logo

logo

logo

logo

logo

أبو هلال العسكري

هلال عسكري

Abu Hilal al-Askari - Abu Hilal al-Askari

أبو هلال العسكري

(توفي بعد 395هـ/1004م)

 

الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد، أبو هلال العسكري، أديبٌ، ناقدٌ، لغويّ، شاعر، من أعلام المئة الرابعة للهجرة.

ولد في بلدة «عسكر مُكْرَم» في الأهواز لأسرة مثقفة عُرف منها والده، وعمّ والده، بيد أن المصادر التي ترجمت له سكتت عن نشأته وعن مراحل حياته الأولى، وكل ما ذكرته أنه كان يزاول تجارة الثياب مع سعيه إلى التحصيل العلمي، وقد أشار أبو هلال نفسه إلى مهنته غير مرّة في شعره، من ذلك قوله:

جلوسيَ في سوقٍ أبيع وأشتري  

                          دليل على أنّ الأنامَ قرود

ولا خير في قومٍ تذلّ كرامهم     

                          ويَعظمُ فيهم نَذْلُهم ويسود       

ويهجوهم عني رثاثة كسوتي     

                          هجاءً قبيحاً ما عليه مَزيد

والناظر فيما تبقى من شعره يلحظ حديثه المتكرر عن فقره وسوء حاله وإحساسه بالمرارة، كقوله:

بليت بهجران وفقرٍ وفاقة

                          وكثرة حاجات وثِقْل ديونِ

وأعظمها أن الزمان يسومني     

                          وقوفاً على أبواب من هو دوني

وكان العسكري يشعر أن اشتغاله بالعلم حرمه أسباب الغنى، كقوله:

تالله لم تخطئك أسباب الغنى     

                          إلا لأنك عاقل وأديب

وقوله:

فأين انتفاعي بالأصالة والحجَى  

                          وما ربحت كفي من العلم والحِكَمْ

ومنذا الذي في الناس يبصر حالتي

                          فلا يلعن القرطاس والحبر والقلم

والظاهر أن أحوال العسكري لم تكن كذلك دوماً، فثمة إشارات في شعره إلى حياة أقرب إلى الدَعَة تحدث فيها عن غِلمان يَسْعَون بين يديه إلى الطعام والشراب، وعن دعوته أصدقاءه لحضور مجالسه تلك، وثمة إشارات أخرى في شعره إلى وقيعة وقعت بينه وبين أحد الولاة، فصودرت أمواله، فعرّض العسكري بهذا الوالي ثم عاد فاسترضاه.

وليس بين أيدينا دليلٌ على أن العسكري عمل في خدمة بعض الرؤساء، وإن كان بعض الدارسين ذهبوا إلى أنه عمل في خدمة الصاحب بن عبّاد، وليس هذا ببعيد، فقد كان أبو هلال يُطريه ويستشهد بأقواله، ويمدحه، وقد زار هذا الوزير عسكر مكرم سنة 379هـ ولقي أبا أحمد العسكري أستاذ أبي هلال وأنعم عليه وعلى تلامذته، كما ذكر ياقوت.

ولم تكن أخبار أبي هلال المتصلة بحياته العلمية أحسن حالاً من حياته العامة، وفوق ذلك ثمة خلطٌ لم يسلم منه القدماء والمعاصرون بينه وبين أستاذه أبي أحمد العسكري (الحسن بن عبد الله بن سعيد المتوفى 382هـ) لاتفاقهما في الاسم واللقب، ولم تذكر المصادر من شيوخ أبي هلال إلا أستاذه هذا، وقد لازمه أبو هلال مدة طويلة، وأخذ عنه كثيراً من مروياته، وتأثر بآرائه الأدبية والنقدية، ونقل ياقوت عن بعضهم أن أبا هلال هو ابن أخت أبي أحمد العسكري، وهو زعمٌ بعيد لأن من عادة أبي هلال إذا نقل عن قريبٍ له أن ينصّ على صلة القرابة، كقوله غير مرة: «قال عمّ والدي» فلو كان أبو أحمد خاله لنص على ذلك في مصنفاته ولاسيما أنه كان دائم النقل عنه.

ومهما يكن فثمة إشارات كثيرة في مصنفاته إلى أساتذة وشيوخ لا تكاد تُعرف إلا أسماؤهم، من ذلك والده، وعم والده الحسن بن سعيد، ومنهم: أبو حامد، وأبو علي الحسن بن جعفر، وعبد الحميد بن محمد بن يحيى بن ضرار، وأبو القاسم عبد الوهاب الكاغدي.

ولم تشر المصادر إلى تلامذته إلا لماماً كأبي سعد السمّان (ت 445هـ)، وأبي الغنائم بن حماد المقرئ، وأبي حكيم أحمد بن إسماعيل العسكري، وأبي إسحاق إبراهيم بن علي اللغوي النحوي.

وعلى الرغم من قلة الأخبار المتصلة بحياة أبي هلال ثمة أمر جليّ لا يمكن إغفاله وهو أن الرجل قضى شطراً من حياته في الدرس والتأليف، وأنه خلف للمكتبة العربية طائفة من الكتب تناولت فروعاً مختلفة من المعرفة  كاللغة والأدب والتاريخ والحديث والتفسير، وقد ضاع منها ما يقرب من النصف وانتهى إلينا مطبوعاً ما يزيد على عشرة كتب، وأشهرها: «كتاب الصناعتين» وهو كتاب نقدي مشهور أقيم على أسس بلاغية، والمراد بالصناعتين صناعتا الكتابة والشعر، وقد مهد له العسكري بمقدمة نوّه فيها بمعرفة علم البلاغة وضرورته لفهم إعجاز القرآن الكريم، وللتمييز بين جيد الكلام ورديئه، ولوقوف الكاتب والشاعر على ما ينبغي استخدامه من أساليب اللغة وألفاظها الجيدة البليغة، ثم صرح بقصده وهو الكشف عن الحدود والأقسام لوجوه البيان، ولهذا الغرض جعل كتابه في عشرة أبواب: أولها لموضوع البلاغة وحدودها، وثانيها لتمييز الكلام جيده من رديئه، وثالثها في معرفة صنعة الكلام وترتيب الألفاظ، ورابعها في حُسن النظم وجودة الرصف، وخامسها للإيجاز والإطناب، وسادسها للسرقات الشعرية، وسابعها للتشبيه، وثامنها للسجع والازدواج، وتاسعها لفنون البديع، والعاشر لحسن المبادي والمقاطع وجودة القوافي:

والكتاب غني بمادته شعراً ونثراً، وغني أيضاً بملاحظات نقدية، وفيه تأصيلٌ لكثير من قواعد البلاغة، ومن كتبه المشهورة أيضاً «ديوان المعاني» جمع فيه أبو هلال كما قال: «أبلغ ما جاء في كل فن وأبدع ما روي في كل نوع من أعلام المعاني وأعيانها…» وجعله اثني عشر باباً، أولها باب «في التهاني والمديح والافتخار» وآخرها باب «في صفات أشياء مختلفة».

وله أيضاً كتاب «التلخيص في معرفة أسماء الأشياء»، وهو معجمٌ في المعاني والصفات جعله أبو هلال في أربعين باباً، بدأها بموضوع الإنسان فذكر خلقه وصفاته، وما يتعلق به، ثم انتقل إلى موضوع السماء والنجوم والأزمنة، ثم إلى أسماء النبات والشجر والثمار وذكر الزراعة وأدوات الزارعين، ثم انتقل إلى الجماد.

وله أيضاً كتاب «الأوائل»، وهو كتاب طريف يندرج في باب التأريخ، جعله أبو هلال في عشرة أبواب عرض فيها لأحداث ومناسبات عزيت لأشخاص هم أول من قاموا بها في الجاهلية والإسلام، كحديثه عن أول من كسا الكعبة، وأول من غير الحنيفية وعبد الأوثان، وأول من اتخذ الديوان، وأول من أخذ زكاة الخيل، وأول من لبس السواد، وأول من جمع العراقين، وأول من وضع الإعراب، وأول امرأة وضعت في نعشٍ من العرب.

وللعسكري ديوان شعر جمع فيه محققه ما تبقى من شعره، ونشر في مجمع اللغة العربية بدمشق.

سناء الريس

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ ديوان العسكري، جمعه وحققه جورج قنازع (مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق 1979).

ـ ياقوت الحموي، معجم الأدباء، تحقيق إحسان عباس (دار الغرب الإسلامي، بيروت 1993).


التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الواحد والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 495
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1044
الكل : 58492859
اليوم : 65373

التمزز

التمزز   التمزز adsorption ظاهرة التصاق ذراتٍ أو شوارد أو جزيئات غازٍ أو سائل، وتدعى «مزازة» adsorbate، على سطح مادة أخرى، وتدعى «مازاً» adsorbent. وأجود مثال معروف على ذلك هو الجملة غاز/ صلب، والجملة سائل/ صلب. ويطلق على الظاهرة العكسية اسم «المج» desorption. ويختلف التمزز عن الامتصاص في أن الامتصاص يعني نفوذ مادة في البنية الداخلية لمادة أخرى.
المزيد »