logo

logo

logo

logo

logo

مهيار الديلمي

مهيار ديلمي

Mihyar al-Daylami - Mihyar al-Daylami

مهيار الديلمي

(… ـ 428هـ/… ـ 1036م)

 

أبو الحسين (أو أبو الحسن) مهيار ابن مرزويه، كاتب وشاعر فارسي من الديلم، لا يعلم كثير عن نشأته الأولى، كان مجوسياً فأسلم على يد أستاذه في الأدب الشريف الرضي أبي الحسن محمد الموسوي، وهو شيخه وعليه تخرّج في نظم الشعر، وقد وازن مهيار كثيراً من قصائده، وكان شاعراً جزل القول، مقدّماً على أهل وقته، وله ديوان شعر كبير، وهو رقيق الحاشية، طويل النّفَس في قصائده، وقد ذكره الباخَرْزي في كتابه «دمية القصر» فقال: «هو شاعر له في مناسك الفضل مشاعر، وكاتب تجلّى تحت كل كلمة من كلماته كاعب، وما في قصيدة من قصائده بيت يتََحكََّمُ عليه بلو وليت، فهي مصبوبة في قوالب القلوب، وبمثلها يتعذر الزمان المذنب عن الذنوب»، وأثنى عليه صاحب الذخيرة وبالغ في ذلك فقال: «كان شاعر العراق في وقته لا يُدافَع، ولسان تلك الآفاق لا يُنازَع، سيل أصبحت منه المذانب تلاعاً مِيْثاً، وبدر تجلت به الغياهب قديماً وحديثاً، أحد من خُلِّي بينه وبين الميدان هنالك فجرى وحده، وسبق من قبله إلى غاية الإحسان فما ظنُّك بمن بعده».

ومن غرر قصائده قصيدته التي مطلعها:

بكر العارض تحدوه النَّعامى

                          فَسَقاكِ الريَّ يا دار أماما

ومن ذلك قصيدته المشهورة التي أولها:

سقى دارها بالرّقْمَتَيْن وحياها

                        مُلِثٌّ يحيل الترب في الدار أمواها

وكذلك قوله من قصيدته السائرة التي يمدح فيها الملك جلال الدولة في النيروز:

بطرفك والمسحور يقسم بالسَّحَر

                          أَعَمْداً رماني أم أصاب ولا يدري

أثرت في شعره جملة من العوامل: أولها: فقره، فقد كان في أكثر شعره يشكو الفقر، ويندب الحظ، ولا تكاد تخلو قصيدة من قصائده من شكوى الزمان كقوله:

عيش كلا عيش ونفس ما لها

                          من متعة الدنيا سوى حسراتها

وتودُّ حين تودُّ لو ما بُدِّلِـتْ

                          أحبَابُها من جَوْرِها بعداتـها

إن كان عندك يا زمان بقيـة

                          ممّا يضام بها الكرام فهاتـها

وثانيها النزاع الذي كان مستعراً بين بني بويه وجيشهم، فهم من الفرس، وجندهم من الترك، وما كان يذكي هذا النزاع من شقاق عنصري، وما كان يجره على البلاد من خراب ودمار، وما يخلفه من بؤس وفقر. وثالثها الانقسام الديني، فقد عمل البويهيون على زرع بذور الشقاق بين المذاهب والفرق الإسلامية، ونشأ مهيار على المجوسية، ثم أسلم وتشيّع وغلا في تشيعه، حتى قال له أبو القاسم بن برهان: «يا مهيار، انتقلت بإسلامك في النار من زاوية إلى زاوية»، وله قصائد كثيرة في مديح آل البيت، لعل أجودها عينيته التي مطلعها:

هل بعد مُفتَرَق الأظعانِ مُجْتَمَع

                          أمْ هل زمانٌ بهم قد فات مُرْتَجعُ 

ورابعها الانقسام القوي الذي استشرى في ذلك العهد، فقد انتشرت الشعوبية، واعتز الفرس بفارسيتهم، ونطق شعر مهيار بهذه العصبية في كل مناسبة، ومنه هذه الأبيات التي تنم على شعوبيته وتعصبه لقومه من الفرس؛ كقوله:

قومي استولوا على الدهر فتى

                        ومشوا فوق رؤوس الحقب

عمموا بالشمس هاماتــهم

                        وبنوا أبياتـهم بالشـّــهب

وأبي كسرى علا إيوانــه

                        أين في الناس أب مثل أبـي

وخامسها ما مني به مهيار من وفاة كثير ممن كان يعتز بهم، ويركن إليهم، وفي مقدمتهم أستاذه الشريف الرضي.

  نظم مهيار في أغراض الشعر المختلفة، فمدح وهجا وفخر ورثى وتغزل وغير ذلك، ففي مديحه تارةً يبدو مرحاً يداعب ممدوحيه، ويعاتبهم ويطالبهم بدفع العطاء إليه كأنه حق مفروض له في مالهم، وتارة أخرى يبدو شخصية تستبد بها نفسية قلقة طمّاحة تعبد المال، ولا تعدم وسيلة من الوسائل للحصول عليه, ومن ممدوحيه الكافي الأوحد أبو العباس أحمد بن إبراهيم الضبي، وزير فخر الدولة بعد الصاحب بن عباد، والوزير فخر الملك محمد بن خلف، الذي وزر لبهاء الدولة، ثم لابنه سلطان الدولة، وتاج الملك أبو غالب ذو السعادتين الحسن بن منصور وسواهم. وأما في هجائه، فشعاره التبرم والغضب والسخط، فهو ثائر ثورة المظلوم العاجز عن إدراك ثأره من ظالميه، وكانت أهاجيه في جملتها تأتي في تضاعيف المديح، وهي على قلتها رقيقة أشبه بالعتاب منها بالسباب، وأميل إلى التلميح عنها إلى التصريح. في فخره يلبس ثوب الخيلاء والزهو والاعتزاز بمجد قومه الدارس، ويظهر في مراثيه شاحباً حزيناً يائس العزم، لأن من رثاهم كانوا محط رجائه، ومبعث أمله، من أمثال الشريف الرضي، ووالده أبي الحسن الموسوي، وخاله أبي الحسن بن الناصر العلوي، والكافي الأوحد، والصاحب أبي القاسم بن عبد الرحيم وسواهم، وأما غزله فكان يأتي في معظمه في افتتاح مدائحه، وتميّز بالإطالة حتى يُرى له في أول المدحة ما يصح أن يكون قصيدة مستقلة, مع تنويع المعاني، ورقة الأسلوب وانتقاء الألفاظ، وحسن اختيار للأوزان المطربة، من البسيط، ومخلعه، والمتقارب، والرجز، والمضارع ونحو ذلك.

حمود يونس

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ ابن بسام الشنتريني، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، تحقيق إحسان عباس (دار الثقافة، بيروت 1417هـ/1997م).

ـ علي علي الفلال، مهيار الديلمي وشعره (دار الفكر العربي، مصر 1948).

ـ عمر فروخ، تاريخ الأدب العربي (دار العلم للملايين، بيروت 1981).


التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 792
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1047
الكل : 58492839
اليوم : 65353

الألم (ف)

الألم   الألم douleur شعور شخصي بعدم الارتياح أو بوجود أذى من شدة ما، لا يعرفه إلا من يجربه ولا يحسن وصفه إلا من يعانيه. والألم أول دلائل المرض، وهو شعور واقٍ ومحذر غايته حفظ الذات، إذ من دونه يمكن أن يطعن الإنسان أو يصاب بحرق أو بمرض خطير أو جهد قاتل من غير أن ينتبه للخطر الذي يهدده. وقد يكون الألم تعبيراً عن أذية نفسية سببها عمل لا يرضى عنه صاحبه، أو أوضاع عائلية أو اجتماعية صعبة، أو قلق أو خوف من مرض خطير، أو تهديد لتقدير الذات، كما قد يكون العرض الأول لكآبة خفيفة أو عصاب مستتر.
المزيد »