logo

logo

logo

logo

logo

نظام الملك (الحسن بن علي)

نظام ملك (حسن علي)

Nizam al-Mulk (Al-Hasan ibn Ali-) - Nizam al-Mulk (Al-Hasan ibn Ali-)

نظام الملك (الحسن بن علي ـ)

(408 ـ 485هـ/1017ـ 1092م)

 

أبو علي، الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي، الملقب بقوام الدين نظام الملك، وزير آل سلجوق المشهور، وزر للسلطان ألب أرسلان [ر] ثم لولده ملكشاه [ر] ثلاثين سنة.

أصله من نواحي طوس من أبناء الدهاقين، كان أبوه من أصحاب محمود ابن سبكتكين [ر]. قرأ القرآن وله إحدى عشرة سنة، وأشغله والده بالعلم واللغة والنحو والقراءات والتفقه على المذهب الشافعي، وسمع الحديث الكثير، ثم اشتغل بالأعمال السلطانية، ولم يزل الدهر يعلو به ويخفض حَضَراً وسَفَراً، حتى وصل غزنة في صحبة بعض المتصرفين، ثم لزم باب علي بن شاذان متولي الأمور ببلخ لداود جغري بك والد ألب أرسلان، فظهرت كفايته وأمانته، فلما حضرت أبا علي بن شاذان الوفاة أوصى به ألب أرسلان صاحب خراسان لعمه السلطان طغرل بك، فصار نظام الملك وزيراً له، إلى أن ولي السلطنة بعد وفاة عمه سنة 455هـ/1063م، واستمر على وزارته لما ظهر من كفايته وسداد أرائه.

كانت مكانة نظام الملك عند السلطان ألب أرسلان (455ـ465هـ) عظيمة، ومنزلته عالية، ولكنه أصبح الحاكم الفعلي للامبراطورية السلجوقية في عهد السلطان ملكشاه (465ـ485هـ) بن ألب أرسلان، فقد تولى ملكشاه السلطنة وهو شاب في الثامنة عشرة من عمره، فاستغل الجند موت ألب أرسلان ومدّوا أيديهم إلى أموال الرعية الذين نالهم من ذلك أذى شديد، فنبه نظام الملك؛ ملكشاه على ما في هذا العمل من الوهن وخراب البلاد، وذهاب السياسة، فردّ ملكشاه الأمور كلها كبيرها وصغيرها إليه، ولقبه ألقاباً كثيرة، من جملتها لقب «أتابك» ومعناه الأمير الوالد، وخلع عليه وزاد في إقطاعه.

إن المتتبع لأحداث عهد السلطان ملكشاه يجد أنها تتمحور حول المحاولات المتكررة للسلطان للتحرر من سيطرة نظام الملك، ومحاولة خصوم نظام الملك النيل منه والإيقاع به عند ملكشاه، ففي سنة 476هـ/1083م طلب سيد الرؤساء أبو المحاسن بن كمال الملك الذي كان السلطان قد قرّبه منه قرباً عظيماً أن يسلم إليه نظام الملك وأصحابه، ويسلم هو إلى السلطان منهم ألف ألف دينار (مليون دينار) «لكثرة الأموال التي يأكلونها، والأعمال التي يقتطعونها» فبلغ ذلك نظام الملك، فعمل سماطاً عظيماً (السماط ما يبسط فيوضع عليه الطعام) وأقام عليه مماليكه وهم ألوف من الأتراك بسلاحهم وخيلهم، فلما حضر السلطان قال له: «إني قد خدمتك وخدمت أباك وجدك، ولي حق خدمة، وقد بلغك أخذي لعُشر أموالك، وصدق هذا، أنا آخذه وأصرفه إلى هؤلاء الغلمان الذين جمعتهم لك، وأصرفه أيضاً إلى الصدقات والصلات والوقوف التي أعظم ذكرها وشكرِها وأجرها لك، وأموالي وجميع ما أملكه بين يديك، وأنا أقنع بمرقعة وزاوية»، فأمر السلطان بالقبض على أبي المحاسن وأن تسمل عيناه وأنفذه إلى قلعة ساوة.

وإذا كان أبو المحاسن سيد الرؤساء قد أخفق في الإيقاع بنظام الملك فإن تاج الملك أبا الغنائم قد نجح في ذلك، فقد كان تاج الملك رجلاً سرياً بهياً فصيح اللسان حسن البهجة، فأقبل عليه السلطان، وقرّبه وولاّه وزارة أولاده الملوك، وسلّم إليه خزائنه وولاّه النظر في أمور حرمه، وعوّل عليه في بعض الولايات، وفوض إليه أمر بعض العساكر، وجعل له مع ذلك كله ديوان الطغراء والإنشاء.

استطاع تاج الملك ببهجته المقبولة وإصغاء السلطان إليه أن يغير أوضاع المملكة جميعها، وكان كلما زاد تقريب السلطان له، تقرّب تاج الملك إلى الوزير نظام الملك بالتوقير والتقدير واتفق في الوقت نفسه مع شخصيات لها أهميتها على التخلص من نظام الملك الذي كان قد تقدمت به السن، فلم يكترث بهم، ولم يلتفت إليهم ولا تأثر بكيدهم، فقُتل بالقرب من نهاوند سنة 485هـ/1092م بسكين صبي ديلمي من الباطنية أتاه في صورة مستميح أو مستغيث.

ويقال إنّ ما جرى على نظام الملك من الاغتيال كان أمراً مبيّتاً مدبّراً من السلطان الذي كان قد مل وسئم من طول مدة وزارته واستطالة سيطرته، وتقسيمه مملكته على أولاده وأصهاره ومماليكه وكأنه شريك له في الملك.

لم يهنأ ملكشاه طويلاً بسلطاته فقد توفي بعد موت وزيره بثلاثة وثلاثين يوماً، ولم يعش تاج الملك بعد ذلك أكثر من ثلاثة أشهر، فقد فتك المماليك النظامية به لاتهامهم إياه بتدبير مقتله، فعلم الناس كما يقول عماد الدين الأصفهاني في كتابه «تاريخ دولة آل سلجوق» أن «سلامة تلك الدولة وأربابها وسلامة سلطانها كانت بسلامة ذلك الشيخ منوطة، وبحياطته محوطة »أو كما علق ابن الأثير بقوله: إن «الدولة انحلت بعد موته ووقع السيف».

يذكر عماد الدين الأصفهاني أن كل ما حققه ألب أرسلان ومن بعده ابنه ملكشاه إنما هو بفضل قوام الدين نظام الملك، فقد تولى الوزارة والملك قد اختل نظامه، والدين تبدلت أحكامه في أواخر دولة البويهيين [ر] وأوائل دولة السلاجقة وقد أقْفرت البلاد واستولت الأيادي العادية عليها، فأعاد نظام الملك، النظام إلى الدولة، والدين إلى القوام، وعمّر الولايات وأسقط المكوس والضرائب، وأزال لعن الأشعرية من المنابر، وكان الوزير عميد الملك الكندري قد حسن للسلطان طغرل بك التقدم بلعن الرافضة، فأمره بذلك، فأضاف إليهم الأشعرية ولعن الجميع، ولهذا فارق كثير من الأئمة بلادهم، فلما ولي ألب أرسلان السلطنة، أسقط نظام الملك ذلك جميعه، وأعاد العلماء إلى أوطانهم، وأمر ببناء المدارس النظامية ببغداد ونيسابور وغيرها من المدن لتدريس فقه السنة ولاسيما الفقه الشافعي، وكان للسلطان أقرباء يدلون بنسبه ويستطيلون بأنهم ذوو قرابته، فقصّر أيديهم ومنع تعديهم، وساس جمهورهم بتدبيره، ونظم أمورهم بسياسته وقسّم الملك الذي حازه السيف بقلمه أحسن تقسيم، وقوّمه أحسن تقويم.

ويعود إلى نظام الملك الفضل في تشجيع الآباء على إرسال أبنائهم إلى مجلسه لكي يحظوا بتقريبه، وكان يرشح كل واحد لمنصب يصلح له بمقدار ما يرى فيه من الرشد والفضل، وإذا وجد رجلاً قد تميز في بلده وتبحّر في العلم، بنى له مدرسة، ووقف عليها وقفاً، وكان يتحرى عن أحوال كل واحد من الفضلاء والعلماء الذين يلازمون مجلسه، ويسأل عن تصرفاته وخبرته ومعرفته، فمن تفرّس فيه صلاحية للولاية ولاّه، ومن رآه مستحقاً لرفع قدره رفعه وأعلاه، ورتب له ما يكفيه حتى يتفرغ للعلم ونشره.

وعندما رأى نظام الملك صعوبة جباية الأموال من البلاد لاختلالها فرّق على الجند الإقطاعات وجعلها لهم حاصلاً وارتفاعاً، وحلت الإقطاعات محل العطاء (الرواتب) ووظف على ملوك الأطراف وعلى أقاليم الممالك أموالاًَ يحملونها إلى السلطان كما قرر عليهم الحضور وتقديم الخدمات للسلطان وإنجاده بالعساكر الكثيرة، حتى ملأ الخزائن بالذخائر والأرض بالعساكر، فلما وفّر الأموال لخزينة الدولة والعساكر لحمايتها «جعل فيها لأرباب العلوم وأصحاب الحقوق حقوقاً لا تؤخر، وصيّر إحسان السلطان بين أهل العلم ميراثاً يأمنون به من النوائب»، وبذلك تذللت له المصاعب، وتيسرت له المطالب ودانت له المشارق والمغارب.

أكثر الشعراء مراثيه، فمن جيد ما قيل فيه قول شبل الدولة مقاتل بن عطية:

كانَ الوزيرُ نظام الملك لؤلؤةً                      يتيمةً صاغها الرحمن من شرف

عزّت فلم تعرفِ الأيام قيمتَها                     فردّها غيرةً منهُ إلى الصّدف

نجدة خماش

الموضوعات ذات الصلة:

 

ألب أرسلان ـ ملكشاه.

مراجع للاستزادة:

ـ ابن الأثير، الكامل في التاريخ (دار الكتاب العربي، بيروت 1967).

ـ ابن كثير، البداية والنهاية (دار الفجر للتراث، القاهرة 2003).

ـ الأصفهاني، تاريخ آل سلجوق، اختصار الإمام الفتح بن علي بن محمد البنداري (دار الآفاق الجديد، بيروت 1980).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 719
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1049
الكل : 58491391
اليوم : 63905

المقطعات (فن-)

المقطعات (فن ـ)   المُقطَّعة إحدى أشكال الشعر العربي القديمة، فقد نُظم الشعر على ثلاثة أشكال: القصيدة [ر] بمنهجها المعروف، والأرجوزة بمنهجها وضوابطها وخصائصها، والمقطعة وهي ردة فعل آنية، وتعبير سريع عما يفيض في النفس من مشاعر الحب أو الكره أو الرضا أو الغضب أو الفرح أو الحزن أو الحقد والتهديد والوعيد أو الشكر أو غير ذلك مما تجيش به نفس الشاعر فيبوح به مباشرة، إما لأن الموقف لا يحتمل الانتظار حتى يُنشئ الشاعر قصيدة، لما تتطلبه من أناة وروية وأبيات كثيرة وموضوعات مختلفة يقوم عليها بناؤها الفني، وإما لأن الموضوع لا يحتاج إلى قصيدة ويمكن أن تقوم الأبيات القليلة بما يريد الشاعر أن يعبِّر عنه.

المزيد »