logo

logo

logo

logo

logo

القوط

قوط

Goths - Goths

القوط

 

القوط (Gothi) Goths هم أحد الشعوب الجرمانية القديمة، يعتقد أن مواطنهم الأصلية كانت في جنوب شبه الجزيرة الإسكندنافية، قبل أن ينتقلوا إلى المناطق المحيطة بمصب نهر فيستولا Vistula مع بداية القرن الأول الميلادي. وقد عرفهم المؤرخ الروماني تاكيتوس[ر] وذكرهم هناك في بحثه «جرمانيا»، وكانوا أكثر تنظيماً من بقية القبائل الجرمانية. وقد وسَعوا مناطق سكناهم في صراعهم مع الڤاندال[ر] نحو الشرق والجنوب. بدأ القوط منذ أواسط القرن الثاني الميلادي هجرتهم في مجموعات صغيرة إلى شواطئ البحر الأسود الشمالية، وبدؤوا منذ عام 238م على الأبعد بمهاجمة أراضي الامبراطورية الرومانية، واشتدت هذه الهجمات في السنوات التالية بسبب الأزمات السياسية والعسكرية التي كانت تمر بها الامبراطورية. وفي عام 251م جرت معركة كبيرة التقى فيها الامبراطور دكيوس Decius بالقوط فلقي هزيمة قاسية وقتل في تراقية.

وفي عام 257م، هاجموا آسيا الصغرى ونهبوا المدن الإغريقية على شواطئ البحر الأسود، وسقطت مدينة إفسوس Ephesos في أيديهم فنهبوها ودمروا هيكل أرتميس Artemis الشهير، ثم قاموا بالإغارة على سواحل بحر إيجة واليونان عام 267م، وانقضوا على مقدونية وحاصروا مدينة سالونيكي Saloniki حتى تصدى لهم الامبراطور كلاوديوس الثاني Claudius II الذي هزمهم هزيمة منكرة عام 269 ونال لقب غوتيكوس Gothicus، أي قاهر القوط.

ومنذ منتصف القرن الثالث، بدأ القوط ينقسمون إلى مجموعتين قبليتين كبيرتين هما: القوط الغربيون والقوط الشرقيون، وصار لكل منهما تاريخه المستقل.

احتل القوط الغربيون Visigoths ولاية داكيا عبر الدانوب (رومانيا حالياً)، فاضطر الامبراطور أوريليان Aurelianus إلى سحب الإدارة والجيش الروماني منها نحو عام 275م.

أما القوط الشرقيون Ostrogoths فشكّلوا مملكة كبيرة في أوكرانيا التي بقيت في أيديهم حتى الاجتياح المغولي. وقد قاوموا هجوم الهون (370م)، مقاومة شديدة، ولكنهم هزموا وقتل ملكهم فاستسلم قسم منهم وفرّ الباقون إلى مناطق القوط الغربيين، الذين لم يتمكنوا أيضاً من الصمود أمام الهون الذين أوقعوا بهم هزيمة منكرة، فاضطروا إلى التراجع أمامهم وعبروا نهر الدانوب بعد أن أذن لهم الرومان، وأقاموا في ولاية موسيا Moesia (شمال بلغاريا). ولكن القواد الرومان أساؤوا معاملتهم فتمردوا وهاجموا تراقية وعاثوا فيها نهباً وتدميراً، فأسرع الامبراطور فالنس Valens للتصدي لهم، ولكنه لقي هزيمة كاسحة في موقعة أدرنة Adrianople عام 378م، فأبيد جيشه وخر صريعاً في أرض المعركة، وكانت هذه من أكبر الهزائم في التاريخ الروماني، وزحفت جموع القوط المنتصرة على القسطنطينية ولكنها عجزت عن اقتحامها. أظهرت هذه المعركة أنه صار من المستحيل هزيمة القوط بقوة السلاح، فعرض عليهم الامبراطور تيودوسيوس Theodosius الاستقرار على تخوم الامبراطورية، وعقد معهم اتفاقاً Foedus يقضي بأن ينزل القوط الشرقيون في بانونيا ويستقر القوط الغربيون في شمال تراقية، واعترف لهم بالاستقلال الذاتي وأعفاهم من الضرائب ورتب لهم عطاءات مجزية مقابل الخدمة العسكرية، واختار عدد كبير منهم أن يدخل مباشرة في خدمة الامبراطور، وبدأت العناصر الجرمانية تهيمن على الجيش الروماني وجاء منها كبار قادته.

كان القوط في القرن الرابع قد اعتنقوا المسيحية وفق المذهب الآريوسي Arius، بعد أن قام القديس أولفيلا Ulfilas بترجمة الإنجيل إلى اللغة القوطية وكان ذلك أول إنتاج أدبي جرماني.

لم يدم استقرار القوط الغربيين طويلاً بوصفهم معاهدين Federates، إذ بدأوا بغزو اليونان بعد موت تيودوسيوس (395م) بقيادة ملكهم ألاريك Alaric، ثم زحفوا إلى إيطاليا، وفي عام 410م غزوا روما ونهبوها، وتحركوا بعد ذلك إلى بلاد الغال وإسبانيا واستقروا عام 418م في غربي فرنسا بوصفهم معاهدين واتخذوا من تولوز Toulouse عاصمة لهم، ولكن في عام 475م خلع ملكهم يوريك Euric سيادة روما وأعلن مملكته المستقلة، غير أنها لم تصمد طويلاً، فقد هزم ابنه آلاريك الثاني وقتل على يد زعيم قبائل الفرنجة كلوڤيس Clovis عام 507م، وطُرد القوط الغربيون من معظم مناطق غاليا، فانسحبوا إلى إسبانيا التي كان يوريك قد احتل قسماً كبيراً منها. وهكذا قامت مملكة القوط الغربيين في إسبانيا حتى فُتحت عام 93هـ/711م على يد العرب المسلمين بقيادة موسى بن نصير وطارق بن زياد.

استقر معظم القوط في منطقة كاستيليا وصارت مدينة توليدو Toledo (طليطلة) أهم مراكزهم، ولكنهم كانوا يشكلون طبقة قائدة هشة، لذلك تخلوا تدريجياً عن لغتهم القوطية وتحولوا عن مذهبهم الآريوسي إلى المذهب الكاثوليكي عام 589م، في عهد ملكهم ريكارد Reccared، الذي ازدهرت المملكة في أثناء حكمه (568ـ601م). كانت سلطة الملوك تعاني نفوذَ أمراء القوط الإقطاعيين، وبدأت الصراعات على العرش في آخر عهود المملكة التي أصدرت مجموعة من القوانين الخاصة بالقوط وأخرى للسكان الأصليين الرومان، ثم ازداد الاختلاط والتزاوج بين الشعبين وصار هناك تشابك بين الدولة والكنيسة الكاثوليكية، وازدهر الأدب اللاتيني في هذه المملكة في القرن السابع.

أما القوط الشرقيون، فإنهم تفرقوا بعد انهيار مملكتهم على أيدي الهون، ولكن بعد هزيمة هؤلاء عام 451م وموت قائدهم الكبير أتيلا[ر]، تحرر القوط بقيادة ملكهم ڤَلامار Walamar عام 454م، وحصلوا على وضع المتعاهدين مع البيزنطيين. وبعد انتصار الرومان عليهم اضطروا إلى مغادرة بانونيا، فتوجهوا نحو الجنوب زاحفين نحو البلقان، ثم قادهم زعيمهم تيودوريك الكبير Theodoric إلى إيطاليا حيث أسسوا مملكتهم وعاصمتها راڤِنَّا Ravenna التي بقيت قائمة حتى عهد الامبراطور جستنيان[ر] Justinianus عندما تمكن قائده نرسيسNarses من الانتصار على القوط في معارك مظفرة عدة سقط فيها آخر ملوكهم تيا Teja عام 553م، وانتهى حكمهم في إيطاليا التي عادت إلى السيادة الرومانية، وبذلك ينتهي تاريخ القوط الشرقيين.

محمد الزين

 الموضوعات ذات الصلة:

 

أتيلا ـ آريوس ـ البيزنطيون ـ جستنيان ـ روما ـ الرومان.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ السيد الباز العريني, الدولة البيزنطية (بيروت 1982).

- The Oxford Classical Dictionary, 2nd Edition (Oxford 1970).

- Lexikon der Antike (Leipzig 1977).

- L. SCHMIDT, Die Germanen (1942).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الخامس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 675
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1040
الكل : 58491750
اليوم : 64264

القاهر ب-الله

المزيد »