logo

logo

logo

logo

logo

ابن النفيس (علي بن أبي الحزم)

نفيس (علي حزم)

Ibn al-Nafis (Ali ibn abi al-Hazim-) - Ibn al-Nafis (Ali ibn abi al-Hazim-)

ابن النفيس (علي بن أبي الحزم ـ)

(607 ـ 687هـ/1210 ـ 1288م)

 

أبو الحسن علاء الدين علي بن أبي الحزم، المعروف بابن النفيس، وأحياناً بالقَرْشي نسبة إلى «قَرْش»، في ما وراء النهر، ومنها أصله. كان ابن النفيس طبيباً عظيماً ومؤلفاً غزير الإنتاج في اللغة والفلسفة والحديث، وكان فقيهاً مشهوراً. ولد بدمشق وتوفي بالقاهرة.

تعلم ابن النفيس الطب في دمشق، في البيمارستان النوري الكبير الذي أنشأه السلطان نور الدين محمود بن زنكي في القرن السادس الهجري/الثاني عشر الميلادي. وكان مهذب الدين عبد الرحيم بن علي الدخوار (ت628هـ/1230م) أحد معلمي ابن النفيس في دمشق. نزل مصر ومارس الطب في المستشفى الناصري، ثم في المستشفى المنصوري الذي أنشأه السلطان قلاوون. وأصبح عميد أطباء هذا المستشفى، وكان يحضر مجلسه في داره جماعةٌ من الأمراء وأكابر الأطباء. كان ابن النفيس طبيباً خاصاً لحاكم مصر الظاهر بيبرس، وهو الذي عينه رئيساً للأطباء، فأصبح شيخ الطب في الديار المصرية. ولم يكن هذا المنصب فخرياً، بل كانت له السلطة لمحاسبة الأطباء ومراجعتهم في هفواتهم.

قيل في وصفه إنه كان شيخاً طويلاً، أسيل الخدين، نحيفاً، ذا مروءة. وكان قد ابتنى داراً بالقاهرة، وفرشها بالرخام حتى إيوانها. ولم يكن متزوجاً فأوقف داره وكتبه وكل ماله على البيمارستان المنصوري. كان معاصراً لمؤرخ الطب الشهير ابن أبي أصيبعة، صاحب «عيون الأنباء في طبقات الأطباء»، ودرس معه الطب على ابن دخوار، ثم مارساه في البيمارستان الناصري سنوات. ولكن ابن أبي أصيبعة لم يأت في كتابه على ذكر ابن النفيس، ويقال إن سبب هذا التجاهل هو خلاف حصل بينهما. غير أن لابن النفيس ذكراً في كثير من كتب التراجم، أهمها كتاب «شذرات الذهب» للعماد الحنبلي، و«حسن المحاضرة» للسيوطي، فضلاً عن كتب المستشرقين أمثال: بروكلمن Carl Brockelmann ومايرهوف Meyerhof وجورج سارتون George Sarton وسواهم.

لم تقتصر شهرة ابن النفيس على الطب، بل كان يعد من كبار علماء عصره في اللغة، والفلسفة، والفقه، والحديث. وله كتب في غير المواضيع الطبية، منها: «الرسالة الكاملية في السيرة النبوية». كما ألف كتاب «فاضل ابن ناطق»، على نمط كتاب «حي بن يقظان» لابن طفيل الأندلسي (ت581هـ/1185م)، ويفترض ابن النفيس في كتابه هذا تَخَلّق إنسان في مغارة بجزيرة نائية، بطريقة تشبه تكوّن الفرخ من البيضة، من العناصر الأربعة (الماء والهواء والأرض والنار)، بفعل الصفات الأربعة (الحار والبارد واليابس والرطب)، ثم يرشد إلى كيفية توصل هذا الإنسان الوحيد إلى اكتشاف العلوم والحكمة، ثم إلى العلم بأمر النبوات والسيرة النبوية الشريفة والسنن الشرعية.

أما في الطب فكان يعدّ من مشاهير عصره، وله مصنفات عديدة اتصف فيها بالجرأة وحرية الرأي، إذ كان ـ خلافاً لعلماء عصره ـ يناقض أقوال ابن سينا وجالينوس Galenos عندما يظهر خطؤها. أمّا كتبه في الطب فأهمها: «المهذّب في الكحل» في طب العيون، و«المختار في الأغذية» و«شرح فصول أبقراط Hippkrates» و«شرح تقدمة المعرفة» و«شرح مسائل حنين بن اسحق» و«شرح الهداية»، و«الموجز في الطب» وهو موجز لكتاب «القانون في الطب» لابن سينا و«شرح قانون ابن سينا»، و«بغية الفِطن من علم البدن» وكتاب «الشامل في الطب» ويتألف من ثلاثمئة مجلد.

ترجع شهرة ابن النفيس العالمية إلى أنه مكتشف الدورة الدموية الصغرى (الدوران الرئوي) ـ وذلك في كتابه المسمى «شرح تشريح القانون»ـ قبل الطبيب البريطاني وليام هارڤي William Harvey بخمسة قرون. ففي هذا الكتاب قام ابن النفيس بشرح المفاهيم التشريحية التي وردت في كتاب «القانون في الطب» لابن سينا، مبتدئاً كتابه بمقدمة شملت خمسة فصول؛ تحدث فيها ابن النفيس عن فوائد علم التشريح وأهميته لكل من يعمل في مجال الطب، وبين أن هذا العلم ضروري خصوصاً لمن أراد أن يعمل في مجال الجراحة. وأكد في فصل آخر مدى التصاق علم التشريح بعلم وظائف الأعضاء (الفيزيولوجية)، وبين أنه لا يمكن لعلم وظائف الأعضاء أن يستخرج إلا عن طريق التشريح. بعد هذه المقدمة تعرض ابن النفيس للحديث عن التشريح العام، وهو يشمل تشريح العظام والمفاصل والعضلات والأعصاب والأوردة والشرايين، ثم تعرض إلى الحديث عن التشريح الخاص، وقد عنى به تشريح الأعضاء الداخلية في جسم الإنسان، ومنها القلب، وفي هذا القسم تحدث ابن النفيس عن الدورة الدموية الصغرى، وذكر في الكتاب نفسه: «أن القلب له بطنان فقط؛ أحدهما مملوء من الدم هو الأيمن، والآخر مملوء من الروح وهو الأيسر، ولا منفذ بين هذين البطنين البتة… والتشريح يكذب ما قالوه، والحاجز بين البطنين أشد كثافة من غيره» ثم يقول: «فإن نفوذ الدم إلى البطن الأيسر إنما هو من الرئة بعد تسخنه وتصعده من البطن الأيمن كما قررناه…»، ويقول في صفحة أخرى من الكتاب: «… ولكن ليس بينهما منفذ فعن جرم القلب هناك مصمت ليس فيه منفذ ظاهر كما ظنه جماعة، ولا منفذ غير ظاهر يصلح نفوذ هذا الدم كما ظنه جالينوس، فلابد وأن يكون هذا الدم إذا لُطف نفذ في الوريد الشرياني إلى الرئة لينبث في جرمها ويخالط الهواء ويصفي ألطف ما فيه…. وينفذ إلى الشريان الوريدي ليوصله إلى التجويف الأيسر من تجويفي القلب، وقد خالط الهواء وصلح لأن تولد منه الروح…».

ثم يعارض ابن سينا في غذاء القلب ويقول: «وجعله للدم الذي في البطن الأيمن منه يتغذى القلب لايصلح البتة، فإن غذاء القلب إنما هو من الدم المنبث منه من العروق المنبثة في جرمه…»، وبذلك يكون ابن النفيس قد سبق بنظريته هذه ريالدوكولومبو Realdo Colombo الطبيب الإيطالي الذي ادعى اكتشاف هذه النظرية لنفسه وقد عاش كولومبو بين عامي 1516ـ1559م.

كما أن ابن النفيس هو أول من أشار إلى الاعتدال في تناول الملح، وقدم أدق الأوصاف لأخطار الملح وأثره في ارتفاع الضغط، كما أبدع في تشريح الحنجرة وجهاز التنفس والشرايين ووظائفها.

عبد الناصر كعدان

مراجع للاستزادة:

 

ـ زهير حميدان، أعلام الحضارة العربية والإسلامية (منشورات وزارة الثقافة، دمشق 1996).

ـ السامرائي، مختصر تاريخ الطب العربي (دار النضال، بيروت 1990).

ـ أحمد شوكت الشطي، تاريخ الطب وآدابه وأعلامه (مديرية الكتب والمطبوعات بجامعة حلب، 1982).

ـ الطبيب المسلم ابن النفيس (منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، إيسيسكو، 1411هـ/1991م).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 814
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1033
الكل : 58491846
اليوم : 64360

غوتسي (كارلو)

غوتسي (كارلو -) (1720-1806)   كارلو غوتسي Carlo Gozzi كاتب مسرحي إيطالي وُلد وتُوفي في البندقية. ترك تعليمه بسبب إفلاس أسرته النبيلة فعاش حياة عزلة وتقشف، وكان الأدب سلواه وهوايته. كتب مسرحيات متنوعة شعراً ونثراً حتى بلغ الحادية والعشرين، عندئذ توجَّه إلى دلماطية Dalmatie في يوغسلافيا (كرواتيا حالياً) لأداء خدمة العلم مدة ثلاث سنوات.
المزيد »