logo

logo

logo

logo

logo

ابن هشام (عبد الله بن يوسف-)

هشام (عبد الله يوسف)

Ibn Hisham (Abd Allah ibn Yousef-) - Ibn Hisham (Abd Allah ibn Yousef-)

ابن هشام (عبد الله بن يوسف ـ)

(710 ـ 761هـ/1310 ـ 1360م)

 

أبو محمد، جمال الدين، عبد الله ابن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري، من أشهر نحاة المئة الثامنة، ذاع صيته وانتشر حتى قال فيه ابن خلدون: «مازلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالِمٌ بالعربية يقال له ابن هشام أنحى من سيبويه»، ولم يتردد الصفدي في وصفه بأنه أفضل المتأخرين، وأنّه شيخ النحو، وهو وصفٌ له قيمة كبيرة في عصرٍ ظهر فيه علماء أجلاّء من أمثال أبي حيان الأندلسي شيخ الصفدي والمرادي وابن عقيل والسمين الحلبي وسواهم.

ولد ابن هشام في مدينة القاهرة، وبها نشأ ودَرَس على كثيرٍ من علمائها، فأخذ النحو عن الشيخ شهاب الدين عبد اللطيف بن المرحَّل (ت 744هـ)، وكان ابن هشام محبّاً له، يطريه ويفضّله على أبي حيّان.

وأخذ علم القراءات عن الشيخ ابن السرَّاج المصري، وهو إمامٌ مقرئ، وله فهم في النحو، تصدّر للإقراء بجامع الفاكهانيين بالقاهرة (ت 749هـ).

وحَضَر دروس تاج الدين التبريزي (ت 746هـ)، وهو نحوي فقيه جامعٌ لأنواع العلوم، وكان مدرّساً بالحسامية.

وقرأ أيضاً على الشيخ تاج الدين الفاكهاني الإسكندري النحوي (ت 731هـ). وتذكر المصادر أن ابن هشام لقي أبا حيان في أثناء رحلته إلى مصر، وسمع منه «ديوان زهير بن أبي سلمى»، لكنه لم يلازمه، ولم يقرأ عليه، بل كان شديد المخالفة له، كثير الانحراف عنه، والظاهر أن التنافس بينهما كان شديداً، وقد عبّر عن ذلك الصفدي في معرض ترجمته لابن هشام حين قال: «كاد يميت ذكر أبي حيان».

وليس غريباً أن يوصف ابن هشام بأنه كان على همّة عالية في الجّد والطلب والتحصيل والصبر، وهو القائل:

ومَنْ يَصْطبر للعلمِ يظفرْ بنيلِهِ   

                          ومن يخطبِ الحسناءَ يَصْبِر على البذلِ

ومن لم يذلّ النفس في طلب العلا

                          يسيراً يعشْ دهراً طويلاً أخا ذُلِّ

والحقّ أن ابن هشام هو من هؤلاء الذين اصطبروا للعلم، وظفروا بنيله، فلقد أتقن علوم العربية ولاسيما النحو إتقاناً كاملاً حتى فاق الأقران والشيوخ، فغدا «شيخ النحو» كما وصفه الصفدي، وقد صور ابن حجر بعضاً من ملامح شخصيته وثقافته حين قال: «وتصدّر ابن هشام لنفع الطالبين، وانفرد بالفوائد الغريبة والمباحث الدقيقة، والاستدراكات العجيبة، والتحقيق البالغ، والاطلاع المفرط، والاقتدار على التصرف في الكلام، والملكة التي كان يتمكن بها من التعبير عن مقصوده بما يريد، مسهباً وموجزاً، مع التواضع والبر والشفقة ودماثة الخلق ورقة القلب».

تولى ابن هشام تدريس التفسير بالقبّة المنصورية بالقاهرة، وتولى قبل وفاته بخمس سنين التدريس بالمدرسة الحنبلية، وذلك أنه كان شافعياً ثم تحنبل.

وتذكر المصادر أنه قام بعدة أسفار، وقد صرح ابن هشام نفسه أنه زار مكة مرتين الأولى سنة 749هـ، والثانية 756هـ.

تُوفي ابن هشام في القاهرة، ودفن بمقبرة الصوفية خارج باب النصر، وخلّف ولدين هما محب الدين وعبد الرحمن، وثروة علمية تشهد له بغزارة علمه وعلوّ منزلته.

والناظر في مصنفات ابن هشام يدرك بوضوح الغاية التعليمية التي وضعت لأجلها تلك المصنفات، فقد راعى في تصانيفه مستوى الطلبة في كل مرحلة من مراحل الطلب وتدرجهم في فهم مسائل النحو ودقائقه، فخاطب الشداة بأسلوب سهل ميسّر بعيد عن الخلافات النحوية، وقد تجلى ذلك في كتابيه «قطر الندى» و«قواعد الإعراب»، وخَاطَبَ مَنْ توسط منهم بأسلوب مغاير فيه شيء من البسط وعلوّ العبارة، وذلك في كتابيه «شذور الذهب» و«أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك».

أمّا مَنْ تَقَدَّمَ في علم النحو واتسعت مداركه فقد خاطبه بكتابه المشهور «مغني اللبيب» الذي اشتهر في حياته، لا في مصر وحدها، بل في الشام أيضاً. وهو كتابٌ ضخم يمثل مرحلة النضج في التفكير النحوي عند ابن هشام، وقد نوّه به في المقدمة، فقال: «ووضعتُ هذا التصنيف على أحسن إحكام وترصيف، وتتبعتُ فيه مقفلات مسائل الإعراب فافتتحتها، ومعضلات يستشكلها الطلاب فأوضحتها ونقحتها، وأغلاطاً وقعت لجماعة من المعربين وغيرهم فنبهت عليها وأصلحتها، فدونك كتاباً تُشَدّ الرحال فيما دونه، وتقف عنده فحول الرجال ولا يَعْدونه».

والكتاب في صميمه هو من كتب أعاريب القرآن، كما يدل على ذلك اسمه: «مغني اللبيب عن كتب الأعاريب»، لكن ابن هشام أخذ على مؤلفي كتب الأعاريب مآخذ عددها في المقدمّة، ورأى أن يختط لنفسه منهجاً جديداً في إعراب القرآن يخلو من تلك المآخذ، فجاء به على تلك الصورة التي أراد، وقسمه إلى ثمانية أبواب، أفرد الأول لتفسير المفردات (حروف المعاني)، والثاني للجمل وأقسامها وأحكامها، والثالث لشبه الجملة، والأبواب المتبقية تناول فيها أحكاماً وقواعد كلية كلها يدور في فلك الإعراب وأصول صنعته.

وهذا الكتاب بلا ريب من أجلّ كتب المتأخرين وأوسعها وأبعدها أثراً في المصنفات التالية، وقد لقي على ضخامته عناية كبيرة عند الشراح، فوضعت عليه عشرات الشروح وشروح الشواهد.

ولابن هشام - سوى ما تقدم - مؤلفات كثيرة، ومما طبع منها: «شرح بانت سعاد» و«الألغاز النحوية» و«الجامع الصغير»، وله «شرح أبيات ابن الناظم على الألفية» و«فوح الشذا في مسألة كذا» و«نزهة الطرف في علم الصرف» و«المباحث المرضية المتعلقة بمن الشرطية». وله رسالة في انتصاب (لغةً) و(فضلاً) وإعراب (خلافاً). ونسب إليه كتاب «شرح جمل الزجاجي» ولا يصح ذلك البتة.

نبيل أبو عمشة

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ ابن حجر العسقلاني، الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة (دار الجيل، بيروت، د.ت).

ـ الصفدي، أعيان العصر وأعوان النصر (دار الفكر، دمشق 1998).

ـ جلال الدين السيوطي، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (المكتبة العصرية، بيروت، د.ت).

 


التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الواحد والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 464
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1061
الكل : 58492411
اليوم : 64925

الضمان الاجتماعي

الضمان الاجتماعي   الضمان الاجتماعي social security هو نظام قانوني اجتماعي يتمثل في مجموعة الوسائل الفنية الخاصة التي تهدف إلى مواجهة بعض المخاطر الاجتماعية التي يوليها المجتمع اهتماماً خاصاً في سبيل حماية الأفراد ضد كل أو بعض الأخطار الاجتماعية التي عددتها اتفاقية العمل الدولية رقم (102).
المزيد »