logo

logo

logo

logo

logo

مناة

مناه

Manat - Manat

مَنَاة

 

اسم صنم من أصنام العرب المشهورة، وهي صخرة كانت لهذيل وخزاعة، كانت منصوبةً بـ «قدَيد» مِنْ ناحيةِ «المشلَّل» على ساحِلِ البحر الأحمر بين مكة والمدينة، أقرب إلى المدينة منها إلى مكة؛ وهي عندهم مؤنثة، مثلُ اللاّتِ والعزّى؛ وذلك أنهم كانوا يقولون عنهنّ: «إنهنّ بناتُ الله - سبحانه و عزّ وجلّ عن ذلك - وهنّ يشفعن إليه»؛ وكانت قريش تطوف بالكعبة وتقول: «واللاّت والعزّى، ومناة الثالثة الأخرى، فإنّهنّ الغَرانيقُ العلَى، وإن شفاعتهنّ لتُرْتَجَى»، فلما بُعِثَ النبيّ محمّد[  أنزل الله عليه قوله: }أَفَرَأيتم اللاّتَ والعُزّى •ومناةَ الثَّالثةَ الأُخرى• ألكمُ الذّكَرُ وَلَه الأُنثى• تلك إذاً قسمةٌ ضِيزَى• إنْ هيَ إلاّ أسماء سمّيتُموها أنتم وآباؤكم ما أنَزَل اللهُ بها مِنْ سُلطَان{(النجم 19-23).                                                                                                  

ويقالُ لَهَا أيضاً: «مَنَاءَة» بالهمز، وبها قرأ ابن كثير؛ واسمها إمّا مشتقٌّ مِنَ الأصل الثلاثي (م ن ي) وإما من الأصل الثلاثي (ن و ء) ؛ فإن كان من (م ن ي) فإن المنيَّة هي القَدَرُ، يقال: مَنى الله الشيء إذا قَدّرَه، ومنه  منيّة الرجلِ وهي موته المقدّر  له؛ وإن كانت من (ن و ء) فإن النَّوء عند العرب هو سقوط النّجْمِ في المغربِ مَعَ الفَجْرِ وطلوع آخر يقابله من ساعته في المشرق، وكانت العرب تقول: لابدّ لكل كوكب من مطر أو ريح أو برد أو حرّ، فينسبون ذلك إلى النجم وأنه مِنْ فِعْلِهِ؛ وكأنّما جاءَ ذِكر  هذه الأصنام الثلاثة (اللاّت العزى ومناة) في سورة النجم، ثم جاءَ في هذه السّورة نسبة كل شيء إلى الله تعالى ، ردّاً على ما كانوا يزعمون، فقال تعالى: }وأنه هو أضَحكَ وأَبْكَى• وأنّه هو أماتَ وأَحْيَا• وأنّه خَلَقَ الزَّوجين الذّكر والأُنثَى من نُطفةٍ إذا تُمنى• وأنّ عليه النّشْأَة الأُخْرى• وأنّه هو أَغنَى وأَقنَى• وأنّه هو ربّ الشِّعْرَى{ (النجم 43-49).                           

وجاء ذكر هذه الأصنام الثلاثة في القرآن الكريم لأن العرب جميعاً كانت تعظّمها، على تفاوتٍ بينها في التقديم، بحسَبِ قربها من ديارهم، فكانت قريش تقدّم العزّى ثم اللاّت ثم مناة، و ثقيف تخصّ اللاّت أولاً، والأوس والخزرج تخصّ مناة؛ ولم يكن أحد أشدّ إعظاماً لمناة من الأوس والخزرج ومَنْ داناهم من العرب، ولذلك كانوا يحجّون فيقفون مَعَ الناس في المواقف كلّها، ولا يحلقون، فإذا نفـروا أتَوا مناة، فحلقوا رؤوسهم وأقاموا عندها، ولا يرون لحجّهم تماماً إلا بذلك؛ و مِنْ ثَمّ اتّخذ عمرو بن الجموح الأنصاري قبل إسلامه صنماً له من الخشـب، وسماه «مناة»، وكان له مـع الفتيان الذين أسلموا من قومه خبر حتى أسلم.  

وتعَدّ «مناة» أقدم هذه الأصنام الثلاثة وبعدها اللاّت ثمّ العزّى، و يستَظهَر  ذلك من أسمائهم، فإنّ مَنْ  سمّوا بـ«عبد مناة» أقدم زماناً ممن سُمّوا بِعبدِ اللاّت ثمّ من  سمّوا بعبد العزّى؛ ولم تكتفِ العرب بتسمية «عبد مناة» بل سمّوا أيضاً: زيد مناة، وأوس مناة، وسعد مناة، وعَوْذَ مناة، وهذه الأسماء أكثر شيوعاً لدى معظم قبائل الشمال، على خلاف قبائل الجنوب.                                     

وهذه الأصنام الثلاثة أحدث زمناً من الأصنام الخمسة التي كانت على عهد نوحu (ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر) والتي ذكرها الله تعالى في سورة نوح، وكانت العرب تعبدها وتعظمها، إلا أن تعظيمهم للثلاثة المتأخرة كانت أشدّ، ولعلّ ذلك لتباعُدِ الزّمَنِ مِنْ جهة، ولبعد أماكن الخمسة عن الحجاز وما حوله.

وقد وَرَدَ اسـم «عـبد مناة» فيما تركه عرب  الأنباط وتدمر قبل الإسـلام من نقوش على قبور موتاهم؛ وهذا يؤكّد  ما ذكره المؤرخون من أن عمرو بن لُحَيّ أبا خـزاعة أحضَـرَ الأصنامَ من البلقاءِ بالشام بعدَما أخرجَ جرهم من مكة واستولى عليها وتولى حجابة البيت في خبرٍ له.

ولم تزل العرب على تعظيم مناة وغيرها من الأصنام، حتى كان فتح مكّة في السنة الثامنة للهجرة، فبعث النبيّr إلى كل صنم منها سـرية لهدمه، وقد اختلفت الأقوال فيمن هَدَمَ (مناة)، فقيل إنه علي بن أبي طالبt فهدمها وَأَخذ ما كان لها، وكان في ذلك سيفان أهداهما إليها الحارث بن أبي شَمّر الغساني، والصحيح أنه وجد هذين السيفين عند (الفَلْس) صنم طيّىء حين بعثه النبيr لهدمه، وقيل إنّه بعث إليها أبا سفيان بن حربt فهدمها، وقيل: بل بعث إليها في شهر رمضان سعد بن زيد الأشهلي فهدمَهَا ولم يجد في خزانتها شيئاً.

 

 

محمّد شفيق البيطار

مراجع للاستزادة:

ـ ابن هشام، السيرة النبوية (دار الجيل، بيروت 1975م).

ـ النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب (وزارة الثقافة، دمشق 1976م).

ـ ابن الكلبي، الأصنام (مصر 1343هـ).


التصنيف : التاريخ
النوع : دين
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 529
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1034
الكل : 58491819
اليوم : 64333

أهرن (القس-)

أَهْرُن القس   أَهْرُن القسّ Ahroun طبيب اسكندراني، وصاحب الكُنّاش المعروف في الطب. عاش أَهْرُن في صدر الإسلام، ودرس الطب في مدرسة الطب في الاسكندرية، التي ازدهرت بين القرنين الخامس والسابع الميلاديين، وكانت تُدرِّسُ الفلسفة إلى جانب الطبّ. وقد أعدَّ فيها بعض أساتذتها سلسلةً من الكتب الطّبّيّة سمّاها العرب «جوامع الاسكندرانيين»، كان من أعلامها أنقيلاوس، وفوسيوس، وأَهْرُن القسّ. وقد تُرجم بعضُ تلك الكتب إلى العربيّة، وضاع أكثر أصولها الإغريقية. صَنَّفَ أَهْرُن القسّ كُنَّاشاً (وهو أوراق تُجعل كالدفتر تُقيّد فيها الفوائد والشوارد) في الطّبّ يتألّف مِن ثلاثين مقالة، وهو مؤلَّف باللغة اليونانية، وترجمه فوسيوس إلى السُّريانية كما يقول لوكلرك، أو مؤلَّف باللغة السُّريانية وترجمه إلى العربيّة، وزاد عليه ماسرجويه مقالتين إحداهما في الأغذية والثانية في الأدوية المفردة  كما يقول النَّديم ومَنْ وافقَه مِمّن نَقَلَ عنه. يُعَدُّ كُنّاش أَهْرُن أوّل كتاب في علم الطب ظهر بالعربيّة، لذلك اكتنزه الخليفة الأموي مروان بن الحكم (64-65هـ) إلى أَنْ وجدَه الخليفة عمر بن عبد العزيز (99-101هـ) في بيت المال، فأمر بإخراجه إلى النّاس للانتفاع به. ضاعت أصول هذا الكُنّاش، ولم ينتهِ إلينا منه إلاّ تلك النقول التي نثرها الطبيب أبو بكر الرازي (ت311هـ) في كتابه الشهير «الحاوي». ومِمّن وقف على هذا الكُنّاش الطبيب علي بن عبّاس الذي ذكره في مقدمة كتابه «كامل الصناعة»، وقال عنه إنّه مختصر، وترجمته سيئة. اكتسب كُنّاش أَهْرُن أهميّة لأنّه أوّل كتاب طبي ترجم إلى العربيّة، ولأنّه عُدَّ نموذجاً احتذاه بعض أساتذة مدرسة جنديسابور الطبية مِن عام 133هـ/750م. وكذلك اعتنى المشتغلون بتاريخ العلوم بالترجمة العربيّة لكُنّاش أَهْرُن لدلالتها على قدم حركة الترجمة العربيّة، ووَفْرة خزائن الكتب في صدر الدولة الإسلامية.   زهير الكتبي   الموضوعات ذات الصلة:   الرازي ـ ماسرجويه.   مراجع للاستزادة:   ـ ابن جلجل، طبقات الأطباء والحكماء (مؤسسة الرسالة 1985). 
المزيد »