logo

logo

logo

logo

logo

يوسف بن عبد الرحمن الفهري

يوسف عبد رحمن فهري

Youssef ibn Abdul Rahman al-Fahri - Youssef ibn Abdel Rahman al-Fahri

يوسف بن عبد الرحمن الفهري

(72 ـ142هـ/691ـ 759م)

 

يوسف بن عبد الرحمن بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري، اجتمعت له رفعة النسب مع عراقة الأسرة سياسياً، ففهر من قريش الظواهر، ووالد جده الفاتح المشهور عقبة بن نافع، وابن عمه المعاصر له عبد الرحمن بن حبيب الفهري الذي كان أميراً للمغرب.

ابتعد يوسف وهو في سني نضجه عن الحياة العامة والسياسية، فأقام معتزلاً في البيرة بعيداً عن العاصمة قرطبة التي أصبحت تعج بالاقتتال منذ سنة 122هـ/740ـ741م بين عناصر الفاتحين العرقية والقبلية؛ الذي عدّه الأتقياء صراعاً على عرض الدنيا ومهدداً لوجود المسلمين في الأندلس.

حدث الانقلاب في حياة يوسف الفهري وهو في السابعة والخمسين، فقد توفي آنذاك أمير الأندلس ثوابة ابن سلامة الجذامي في محرم 129هـ/745م، فتنازعت القبائل والعشائر على وراثة المنصب، مما أبقى البلد من دون والٍ لأربعة شهور. قبل الجميع بعدها باقتراح شيخ القيسية الصميل بن حاتم بتعيين قرشي لكون قريش فوق المنازعات القبلية كما كانت تفعل قبائل المشرق في الأوضاع المماثلة، ورُشح للمنصب يوسف الفهري، فقبله الجميع لتقاه ولعدم كونه طرفاً في أي نزاع سابق مما يضمن حياده، تردد في قبول العرض ثم قبله بعد أن أقنع بأن في القبول قطعاً لدابر الفتنة، وسيتحمل إثم استمرارها إن رفض.

بويع يوسف في ربيع الآخر 129هـ/747م، وأرضى يحيى بن حريث الجذامي أقوى مطالب بالإمارة بكورة «ريّة» حيث ينزل قومه، لكن الأمير الجديد كان عديم الخبرة في السياسة جاهلاً بأوضاع الأندلس لاعتزاله، فاعتمد على مشورة الصميل. كان أحد قراراته الأولى عزل يحيى بن حريث عن كورة ريّة. وعدّت القبائل اليمانية ذلك دليلاً على أنه ليس ليوسف من الإمارة إلا الاسم، في حين أن الفعل للصميل الذي يوجهه إلى ما فيه بسط الهيمنة القيسية، ولجأت إلى توحيد قبائلها التي مزقتها سابقاً نزاعاتها على الإمارة، وردت القيسية بالالتفاف حول يوسف بن عبد الرحمن الفهري، والتقى الطرفان في قرية شُقنده بجوار قرطبة 130هـ/747ـ748م فتقاتلا طوال يوم كامل بقوى متقاربة عددياً، استنفدا فيه طاقاتهما وأدوات حربهما، ورجحت أخيراً كفة القيسية عندما استعان الفهري بأهل الأسواق من قرطبة، فانهزمت اليمانية وأسر منها كثيرون كان من بينهم زعيماها يحيى ابن حريث والحسام بن ضرار الكلبي، فتولى قتلهما شيخ القيسية الصميل ضمن سبعين أسيراً.

خلص الحكم ليوسف الفهري، وساعد على إحلال الهدوء قحط لسنوات متتالية أصاب الأندلس مما شغل الناس بتدبير أمور معاشهم، أضف إلى ذلك تمرس يوسف الفهري بالحكم، وبدا في تصرفاته رغبة في الانفراد به. تخلّص من وصاية الصميل بإبعاده إلى سرقسطة سنة 132هـ/749ـ750م، واتبع ذلك بعزل عامر بن عمرو القرشي العبدري قائد المغازي قبل ولاية يوسف وفي أثنائها. هرب القائد المعزول إلى سرقسطة حيث تحالف مع الحباب بن رواحة الزهري، وبثا الدعوة في صفوف اليمانية الكثر في المنطقة لإسقاط حكم الفهري لما ارتكبه بحقها، وادعى عامر أن أبا جعفر المنصور العباسي قد بعث له بسجل لحكم الأندلس. حاصر القائدان بمن اتبعهما، الصميل في سرقسطة سنة 136هـ/753ـ754م، فطلب المدد من يوسف الفهري وبني قومه القيسية. تحرك الفهري ببطء، لكن القبائل القيسية أسرعت وفكت الحصار عن شيخها فخرج من سرقسطة، فدخلها القائدان الثائران، عندئذ سارع يوسف الفهري إلى حصار المدينة التي استسلمت خوفاً من استباحتها، وأسلمت عامراً وابنه وهباً مع الزهري الذين قتلهم بوادي الرمل قرب طليطلة، وهو في طريق عودته إلى قرطبة صدر سنة 138هـ/755ـ756م.

بلغه إثر ذلك مباشرة نبأ نزول الأمير عبد الرحمن الأموي حفيد هشام بن عبد الملك في أقصى جنوبي الأندلس، والتفاف موالي الأمويين حوله وحماس اليمانية في الجنوب لنصرته، وكان الوقت خريفاً وقد انفصل عنه قسم من جنده وأنهك السير الطويل القسم الآخر، مما تعذر معه السير نحوه مباشرة قبل أن يمكِّن لنفسه كما نصحه الصميل.

وصل إلى قرطبة شتاء حيث تتعذر فيه حركة الجيش، فاستغل الوقت بمفاوضة عبد الرحمن، عارضاً عليه أن يلتحق به من دون أتباعه مقابل إعطائه أي الكورتين يختار ريّة (مالقة) أو البيرة (منطقة غرناطة)، وأن يزوجه بابنته ضماناً لذلك. رُفض الطلب، واستعد الطرفان يوسف والصميل ومعهما القيسية، وعبد الرحمن ومعه موالي الأمويين ويمانية جنوبي الأندلس. بعد انقضاء الشتاء تمت المواجهة بعد تحركات طويلة للطرفين بجوار قرطبة على النهر حيث نزل الفهري في المَصَّارة على الضفة اليمنى، وحلَّ خصمه في الضفة الأخرى وذلك يوم عرفة 138هـ/14 أيار/مايو 756م. كان الفهري ضحية خدعة دبرها له الأموي؛ إذ عرض عشية المواجهة القبول بالعرض السابق مقابل إمداد جنده الجائع بالأغذية، فنفذ الطلب وبات جانب الفهري مطمئناً لحلول السلم غافلاً عن مراقبة حركة خصمه الذي فاجأه بعبور قواته عند الفجر إلى المصارة حيث اشتعلت المعركة التي انتهت عند ظهيرة الأضحى بفرار الفهري والصميل وهزيمة جيشهما ودخول الأمير الأموي قرطبة، ثم لاحقت قواته الفهري إلى غرناطة حيث اعتصم، ثم استسلم على أساس الأمان للجميع وعودة أملاك الفهري والصميل ونزولهما بمنازلهما بقرطبة والتحاقهما بالأمير الأموي، وذلك في 2 ربيع الأول 139هـ/4 آب/أغسطس 756م.

ساءت أحوال يوسف الفهري بقرطبة، فقد تطاول عليه أناس رفعوا دعاوى عليه بتهم مظالم أوقعها بهم. وحُرِمَ آل الفهري من منافع كانت لهم انتقلت إلى بني أمية.

حرضه أتباعه على تغيير الوضع، فثار سنة 141هـ/758ـ759م بعد فراره من قرطبة، وتنقل بين طليطلة ـ مقر عصبيته ـ وماردة حيث انضمت إليه قبائل عربية وبربرية، ردَّ عبد الرحمن الداخل بالحشد في قرطبة وإشبيلية، وحاول الفهري توجيه ضربة استباقية إلى حشد إشبيلية الذي يقوده قريب عبد الرحمن، لكنه هُزم وفر هارباً باتجاه طليطلة حيث قتل على بعد أربعة أميال منها من قبل شخص اختلفت الروايات حول اسمه ونسبه، وبذلك انتهت حياة هذا الوالي الذي حكم الأندلس مدة تقرب من عشر سنوات، وكانت أطول ولاية لوالٍ للأندلس منذ فتحها.

أحمد بدر

الموضوعات ذات الصلة:

 

عبد الرحمن الداخل.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ محمد بن عبد الله القضاعي (ابن الأبار)، الحلّة السيراء، تحقيق حسين مؤنس (الشركة العربية للطباعة والنشر، القاهرة 1963).

ـ ابن عذاري المراكشي، البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، تحقيق ج. س كولان وإ.ليفي بروفنال (ليدن 1948).

ـ مؤلف مجهول، أخبار مجموعة من فتح الأندلس وذكر أمرائها والحروب الواقعة بينهم (نسخة مصورة عن الأصل المطبوع بمدريد1867).

ـ أحمد بدر، صقر قريش عبد الرحمن الداخل (دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق 1988).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الثاني والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 605
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1053
الكل : 58481470
اليوم : 53984

النمليتات

النُمْليتات   النُمْليتات Nummulites حيوانات بحرية قاعية كلسية الدرع دقيقة النخاريب من المنخربات[ر] Foraminifera أحادية الخلية صغيرة القّد. كانت تعيش على قيعان البحار القليلة العمق بين 50 - 150م. حُفِظَت قواقعها الكلسية في الصخور الرملية والكلسية التي تعود إلى القسم الأسفل من الحقب الثالث أو ما يُعرف بدور الباليوجين أي ما قبل 57- 24 مليون سنة.
المزيد »