logo

logo

logo

logo

logo

ابن هانىء (محمد-)

هانيء (محمد)

Ibn Hani (Mohammad-) - Ibn Hani (Mohammad-)

ابن هانئ (محمَّد ـ)

(326 ـ 362هـ/938 ـ 973م)

 

محمَّد بن هانئ بن محمَّد بن سعدون الأزديُّ الأندلسيُّ، أبو القاسم. أديبٌ شاعرٌ، منَ المتقدِّمين مِنْ شعراء الأندلس والمغرب.

أصله من بني المُهَلَّب بن أبي صُفرة الَّذين ملكوا إفريقيَّة، كان أبوه من قريـة المهديَّة في إفريقيَّة انتقل منها إلى جزيرة الأندلس، فوُلِدَ له محمَّد في إِشْبِيلِيَّةَ، ونشأ فيها، وكان أكثرُ تأدُّبِهِ في دار العلم بقُرْطُبَةَ، ثمَّ استوطنَ إِلْبيرةَ، ونُسِـبَ إليها فَعُرِفَ بالشَّاعر الإلبيريِّ.

اتَّصلَ أوَّل عهده بصاحب إِشْبِيلِيَّةَ، فمدحه وعلا شـأنه لديه، ذكر ياقوت الحَمَويُّ أنَّ ابن هانئ كان متَّهماً بالفلسفة يسلك في أقواله وأشعاره مَسْلَكَ المَعَرِّي، ومازال يغلو في ذلك حتَّى أزعجه أهل الأندلس، واضطروه إلى الخروج منها، فخرج إلى المغرب، واتَّصل بابن الأندلسيَّة جعفر بن علي، ومدحه فَحَظِيَ عندَه، وأوَّلُ شعره فيه قصيدتُه الجليلة الَّتي يصف فيها النُّجوم:

ألَيْلَتَنا إذْ أَرْسَــلَتْ وَارِداً وَحْفا        

                          وَبِتْنَا نَرَى الجَوْزَاءَ في أُذْنِها شَنْفا

وَبَاتَ لَنَا سَاقٍ يَصولُ عَلَى الدُّجَى        

                          بِشَــمْعَةِ صُبْحٍ لاتُقَطُّ وَلا تُطْفَا

أَغَـنُّ غَضِيضٌ خَفَّفَ اللِّينُ قَـدَّهُ        

                          وَأَثْقَلَتِ الصَّهْبَاءُ أَجْفَانَـهُ الوُطْفَا

ثم مدحه ابنُ هانئ إلى أن قال:

كَأَنَّ لِوَاءَ الشَّـمْـسِ غُرَّةُ جَعْفَرٍ      

                          رَأَى القِرْنَ فَازْدَادَتْ طَلاقَتُهُ ضِعْفَا

فقام إليه جعفر، وعانقه، وأجلسه إلى جانبه، وخلع عليه الثياب المُلوكيَّة.

   استقدمه المعزُّ لدين الله العُبيديُّ الفاطميُّ معدّ بن إسماعيل، وأقام ابن هانئ عنده بالمنصوريَّة قرب القَيروان، فأوَّلُ قصيدةٍ مدحه بها قصيدتُه الَّتي ندرَ له فيها قولَهُ:

وَبَعُدْتَ شَــأْوَ مَطالِبٍ وَرَكائِبٍ       

                          حَتَّى رَكِبْتَ إلَى الغَمَــامِ الرِّيحا

 ولما رحل المُعِزُّ إلى مصرَ عاد ابنُ هانئ إلى إِشْبِيلِيَّةَ ليُوصِلَ عيالَهُ، فتربَّص به قومٌ وقتلوه.

   كان ذا شأنٍ عظيمٍ عند أدباء قُطْرِهِ، ذكر ابنُ خَلِّكان أنَّه: «كان عندَهم كالمتنبي عندَ المشارقةِ»، وكانا متعاصرين. احتفلَ ابن هانئ بالوقائع والحكمة في شعره احتفالَ المتنبي بذلك، وإنْ كان لا يبلغُ شَـأْوَ المتنبي في الأسـلوب، ولاسيَّما في وصف الوقائع، بيدَ أنَّه بزَّ في وصف سُفُنِ الحربِ، وكان كالمتنبي يُعَظِّمُ نفسَهُ، ويَحْقِرُ زمانَهُ، كقوله:

طَلَبُ المجدِ منْ طريقِ السُّيوفِ       

                          شَرَفٌ مُؤنِسٌ لنَفسِ الشَّريفِ

أنا مِنْ صــارِمٍ وطِرْفٍ جَوادٍ      

                          لسْتُ منْ قُبّةٍ وقَصْـرٍ مُنيفِ

ليسَ للمجــدِ مَنْ يَبيـتُ على المجـ

                          ـدِ بسَعيٍ وانٍ ونَفْسٍ عَزُوفِ

وعَدَتْني الدُّنْيا كثيـــراً فلم أظـ

                          ــفَرْ بغَيرِ المِطالِ والتَّسويفِ

علَّمَتْني البَيداءُ كيفَ ركوبُ اللَّيـ

                          ـلِ، واللَّيلُ كيفَ قطعُ التَّنوفِ

إنَّ أيَّامَ دهرِنَا سَـخِفَاتٌ      

                          فهيَ أعوانُ كلِّ وَغْدٍ سخيفِ

كان طويلَ النَّفَسِ الشِّـعريِّ، قليلٌ من قصـائده لا يربو على السَّبعين، وكثيرٌ منها يتجاوز المئة، ومنها ما بلغ فوق مئتي بيت. تتناول موضوعاتُه الشِّعريَّةُ المدحَ والفخرَ بالنَّفس والشَّكوى من الزَّمان والهجاءَ ووَصْفَ الطَّبيعة، وتَكْثـُرُ في شـعره الاســتعانةُ بصور الطَّبيعة في سياق المدح أو في دَرَجِ الشَّكوى، فمن بديع استعارته من الطَّبيعة في المدح قولُه: 

فُتِقَتْ لَكُمْ رِيحُ الجِـلادِ بِعَنْبَرِ         

                          وَأَمَدَّكُـمْ فَلَقُ الصَّباحِ المُســفِرِ

وَجَنَيْتُمُ تَمْـرَ الوَقائِـعِ يَانِعاً         

                          بِالنَّصْرِ مِنْ وَرَقِ الحَدِيدِ الأخْضَرِ

   اعتنى ابن هانئ باللفظ أكثر من عنايته بالمعنى، فاعتمد الألفاظ كثيرة الجلبـة، وهذا ما جعل أبا العلاء المعري يقول حين سمع شعره: «وما أُشَـبِّهُهُ إلاَّ برحىً تَطْحَن»، وذلك لأجل القَعْقَعَة في ألفاظه، عملَ ابن هانئ في توليد الأخيلـة، فاختلف فيه النُّقادُ الأقدمون، فمنهم من أنكر عليه ذلك كابن رشيق القيرواني، ومنهم من استحسن ما وَلَّدَ من التَّشابيه، كقوله:

ولِمَنْ ليالٍ ما ذَمَمْنـا عهدَهـا         

                          مُذْ كُـنَّ إلاَّ أنَّهُـنَّ شُـــجونُ

المُشْــرِقـاتُ كأنَّهُنَّ كواكبٌ         

                          والنـَّاعمـاتُ كأنَّهنَّ غُصــونُ

أسامة اختيار

 

 مراجع للاستزادة:

                                                     

ـ ابن خَلِّكان، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزَّمان (دار صادر، بيروت، د.ت).

ـ ابن دحية الكلبي، المطرب من أشعار أهـل المغرب (دار العلم للجميع، سورية، د.ت).

ـ ابن هانئ الأندلسيُّ، ديوانه (دار صادر، بيروت 1964م).

ـ ياقوت الحموي، معجم الأدباء أو إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (دار الكتب العلميَّة، بيروت 1991م).


التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الواحد والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 341
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1048
الكل : 58481058
اليوم : 53572

غوبينو (جوزيف آرثردي-)

غوبينو (جوزيف آرتُر دي -) (1882-1816)   جوزيف آرتُر دي غوبينو Joseph Arthur de Gobineau أديب فرنسي جمع بين الشعر والصحافة والرواية والفلسفة. وُلد في ڤيل داڤريه Ville- d’Avray إحدى ضواحي باريس وتوفي في تورينو (إيطاليا). عاش طفولة تعسة مردّها إلى والدته التي كانت تعيش حياة مغامرات. دخل عام 1830 الحياة الأدبية في باريس وأسهم في نشر قصائد وكتابة قصص مسلسة منها «السجين المحظوظ» Le Prisonnier chanceux عام (1846)، وكان ذلك بداية مشجعة له.
المزيد »