات الصلة:

إيران ـ تركيا ـ سورية ـ العراق.

مراجع للاستزادة:

 - H.ARFA, The Kurds. A Historical and Political Study (London, Oxford Univ. Press 1965).

- F. KHALIL, Kurden heute (Europa Verlag ,Wien 1985).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 151
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1052
الكل : 58481271
اليوم : 53785

أحمد بن محمد بن مراد

أحمد بن محمد بن مراد (998-1026هـ/1590- 1617م)   هو السلطان العثماني الرابع عشر (1012-1026هـ/1603-1617م) ويعرف بالسلطان أحمد الأول, وهو الابن الأكبر للسلطان محمد الثالث (1595-1603م). ولد في مانيسة. خلف أباه في السلطنة واستمر في الحكم إِلى أن توفي إِثر مرض عضال. لم يقتل السلطان أحمد الأول أخاه, للتخلص من منافسته, بل اكتفى بأن أرسله إِلى السرايا العتيقة حيث أقام ليخلفه في الحكم من بعده. ولصغر السلطان عند اعتلائه عرش السلطنة فقد اعتمد على أمّه ثم على كبير طواشية القصر درويش محمد آغا.
المزيد »